للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَوْتٌ وَلَا يُشَمُّ لَهُ رِيحٌ.

(وَيَسْتَعِيذُ) بِأَنْ يَقُولَ عِنْدَ دُخُولِهِ الْخَلَاءَ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ لِلِاتِّبَاعِ فِيهِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَزَادَ الْقَاضِي اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الرِّجْسِ النَّجِسِ الْخَبِيثِ الْمُخْبِثِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ؛ وَيُنْدَبُ أَنْ يَقُولَ قَبْلَهُ: بِسْمِ اللَّهِ؛ وَفَارَقَ تَعَوُّذَ الْقِرَاءَةِ حَيْثُ قَدَّمُوهُ عَلَى الْبَسْمَلَةِ بِأَنَّهُ ثَمَّةَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْبَسْمَلَةُ مِنْهُ فَقُدِّمَ عَلَيْهَا بِخِلَافِهِ هُنَا وَالْخُبُثُ بِضَمِّ الْخَاءِ وَالْبَاءِ جَمْعُ خَبِيثٍ وَالْخَبَائِثُ جَمْعُ خَبِيثَةٍ؛ وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ ذُكْرَانُ الشَّيَاطِينِ وَإِنَاثُهُمْ وَالِاسْتِعَاذَةُ مِنْهُمْ فِي الْبِنَاءِ الْمُعَدِّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ؛ لِأَنَّهُ مَأْوَاهُمْ وَفِي الْفَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَأْوَاهُمْ بِخُرُوجِ الْخَارِجِ.

(وَبِعَكْسِ الْمَسْجِدِ) دُخُولًا وَخُرُوجًا (قَدَّمَ يُمْنَاهُ) مِنْ الرِّجْلَيْنِ أَوْ بَدَلَهَا فِي أَقْطَعِهَا عَلَى الْمُتَّجَهِ فِي الْمُهِمَّاتِ (خُرُوجًا) مِنْ الْخَلَاءِ (وَسَأَلْ) إذَا خَرَجَ مِنْهُ (مَغْفِرَةَ اللَّهِ) بِأَنْ يَقُولَ غُفْرَانَك كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ وَعَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَاَلَّذِي قَالَهُ سَائِرُ الْأَصْحَابِ يَقُولُ «غُفْرَانَك الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي» لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ النَّسَائِيّ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ إلَّا أَنَّهُ مِمَّا يُعْمَلُ بِهِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَائِقٌ بِالْحَالِ.

قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: وَيُكَرِّرُ غُفْرَانَك ثَلَاثًا قِيلَ وَسَبَبُ سُؤَالِهِ ذَلِكَ تَرْكُهُ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَوْ خَوْفُهُ مِنْ تَقْصِيرِهِ فِي شُكْرِ نِعْمَةِ اللَّهِ الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْهِ فَأَطْعَمَهُ ثُمَّ هَضَمَهُ ثُمَّ سَهَّلَ خُرُوجَهُ (وَ) قَدَّمَ (يُسْرَى) رِجْلَيْهِ أَوْ بَدَلَهَا نَظِيرَ مَا مَرَّ (إذْ دَخَلْ) أَيْ: وَقْتَ دُخُولِهِ الْخَلَاءَ؛ لِأَنَّ الْيُسْرَى لِلْأَذَى وَالْيُمْنَى لِغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ وَعَبَّرَ بِالدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ فَلَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِالْبِنَاءِ وَدَنَاءَةُ الْمَوْضِعِ قَبْلَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ فِيهِ تَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ قَصْدِ قَضَائِهَا فِيهِ كَالْخَلَاءِ الْجَدِيدِ (مُعْتَمِدَ الْيُسْرَى) مِنْ رِجْلَيْهِ وَنَاصِبًا الْيُمْنَى مِنْهُمَا بِأَنْ يَضَعَ أَصَابِعَهَا عَلَى الْأَرْضِ وَيَرْفَعَ بَاقِيَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَسْهَلُ لِخُرُوجِ الْخَارِجِ؛ وَلِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ هُنَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَإِنْ قَضَى حَاجَتَهُ قَائِمًا وَهُوَ قَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِمْ فَقَوْلُ كَثِيرٍ: وَيَعْتَمِدُ جَالِسًا يَسَارَهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَلَوْ قَدَّمَ حُكْمَ الْيُسْرَى عَلَى حُكْمِ الْيُمْنَى كَانَ أَوْلَى وَكَأَنَّهُ عَكَسَ لِلتَّبَرُّكِ بِالْيُمْنَى.

