الْمُعْتَادِ؛ لِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ بِمِثْلِهِ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَجْهَانِ وَبِالثَّانِي قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَلَوْ شَرَطَاهَا فِي الثَّمَرَةِ قَالَ الْبَغَوِيّ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ مَا يَبْقَى يَكُونُ مَجْهُولًا، وَجَوَّزَهُ صَاحِبُ الْإِفْصَاحِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مِنْ صَلَاحِ الْمَالِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ: إنْ شَرَطَاهَا مِنْ جُزْءٍ مَعْلُومٍ كَأَنْ شَرَطَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا الثُّلُثَ وَلِنَفَقَةِ الْمَمْلُوكِ الثُّلُثَ جَازَ وَكَانَ الْمَشْرُوطُ لِلْمَالِكِ الثُّلُثَانِ وَإِنْ شَرَطَاهَا بِغَيْرِ تَقْدِيرِ جُزْءٍ فَلَا وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضَا لَهَا فَهِيَ عَلَى الْمَالِكِ.
(وَحَيْثُ اسْتَأْجَرَا) أَيْ: وَحَيْثُ شَرَطَ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَعْمَلُ مَعَهُ (بِأُجْرَةٍ مِنْ مَالِكٍ) أَيْ: مِنْ مَالِ الْمَالِكِ مِنْ الثَّمَرَةِ، أَوْ غَيْرِهَا (فَلْيُحْظَرَا) بِإِبْدَالِ الْأَلِفِ مِنْ نُونِ التَّوْكِيدِ أَيْ: فَلْيَمْنَعَنَّ صِحَّةَ الْمُسَاقَاةِ؛ لِأَنَّ قَضِيَّتَهَا أَنْ تَكُونَ الْأَعْمَالُ وَمُؤَنُهَا عَلَى الْعَامِلِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُمْ أَنَّهَا تُصَحَّحُ إذَا جُعِلَتْ الْأُجْرَةُ مِنْ مَالِ الْعَامِلِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ
. وَإِنَّمَا تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ (بِقَوْلِهِ: سَاقَيْتُ، أَوْ عَامَلْتُ) عَلَى هَذَا النَّخْلِ، أَوْ الْعِنَبِ بِكَذَا مِنْ ثَمَرَتِهِ وَكَذَا بِكُلِّ مَا فِي مَعْنَاهُمَا: كَسَلَّمْتُهُ إلَيْك لِتَتَعَهَّدَهُ بِكَذَا، أَوْ تَعَهَّدْهُ بِكَذَا، أَوْ اعْمَلْ فِيهِ بِكَذَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بَعْدَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ: فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ صَرِيحَةً وَأَنْ تَكُونَ جَوَابًا عَلَى انْعِقَادِهَا بِالْكِنَايَةِ أَيْ: فَتَكُونُ كِنَايَةً، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ الْآتِي كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَغَيْرُهُ. (لَا قَوْلِهِ اسْتَأْجَرْتُ) أَيْ: لَا بِقَوْلِهِ اسْتَأْجَرْتُك لِتَتَعَهَّدَ نَخْلِي بِكَذَا مِنْ ثَمَرَتِهِ فَلَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْإِجَارَةِ
ــ
[حاشية العبادي]
هَذَا الْبَحْثُ مَرْدُودٌ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّ الْوَجْهَ الْبُطْلَانُ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مَنْ يَعْمَلُ فِي نَصِيبِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ لِمَسَائِلَ تُذْكَرُ فِي الْإِجَارَةِ، ثُمَّ رَأَيْت الْكَمَالَ الْمَقْدِسِيَّ جَزَمَ فِي مَسْأَلَةِ الشَّارِحِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ، وَوَجَّهَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْعَامِلَ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِيمَا سَاقَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِرّ.
(قَوْلُهُ: قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: إذَا جُعِلَتْ الْأُجْرَةُ إلَخْ) قَضِيَّةُ مَا قَدَّرَهُ لِلْمَتْنِ أَنَّ الْمُرَادَ بِشَرْطِ الِاسْتِئْجَارِ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: إذَا جُعِلَتْ الْأُجْرَةُ مِنْ مَالِ الْعَامِلِ إذَا شَرَطَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْعَامِلُ بِأُجْرَةٍ مِنْ مَالِهِ وَقَدْ تُسْتَبْعَدُ الصِّحَّةُ مَعَ هَذَا الشَّرْطِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ شَرَطَ أَنَّهُ، إنْ اسْتَأْجَرَ فَبِأُجْرَةٍ مِنْ مَالِهِ لَكِنَّهُ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ مِنْ الْعِبَارَةِ وَقَدْ يُدْفَعُ الِاسْتِبْعَادُ بِأَنَّ هَذَا نَظِيرُ مَا لَوْ شَرَطَ مُعَاوَنَةَ عَبِيدِ الْمَالِكِ كَمَا قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: أَوْ شَرَطَ أَحَدُهُمَا مَعَ الْآخَرِ مُعَاوَنَةَ عَبِيدِ الْمَالِكِ الْمُعَيَّنِينَ أَوْ الْمَوْصُوفِينَ، وَلَا يَدَ لَهُمْ لَمْ يَضُرَّ، ثُمَّ قَالَ: أَوْ شُرِطَتْ أَيْ: نَفَقَتُهُمْ عَلَى الْعَامِلِ جَازَ وَلَوْ لَمْ تُقَدَّرْ فَالْعُرْفُ كَافٍ. اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْرِطَ الْمَالِكُ مُعَاوَنَةَ عَبِيدِهِ لِلْعَامِلِ وَأَنْ تَكُونَ نَفَقَتُهُمْ عَلَى الْعَامِلِ وَشَرْطُهُ الِاسْتِئْجَارَ مِنْ مَالِ الْعَامِلِ فِي مَعْنَى هَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: بِكَذَا) وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: بِكَذَا اعْتِبَارَ ذِكْرِ الْعِوَضِ فَلَوْ سَكَتَ عَنْهُ لَمْ يَصِحَّ وَفِي اسْتِحْقَاقِهِ الْأُجْرَةَ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا، نَعَمْ م ر وَكَأَنَّ وَجْهَهُ أَنَّ مَوْضُوعَ الْمُسَاقَاةِ الْعِوَضُ، وَالْقِيَاسُ جَرَيَانُ ذَلِكَ فِي الْقِرَاضِ. (قَوْلُهُ: أَنْ تَكُونَ صَرِيحَةً) وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ م ر. (قَوْلُهُ: لَا قَوْلُهُ: اسْتَأْجَرْت) وَإِنْ قَالَ: سَاقَيْتُك بِالنِّصْفِ لِتَكُونَ أُجْرَةً لَك لَمْ يَضُرَّ رَوْضٌ قَالَ فِي الرَّوْضِ: (فَصْلٌ)
سَاقَى اثْنَيْنِ صَفْقَةً هَذَا بِالنِّصْفِ وَهَذَا بِالثُّلُثِ جَازَ. اهـ. وَقَوْلُهُ: صَفْقَةً قَالَ فِي شَرْحِهِ: قَالَ فِي الْأَصْلِ: أَوْ صَفْقَتَيْنِ. اهـ. وَانْظُرْ هَلْ يَشْكُلُ مَا فِي الْأَصْلِ بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ عَلَى الْأَوَّلِ بِالْعَقْدِ مَعَهُ الْعَمَلَ فِي جَمِيعِ الْحَدِيقَةِ فَكَيْفَ يَعْقِدُ مَعَ غَيْرِهِ عَلَى الْعَمَلِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ؟ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا إذَا عَقَدَ مَعَ كُلٍّ عَلَى نِصْفِ الْعَمَلِ.
(قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ قَطْعِ الشَّائِعِ وَحْدَهُ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ قِسْمَةَ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ بَيْعٌ لَا إفْرَازٌ، وَإِلَّا فَذَلِكَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ قِسْمَتَهَا عَلَى الشَّجَرِ خَرْصًا جَائِزٌ، وَلَوْ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ إذَا قُلْنَا: إنَّهَا إفْرَازٌ وَهَذَا جَارٍ فِي سَائِرِ نَظَائِرِهِ الْآتِيَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَضِيَّتُهُ تَحَقُّقُ التَّرَطُّبِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْإِجَارَةِ صَرِيحٌ إلَخْ) قِيلَ وَبِمَا تَقَرَّرَ يُعْلَمُ الْجَوَابُ عَمَّا اسْتَشْكَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ كَالسُّبْكِيِّ مِنْ أَنَّ الصَّرِيحَ فِي بَابِهِ إنَّمَا يَمْتَنِعُ كَوْنُهُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ كَمَا إذَا نَوَى بِالطَّلَاقِ الظِّهَارَ فَإِنَّهُ لَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَنْت طَالِقٌ وَلِزَوْجَتِهِ أَنْت حُرَّةٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ قَالَا: وَمَسْأَلَتُنَا هُنَا كَذَلِكَ فَكَانَ يَنْبَغِي الِانْعِقَادُ بِهِ، إذَا نَوَيَا بِهِ الْمُسَاقَاةَ، وَوَجْهُ رَدِّهِ أَنَّ مَوْضُوعَ الْمُسَاقَاةِ غَيْرُ مَوْضُوعِ الْإِجَارَةِ فَلَمْ تَصِحَّ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) عِبَارَتُهَا بَعْدَ قَوْلِهِ أَشْهُرُ الصِّيَغِ سَاقَيْتُك عَلَى هَذَا النَّخِيلِ بِكَذَا، أَوْ عَقَدْت مَعَك عَقْدَ الْمُسَاقَاةِ مَا نَصُّهُ قَالَ الْأَصْحَابُ: وَيَنْعَقِدُ بِكُلِّ لَفْظٍ يُؤَدِّي مَعْنَاهَا كَقَوْلِهِ: سَلَّمْت إلَيْك نَخِيلِي إلَخْ مَا فِي الشَّارِحِ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ مِثْلَهُ مِنْ الْعُقُودِ يَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَهَابًا إلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ صَرِيحَةٌ فَقَوْلُهُ هُنَا جَوَابًا أَيْ: تَفْرِيعًا.
(قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ صَرِيحَةً) اعْتَمَدَهُ م ر وَحَجَرٌ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَفْظَ الْإِجَارَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ ش م ر وَلَوْ سَاقَاهُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ وَكَذَا عَكْسُهُ وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ مُشْكِلٌ مُخَالِفٌ لِلْقَوَاعِدِ فَإِنَّ الصَّرِيحَ فِي بَابِهِ إنَّمَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ كَقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ: أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي نَاوِيًا الطَّلَاقَ فَلَا تَطْلُقُ وَيَقَعُ الظِّهَارُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِأَمَتِهِ: أَنْت طَالِقٌ فَهُوَ كِنَايَةٌ فِي الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي