مِمَّنْ تَخْدُمُ بِالنَّفَقَةِ (خُفًّا) وَمِلْحَفَةً إذَا كَانَتْ تَخْرُجُ لِاحْتِيَاجِهَا إلَيْهِمَا بِخِلَافِ الْمَخْدُومَةِ؛ لِأَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ وَيَجِبُ لَهَا مَعَهُمَا مِنْ الْكِسْوَةِ مَا يَجِبُ لِلْمَخْدُومَةِ إلَّا السَّرَاوِيلَ فَلَا يَجِبُ لَهَا؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ الزِّينَةُ وَكَمَالُ السِّتْرِ، وَلَا يَجِبُ لَهَا آلَةُ التَّنْظِيفِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَنَظَّفُ لَهُ وَاللَّائِقُ بِحَالِهَا التَّشَعُّثُ لَكِنْ لَوْ كَثُرَ الْوَسَخُ وَتَأَذَّتْ بِالْهَوَامِّ فَلَهَا مَا تُرَفِّهُ بِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْإِخْدَامُ يَسْقُطُ بِالتَّبَرُّعِ بِهِ عَنْهُ أَوْ عَنْهَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا إنْ رَضِيَتْ بِهِ الْمَخْدُومَةُ وَإِلَّا فَلَا تُجْبَرُ لِلْمِنَّةِ وَمَا قَالَهُ مُوَافِقُ لَمَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَبَرَّعَ شَخْصٌ بِأَدَاءِ النَّفَقَةِ عَنْ الْمُعْسِرِ لَمْ يَلْزَمْهَا الْقَبُولُ لِلْمِنَّةِ وَاقْتِصَارُ النَّاظِمِ كَأَصْلِهِ عَلَى الْخُفِّ بِنَاءً مِنْهُمَا عَلَى أَنَّهَا تُشَارِكُ الْمَخْدُومَةَ فِي الْكِسْوَةِ وَتَخْتَصُّ بِالْخُفِّ، وَقَدْ عَرَفْتُ مَا فِيهِ وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ اخْتِصَاصِهَا بِالْخُفِّ وَالْمِلْحَفَةِ هُوَ الْمَنْقُولُ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ وُجُوبُهُمَا لِلْمَخْدُومَةِ أَيْضًا فَإِنَّهَا قَدْ تَحْتَاجُ إلَى الْخُرُوجِ إلَى حَمَّامٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ نَادِرًا، ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ أَشَارَ إلَى هَذَا (وَحَيْثُ تَخْدُمُ لِنَفْسِهَا) كَأَنْ قَالَتْ أَنَا أَخْدُمُ نَفْسِي وَآخُذُ الْأُجْرَةَ أَوْ نَفَقَةَ الْخَادِمِ (فَإِنَّ ذَا لَا يَلْزَمُ) الزَّوْجَ؛ لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا وَلَهُ أَنْ لَا يَرْضَى بِهِ لِابْتِذَالِهَا بِذَلِكَ.
(وَ) أَوْجَبَ لِلْمُمَكِّنَةِ صَبِيحَةَ كُلِّ يَوْمٍ تَمْلِيكَ (قَدْرِ مُدَّيْنِ) مِنْ الْحَبِّ (وَ) كُلَّ أُسْبُوعٍ تَمْلِيكَ (رِطْلَيْنِ) مِنْ اللَّحْمِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ وَجَبَ (وَعَنْ مُنْشَئِهِ) أَيْ الْحَاوِي (أَنَّ لِمَنْ تَخْدُمُ) زَوْجَةَ الْمُوسِرِ (مَنْ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ أَيْ مَنًّا (وَوَزْنُهُ رِطْلَانِ قُلْتُ) لَكِنْ (نَقَلُوا) أَنَّ لَهَا (مُدًّا وَثُلْثًا وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ) وَذَلِكَ دُونَ رِطْلَيْنِ بِأُوقِيَّتَيْنِ وَثُلُثَيْ أُوقِيَّةٍ وَكَأَنَّ الْحَاوِي ذَكَرَ الْمَنَّ عَلَى سَبِيلِ التَّقْرِيبِ (عَلَى ذَوِي الْيُسْرِ) أَيْ أَوْجَبَ ذَلِكَ عَلَى الْمُوسِرِ.