(وَثَوْبًا) لَهُ (حَسَرَا) أَيْ: كَشْفَهُ أَدَبًا (شَيْئًا فَشَيْئًا) حَتَّى يَدْنُوَ مِنْ الْأَرْضِ نَعَمْ إنْ خَافَ تَنَجُّسَهُ كَشَفَهُ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ فَإِذَا فَرَغَ أَسْبَلَهُ قَبْلَ انْتِصَابِهِ تَحَرُّزًا عَنْ الْكَشْفِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ (سَاكِتًا) عَنْ الْكَلَامِ مِنْ ذِكْرٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «مَرَّ رَجُلٌ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَبُولُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ» وَفِي رِوَايَةٍ فَقَالَ: «إذَا رَأَيْتَنِي عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا تُسَلِّمْ عَلَيَّ فَإِنَّك إنْ فَعَلْت ذَلِكَ لَمْ أَرُدَّ عَلَيْك»

ــ

[حاشية العبادي]

تَيَسَّرَ الْإِبْعَادُ بِأَنْ كَثُرَ وَاتَّسَعَ مَكَانُهُ وَكَانَ لَوْ ذَهَبَ إلَى آخِرِهِ أَبْعَدَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشَمُّ لَهُ رِيحٌ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْإِبْعَادُ عَنْهُمْ اُسْتُحِبَّ لَهُمْ الْإِبْعَادُ عَنْهُ إلَى مَكَان لَا يَسْمَعُونَ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ دُخُولِهِ) أَيْ: إرَادَتِهِ (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ أَنْ يَقُولَ قَبْلَهُ بِسْمِ اللَّهِ) لَوْ عَكَسَ فَالْوَجْهُ حُصُولُ أَصْلِ السُّنَّةِ وَلَوْ أَدْخَلَ الْوَلِيُّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ الْخَلَاءَ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ التَّحْصِينُ وَهُوَ كَمَا يَكُونُ لِلنَّفْسِ يَكُونُ لِلْغَيْرِ بِدَلِيلِ الرُّقْيَةِ؛ وَالْوَلِيُّ يَقُومُ مَقَامَ الْمَوْلَى بَلْ قِيَاسُ الرُّقْيَةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَهُ لِغَيْرِهِ الْكَامِلِ نَفَعَهُ؛ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ (قَوْلُهُ: وَيَسْتَعِيذُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَإِنْ نَسِيَ تَعَوَّذَ بِقَلْبِهِ كَمَا يَحْمَدُ الْعَاطِسُ اللَّهَ (قَوْلُهُ: بِسْمِ اللَّهِ) وَإِنَّمَا لَمْ يُطْلَبْ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ أَيْضًا لِدَنَاءَةِ الْمَحَلِّ الَّذِي لَا يَلِيقُ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ وَنَحْوِهَا فَطُلِبَ الِاخْتِصَارُ لَا سِيَّمَا وَقَدْ يَقْتَضِي الْحَالُ الْعَجَلَةَ وَعَدَمَ إمْكَانِ الصَّبْرِ عِنْدَ أَوَّلِ الدُّخُولِ إلَى تَمَامِ مَا يَأْتِي بِهِ (قَوْلُهُ: وَبِعَكْسِ الْمَسْجِدِ إلَخْ) وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ جُعِلَ الْمَسْجِدُ مَوْضِعَ مَكْسٍ مَثَلًا وَيَتَّجِهُ بِتَقْدِيمِ الْيُمْنَى دُخُولًا وَالْيُسْرَى خُرُوجًا؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ ذَاتِيَّةٌ فَتُقَدَّمُ عَلَى الِاسْتِقْذَارِ الْعَارِضِ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ دَنِيٍّ إلَى مَكَان جَهِلَ أَنَّهُ دَنِيٌّ أَوْ شَرِيفٌ فَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى الشَّرَافَةِ

