للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطُّهْرِ عِنْدَ خَشْيَةِ الْمَحْذُورِ السَّابِقِ لِلْآيَةِ وَالْخَبَرِ السَّابِقَيْنِ ثُمَّ إنْ عَمَّ ذَلِكَ أَعْضَاءَ الطُّهْرِ تَيَمَّمَ فَقَطْ وَإِلَّا تَيَمَّمَ (مَعْ غَسْلِ مَا صَحَّ) مِنْ أَعْضَاءِ الطُّهْرِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ بَعْضِ الْعُضْوِ لَا تَزِيدُ عَلَى فَقْدِهِ وَلَوْ فُقِدَ وَجَبَ غَسْلُ الْبَاقِي وَدَخَلَ فِيهَا صَحَّ مَا تَحْتَ أَطْرَافِ السَّاتِرِ فَيَجِبُ غَسْلُ مَا يُمْكِنُ غَسْلُهُ مِنْهُ وَلَوْ بِعَصْرِ خِرْقَةٍ عَلَيْهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ أَمَسَّهُ مَاءً بِلَا إفَاضَةٍ.

(وَ) مَعَ (مَسْحٍ عَمَّا) أَيْ عَمَّ السَّاتِرَ لِمَحَلِّ الْعُذْرِ (بِالْمَاءِ إنْ يُسْتَرْ) بِلَصُوقٍ أَوْ جَبِيرَةٍ وَكَانَ الْمَسْتُورُ مِنْ أَعْضَاءِ الطُّهْرِ أَمَّا الْمَسْحُ فَلِصِحَّتِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأَمَّا تَعْمِيمُهُ فَلِأَنَّهُ مَسْحٌ لِلضَّرُورَةِ كَالتَّيَمُّمِ وَقَوْلُهُ: بِالْمَاءِ صِلَةُ مَسْحٍ وَفُهِمَ مِنْ التَّقْيِيدِ بِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْعُذْرُ فِي عُضْوِ التَّيَمُّمِ لَمْ يَجِبْ الْمَسْحُ بِالتُّرَابِ؛ لِأَنَّهُ ضَعِيفٌ فَلَا يُؤَثِّرُ فَوْقَ حَائِلٍ بِخِلَافِ الْمَاءِ فَإِنَّ تَأْثِيرَهُ فَوْقَهُ مَعْهُودٌ فِي الْحَلِفِ لَكِنَّهُ يُسَنُّ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَمِنْ التَّقْيِيدِ بِالسَّتْرِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَمَعَ مَسْحٍ عَمَّا إلَخْ) سَيَأْتِي فِي هَامِشِ الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ أَنَّ هَذَا الْمَسْحَ بَدَلٌ عَمَّا تَحْتَ السَّاتِرِ مِنْ الصَّحِيحِ وَهَهُنَا فَرْعٌ مُوَلَّدٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ عَمَّتْ الْجِرَاحَةُ رَأْسَهُ إلَّا مِقْدَارَ مَا تَسْتَمْسِكُ بِهِ الْجَبِيرَةُ وَوَضَعَهَا بِحَيْثُ سَتَرَتْ جَمِيعَ رَأْسِهِ عَلِيلِهِ وَصَحِيحِهِ الَّذِي بِهِ الِاسْتِمْسَاكُ فَلَا خَفَاءَ أَنَّهُ بِمَسْحِ جَمِيعِ الْجَبِيرَةِ بَدَلًا عَنْ غَسْلِ مَا تَحْتَهَا مِنْ الصَّحِيحِ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ مَسْحِ جَمِيعِهَا وَإِنْ كَانَ مَا تَحْتَهَا مِنْ الصَّحِيحِ أَزْيَدَ مِمَّا يَكْفِي مَسْحُهُ عَنْ الْوَاجِبِ كَمَا لَوْ كَانَ بِقَدْرِ الْوَاجِبِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ مَسْحَ الْجَبِيرَةِ إنَّمَا يَقُومُ مَقَامَ غَسْلِ الصَّحِيحِ إذَا عَمَّهَا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَعَ مَسْحِ جَمِيعِ الْجَبِيرَةِ التَّيَمُّمُ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ الْعَلِيلِ وَهُوَ لَا يَجِبُ طُهْرُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي تَطْهِيرُ بَعْضِ الرَّأْسِ وَقَدْ حَصَلَ بِتَطْهِيرِ الصَّحِيحِ بِوَاسِطَةِ مَسْحِ جَمِيعِ الْجَبِيرَةِ وَعَلَى هَذَا فَهَلْ يَكْفِي التَّيَمُّمُ عَنْ الْعَلِيلِ وَلَا يَجِبُ مَعَهُ مَسْحُ الْجَبِيرَةِ لِحُصُولِ الْوَاجِبِ مِنْ تَطْهِيرِ بَعْضِ الرَّأْسِ فِيهِ نَظَرٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

