للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَغَيْرُ النَّوْمِ مِمَّا ذُكِرَ أَبْلَغُ مِنْهُ فِي الذُّهُولِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةٌ لِخُرُوجِ شَيْءٍ مِنْ الدُّبُرِ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ الْخَبَرُ إذْ السَّهُ الدُّبُرُ وَوِكَاؤُهُ حِفَاظُهُ عَنْ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ شَيْءٌ لَا يَشْعُرُ بِهِ وَالْعَيْنَانِ كِنَايَةٌ عَنْ الْيَقِظَةِ وَلَا يَضُرُّ فِي النَّقْضِ بِزَوَالِ الْعَقْلِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةٌ لِخُرُوجِ الْخَارِجِ كَوْنُ الْأَصْلِ عَدَمَ خُرُوجِ شَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا جُعِلَ مَظِنَّةً لِخُرُوجِهِ مِنْ غَيْرِ شُعُورٍ بِهِ أُقِيمَ مَقَامَ الْيَقِينِ كَمَا أُقِيمَتْ الشَّهَادَةُ الْمُفِيدَةُ لِلظَّنِّ مَقَامَ الْيَقِينِ فِي شَغْلِ الذِّمَّةِ وَالْعَقْلُ غَرِيزَةٌ يَتْبَعُهَا الْعِلْمُ بِالضَّرُورِيَّاتِ عِنْدَ سَلَامَةِ الْآلَاتِ وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ آدَابِ الْبَحْثِ وَخَرَجَ بِزَوَالِهِ النُّعَاسُ وَحَدِيثُ النَّفْسِ وَأَوَائِلُ نَشْوَةِ السُّكْرِ فَلَا نَقْضَ بِهَا فَفِي مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «قَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ فَقُمْت إلَى جَنْبِهِ الْأَيْسَرِ فَجَعَلَنِي فِي شِقِّهِ الْأَيْمَنِ فَكُنْتُ إذَا أَغْفَيْت يَأْخُذُ بِشَحْمَةِ أُذُنِي فَصَلَّى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً» وَمِنْ عَلَامَاتِ النَّوْمِ الرُّؤْيَةُ وَمِنْ عَلَامَاتِ النُّعَاسِ سَمَاعُ كَلَامِ الْحَاضِرِينَ وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْهُ فَلَوْ شَكَّ هَلْ نَامَ أَوْ نَعَسَ؟ وَقَدْ وَجَدَ أَحَدَهُمَا أَوْ خَطَرَ بِبَالِهِ شَيْءٌ فَشَكَّ هَلْ كَانَ رُؤْيَا أَوْ حَدِيثَ نَفْسٍ؟ لَمْ يُنْتَقَضْ وُضُوءُهُ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَلَوْ تَيَقَّنَ الرُّؤْيَا وَشَكَّ فِي النَّوْمِ انْتَقَضَ (لَا) زَوَالُهُ (لِلْمُفْضِي فِي نَوْمِهِ بِمَقْعَدٍ)

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَالْعَقْلُ غَرِيزَةٌ إلَخْ) الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَقْلِ هُنَا هَذَا الْمَعْنَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ هَذَا الْمَعْنَى لَا يَزُولُ بِنَحْوِ الْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ وَالنَّوْمِ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا التَّمْيِيزُ كَمَا فَسَّرَهُ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ كَلَامِهِ هُنَا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِزَوَالِهِ زَوَالُ أَثَرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَعَسَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا) يَسْبِقُ إلَى الذِّهْنِ أَنَّ ضَمِيرَ التَّثْنِيَةِ فِي قَوْلِهِ أَحَدُهُمَا رَاجِعٌ لِلرُّؤْيَةِ وَسَمَاعِ كَلَامِ الْحَاضِرِينَ فِي قَوْلِهِ وَمِنْ عَلَامَاتِ النَّوْمِ الرُّؤْيَةُ إلَخْ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّ مِنْ أَفْرَادِهِ حِينَئِذٍ أَنْ تُوجَدَ الرُّؤْيَةُ وَيَشُكَّ هَلْ نَامَ أَوْ نَعَسَ؟ وَحَاصِلُ هَذَا إنْ تَيَقَّنَ الرُّؤْيَا وَشَكَّ فِي النَّوْمِ وَقَدْ صَرَّحَ بِالنَّقْضِ فِي هَذَا بِقَوْلِهِ وَلَوْ تَحَقَّقَ الرُّؤْيَا وَشَكَّ فِي النَّوْمِ انْتَقَضَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ الْمَذْكُورَةِ إلَى النَّوْمِ وَالنُّعَاسِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ شَكَّ هَلْ نَامَ أَوْ نَعَسَ؟ وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ الْكَلَامِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ وُجِدَ مِنْهُ مَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ نَوْمٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ نُعَاسٌ فَلَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ لِلشَّكِّ فِي النَّوْمِ وَلَا نَقْضَ بِهِ مَعَ الشَّكِّ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ تَيَقَّنَ الرُّؤْيَا وَشَكَّ فِي النَّوْمِ) أَيْ: بِلَا تَمْكِينٍ انْتَقَضَ؛ لِأَنَّ الرُّؤْيَا لَا تَكُونُ إلَّا بِنَوْمٍ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْبُوَيْطِيِّ ثُمَّ قَالَ فِيهِ وَلَوْ تَيَقَّنَ النَّوْمَ وَشَكَّ هَلْ كَانَ مُتَمَكِّنًا أَوْ لَا؟ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ قَالَ: وَقَوْلُ الْبَغَوِيّ لَوْ تَيَقَّنَ رُؤْيَا وَلَا تَذَكَّرَ نَوْمًا فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى النَّوْمِ مُمَكِّنًا؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْعَادَةِ مُؤَوَّلٌ أَوْ ضَعِيفٌ