(قَوْلُهُ: وَسَبَبُ سُؤَالِهِ) أَيْ: الْخَارِجِ مِنْ الْخَلَاءِ (قَوْلُهُ: وَيَعْتَمِدُ جَالِسًا يَسَارَهُ) جَزَمَ الْمَحَلِّيُّ بِمَفْهُومِهِ (قَوْلُهُ: كَانَ أَوْلَى) لِتَقَدُّمِ الدُّخُولِ

(قَوْلُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا) نُصِبَ عَلَى الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ أَيْ: كَشْفًا قَلِيلًا قَلِيلًا (قَوْلُهُ: قَبْلَ انْتِصَابِهِ) هَلْ هَذِهِ الْقَبْلِيَّةَ وَاجِبَةٌ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ لِبَقَاءِ الْكَشْفِ إلَى الِانْتِصَابِ؟ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَيُسْبِلُهُ نَدْبًا كَذَلِكَ أَيْ: شَيْئًا فَشَيْئًا إنْ قَامَ قَبْلَ انْتِصَابِهِ

اهـ وَقَضِيَّةُ كَوْنِ ذَلِكَ نَدْبًا جَوَازُ تَرْكِ الْإِسْبَالِ مُطْلَقًا إلَى الِانْتِصَابِ وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَقَوْلُهُ: هُوَ أَيْ: الْكَلَامُ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ فَقَالَ) أَيْ: بَعْدَ الْفَرَاغِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَبَعْضُ مُوجِبَاتِ الْمَقْتِ) وَهُوَ التَّكَلُّمُ أَيْ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ حَرَامٌ نَحْوُ نَظَرِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ (قَوْلُهُ: مَكْرُوهٌ) لَا يُقَالُ الْمَقْتُ الْبُغْضُ وَالْبُغْضُ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا نُسَلِّمُ اقْتِضَاءَ التَّحْرِيمِ بِدَلِيلِ نَحْوِ خَبَرِ «أَبْغَضُ الْحَلَالِ إلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ» أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ كَاشِفَيْنِ عَنْ عَوْرَتِهِمَا كَشْفًا غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ أَوْ مَعَ نَظَرِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ وَذَلِكَ حَرَامٌ وَبِذَلِكَ يُشْعِرُ قَوْلُ الشَّارِحِ فَبَعْضُ مُوجِبَاتِ الْمَقْتِ مَكْرُوهٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

إرَادَتِهِ شَرْحُ الْعُبَابِ

(قَوْلُهُ: أَيْ كَشْفُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا) رَأَيْت بِخَطِّ الْأَذْرَعِيِّ بِهَامِشِ نُسْخَتِهِ مِنْ الْمَجْمُوعِ عَلَى قَوْلِ صَاحِبِ الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْكَشْفَ شَيْئًا فَشَيْئًا وَكَذَا إسْبَالُ الثَّوْبِ قَبْلَ الِانْتِصَابِ كُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَحَبٌّ بِالِاتِّفَاقِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ مَا نَصُّهُ أَقُولُ قَالَ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى التَّنْبِيهِ إنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي وُجُوبِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي الْخَلْوَةِ إنْ قُلْنَا وَاجِبٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَانَ رَفْعُ الثَّوْبِ قَبْلَ الدُّنُوِّ إذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ حَرَامًا وَإِنْ قُلْنَا لَا يَجِبُ السَّتْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>