للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَارَ وَأَوْصَلَ الضَّمِيرَ بِالْعَامِلِ تَوَسُّعًا فِيهِ وَإِجْرَاءً لَهُ مَجْرَى الْمُتَعَدِّي كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ} [هود: ٦٥] أَيْ: فِيهِ.

(لَا وَلَدِ) أَيْ: لَا كَوَلَدِ (الزِّنَا) ، فَلَا يَحْرُمُ (لِأَبْ) أَيْ: عَلَى الْأَبِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي، فَلَوْ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَوَلَدَتْ بِنْتًا جَازَ لَهُ نِكَاحُهَا وَإِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهَا مِنْهُ إذْ لَا حُرْمَةَ لِمَاءِ الزِّنَا، فَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ عَنْهُ شَرْعًا بِدَلِيلِ انْتِفَاءِ سَائِرِ أَحْكَامِ النَّسَبِ عَنْهَا، نَعَمْ يُكْرَهُ ذَلِكَ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، وَإِذَا لَمْ تَحْرُمْ عَلَى الْأَبِ فَغَيْرُهُ مِنْ جِهَتِهِ أَوْلَى، وَخَرَجَ بِالْأَبِ الْأُمُّ فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا وَعَلَى سَائِرِ مَحَارِمِهَا نِكَاحُ ابْنِهَا مِنْ الزِّنَا لِثُبُوتِ النَّسَبِ وَالْإِرْثِ بَيْنَهُمَا، وَلِهَذَا عَبَّرَ بِالْوَلَدِ لِيَشْمَلَ الْبِنْتَ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَبِ فِي انْتِفَاءِ الْحُرْمَةِ وَالِابْنَ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُمِّ فِي ثُبُوتِهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الِابْنَ كَعُضْوٍ مِنْهَا وَانْفَصَلَ مِنْهَا إنْسَانًا، وَلَا كَذَلِكَ النُّطْفَةُ الَّتِي خُلِقَتْ مِنْهَا الْبِنْتُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَبِ وَفِي التَّعْبِيرِ بِالْأَبِ مَعَ انْتِفَاءِ الْأُبُوَّةِ عَنْهُ تَسَمُّحٌ خَلَصَ مِنْهُ قَوْلُ الْمِنْهَاجِ وَالْمَخْلُوقَةُ مِنْ زِنَاهُ تَحِلُّ لَهُ. (فَرْعٌ)

تَزَوَّجَ امْرَأَةً مَجْهُولَةَ النَّسَبِ فَاسْتَلْحَقَهَا أَبُوهُ ثَبَتَ نَسَبُهَا، وَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ أَيْ: إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الزَّوْجُ حَكَاهُ الْمُزَنِيّ ثُمَّ قَالَ: وَفِيهِ وَحْشَةٌ قَالَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ: وَلَيْسَ لَنَا مَنْ يَطَأُ أُخْتَهُ فِي الْإِسْلَامِ إلَّا هَذَا. (وَأُمِّ عَمٍّ) مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ أَيْ: وَلَا كَأُمِّ عَمٍّ أَوْ عَمَّةٍ، وَلَا أُمِّ خَالٍ أَوْ خَالَةٍ. (وَ) لَا أُمِّ (أَخٍ) أَوْ أُخْتٍ (لَا مِنْ نَسَبْ) بَلْ مِنْ رَضَاعٍ. (وَ) لَا. (أُمِّ أَحْفَادٍ) أَيْ: أَوْلَادِ أَوْلَادٍ. (وَ) لَا (جَدَّةِ الْوَلَدْ وَ) لَا (أُخْتِ أَوْلَادٍ مِنْ الرَّضَاعِ قَدْ) بِمَعْنَى فَقَطْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَالِابْنُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُمِّ فِي ثُبُوتِهَا) وَوَجْهُ إفَادَتِهِ هَذَا أَنَّ تَقْيِيدَهُ بِقَوْلِهِ: لِأَبٍ أَفَادَ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُمِّ لَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ يَحْرُمُ. (قَوْلُهُ: حَكَاهُ الْمُزَنِيّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقِيسَ بِهِ مَا لَوْ تَزَوَّجَتْ بِمَجْهُولِ النَّسَبِ فَاسْتَلْحَقَهُ أَبُوهَا ثَبَتَ نَسَبُهُ وَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الزَّوْجُ اهـ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قِيلَ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ قَبْلَ تَصْدِيقِهِ، فَلَا يَكُونُ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ أَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ تَصْدِيقٍ وَلَا تَكْذِيبٍ مِنْهُ، وَلَوْ بَعْدَ كَمَالِهِ فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ مِنْ حِينِ الِاسْتِلْحَاقِ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرْنَا تَصْدِيقَهُ فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْمُسْتَلْحِقَ غَيْرُهُ فَاعْتُبِرَ لِبُطْلَانِ حَقِّهِ مُوَافَقَتُهُ عَلَيْهِ. اهـ. قُلْتُ وَفِيهِ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ قَدْ يُسْتَشْكَلُ قَوْلُهُ: أَوْ صَغِيرًا بِأَنَّ الصَّغِيرَ لَا يُزَوِّجُهُ إلَّا أَبُوهُ أَوْ جَدُّهُ وَلَا أَبَ وَلَا جَدَّ، إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ مَجْهُولٌ، وَأَمَّا الْمَجْنُونُ، فَلَا إشْكَالَ فِيهِ إذْ يُتَصَوَّرُ بِأَنْ يَتَزَوَّجَ عَاقِلًا ثُمَّ يُجَنَّ ثُمَّ يُسْتَلْحَقَ، وَالثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ: مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ تَصْدِيقٍ إلَخْ قَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ عَدَمَ اعْتِبَارِ التَّصْدِيقِ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ لَا يُنَافِي اعْتِبَارَ التَّصْدِيقِ بَعْدَ الْكَمَالِ فِي انْفِسَاخِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ النِّكَاحُ وَتَعَلَّقَ حَقُّهُ بِهِ، فَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِمُوَافَقَتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَا أُمُّ أَحْفَادٍ) وَأَمَّا أُمُّ نَفْسِ الْأَوْلَادِ، فَلَا إشْكَالَ فِي دُخُولِهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ حَاشِيَةٍ وَجَدَّةُ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: وَجَدَّةُ الْوَلَدِ) أَيْ: أُمُّ الْمُرْضِعَةِ، وَأَمَّا نَفْسُ الْمُرْضِعَةِ، فَلَا إشْكَالَ فِي عَدَمِ تَحْرِيمِهَا بِرّ أَيْ: وَإِنَّمَا ذَكَرَ أُمَّهَا لِشَبَهِهَا بِجَدَّةِ النَّسَبِ فَيُتَوَهَّمُ تَحْرِيمُهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

