وَالتَّحْرِيمُ فِي تِلْكَ الصُّوَرِ بِالْمُصَاهَرَةِ لَا بِالنَّسَبِ، وَلَا تَحْرُمُ أُخْتُ الْأَخِ، سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ نَسَبٍ كَأَنْ كَانَ لِزَيْدٍ أَخٌ لِأَبٍ وَأُخْتٌ لِأُمٍّ فَلِأَخِيهِ نِكَاحُهَا، أَمْ مِنْ رَضَاعٍ كَأَنْ تُرْضِعَ امْرَأَةٌ زَيْدًا وَصَغِيرَةً أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ فَلِأَخِيهِ نِكَاحُهَا ثُمَّ ثَنَّى بِالْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ فَقَالَ: (أَوْ حَرُمَتْ) عَلَيْهِ (أُصُولُهُ) أَيْ: أُمَّهَاتُهُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ، وَإِنْ عَلَوْنَ. وَ (فُصُولُهُ) أَيْ: بَنَاتُهُ وَبَنَاتُ وَلَدِهِ، وَإِنْ سَفَلْنَ. (فُصُولُ أَدْنَى) أَيْ: أَقْرَبَ (مَنْ هُمْ أُصُولُهُ) أَيْ: فُصُولُ أَوَّلِ أُصُولِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي أَيْ: أَخَوَاتُهُ وَبَنَاتُ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ، وَإِنْ سَفَلْنَ وَ (أَوَّلُ فَصْلِ سَائِرِ الْأُصُولِ) أَيْ: بَاقِيهَا مِنْ عَمَّاتِهِ وَخَالَاتِهِ وَعَمَّاتِ أُصُولِهِ وَخَالَتِهِمْ وَإِنْ عَلَوْنَ وَخَرَجَ بِأَوَّلِ أُصُولِهِ إلَى آخِرِهِ وَلَدُ الْعُمُومَةِ وَالْخُؤُولَةِ، وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ لِلْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ وَالْأُولَى لِتِلْمِيذِهِ أَبِي مَنْصُورِ الْبَغْدَادِيِّ وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ تَرْجِيحَ الْأُولَى بِإِيجَازِهَا وَبِنَصِّهَا عَلَى الْإِنَاثِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ وَعَدَلَ النَّاظِمُ عَنْ قَوْلِ الْحَاوِي: وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ إلَى مَا قَالَهُ لِيُوَافِقَ تَعْبِيرَ الْأُسْتَاذِ بِقَوْلِهِ وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ بَعْدَ الْأَصْلِ الْأَوَّلِ وَلِيَسْلَمَ كَالْأُسْتَاذِ عَنْ التَّكْرَارِ اللَّازِمِ لِعِبَارَةِ الْحَاوِي بِدُخُولِ مَنْ دَخَلَ فِي فُصُولِ أَوَّلِ أُصُولِهِ
وَإِنَّمَا نَصَّ فِي الْعِبَارَتَيْنِ عَلَى الْحُرْمَةِ عَلَى الرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالْعَاقِدُ وَلِيُوَافِقَ الْآيَةَ، وَإِلَّا فَالْحُرْمَةُ ثَابِتَةٌ لِلْمَرْأَةِ أَيْضًا مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ إدْرَاجُهَا فِي الثَّانِيَةِ فِي كَلَامِ النَّظْمِ
ثُمَّ بَيَّنَ الْمُحَرَّمَاتِ بِالْمُصَاهَرَةِ فَقَالَ: (وَ) حُرِّمَتْ أَبَدًا (زَوْجَةُ الْأُصُولِ) مِنْ أَبٍ وَجَدٍّ، وَإِنْ عَلَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ قَالَ تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٢] . (وَ) زَوْجَةُ (الْفُصُولِ) مِنْ ابْنٍ وَحَافِدٍ، وَإِنْ سَفَلَ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ قَالَ تَعَالَى {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ} [النساء: ٢٣] وَقَوْلُهُ {الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} [النساء: ٢٣] لِإِخْرَاجِ زَوْجَةِ مَنْ تَبَنَّاهُ لَا زَوْجَةِ ابْنِ الرَّضَاعِ لِتَحْرِيمِهَا بِالْخَبَرِ السَّابِقِ، وَقُدِّمَ عَلَى مَفْهُومِ الْآيَةِ لِتَقَدُّمِ الْمَنْطُوقِ عَلَى الْمَفْهُومِ حَيْثُ لَا مَانِعَ. وَ (أُصُولُ زَوْجَةٍ) مِنْ أُمٍّ وَجَدَّةٍ، وَإِنْ عَلَتْ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ قَالَ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: ٢٣] وَحُرْمَةُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثِ تَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى وَطْءٍ، أَمَّا الْفَاسِدُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُرْمَةٌ كَمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حِلِّ الْمَنْكُوحَةِ. (وَإِنْ غَشِيَهَا) أَيْ: زَوْجَتَهُ أَيْ: وَطِئَهَا حُرِّمَ عَلَيْهِ. (فُصُولُهَا أَيْضًا) مِنْ بِنْتٍ وَحَافِدَةٍ، وَإِنْ سَفَلَتْ مِنْ نَسَبٍ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَالتَّحْرِيمُ فِي تِلْكَ الصُّوَرِ بِالْمُصَاهَرَةِ) أَيْ: أَوْ النَّسَبِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَفْقُودٌ مِنْ الرَّضَاعِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ. مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ لَا بِالنَّسَبِ. (قَوْلُهُ: بِدُخُولِ مَنْ دَخَلَ إلَخْ) أَيْ: فِيهِ أَيْ: فِي قَوْلِهِ أَوَّلَ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ
(قَوْلُهُ: لَا زَوْجَةَ ابْنِ الرَّضَاعِ لِتَحْرِيمِهَا بِالْخَبَرِ السَّابِقِ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ زَوْجَةِ الِابْنِ مِنْ حَيْثُ الْمُصَاهَرَةِ فَكَيْفَ يَتَنَاوَلُهَا الْحَدِيثُ السَّابِقُ؟ بِرّ (قَوْلُهُ: لِتَقَدُّمِ الْمَنْطُوقِ عَلَى الْمَفْهُومِ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الْمَفْهُومُ هُنَا خَاصٌّ، وَالْحَدِيثُ يَتَنَاوَلُ زَوْجَةَ ابْنِ الرَّضَاعِ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ، وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ
[حاشية الشربيني]
وَكُلُّهُ بَعِيدٌ مُنَابِذٌ لِمُرَادِ الرَّافِعِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالتَّحْرِيمُ فِي تِلْكَ الصُّوَرِ) أَيْ: الْأَرْبَعِ. (قَوْلُهُ: وَالْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ: تَحْرُمُ مَنْ لَا دَخَلَتْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَحَافِدٍ) هُوَ وَلَدُ الْوَلَدِ، سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَدَخَلَ زَوْجَةُ ابْنِ الْبِنْتِ فَتَحْرُمُ عَلَى جَدَّةٍ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَمَّا الْفَاسِدَةُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُرْمَةٌ) أَيْ: الْفَاسِدُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ سَوَاءٌ قَالَ بِصِحَّتِهِ غَيْرُهُ أَوْ لَا قَلَّدَهُ الْعَاقِدُ أَوْ لَا قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ: إذَا زَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا بِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى افْتَرَقَا فَلَا عِدَّةَ وَلَا مَهْرَ، وَإِنْ دَخَلَ وَجَبَ الْمَهْرُ وَلَا حَدَّ سَوَاءٌ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ أَوْ إبَاحَتَهُ بِاجْتِهَادٍ أَوْ تَقْلِيدٍ أَوْ ظَنٍّ مُجَرَّدٍ، وَلَوْ تَرَافَعَا إلَى قَاضٍ شَافِعِيٍّ أَبْطَلَهُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَوْ إلَى حَنَفِيٍّ فَقَضَى بِصِحَّتِهِ ثُمَّ رُفِعَ إلَيْنَا، فَالْمَذْهَبُ أَنْ لَا يُنْقَضَ وَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالِاحْتِيَاجِ إلَى الْمُحَلِّلِ فِي الثَّلَاثِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الرَّافِعِيِّ لَا؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ بَاطِلٌ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ صَحِيحٌ، وَثَانِيهِمَا نَعَمْ وَبِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ أَخْذًا بِالْأَغْلَظِ وَاحْتِيَاطًا لِلْأَبْضَاعِ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُحِلُّهَا هَذَا الْوَطْءُ مُطْلَقًا ثَلَاثًا وَعَلَى الثَّانِي وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا يُحِلُّهَا لِإِجْرَائِنَا عَلَيْهِ حُكْمَ الصَّحِيحِ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَثَانِيهِمَا لَا لِأَنَّا أَلْزَمْنَاهُ حُكْمَ الطَّلَاقِ تَغْلِيظًا فَكَانَ مِنْ التَّغْلِيظِ أَنْ لَا تَحِلَّ لِغَيْرِهِ بِإِصَابَتِهِ، وَيُثْبِتُ هَذَا النِّكَاحُ تَحْرِيمَ الْمُصَاهَرَةِ
وَفِي ثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا تَثْبُتُ كَالْمُصَاهَرَةِ، وَثَانِيهِمَا لَا لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْمُصَاهَرَةِ يَثْبُتُ تَغْلِيظًا فَلَا تَثْبُتُ الْمَحْرَمِيَّةُ تَغْلِيظًا، وَالثَّانِي هُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْإِمْلَاءِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ. اهـ بِاخْتِصَارٍ
(قَوْلُهُ: فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُرْمَةٌ) أَيْ: حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ وَالْمَحْرَمِيَّةِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ سَبَبَهَا هُنَا الْمُصَاهَرَةُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ غَشِيَهَا إلَخْ) إنَّمَا حُرِّمَ فَصْلُهُ عَلَيْهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَلَمْ يَحْرُمْ فَصْلُهَا إلَّا بِالدُّخُولِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِي حَقِّهِ أَصْلِيٌّ مُتَأَكِّدٌ، وَهِيَ تَابِعَةٌ لَهُ فِي أَحْكَامِهِ، وَلِهَذَا مَنَعَهَا مِمَّا لَا يَعْتَقِدُهُ وَهُوَ، وَإِنْ اعْتَقَدَتْهُ فَلِكَوْنِهِ فِي حَقِّهِ أَقْوَى أَثَّرَ بِالنِّسْبَةِ لِفُرُوعِهِ وَلِكَوْنِهِ ضَعِيفًا فِي حَقِّهَا احْتَاجَ إلَى مُقَوٍّ، وَهُوَ الْوَطْءُ. اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute