يَدَّعِيَ الْمَالِكُ الْإِجَارَةَ وَالْمُتَصَرِّفُ الْإِعَارَةَ فَإِنْ بَقِيَتْ الْعَيْنُ وَمَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ وَحَلَفَ الْمَالِكُ عَلَى الْإِجَارَةِ وَنَفَى الْإِعَارَةَ، فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لَا الْمُسَمَّى خِلَافًا لِمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ النَّظْمِ كَأَصْلِهِ، وَلَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى نَفْيِ الْإِعَارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ أَصْلَ الْإِذْنِ حَتَّى يَتَوَصَّلَ إلَى إثْبَاتِ الْمَالِ بِنَفْيِ الْإِذْنِ، وَنِسْبَتِهِ إلَى الْغَصْبِ فَإِذَا اعْتَرَفَ بِأَصْلِ الْإِذْنِ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْمَالُ بِطَرِيقِ الْإِجَارَةِ، فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَمْ تُرَدَّ عَلَى الْمُتَصَرِّفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي حَقًّا عَلَى الْمَالِكِ حَتَّى يَثْبُتَهُ بِالْيَمِينِ، وَإِنَّمَا يَدَّعِي الْإِعَارَةَ، وَلَيْسَتْ حَقًّا لَازِمًا عَلَى الْمُعِيرِ وَإِنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ
فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُتَصَرِّفِ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ تَلْفِت الْعَيْنُ فَإِنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ كَذَلِكَ فَهُوَ مُقِرٌّ بِالْقِيمَةِ لِمُنْكِرِهَا، وَإِلَّا فَالْمَالِكُ مُدَّعٍ لِلْأُجْرَةِ دُونَ الْقِيمَةِ، وَالْمُتَصَرِّفُ مُقِرٌّ بِالْقِيمَةِ دُونَ الْأُجْرَةِ فَإِنْ لَمْ تَزِدْ الْأُجْرَةُ عَلَى الْقِيمَةِ أَخَذَهَا بِلَا يَمِينٍ، وَإِلَّا حَلَفَ لِلزَّائِدِ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهَا الشَّيْخَانِ وَهِيَ أَنْ يَدَّعِيَ الْمَالِكُ الْإِعَارَةَ وَالْمُتَصَرِّفُ الْغَصْبَ، فَلَا مَعْنَى لِلنِّزَاعِ فِيهَا إنْ كَانَتْ الْعَيْنُ بَاقِيَةً وَلَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ، وَإِنْ مَضَتْ فَالْمُتَصَرِّفُ مُقِرٌّ بِالْأُجْرَةِ لِمُنْكِرِهَا، وَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَزِدْ أَقْصَى الْقِيَمِ عَلَى قِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ أَخَذَ الْقِيمَةَ بِلَا يَمِينٍ، وَإِلَّا فَالزِّيَادَةُ مُقِرٌّ بِهَا الْمُتَصَرِّفُ لِمُنْكِرِهَا، وَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ، فَالْأُجْرَةُ مُقِرٌّ بِهَا الْمُتَصَرِّفُ لِمُنْكِرِهَا، فَقَوْلُ النَّظْمِ: وَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ مَلَكَ لَا يَأْتِي فِي هَذِهِ، وَأَمَّا الرَّابِعَةُ، وَهِيَ أَنْ يَدَّعِيَ الْمَالِكُ الْإِعَارَةَ وَالْمُتَصَرِّفُ الْإِجَارَةَ، فَمَحَلُّهَا أَنْ تَتْلَفَ الْعَيْنُ وَلَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ، أَوْ تَبْقَى، وَلَمْ تَمْضِ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ الْمُدَّعَاةِ أَمَّا إذَا تَلِفَ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ فَإِنْ لَمْ تَزِدْ الْقِيمَةُ عَلَى الْأُجْرَةِ أَخَذَهَا بِلَا يَمِينٍ، وَإِلَّا حَلَفَ لِلزَّائِدِ وَإِنْ بَقِيَتْ الْعَيْنُ وَقَدْ مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ، فَالْمُتَصَرِّفُ مُقِرٌّ بِالْأُجْرَةِ لِمُنْكِرِهَا
