للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْبَحْرِ فَنَاوَلَهُ كَانَ كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِلْقَاءِ حَتَّى لَا يَجِبَ الضَّمَانُ بِخِلَافِ مَنْ قَصَدَ قَطْعَ يَدِ غَيْرِهِ ظُلْمًا فَلَمْ يَدْفَعْهُ وَسَكَتَ حَتَّى قَطَعَهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ لَفْظٌ وَلَا فِعْلٌ ثَانِيهَا أَنْ يَقُولَ جَعَلْتهَا عَنْ الْيَمِينِ لِظَنِّي أَنَّهَا تُجْزِئُ فَلَا قِصَاصَ فِيهَا أَيْضًا لِشُبْهَةِ بَذْلِهَا كَمَا قَالَ: (وَمَنْ يَسَارَهُ يُبْدِيهَا عَنْ الْيَمِينِ لَا قِصَاصَ فِيهَا) سَوَاءٌ قَالَ الْقَاطِعُ ظَنَنْت أَنَّهُ أَبَاحَهَا، أَوْ أَنَّهَا الْيَمِينُ، أَمْ عَلِمْت أَنَّهَا الْيَسَارُ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ، أَمْ قَطَعْتهَا عَنْ الْيَمِينِ وَظَنَنْت أَنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهَا ثَالِثُهَا أَنْ يَقُولَ: دَهَشْت فَظَنَنْتهَا الْيَمِينَ فَلَا قِصَاصَ فِيهَا أَيْضًا إنْ قَالَ الْقَاطِعُ: ظَنَنْتهَا الْيَمِينَ أَوْ أَنَّهَا تُجْزِئُ؛ لِأَنَّ هَذَا الِاشْتِبَاهَ قَرِيبٌ فَإِنْ قَالَ: عَلِمْت أَنَّهَا الْيَسَارُ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ، أَوْ ظَنَنْت أَنَّهُ أَبَاحَهَا، أَوْ دَهَشْت أَيْضًا وَجَبَ الْقِصَاصُ فِيهَا أَمَّا فِي الْأُولَى وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ؛ فَلِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُخْرِجِ تَسْلِيطٌ بِخِلَافِ مِثْلِهِ فِيمَا مَرَّ

وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ وَهُوَ مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْبَغَوِيّ فَكَمَنْ قَتَلَ رَجُلًا وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّهُ أَذِنَ فِي قَتْلِهِ قَالَا وَهُوَ مُتَّجَهٌ لَكِنَّ قِيَاسُ مَا ذُكِرَ فِي ظَنِّهِ إبَاحَتُهَا مَعَ قَصْدِ الْمُخْرِجِ جَعْلَهَا عَنْ الْيَمِينِ عَدَمُ وُجُوبِهِ اهـ.

وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ جَعْلَهَا عَنْ الْيَمِينِ تَسْلِيطٌ بِخِلَافِ إخْرَاجِهَا دَهْشَةً فَلَمْ يُؤَثِّرْ مَعَ ظَنٍّ لَا يُبِيحُ الْقَطْعَ وَأَمَّا فِي الثَّالِثَةِ وَهُوَ مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْإِمَامِ وَجَزَمَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ؛ فَلِأَنَّ الدَّهْشَةَ لَا تَلِيقُ بِحَالِ الْقَاطِعِ رَابِعُهَا أَنْ يَقُولَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ الْمُقْتَصِّ أَخْرِجْ يَمِينَك بَلْ يَسَارَك فَأَخْرَجْتهَا قَالَ الشَّيْخَانِ: فَفِي كُتُبِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ كَقَوْلِهِ دَهَشْت فَظَنَنْتهَا الْيَمِينَ لَكِنَّ مُقْتَضَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُطَابِقَ لِلسُّؤَالِ كَالْإِذْنِ أَنْ يَلْحَقَ بِصُورَةِ الْإِبَاحَةِ وَحَيْثُ لَا قِصَاصَ فِي الْيَسَارِ وَجَبَ دِيَتُهَا إلَّا فِيمَا إذَا قَصَدَ الْمُخْرِجُ إبَاحَتَهَا لِمَا مَرَّ وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُخْرِجُ: قَصَدْت الْإِيقَاعَ عَنْ الْيَمِينِ وَقَالَ الْقَاطِعُ: بَلْ الْإِبَاحَةَ فَالْمُصَدَّقُ الْمُخْرِجُ بِيَمِينِهِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ عَنْ الْيَمِينِ حُكْمَ الْحَالِ الْأَوَّلِ بِالْأَوْلَى وَخَرَجَ بِهِ الْحَالَانِ الْأَخِيرَانِ، وَقَدْ عُرِفَ حُكْمُهُمَا (وَ) لَا قِصَاصَ (فِي الْيَمِينِ) عَلَى قَاطِعِهَا (حَيْثُ أَخْذُهَا) أَيْ: الْيَسَارَ (عِوَضْ) عَنْهَا (بَلْ) يَجِبُ لَهَا (دِيَةٌ) فَإِنْ لَمْ تُؤْخَذْ عِوَضًا عَنْهَا بَقِيَ قِصَاصُهَا وَلَا يُسْتَوْفَى حَتَّى يَنْدَمِلَ قَطْعُ الْيَسَارِ لِمَا فِي تَوَالِي الْقَطْعَيْنِ مِنْ خَطَرِ الْهَلَاكِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْمُخْرِجُ لَهَا رَقِيقًا فَيَضْمَنُهَا الْقَاطِعُ مُطْلَقًا، أَوْ مَجْنُونًا فَكَمَا لَوْ أَخْرَجَهَا غَيْرُهُ دَهَشًا، وَالْمُبَعَّضُ يُعْرَفُ حُكْمُهُ مِمَّا ذُكِرَ (وَلْتَكْفِ) أَيْ: الْيَسَارُ أَيْ قَطْعُهَا (حَدًّا) حَيْثُ أَخْرَجَهَا مَنْ عَلَيْهِ قَطْعُ الْيَمِينِ حَدًّا لِلسَّرِقَةِ (إنْ عَرَضْ) لَهُ (ظَنٌّ) لِإِجْزَائِهَا عَنْ الْيَمِينِ (وَ) كَذَا (دَهْشَةٌ) وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ إبَاحَتَهَا لَمْ يَكْفِ عَنْ الْحَدِّ وَهُوَ مَا اسْتَدْرَكَهُ الْقَاضِي عَلَى إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ وَقَاسَهُ بِمَا لَوْ قَطَعَهَا السَّارِقُ، أَوْ أَجْنَبِيٌّ بَعْدَ وُجُوبِ قَطْعِ يَمِينِهِ بِالسَّرِقَةِ وَتَبِعَهُ الْغَزَالِيُّ فِي وَجِيزِهِ وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْحَدِّ التَّنْكِيلُ بِقَطْعِ الْآلَةِ الْبَاطِشَةِ وَقَدْ حَصَلَ، وَالْقِصَاصُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُمَاثَلَةِ؛ وَلِأَنَّ الْحَدَّ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ وَلِلْيَسَارِ فِيهِ دَخَلٌ

(فَرْعٌ)

لَوْ جَاءَ الْجَانِي بِالدِّيَةِ، وَطَلَبَ مِنْ مُسْتَحِقِّ الْقَطْعِ مُتَضَرِّعًا إلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَهَا، وَيَتْرُكَ الْقِصَاصَ فَأَخَذَهَا كَانَ عَفْوًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا، وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ (وَسِنُّ

ــ

[حاشية العبادي]

إشَارَةً إلَى اسْتِشْكَالِ الرَّافِعِيِّ الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَجَبَتْ دِيَتُهَا) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا دِيَةَ الْيَسَارِ فِي الصُّوَرِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَهِيَ فِي مَالِهِ أَيْ: لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَكَذَا مَنْ قَطَعَ أُنْمُلَتَيْنِ بِأُنْمُلَةٍ وَادَّعَى الْخَطَأَ أَيْ: فَدِيَةُ الْأُنْمُلَةِ الزَّائِدَةِ فِي مَالِهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَا يَسْرِي عَلَيْهَا وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ أَيْ: فِي أَنَّهُ خَطَأٌ اهـ.

فَإِنْ اعْتَرَفَ بِتَعَمُّدِ قَطْعِ الْأُنْمُلَةِ الزَّائِدَةِ قُطِعَ مِنْهُ الْأُنْمُلَةُ الزَّائِدَةُ (قَوْلُهُ: وَتَبِعَهُ الْغَزَالِيُّ) وَسَيَأْتِي أَوَّلَ بَابِ الزِّنَا

ــ

[حاشية الشربيني]

الْيَسَارُ مَعَ ظَنِّ الْإِجْزَاءِ أَمْ لَا جَعَلَهَا عِوَضًا عَنْ الْيَمِينِ، أَوْ لَا؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا بَذَلَهَا مَجَّانًا وَيَبْقَى قِصَاصُ الْيَمِينِ إلَّا إذَا مَاتَ الْمُبِيحُ، أَوْ ظَنَّ الْقَاطِعُ الْإِجْزَاءَ، أَوْ جَعَلَهَا عِوَضًا فَإِنَّهُ يَعْدِلُ إلَى الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ الْيَسَارَ وَقَعَتْ هَدَرًا اهـ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ مُقْتَضَى مَا مَرَّ إلَخْ) قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ دَعْوَى سَمَاعِهِ مِنْ الْمُقْتَصِّ أَخْرِجْ يَمِينَك بَلْ يَسَارَك، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْإِبَاحَةَ كَالدَّهْشَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُهَا الْقَاطِعُ مُطْلَقًا) نَعَمْ عِنْدَ قَصْدِ الْمُخْرِجِ الْإِبَاحَةَ يُتَّجَهُ سُقُوطُ قَوَدِهَا إنْ كَانَ الْقَاطِعُ قِنًّا اهـ.

م ر (قَوْلُهُ: أَوْ مَجْنُونًا إلَخْ) عِبَارَةُ م ر إنْ عَلِمَ الْمُقْتَصُّ قَطَعَ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ وَمِثْلُهُ ز ي وَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ فَكَمَا لَوْ أَخْرَجَهَا غَيْرُهُ دَهَشًا فَإِنَّهُ يَقْتَضِي الْقِصَاصَ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ فِي مَسْأَلَةِ الدَّهْشَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ أَخْرَجَ السَّارِقُ لِلْجَلَّادِ يَسَارَهُ فَقَطَعَهَا فَإِنْ قَالَ الْمُخْرِجُ: ظَنَنْتهَا الْيَمِينَ، أَوْ أَنَّهَا تُجْزِئُ أَجْزَأَتْهُ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْأَدَاءِ بِقَصْدِ الدَّافِعِ اهـ.

قَالَ ع ش وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمِثْلُهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْجَلَّادِ فِي الْحَالَيْنِ أَيْ ظَنَّهَا الْيَمِينَ، أَوْ الْأَجْزَاءَ ع ش وَإِلَّا فَالْوَجْهُ ضَمَانُهَا بِمَا فِي الْقَوَدِ فِي مَسْأَلَةِ الدَّهْشَةِ اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ إلَخْ) ضَعِيفٌ اهـ. م ر وع ش.

<<  <  ج: ص:  >  >>