للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا يَصِحُّ وَقِيَاسُ مَا سَبَقَ أَنَّهُ يَصِحُّ انْتَهَى

(دُونَ مَا كُلِّ) بِزِيَادَةِ مَا أَيْ دُونَ وَكَالَتِهِ بِكُلٍّ (قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ) ، أَوْ بِكُلِّ أُمُورِهِ فَلَا يَصِحُّ لِكَوْنِهِ (مُبْهَمَا) مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ (كَمَنْ بِفِعْلِ مَا يَشَاءُ آثَرَهْ) أَيْ كَمَنْ آثَرَهُ بِمَعْنَى وَكَّلَهُ بِفِعْلِ مَا يَشَاءُ بِأَنْ قَالَ لَهُ: تَصَرَّفْ فِي مَالِي كَيْفَ شِئْت فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِمَا قُلْنَا، قَوْلُهُ: مُبْهَمًا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ

، ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ الْمُوَكِّلِ فَقَالَ: (مِنْ مُتَمَكِّنٍ) أَيْ إنَّمَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ مِنْ مُتَمَكِّنٍ (مِنْ الْمُبَاشَرَهْ) لِمَا يُوَكِّلُ فِيهِ بِمِلْكٍ، أَوْ وِلَايَةٍ فَلَا تَصِحُّ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ إلَّا السَّكْرَانَ وَلَا مِنْ امْرَأَةٍ فِي عَقْدِ نِكَاحٍ وَلَا مِنْ فَاسِقٍ فِي تَزْوِيجِ مُوَلِّيَتِهِ وَيُسْتَثْنَى مِمَّا قَالَهُ صُوَرٌ: مِنْهَا غَيْرُ الْمُجْبَرِ إذَا أَذِنَتْ لَهُ مُوَلِّيَتُهُ فِي النِّكَاحِ وَنَهَتْهُ عَنْ التَّوْكِيلِ فِيهِ لَا يُوَكِّلُ بِهِ.

وَالظَّافِرُ بِحَقِّهِ لَا يُوَكِّلُ بِكَسْرِ الْبَابِ، أَوْ نَحْوِهِ وَأَخْذِ حَقِّهِ وَيُحْتَمَلُ جَوَازُهُ عِنْدَ عَجْزِهِ، وَالْمُسْلِمُ لَا يُوَكِّلُ كَافِرًا فِي اسْتِيفَاءِ قِصَاصٍ مِنْ مُسْلِمٍ، وَالْوَكِيلُ لَا يَسْتَقِلُّ بِالتَّوْكِيلِ فِيمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي وَكَذَا الْوَصِيُّ فِيمَا يَتَوَلَّاهُ مِثْلُهُ، وَالسَّفِيهُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي النِّكَاحِ لَيْسَ لَهُ التَّوْكِيلُ بِهِ فَإِنَّ حَجْرَهُ لَمْ يَرْتَفِعْ إلَّا عَنْ مُبَاشَرَتِهِ وَكَذَا الْعَبْدُ، وَالْمُتَمَكِّنُ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ (كَغَيْرِ مَنْ يُجْبِرُ) أَيْ كَوَلِيٍّ غَيْرِ مُجْبَرٍ فَإِنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْهَا (فِي النِّكَاحِ) لِمُوَلِّيَتِهِ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ تَأْذَنْ) لَهُ (بِهِ) أَيْ بِالنِّكَاحِ فَيَتَمَكَّنَ مِنْ التَّوْكِيلِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ لَهُ فِي التَّوْكِيلِ أَمَّا الْمُجْبَرُ فَلَهُ النِّكَاحُ، وَالتَّوْكِيلُ فِيهِ بِلَا إذْنٍ وَتَعْبِيرُهُ بِغَيْرِ الْمُجْبَرِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِالْأَخِ (وَكَالْوَكِيلِ إنْ أَذِنْ، وَبِقَرِينَةٍ كَقَدْرٍ عَنْهُ يَعْجِزُ) أَيْ وَكَالْوَكِيلِ فَإِنَّهُ يُوَكَّلُ بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ لَهُ فِي التَّوْكِيلِ، أَوْ بِقَرِينَةٍ دَالَّةٍ عَلَى ذَلِكَ كَعَجْزِهِ عَنْ الْإِتْيَانِ بِمَا وَكَّلَهُ فِيهِ لِدُعَاءِ الضَّرُورَةِ إلَى ذَلِكَ فَيُوَكِّلُ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ دُونَ غَيْرِهِ وَكَكَوْنِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ أَمْرًا لَا يُحْسِنُهُ الْوَكِيلُ، أَوْ لَا