وَوَجْهُ تَصْدِيقِ الْمَالِكِ فِي الْأُولَى أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَكَلَ غَيْرُهُ طَعَامَهُ، وَقَالَ: أَبَحْته لِي فَأَنْكَرَ فَإِنَّهُ الْمُصَدَّقُ، وَفِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ إنَّمَا يُؤْذَنُ فِي الِانْتِفَاعِ غَالِبًا بِمُقَابِلٍ، وَفِي الرَّابِعَةِ أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ اسْتِحْقَاقِ الْمَنْفَعَةِ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ الثَّانِيَةِ، وَمَا لَوْ قَالَ الْغَسَّالُ، أَوْ الْخَيَّاطُ: فَعَلْت بِالْأُجْرَةِ وَمَالِكُ الثَّوْبِ مَجَّانًا حَيْثُ لَا يُصَدَّقُ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ، بَلْ مَالِكُ الثَّوْبِ بِأَنَّ الْعَامِلَ فَوَّتَ مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ، ثُمَّ ادَّعَى عِوَضًا عَلَى الْغَيْرِ، وَالْمُتَصَرِّفُ فَوَّتَ مَنْفَعَةَ مَالِ غَيْرِهِ، وَطَلَبَ إسْقَاطَ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ، وَبَقِيَ أَرْبَعُ صُوَرٍ تَرْجِعُ بِالِاخْتِصَارِ إلَى ثِنْتَيْنِ إحْدَاهُمَا: أَنْ يَدَّعِيَ الْمَالِكُ الْإِجَارَةَ، وَالْمُتَصَرِّفُ الْغَصْبَ فَإِنْ بَقِيَتْ الْعَيْنُ وَلَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُتَصَرِّفِ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ مَضَتْ فَهُوَ مُدَّعٍ لِلْمُسَمَّى وَالْمُتَصَرِّفُ مُقِرٌّ لَهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: لَا الْمُسَمَّى) لِأَنَّهَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْإِجَارَةِ، وَاخْتَلَفَا فِي الْأُجْرَةِ كَانَ الْوَاجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، فَبِالْأَوْلَى إذَا اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْإِجَارَةِ شَرْحٌ رَوْضٌ (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُتَصَرِّفِ بِيَمِينِهِ) أَيْ: فَلَا تَلْزَمْهُ الْأُجْرَةُ أَيْ: وَلَوْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْأُجْرَةِ لِأَنَّهَا تَجِبُ بِالْعَقْدِ فِي الْإِجَارَةِ، وَفِي هَذَا نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ السَّابِقَ: فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لَا الْمُسَمَّى يَقْتَضِي أَنَّ يَمِينَ الْمَالِكِ يُثْبِتُ عَقْدَ الْإِجَارَةِ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إذْ لَا يَثْبُتُ الْمُسَمَّى فَكَيْفَ يُطَالِبُ بِالْأُجْرَةِ بِدُونِ مُضِيِّ مَا لَهُ أُجْرَةٌ؟ ، فَلْيُتَأَمَّلْ، فَإِنْ قُلْت: فَمَا فَائِدَةُ تَصْدِيقِ الْمُتَصَرِّفِ؟ قُلْت: إمْكَانُ رَدِّ الْعَيْنِ وَالْخَلَاصُ مِنْ عُهْدَتِهَا وَلَوْ صَدَّقْنَا الْمَالِكَ ثَبَتَتْ الْإِجَارَةُ، وَلَمْ تَنْدَفِعْ عَنْهُ الْأُجْرَةُ إذَا مَضَى إمْكَانُ الْعَمَلِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَكَتَبَ أَيْضًا فَهَذَا وَارِدٌ عَلَى إطْلَاقِ الْمَتْنِ بِرّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَلِفَتْ) أَيْ: تَلَفًا تَضْمَنُ بِهِ الْعَارِيَّةَ كَأَنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ اسْتِعْمَالٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِأَخْذِ الْقِيمَةِ بِلَا يَمِينٍ (قَوْلُهُ: لَا يَأْتِي فِي هَذِهِ) أَيْ: الثَّالِثَةِ بِرُمَّتِهَا بِرّ قَدْ يُقَالُ: لَوْلَا تَأَتِّيهِ مَا كَانَ الْإِقْرَارُ بِمَا ذُكِرَ لِمُنْكِرٍ (قَوْلُهُ: فَمَحَلُّهَا أَنْ تَتْلَفَ) فَإِذَا حَلَفَ الْمَالِكُ أَخَذَ الْقِيمَةَ (وَلَمْ يَمْضِ) أَيْ: فَإِذَا حَلَفَ الْمَالِكُ اسْتَرَدَّ الْعَيْنَ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَرُدَّ الْقِيمَةَ إلَخْ) صَادِقٌ بِزِيَادَةِ الْأُجْرَةِ وَيَنْبَغِي حِينَئِذٍ أَنْ يُقَالَ: أَخَذَ قَدْرَ الْقِيمَةِ، وَزِيَادَةُ الْأُجْرَةِ قَدْ أَقَرَّ بِهَا الْمُتَصَرِّفُ لِمُنْكَرِهَا (قَوْلُهُ: بِالِاخْتِصَارِ) أَيْ: بِجَعْلِ الدَّابَّةِ، وَالْأَرْضِ وَاحِدًا (قَوْلُهُ: قَوْلُ الْمُتَصَرِّفِ) فَلَا يُطَالِبُ بِالْأُجْرَةِ، وَإِنْ كَانَتْ تَجِبُ بِالْعَقْدِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مُدَّعٍ لِلْمُسَمَّى) لَا يُنَافِي قَوْلَهُ السَّابِقَ فِي الثَّانِيَةِ: فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لَا الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ دَعْوَاهُ الْمُسَمَّى أَنْ يَجِبَ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ مِنْهُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَجَبَ فَقَدْرُ الْمُسَمَّى فِي الْجُمْلَةِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِقُوَّةِ جَانِبِ الْمَالِكِ هُنَا بِكَوْنِ مُدَّعِي التَّصَرُّفِ هُنَا يَقْتَضِي الضَّمَانَ لِلْمَنَافِعِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ
ــ
[حاشية الشربيني]
بِالِاسْتِعْمَالِ أَيْ: الْمَأْذُونِ فِيهِ أَخَذَ أَقْصَى الْقِيَمِ بِالْيَمِينِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْمَالِكُ الْإِجَارَةَ بِكَذَا) ، أَوْ يُطْلِقَ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ م ر (قَوْلُهُ: وَحَلَفَ الْمَالِكُ إلَخْ) فَيُصَدَّقُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ لَا فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ حَتَّى يَتَمَكَّنَ الْآخَرُ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ وَأَثْنَائِهَا اهـ حَجَرٌ وَم ر (قَوْلُهُ: لِمَا يَفْهَمُهُ) عِبَارَةُ الْعِرَاقِيِّ وَقَدْ تُفْهِمُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ إلَخْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي حَقًّا إلَخْ) وَيَكْفِي فِي نَفْيِ مَا ادَّعَاهُ الْمَالِكُ مِنْ الْإِجَارَةِ النُّكُولُ
(قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُتَصَرِّفِ بِيَمِينِهِ) فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَالِكُ عَلَى الْإِجَارَةِ، وَاسْتَحَقَّ الْمُسَمَّى لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ إلَخْ هَذَا هُوَ فَائِدَةُ لُزُومِ الْيَمِينِ، وَإِلَّا فَالْإِعَارَةُ غَيْرُ لَازِمَةٍ (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُتَصَرِّفِ إلَخْ) لِأَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْ شَيْئًا حَتَّى نَجْعَلَهُ مُدَّعِيًا لِسُقُوطِ بَدَلِهِ اهـ شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الرَّابِعَةُ إلَخْ) مِنْهُ تَعْلَمُ عَدَمَ اسْتِقَامَةِ مَا قَالَهُ ع ش عَلَى م ر مِنْ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى وَاضِعُ الْيَدِ بَعْدَ تَلَفِ الْعَيْنِ الْإِجَارَةَ، وَالْمَالِكُ ادَّعَى الْعَارِيَّةَ، فَالْمُصَدَّقُ وَاضِعُ الْيَدِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ضَمَانِ وَاضِعِ الْيَدِ وَعَدَمُ الْعَارِيَّةِ اهـ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَمَحَلُّهَا أَنْ تَتْلَفَ الْعَيْنُ) أَيْ: بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ
(قَوْلُهُ: حَلَفَ لِلزَّائِدِ يَمِينًا) أَيْ: تَجْمَعُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ، وَلَيْسَ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ ل مَرَّ وَحَجَرٌ وَلَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: بَقَاءَ اسْتِحْقَاقِ الْمَنْفَعَةِ) وَهَذَا فِي الْإِعَارَةِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ إنَّمَا