(وَ) أَوْجَبَ لِلْمُمَكِّنَةِ صَبِيحَةَ كُلِّ يَوْمٍ تَمْلِيكَ (قُرْبِ مَكِيلٍ) بِوَزْنِ مِنْبَرٍ بِمَعْنَى مَكِيلَةٍ بِوَزْنِ مَدِينَةٍ كَمَا عَبَّرَ بِهَا الْحَاوِي (مِنْ زَيْتٍ أَوْ سَمْنٍ) فَلَا يَتَقَدَّرُ الْأُدْمُ بَلْ هُوَ مُفَوَّضٌ إلَى فَرْضِ الْقَاضِي وَاجْتِهَادِهِ فَيَنْظُرُ فِي جِنْسِهِ وَيُقَدِّرُ مِنْهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُدَّةَ فَيَفْرِضُهُ عَلَى الْمُعْسِرِ وَضِعْفَهُ عَلَى الْمُوسِرِ وَمَا بَيْنَهُمَا عَلَى الْمُتَوَسِّطِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ مَكِيلِهِ زَيْتٍ أَوْ سَمْنٍ أَيْ أُوقِيَّةً، فَتَقْرِيبٌ كَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَأَشَارَ إلَيْهِ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ كَأَصْلِهِ قُرْبَ، وَجِنْسُ الْأُدْمِ مَا يَلِيقُ بِعَادَةِ الْبَلَدِ مِنْ زَيْتٍ وَسَمْنٍ وَشَيْرَجٍ وَتَمْرٍ وَخَلٍّ وَجُبْنٍ وَغَيْرِهَا وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْفُصُولِ، وَقَدْ تَغْلِبُ الْفَوَاكِهُ فِي أَوْقَاتِهَا فَتَجِبُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ لَا يَجِبُ الْأُدْمُ فِي يَوْمِ اللَّحْمِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إذَا أَوْجَبْنَا عَلَى الْمُوسِرِ اللَّحْمَ كُلَّ يَوْمٍ يَلْزَمُهُ الْأُدْمُ أَيْضًا لِيَكُونَ أَحَدُهُمَا غَدَاءً وَالْآخَرُ عَشَاءً عَلَى الْعَادَةِ قَالَ الشَّارِحُ وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ الْأُدْمُ يَوْمَ إعْطَاءِ اللَّحْمِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ عَادَتِهِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُدْمِ الْكَامِلِ وَاللَّحْمِ بَعِيدٌ.
(وَإِنْ لَمْ تَأْكُلْ) مَا ذُكِرَ مِنْ الْحَبِّ وَاللَّحْمِ وَالْأُدْمِ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ لَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إلَيْهَا وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْ تَرْكِ التَّأَدُّمِ كَمَا لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ صَرْفِ بَعْضِ الْقُوتِ إلَى الْأُدْمِ؛ لِأَنَّهَا مُتَصَرِّفَةٌ فِي مِلْكِهَا وَلَوْ قَتَّرَتْ عَلَى نَفْسِهَا بِمَا يَضُرُّهَا فَلَهُ مَنْعُهَا (وَأُبْدِلَتْ) جَوَازًا مَا وَجَبَ لَهَا بِجِنْسٍ آخَرَ (تَبَرُّمًا) أَيْ سَآمَةً مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ الْإِبْدَالُ.
(وَ) أَوْجَبَ لَهَا فِي أَوَّلِ كُلٍّ مِنْ فَصْلَيْ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ تَمْلِيكَهَا (مِقْنَعَهْ) وَعَبَّرَ عَنْهَا الْحَاوِي كَالْغَزَالِيِّ بِالْخِمَارِ قَالَ الرَّافِعِيُّ أَرَادَ الْغَزَالِيُّ بِالْخِمَارِ الْمُقَنَّعَةَ، وَقَدْ يُخَصُّ بِمَا يُجْعَلُ فَوْقَهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ غَيْرُهَا وَلِهَذَا قَالَ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ يَجِبُ خِمَارٌ أَوْ مُقَنَّعَةٌ وَيَظْهَرُ وُجُوبُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا عِنْدَ الْحَاجَةِ أَوْ حَيْثُ يُعْتَادُ وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِيهِ حَيْثُ أَوْجَبُوا كِفَايَتَهَا بِحَسَبِ الْعَادَةِ وَإِنَّمَا قَالُوا خِمَارًا وَمُقَنَّعَةً جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ أَوْ حَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَحَدِهِمَا أَوْ حَيْثُ لَمْ تَدْعُ حَاجَةٌ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَ (نَعْلًا) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَّا إذَا كَانَتْ مِنْ نِسَاءِ قَرْيَةٍ اعْتَدْنَ الْمَشْيَ فِي