ــ

[حاشية العبادي]

أَوْ عَبْدِي فَيَصِحُّ، وَفَرَّقَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّ الْعَقْدَ فِي الْأَوَّلِ لَمْ يَجِدْ مَوْرِدًا يَتَأَثَّرُ بِهِ؛ لِأَنَّ، أَوْ لِلْإِبْهَامِ بِخِلَافِ الْأَحَدِ فَإِنَّهُ صَادِقٌ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ اهـ وَفِي الْعُبَابِ: وَفِي الطَّلَاقِ، أَيْ: وَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي الطَّلَاقِ وَلَوْ أَبْهَمَ لِأَحَدِهِمَا. اهـ. وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِرَجُلَيْنِ: وَكَّلْت أَحَدَكُمَا بِبَيْعِ دَارِي لَمْ يَصِحَّ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْإِبْهَامَ فِي الْوَكِيلِ أَضَرُّ إذْ قَدْ يَتَصَرَّفَانِ وَلَا يُعْلَمُ السَّابِقُ، أَوْ يَتَنَازَعَانِ فِيهِ وَذَلِكَ قَدْ يُفَوِّتُ الْمَقْصُودَ لَكِنَّ قَوْلَ شَرْحِ الرَّوْضِ السَّابِقَ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي مَعْنَى أَيِّ امْرَأَةٍ إلَخْ قَدْ يُقَالُ: هَذَا الْمَعْنَى لَا يَقْتَضِي الِاسْتِيعَابَ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا سَبَقَ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَصِحُّ) ، أَيْ وَلَا يَهَبُ الْجَمِيعَ

(قَوْلُهُ: دُونَ مَا كُلِّ إلَخْ) فِي شَرْحٍ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِي نَحْوِ كُلِّ أُمُورِي وَإِنْ كَانَ تَابِعًا لِمُعَيَّنٍ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا زِدْته فِيمَا مَرَّ، أَيْ مِنْ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ تَبَعًا لِمَا يَمْلِكُهُ بِأَنَّ التَّابِعَ ثَمَّ مُعَيَّنٌ بِخِلَافِهِ هُنَا لَكِنَّ الْأَوْفَقَ بِمَا مَرَّ مِنْ الصِّحَّةِ فِي قَوْلِهِ: وَكَّلْتُك فِي بَيْعِ كَذَا وَكُلَّ مُسْلَمٍ صِحَّةُ ذَلِكَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ اهـ.

وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ خِلَافَهُ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ فِي الْمُوَكَّلِ فِيهِ أَشَدُّ وَأَضَرُّ مِنْهُ فِي الْوَكِيلِ

(قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى إلَخْ) قِيلَ: هَذِهِ الصُّوَرُ لَا تَرِدُ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ لِلصِّحَّةِ التَّمَكُّنَ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ مَنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ صَحَّ تَوْكِيلُهُ بَلْ هَذَا نَظِيرُ قَوْلِنَا لَا يَكُونُ الْإِنْسَانُ إلَّا حَيَوَانًا.

وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ أَنَّ كُلَّ حَيَوَانٍ إنْسَانٌ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَمِمَّا يُوَضِّحُهُ أَيْضًا أَنَّ الشَّرْطَ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ، نَعَمْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ شَأْنِ الْفُقَهَاءِ تَحْرِيرُ الْأَحْكَامِ الْمُتَوَقَّفِ عَلَى ذِكْرِ جَمِيعِ مَا يُعْتَبَرُ فِيهَا وَكَانَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ تِلْكَ أَنَّ مَا يُذْكَرُ مِنْ شُرُوطِ الشَّيْءِ هُوَ جَمِيعُ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ اُحْتِيجَ إلَى الِاسْتِثْنَاءِ لِيَتَحَرَّرَ الْحُكْمُ بِتَحْرِيرِ شُرُوطِهِ وَلِيَنْدَفِعَ مَا يَسْبِقُ إلَى الْفَهْمِ مِنْ أَنَّ الْمَذْكُورَ هُوَ جَمِيعُ مَا يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ فَيَحْصُلُ الْوُقُوعُ فِي الْغَلَطِ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ لَطِيفٌ وَلِلَّهِ دَرُّهُمْ

(قَوْلُهُ: غَيْرُ الْمُجْبَرِ) بِخِلَافِ الْمُجْبَرِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْوَصِيُّ) وَمِثْلُهُ الْقَيِّمُ بِخِلَافِ الْأَبِ، وَالْجَدِّ، لَهُمَا التَّوْكِيلُ مُطْلَقًا م ر (قَوْلُهُ: فَيَتَمَكَّنُ مِنْ التَّوْكِيلِ) وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالنِّكَاحِ وَلَاقَ بِهِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الصَّنِيعِ وَلَيْسَ كَالْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ ثَابِتَةٌ بِالشَّرْعِ م ر (قَوْلُهُ: وَالتَّوْكِيل فِيهِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ التَّوْكِيلَ وَإِنْ نَهَتْهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَكَكَوْنِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ) عَطْفٌ عَلَى عَجُزِهِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَلَوْ وَكَّلَهُ فِيمَا يُطِيقُهُ فَعَجَزَ عَنْهُ لِمَرَضٍ، أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يُوَكَّلْ فِيهِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ امْتِنَاعُ التَّوْكِيلِ عِنْدَ

ــ

[حاشية الشربيني]

نَصْبِ مُسَخَّرٍ وَلَوْ بِدُونِ تَقَدُّمِ دَعْوَى حَقِّ الْمُوَكِّلِ عَلَى الْخَصْمِ وَإِذَا سَمِعَ الْقَاضِي دَعْوَى الْوَكِيلِ قَبْلَ إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ ظَانًّا أَنَّهُ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ ثُمَّ أَثْبَتَ وَكَالَتَهُ اسْتَأْنَفَ الدَّعْوَى. قَالَ الْقَاضِي: وَلَعَلَّ الْجَمْعَ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَرَّرَ قَبْلَهُ الْمُصَرِّحِ بِصِحَّةِ إثْبَاتِ الدَّعْوَى قَبْلَ إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ: أَنَّ ذَاكَ عِنْدَ عِلْمِ الْقَاضِي بِأَنَّهُ يَدَّعِي بِالْوَكَالَةِ بِخِلَافِ هَذَا. اهـ. سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ

(قَوْلُهُ: أَوْ بِكُلِّ أُمُورِهِ) مِثْلُهُ بِبَعْضِ أُمُورِهِ. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى إلَخْ) قِيلَ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ الْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ، وَهَذَا لَيْسَ قَاعِدَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الشَّرْطِ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ أُجِيبَ بِأَنَّهُ صَارَ كَالْقَاعِدَةِ الْقَائِلَةِ كُلُّ مَا جَازَ لِلْإِنْسَانِ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِنَفْسِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهِ وَبِالْعَكْسِ اهـ وَصَيْرُورَتُهُ كَالْقَاعِدَةِ لَا يَتَيَسَّرُ إلَّا بِضَمِيمَةِ مَا ذَكَرَهُ الْمُحَشِّي فَانْظُرْهُ

(قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ إلَخْ) الَّذِي فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ أَنَّهُ لَا يُوَكِّلُ فِيهِ وَإِنْ عَجَزَ (قَوْلُهُ: كَعَجْزِهِ إلَخْ) أَيْ بِحُصُولِ مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَإِنْ كَانَ الْعَجْزُ لِعَارِضٍ كَمَرَضٍ وَسَفَرٍ وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُوَكِّلِ بِعَجْزِهِ حَالَ التَّوْكِيلِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ وَلَهُ الْمُبَاشَرَةُ بِنَفْسِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِعَجْزِهِ وَلَوْ قَدَرَ الْعَاجِزُ فَلَهُ الْمُبَاشَرَةُ بِالْأَوْلَى لِزَوَالِ الْعَجْزِ بَلْ لَيْسَ لَهُ التَّوْكِيلُ حِينَئِذٍ لِقُدْرَتِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ فِيمَا يُمْكِنُهُ عَادَةً لَكِنَّهُ عَاجِزٌ عَنْهُ بِسَفَرٍ، أَوْ مَرَضٍ فَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ عَالِمًا بِذَلِكَ حَالَ التَّوْكِيلِ جَازَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ حَيْثُ كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ لَمْ يَقْصِدْ خُصُوصَ عَيْنِهِ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا، أَوْ طَرَأَ الْعَجْزُ بَعْدَ التَّوْكِيلِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ حَتَّى يَسْتَأْذِنَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ عَيْنَهُ أَفَادَهُ م ر وَالرَّشِيدِيُّ وق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>