للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاحِدٌ لِلْوَسَطِ مُقْبِلًا وَآخَرُ لَهُ مُدْبِرًا وَيُحَلِّقُ بِالثَّالِثِ وَالْخِلَافُ فِي الْأَفْضَلِ لَا فِي الْوُجُوبِ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَلَا بُدَّ فِي كُلِّ قَوْلٍ أَنْ يَعُمَّ بِكُلِّ مَسْحَةٍ جَمِيعَ الْمَحَلِّ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِ النَّظْمِ لِيَصْدُقَ أَنَّهُ مَسَحَهُ ثَلَاثَ مَسَحَاتٍ قَالَ الْمُتَوَلِّي فَإِنْ احْتَاجَ إلَى حَجَرٍ رَابِعٍ وَخَامِسٍ فَصِفَةُ اسْتِعْمَالِهِ كَصِفَةِ الثَّالِثِ وَكَيْفِيَّةُ الِاسْتِنْجَاءِ فِي الذَّكَرِ قَالَ: الشَّيْخَانِ أَنْ يَمْسَحَهُ عَلَى ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ مِنْ الْحَجَرِ فَلَوْ أَمَرَّهُ عَلَى مَوْضِعٍ مَرَّتَيْنِ تَعَيَّنَ الْمَاءُ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي؛ وَغَيْرُهُ أَنْ يَضَعَ عَلَى مَنْفَذِهِ الْحَجَرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لِتَنْتَقِلَ الْبِلَّةُ وَيَمْسَحَهُ بِالثَّالِثِ وَقَالَ الْجِيلِيُّ أَنْ يَضَعَ عَلَيْهِ الْأَوَّلَ وَيَمْسَحَ بِالْآخَرَيْنِ وَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ هُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا سَيَأْتِي عَنْ الْمَجْمُوعِ آخِرَ الْفَصْلِ فِي كَيْفِيَّةِ وَضْعِ الْحَجَرِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ الْغَائِطِ (بِالْجَامِدِ) أَيْ: أَوْ مَسْحِ كُلِّ الْمَوْضِعِ بِالْجَامِدِ مِنْ حَجَرٍ وَغَيْرِهِ وَالتَّنْصِيصُ عَلَى الْحَجَرِ فِي الْخَبَرِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ بِدَلِيلِ خَبَرِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «وَلْيَسْتَنْجِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» وَنَهَى عَنْ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ أَيْ الْعَظْمِ وَخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «أَتَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْغَائِطَ فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ فَوَجَدْت حَجَرَيْنِ وَالْتَمَسْت الثَّالِثَ فَلَمْ أَجِدْهُ فَأَخَذْت رَوْثَةً فَأَتَيْته بِهَا فَأَخَذَ الْحَجَرَيْنِ وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ وَقَالَ: هَذَا رِكْسٌ» فَنَهْيُهُ فِي الْأَوَّلِ عَنْ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ وَتَعْلِيلُهُ فِي الثَّانِي مَنْعَ الِاسْتِنْجَاءِ بِالرَّوْثَةِ بِكَوْنِهَا رِكْسًا؛ لَا بِكَوْنِهَا غَيْرَ حَجَرٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا فِي مَعْنَى الْحَجَرِ كَالْحَجَرِ فِيمَا ذُكِرَ وَفَارَقَ تَعَيُّنُهُ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ وَتَعَيُّنُ التُّرَابِ فِي التَّيَمُّمِ بِأَنَّ الرَّمْيَ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ

ــ

[حاشية العبادي]

هَذَا التَّقْدِيرِ إلَّا النَّقَاءُ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الشِّهَابَ الْبُرُلُّسِيَّ اسْتَشْكَلَهُ فَقَالَ قَدْ يُقَالُ الْحَمْلُ عَلَى الْغَالِبِ يَنْتَفِي مَعَهُ شَرْطُ الْعَدَدِ فَلَيْسَ هُنَا سِوَى النَّقَاءِ اِ هـ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِ النَّظْمِ) حَيْثُ قَالَ: كُلُّ مَوْضِعٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَصِفَةِ الثَّالِثِ) هَذَا ظَاهِرٌ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْأُولَى وَكَذَا عَلَى غَيْرِهَا بِمُرَاعَاةِ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَا يَدُلُّ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ) وَقَدْ صَحَّ عِنْدَ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَيْضًا أَنَّهُ لَمَّا أَلْقَى الرَّوْثَةَ قَالَ: إنَّهَا رِكْسٌ ائْتِنِي بِحَجَرٍ وَبِذَلِكَ رُدَّ عَلَى الطَّحَاوِيِّ فِي قَوْلِهِ لَوْ اُشْتُرِطَ الْعَدَدُ لَطَلَبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَرًا ثَالِثًا (قَوْلُهُ: لِنَهْيِهِ فِي الْأَوَّلِ عَنْ الرَّوْثِ) وَلَمْ يُعَمِّمْ النَّهَى لِمَا عَدَا الْحَجَرَ

ــ

[حاشية الشربيني]

لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَوْ لَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ ثَلَاثَةَ أَحْجَارٍ حَجَرَيْنِ لِلصَّفْحَتَيْنِ وَحَجَرًا لِلْمُسْرَبَةِ» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ اتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ يَعُمُّ الْمَحَلَّ بِكُلِّ حَجَرٍ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لِأَبِي إِسْحَاقَ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْكَبِيرِ وَتَأَوَّلَهُ الْأَصْحَابُ بِمَا تَأَوَّلُوا بِهِ الْحَدِيثَ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ أَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «حَجَرَيْنِ لِلصَّفْحَتَيْنِ» مَعْنَاهُ كُلُّ حَجَرٍ لِلصَّفْحَتَيْنِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْخِلَافِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ خِلَافٌ فِي الْأَفْضَلِ وَأَنَّ الْجَمِيعَ جَائِزٌ وَحَكَى الْخُرَاسَانِيُّونَ وَجْهًا أَنَّهُ خِلَافٌ فِي الْوُجُوبِ فَصَاحِبُ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا يُجِيزُ الْكَيْفِيَّةَ الثَّانِيَةَ وَصَاحِبُ الثَّانِي لَا يُجِيزُ الْأُولَى وَهَذَا قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيِّ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي دَرْسِهِ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ لَا يُجِيزُ الثَّانِيَ وَمَنْ قَالَ بِالثَّانِي لَا يُجِيزُ الْأَوَّلَ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مِنْ عِنْدِهِ مَلِيحٌ اهـ.

مِنْ الْمَجْمُوعِ مَعَ زِيَادَةٍ يَسِيرَةٍ وَقَوْلُهُ: تَعْلِيلًا لِتَصْحِيحِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ يَعُمُّ الْمَحَلَّ يَقْتَضِي وُجُوبَ التَّعْمِيمِ وَكَذَا قَوْلُهُ: ثُمَّ اخْتَلَفُوا إلَخْ أَيْ بَعْدَ التَّأْوِيلِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ التَّعْمِيمَ لَيْسَ مَحَلَّ الْخِلَافِ وَإِنَّمَا مَحَلُّهُ الْأَفْضَلُ مِنْ الْكَيْفِيَّتَيْنِ بَعْدَ التَّعْمِيمِ فِي كُلٍّ وَوَجْهُ الْخِلَافِ أَنَّ فِي الْكَيْفِيَّةِ الْأُولَى يَرْفَعُ كُلُّ جُزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ جُزْءًا مِنْ الْخَارِجِ بِلَا نَقْلٍ لِوُجُودِ الْإِدَارَةِ فَتَكُونُ الْأُولَى أَفْضَلَ إذْ لَا تَكْلِيفَ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ لِمَشَقَّتِهَا كَمَا يَأْتِي وَإِنْ كَانَ فِي الْكَيْفِيَّةِ الثَّانِيَةِ مُتَابَعَةً لِلَفْظِ الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ وَبِهَذَا يَسْقُطُ تَشْنِيعُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَى الشَّرْحِ بِأَنَّهُ لَا سَلَفَ لَهُ فِيمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي كُلِّ قَوْلٍ أَنْ يَعُمَّ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ فِي كُلِّ قَوْلٍ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ الَّذِي فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ أَنَّ التَّعْمِيمَ كُلَّ مَرَّةٍ مَنْدُوبٌ وَعَلَيْهِ غَالِبُ الْمُحَقِّقِينَ. اهـ. وَاعْتَمَدَهُ زي وَالْعَبَّادِيُّ وَاعْتَمَدَ م ر كَوَالِدِهِ وُجُوبَ التَّعْمِيمِ تَبَعًا لِلشَّارِحِ قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ وَلَمْ أَرَ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ سَلَفًا فِي وُجُوبِهِ. اهـ. وَقَدْ نَقْلنَا سَابِقًا عَنْ الْمَجْمُوعِ أَنَّ الصَّحِيحَ هُوَ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ يَعُمُّ الْمَحَلَّ بِكُلِّ حَجَرٍ فَكَيْفَ يُقَالُ إنَّهُ لَا سَلَفَ لَهُ. اهـ. وَنِعْمَ سَلَفًا صَاحِبُ الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَضَعَ إلَخْ) أَيْ لَا يَمْسَحَهُ بِهِمَا لِئَلَّا تَنْتَقِلَ النَّجَاسَةُ وَتَنْتَشِرَ عَلَى الْمَحَلِّ وَفِي الثَّالِثَةِ يَمْسَحُ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ قَلَّتْ عَلَى الْمَوْضِعِ فَلَا يُخْشَى انْتِشَارُهَا كَذَا فِي التَّتِمَّةِ نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَائِلَ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ يُوجِبُهَا كَمَا أَوْجَبَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَالرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ فِي الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ الْغَائِطِ أَنْ يُدِيرَ الْحَجَرَ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى يَرْفَعَ كُلَّ جَزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ جُزْءًا مِنْ النَّجَاسَةِ فَلَوْ أَمَرَّ الْحَجَرَ مِنْ غَيْرِ إدَارَةٍ وَنَقَلَ النَّجَاسَةَ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ تَعَيَّنَ الْمَاءُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ لَمْ يَشْتَرِطْ الْعِرَاقِيُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ تَضْيِيقٌ لِلرُّخْصَةِ غَيْرُ مُمْكِنٍ إلَّا فِي نَادِرٍ مِنْ النَّاسِ مَعَ عُسْرٍ شَدِيدٍ (قَوْلُهُ: الرِّمَّةُ) بِكَسْرِ الرَّاءِ الْعَظْمُ الْبَالِي وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْعَظْمِ وَلَوْ مُحْرَقًا عَلَى الصَّحِيحِ. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: الرِّمَّةِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ الْعَظْمُ الْبَالِي كَذَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَأَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ قَالَ الْخَطَّابِيِّ تَسْمِيَةُ الْعِظَامِ رِمَّةً؛ لِأَنَّ الْإِبِلَ تَرُمُّهَا أَيْ تَأْكُلُهَا. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: عَنْ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ إلَخْ) وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِتَخْصِيصِهِمَا بِالنَّهْيِ

<<  <  ج: ص:  >  >>