بُيُوتِهِنَّ حُفَاةً فَلَا يَجِبُ لِرِجْلِهَا شَيْءٌ (سَرَاوِيلَ) أَوْ نَحْوَهُ بِحَسَبِ عَادَتِهَا وَ (قَمِيصًا وَمَعَهْ) فِي الشِّتَاءِ (جُبَّةُ قَزٍّ) أَيْ جُبَّةً مَحْشُوَّةً أَوْ نَحْوَهَا لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ تَكْفِ لِشِدَّةِ بَرْدٍ زِيدَ عَلَيْهَا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَجِنْسُ الْكِسْوَةِ حَيْثُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: مِمَّنْ يَخْدُمُ بِالنَّفَقَةِ) أَخْرَجَ مَنْ يَخْدُمُ بِالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا السَّرَاوِيلَ) وَالْوَجْهُ وُجُوبُ السَّرَاوِيلِ لِلْخَادِمَةِ حَيْثُ اُعْتِيدَ م ر (قَوْلُهُ: فَلَا تُجْبَرُ لِلْمِنَّةِ) وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ لَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ الْمُتَبَرِّعَةِ لِلْمِنَّةِ يُرَدُّ بِأَنَّ الْمِنَّةَ عَلَيْهِ لَا عَلَيْهَا لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنَّهَا تَبَرَّعَتْ عَلَيْهِ لَا عَلَيْهَا ح ج (قَوْلُهُ: لَوْ تَبَرَّعَ شَخْصٌ. . . إلَخْ) كَانَ هَذَا إذَا سَلَّمَهَا الْمُتَبَرِّعُ لَهَا فَإِنْ سَلَّمَهَا لِلْمُعْسِرِ، ثُمَّ سَلَّمَهَا الْمُعْسِرُ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهَا الْقَبُولُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عَرَفْت مَا فِيهِ) كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى نَحْوِ اسْتِثْنَاءِ السَّرَاوِيلِ وَزِيَادَةِ الْمِلْحَفَةِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ لَا يَرْضَى بِهِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ فَكَاعْتِيَاضِهَا عَنْ النَّفَقَةِ أَيْ: حَيْثُ لَا رِبَا قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَقَضِيَّةُ الْجَوَازِ يَوْمًا بِيَوْمٍ. اهـ. وَتَقَدَّمَ فِي هَامِشِ الصَّفْحَةِ السَّابِقَةِ أَنَّ الْإِخْدَامَ إمْتَاعٌ يَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ.
(قَوْلُهُ: قُرْبَ مَكِيلٍ مِنْ زَيْتٍ. . . إلَخْ) قَالَ فِي شَرْح الرَّوْضِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَإِنَّمَا يَتَّضِحُ وُجُوبُ الْأُدْمِ حَيْثُ يَكُونُ الْقُوتُ الْوَاجِبُ مِمَّا لَا يُسَاغُ عَادَةً إلَّا بِأُدُمٍ كَالْخُبْزِ بِأَنْوَاعِهِ، أَمَّا لَوْ كَانَ لَحْمًا، أَوْ لَبَنًا، أَوْ أَقِطًا فَيُتَّجَهُ الِاكْتِفَاءُ إذَا جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِالِاقْتِيَاتِ بِهِ وَحْدَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ. . . إلَخْ) يُتَّجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِاللَّحْمِ إنْ كَفَى غَدَاءً وَعَشَاءً، وَإِلَّا وَجَبَ الْأُدْمُ مَعَهُ أَيْ: مَعَ مُرَاعَاةِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ الْإِبْدَالُ) نَعَمْ لَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً، أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ، وَلَيْسَ لَهَا مَنْ يَقُومُ بِذَلِكَ فَاللَّائِقُ بِالْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ أَنَّهُ يَلْزَم الزَّوْجَ إبْدَالُهُ عِنْدَ إمْكَانِهِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ. كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَفِي هَذَا التَّصَرُّفِ فِي مَالِ السَّفِيهَةِ وَالصَّغِيرَةِ بِلَا وِلَايَةٍ عَلَيْهِمَا وَكَأَنَّهُ اُغْتُفِرَ هُنَا لِلْحَاجَةِ.
ــ
[حاشية الشربيني]
الرَّوْضَةُ (قَوْلُهُ: إلَّا السَّرَاوِيلَ فَلَا يَجِبُ لَهَا) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا.
(قَوْلُهُ: أَيْ أُوقِيَّةٌ) قَالَ جَمْعٌ أَيْ حِجَازِيَّةٌ