اهـ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ النَّصِّ أَنَّ الرُّؤْيَا فِي تِلْكَ اعْتَضَدَتْ بِأَحَدِ طَرَفَيْ الشَّكِّ

ــ

[حاشية الشربيني]

لِلنَّوْمِ فَصَارَ نَاقِضًا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ تَيَقَّنَ عَدَمَ خُرُوجِ شَيْءٍ بِخَبَرِ مَعْصُومٍ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: كَمَا أُقِيمَتْ الشَّهَادَةُ إلَخْ) قَدْ أَقَامَ الشَّارِعُ إخْبَارَ الْعَدْلِ مَقَامَ الْيَقِينِ وَقَدْ اعْتَمَدَ زي أَنَّهُ إذَا أَخْبَرَهُ بِمَسِّ امْرَأَةٍ لَهُ أَوْ خُرُوجِ رِيحٍ مِنْهُ فَلَا نَقْضَ خِلَافًا لِشَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ وَفَصَّلَ س ل فَقَالَ يُنْقَضُ بِالْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ خَبَرَ الْعَدْلِ إنَّمَا يُعْمَلُ بِهِ فِي فِعْلِ غَيْرِهِ لَا فِي فِعْلِ نَفْسِهِ. اهـ. قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ النُّعَاسُ يَغْشَى الرَّأْسَ فَتَسْكُنُ بِهِ الْقُوَى الدِّمَاغِيَّةُ فَيَبْدُو فُتُورٌ فِي الْحَوَاسِّ وَمِنْ عَلَامَاتِهِ أَنْ يَسْمَعَ كَلَامَ مَنْ عِنْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ مَعْنَاهُ فَإِذَا تَمَّ انْغِمَارُ الْقُوَّةِ الْبَاصِرَةِ فَهَذَا أَوَّلُ النَّوْمِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ الْفَرْقُ بَيْنَ النَّوْمِ وَالنُّعَاسِ أَنَّ النَّوْمَ فِيهِ غَلَبَةٌ عَلَى الْعَقْلِ وَسُقُوطُ حَاسَّةِ الْبَصَرِ وَغَيْرِهَا وَالنُّعَاسُ لَا يَغْلِبُ عَلَى الْعَقْلِ وَإِنَّمَا تَفْتُرُ فِيهِ الْحَوَاسُّ بِغَيْرِ سُقُوطٍ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ اهـ (قَوْلُهُ: وَحَدِيثُ النَّفْسِ) هُوَ مَا يَجْرِي فِي النَّفْسِ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ (قَوْله وَلَوْ تَيَقَّنَ الرُّؤْيَا وَشَكَّ فِي النَّوْمِ انْتَقَضَ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَمَكِّنًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ تَفْرِيعًا عَلَى نَصِّهِ فِي الْأُمِّ وَالْبُوَيْطِيِّ أَنَّ الرُّؤْيَا مِنْ عَلَامَاتِ النَّوْمِ وَقَدْ نَقَلَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْمَسْأَلَةَ بِعَيْنِهَا عَنْ نَصِّ الْأُمِّ ثُمَّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: لَوْ تَيَقَّنَ النَّوْمَ وَشَكَّ هَلْ كَانَ مُمَكِّنًا أَمْ لَا؟ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَآخَرُونَ، وَأَمَّا قَوْلُ الْبَغَوِيّ لَوْ تَيَقَّنَ رُؤْيَا وَلَا يَذْكُرُ نَوْمًا فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى النَّوْمِ قَاعِدًا؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْعَادَةِ فَهُوَ مُتَأَوَّلٌ أَوْ ضَعِيفٌ. اهـ.

وَكَتَبَ الْأَذْرَعِيُّ بِهَامِشِ نُسْخَتِهِ مِنْ الْمَجْمُوعِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْبَغَوِيّ غَيْرُ مَسْأَلَةِ صَاحِبِ الْبَيَانِ بَلْ هِيَ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي نَقَلَهَا أَوَّلًا عَنْ النَّصِّ، وَقَوْلُهُ: وَلَا يُحْمَلُ عَلَى النَّوْمِ قَاعِدًا صَحِيحٌ إذْ كَيْفَ يُحْمَلُ عَلَى النَّوْمِ قَاعِدًا وَهُوَ لَا يَذْكُرُ النَّوْمَ وَمَسْأَلَةُ صَاحِبِ الْبَيَانِ الثَّانِيَةُ فِيمَنْ نَامَ قَاعِدًا وَشَكَّ فِي التَّمَكُّنِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَا لِلْمُفْضِي إلَخْ) لَكِنْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَالْأَصْحَابُ: يُسْتَحَبُّ لِلنَّائِمِ مُتَمَكِّنًا أَنْ يَتَوَضَّأَ لِاحْتِمَالِ خُرُوجِ حَدَثٍ وَلِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ الْعُلَمَاءِ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَا لِلْمُفْضِي) سَوَاءٌ اتَّكَأَ أَوْ لَمْ يَتَّكِئْ شَرْحُ الْحَاوِي (قَوْلُهُ: فِي نَوْمِهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>