للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ التَّشَاغُلِ بِشَغْلِهِمْ (لِتَوَهُّمٍ بَدَا) أَيْ: ظَهَرَ يَعْنِي يَطْلُبُ الْمَاءَ فِي حَدِّ الْغَوْثِ عِنْدَ تَوَهُّمِهِ لَهُ فِيهِ وَالْمُرَادُ تَجْوِيزُ وُجُودِهِ وَلَوْ بِشَكٍّ أَوْ ظَنٍّ بِقَرِينَةِ مُقَابَلَتِهِ بِالْيَقِينِ كَمَا سَيَأْتِي.

قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَدُورَ الْحَدُّ الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَكْثَرُ ضَرَرًا عَلَيْهِ مِنْ إتْيَانِ الْمَاءِ فِي الْمَوْضِعِ الْبَعِيدِ بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَصْعَدَ جَبَلًا أَوْ نَحْوَهُ بِقُرْبِهِ ثُمَّ يَنْظُرَ حَوَالَيْهِ وَهَذَا مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِالتَّرَدُّدِ إلَيْهِ (وَ) يَطْلُبُهُ فِي حَدِّ (الْقُرْبِ) وَهُوَ مَا يَنْتَشِرُ إلَيْهِ النَّازِلُونَ لِاحْتِطَابٍ وَاحْتِشَاشٍ وَنَحْوِهِمَا (مَعْ يَقِينِهِ) لِلْمَاءِ؛ لِأَنَّ السَّعْيَ إلَيْهِ لِذَلِكَ أَوْلَى مِنْهُ لِتِلْكَ الْأَغْرَاضِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ حَدَّ الْقُرْبِ فَوْقَ حَدِّ الْغَوْثِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَلَعَلَّهُ يَقْرَبُ مِنْ نِصْفِ فَرْسَخٍ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ النَّاظِمِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ طَلَبُهُ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ تَيَقَّنَ وُصُولَهُ إلَيْهِ فِي الْوَقْتِ لِبُعْدِهِ وَأَنَّهُ لَوْ تَيَقَّنَ عَدَمَهُ لَا يَلْزَمُهُ طَلَبُهُ؛ لِأَنَّهُ عَبَثٌ وَأَنَّهُ لَوْ انْتَهَى إلَى الْمَنْزِلِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ وَالْمَاءُ -

ــ

[حاشية العبادي]

حَوَالَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِشَكٍّ) إنْ أَرَادَ مُطْلَقَ التَّرَدُّدِ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ أَوْ ظَنَّ أَوْ التَّرَدُّدُ بِاسْتِوَاءٍ خَرَجَ الْوَهْمُ وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ) هَذَا فِي الْمُسَافِرِ، أَمَّا الْمُقِيمُ فَيَلْزَمُهُ طَلَبُهُ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ صَنِيعُ الرَّوْضِ كَأَصْلِهِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ تَفْصِيلِ مَسَائِلِ حَدَّيْ الْغَوْثِ وَالْقُرْبِ، أَمَّا الْمُقِيمُ فَلَا يَتَيَمَّمُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى وَإِنْ فَاتَ بِهِ الْوَقْتُ اهـ بَلْ عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ صَرِيحَةٌ فِيهِ فَإِنَّهُ قَالَ إذَا تَيَقَّنَ وُجُودَ الْمَاءِ حَوَالَيْهِ فَلَهُ ثَلَاثُ مَرَاتِبَ إحْدَاهَا فِي حَدِّ الْقُرْبِ فَيَلْزَمُهُ طَلَبُهُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ بَعِيدًا بِحَيْثُ لَوْ سَعَى إلَيْهِ لَفَاتَهُ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَيَتَيَمَّمُ الثَّالِثَةُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمَرْتَبَتَيْنِ فَيَزِيدَ عَلَى حَدِّ الْقُرْبِ وَلَا يَخْرُجُ لِلْوَقْتِ قَبْلَ وُصُولِهِ فَيَتَيَمَّمُ أَيْضًا هَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ.

وَأَمَّا الْمُقِيمُ فَذِمَّتُهُ مَشْغُولَةٌ بِالْقَضَاءِ لَوْ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ لَوْ سَعَى إلَى الْمَاءِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ اهـ بِتَلْخِيصٍ لَكِنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ أَنْ لَا يُعَدَّ مُسَافِرًا فِي طَلَبِ الْمَاءِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ لِقَوْلِهِمْ فِي الْبَدْوِيِّ الْمُقِيمِ بِبَادِيَةٍ لَا مَاءَ فِيهَا لِلطَّهَارَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ النُّقْلَةُ لِلتَّطَهُّرِ بِالْمَاءِ بَلْ يَتَيَمَّمُ فَتَأَمَّلْ وَاعْلَمْ أَنَّهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَقِبَ قَوْلِ الرَّوْضِ السَّابِقِ، أَمَّا الْمُقِيمُ فَلَا يَتَيَمَّمُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى وَإِنْ فَاتَ الْوَقْتُ بِقَوْلِهِ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ أَيْ: لِتَيَمُّمِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فَلَا يَرِدُ جَوَازُ التَّيَمُّمِ لِلْبَرْدِ مَعَ وُجُوبِ الْقَضَاءِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ فِيمَا إذَا خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ لَوْ سَعَى إلَى الْمَاءِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَأَنَّ الْحُكْمَ مَنُوطٌ بِمَنْ هُوَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ

وَيَتَحَصَّلُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ هُوَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ لَزِمَهُ السَّعْيُ إلَى الْمَاءِ وَإِنْ كَانَ فِي حَدِّ الْبُعْدِ وَخَرَجَ الْوَقْتُ بِالسَّعْيِ إلَيْهِ مُسَافِرًا كَانَ أَوْ مُقِيمًا أَوْ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ عَدَمُ الْمَاءِ لَزِمَهُ السَّعْيُ إلَيْهِ إذَا كَانَ فِي حَدِّ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَالْمُرَادُ إلَخْ) فَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ التَّوَهُّمِ وَهُوَ إدْرَاكُ الْمَرْجُوحِ بَلْ الْوُقُوعُ فِي الْوَهْمِ أَيْ الذِّهْنِ وَلَوْ مَعَ رُجْحَانٍ أَوْ مُسَاوَاةٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِالتَّرَدُّدِ إلَيْهِ) أَيْ إلَى حَدِّ الْغَوْثِ. اهـ. (قَوْلُهُ: نِصْفِ فَرْسَخٍ) وَقَدْرُهُ بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ الْمُعْتَدِلِ إحْدَى عَشْرَةَ دَرَجَةً وَرُبُعُ دَرَجَةٍ ع ش (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ النَّاظِمِ إلَخْ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ فَلَوْ ذَهَبَ لِاحْتِطَابٍ مَثَلًا إلَى آخِرِ حَدِّ الْقُرْبِ فَرَأَى الْمَاءَ قَرِيبًا مِنْهُ لَكِنَّهُ فِي حَدِّ الْبُعْدِ مِنْ مَحَلِّهِ أَوْ رَحْلِهِ لَمْ يَجِبْ طَلَبُهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي آخِرِ حَدِّ الْغَوْثِ وَتَوَهَّمَهُ فِي حَدِّ الْقُرْبِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَجِبُ حِينَئِذٍ لِقُرْبِهِ بِالْفِعْلِ اهـ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَوْ تَيَقَّنَ إلَخْ) هَذَا عُلِمَ مِنْ تَخْصِيصِ وُجُوبِ الطَّلَبِ بِحَالَتَيْ التَّوَهُّمِ وَالتَّيَقُّنِ لِلْوُجُودِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَوْ انْتَهَى إلَخْ) يَجِبُ أَنْ يُصَوَّرَ هَذَا بِأَنْ يَكُونَ الْمَاءُ وَهُوَ سَائِرٌ فِي حَدِّ الْقُرْبِ وَكَذَا وَهُوَ نَازِلٌ وَالْمَحَلُّ فِيهِمَا لَا يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ إذْ لَوْ كَانَ وَهُوَ سَائِرٌ فِي حَدِّ الْبُعْدِ أَوْ الْقُرْبِ وَالْمَحَلُّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ فِيهِمَا لَوَجَبَ طَلَبُهُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ بِاتِّفَاقِهِمَا أَوْ فِي حَدِّ الْبُعْدِ وَالْمَحَلُّ لَا يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ لَمْ يَجِبْ طَلَبُهُ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ بِهِ الْوَقْتُ؛ لِأَنَّهُ تَوَجَّهَ إلَيْهِ طَلَبُهُ حِينَ الْأَمْنِ عَلَى الْوَقْتِ وَهُوَ أَوَّلُ الْوَقْتِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ لَا يَجِبُ طَلَبُهُ بَعْدَ نُزُولِهِ إلَّا إنْ أَمِنَ عَلَى الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ طَلَبَ الطَّهَارَةِ مِنْهُ لَا يَتِمُّ وُجُوبُهُ إلَّا بِإِرَادَتِهِ الصَّلَاةَ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ مُوجِبَ الطَّهَارَةِ الْحَدَثُ مَعَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ أَيْ إرَادَتِهَا وَهُوَ لَمْ يُرِدْهَا إلَّا بَعْدَ النُّزُولِ حَتَّى لَوْ أَرَادَهَا قَبْلُ كَانَ وَقْتُ الطَّلَبِ وَقْتَ إرَادَتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. لِيُعْلَمَ مَا فِي كَلَامِ الْمُحَشِّي وَتَصْوِيرِهِ مِنْ الْخَلَلِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَوْ انْتَهَى إلَخْ) هَذَا عُلِمَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>