عَلَى التُّحْفَةِ: وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ مُقَابِلُهُ. اهـ وَيَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أُخْتِهَا الَّتِي لَمْ تُنْفَ احْتِيَاطًا إذْ هِيَ لَمْ تُنْفَ قَطْعًا. اهـ بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ لِلشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ) وَلَا يُنْقَضُ وُضُوءُهُ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ وَلَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا كَانَ لَهُ رَجْعَتُهَا أَوْ بَائِنًا امْتَنَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا كَذَا فِي ق ل وَقَيَّدَ م ر الِامْتِنَاعَ بِمَا إذَا صَدَّقَتْهُ الزَّوْجَةُ قَالَ: لِأَنَّ إذْنَهَا شَرْطٌ، وَقَدْ اعْتَرَفَتْ بِالتَّحْرِيمِ، لَكِنْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: فَلَوْ وَقَعَ الِاسْتِلْحَاقُ قَبْلَ التَّزْوِيجِ لَمْ يَجُزْ لِلِابْنِ نِكَاحُهَا وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِتَصْدِيقِهَا فَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي (قَوْلُهُ: وَأُمُّ عَمٍّ أَوْ عَمَّةٍ أَوْ خَالٍ أَوْ خَالَةٍ) أَيْ: مِنْ النَّسَبِ فَأُمُّهُمْ مِنْ الرَّضَاعِ لَا تَحْرُمُ، وَلَوْ كَانَتْ أُمَّ نَسَبٍ لَكَانَتْ فِي الْأُولَيَيْنِ جَدَّةً لِأَبٍ إنْ كَانَ الْعَمُّ وَالْعَمَّةُ شَقِيقَيْنِ، أَوْ مَوْطُوءَةَ جَدٍّ لِأَبٍ إنْ كَانَا لِأَبٍ وَفِي الْأَخِيرَتَيْنِ جَدَّةً لِأُمٍّ إنْ كَانَ الْخَالُ وَالْخَالَةُ شَقِيقَيْنِ أَوْ مَوْطُوءَةَ جَدٍّ لِأُمٍّ إنْ كَانَا لِأَبٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَحْرُمُ. اهـ. شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا أُمَّ أَخٍ أَوْ أُخْتٍ) صُورَتُهَا امْرَأَةٌ لَهَا ابْنٌ ارْتَضَعَ عَلَى امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ لَهَا ابْنٌ، فَالْمَرْأَةُ الْأُولَى أُمُّ أَخِي هَذَا الِابْنِ وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ: جَدَّةُ الْوَلَدِ) أَيْ: أُمُّ مُرْضِعَةِ وَلَدِكَ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَوْطُوءَةَ جَدٍّ) أَيْ: وَطْئًا مُحْتَرَمًا، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْبَاقِي كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَكَوْنُ الثَّالِثَةِ أُمًّا أَوْ مَوْطُوءَةَ أَبٍ) أَيْ: تَكُونُ أُمًّا إنْ كَانَ الْأَخُ أَوْ الْأُخْتُ شَقِيقَيْنِ لَكَ وَتَكُونُ مَوْطُوءَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>