الشَّافِعِيُّ وَقَالَهُ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ يَكْفِيهِ التَّيَمُّمُ تَخْرِيجًا عَلَى مَنْ وَجَدَ مَاءً لَا يَكْفِيهِ فَإِنَّ أَحَدَ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ فِيهِ لَا يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ لَكِنْ أَبْطَلَ الْأَصْحَابُ هَذَا التَّخْرِيجَ بِالْفَرْقِ بِأَنَّ الْمَعْجُوزَ عَنْهُ هُنَا بَعْضُ الْبَدَنِ وَهُنَاكَ بَعْضُ الْمَاءِ وَالْحُكْمُ مُخْتَلِفٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا عَجَزَ فِي الْكَفَّارَةِ عَنْ بَعْضِ الرَّقَبَةِ جُعِلَ كَالْعَاجِزِ عَنْ الْكُلِّ وَلَوْ لَزِمَتْ الْكَفَّارَةُ مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ وَبَعْضُهُ رَقِيقٌ لَمْ يَكُنْ الْعَجْزُ بِالرِّقِّ فِي الْبَعْضِ كَالْعَجْزِ بِالْجَمِيعِ بَلْ يُكَفِّرُ بِمَا يَمْلِكُهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ هَذَا وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ أَنَّهُ إنْ كَانَ أَكْثَرُ بَدَنِهِ صَحِيحًا لَزِمَهُ غَسْلُهُ وَسَقَطَ الْبَاقِي وَلَا يَتَيَمَّمُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُهُ مَرِيضًا كَفَاهُ التَّيَمُّمُ وَلَا يَلْزَمُهُ غَسْلُ شَيْءٍ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ اهـ. (قَوْلُهُ: مَعَ غَسْلِ مَا صَحَّ) وَحَكَى الرَّافِعِيُّ قَوْلَهُ إنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ الصَّحِيحِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْمَقْطُوعِ بِهِ عِنْدَ مُعْظَمِ الْأَصْحَابِ وَقَوْلَهُ إنَّهُ يَكْفِيهِ التَّيَمُّمُ وَلَا يَمْسَحُ الْجَبِيرَةَ بِالْمَاءِ وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْعُدَّةِ أَيْضًا وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَصَحَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالرُّويَانِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا غَسْلُ الصَّحِيحِ وَالْمَسْحُ عَلَى الْجَرِيحِ وَلَا يَتَيَمَّمُ. اهـ. مَجْمُوعٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ أَمَسَّهُ مَاءً بِلَا إفَاضَةٍ) فِيهِ أَمْرَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ الْإِفَاضَةَ وَاجِبَةٌ إلَّا لِلْعُذْرِ وَهُوَ يُفِيدُ وُجُوبَ سَيَلَانِ الْمَاءِ بِنَفْسِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْعُذْرِ عَلَى الْعُضْوِ كَمَا تَقَدَّمَ وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُمْ فِي رَشِّ بَوْلِ الصَّبِيِّ إنَّ مَعْنَاهُ غَمْرُهُ بِالْمَاءِ بِلَا سَيَلَانٍ بِخِلَافِ بَوْلِ الصَّبِيِّة لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ السَّيَلَانِ، الثَّانِي أَنَّ الْإِمْسَاسَ بِلَا إفَاضَةٍ يَكْفِيهِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى هُنَا لِلْعُذْرِ وَعِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ أَمَسَّ الْمَاءَ الصَّحِيحَ إمْسَاسًا لَا يَفِيضُ وَأَجْزَأَهُ ذَلِكَ إذَا أَمَسَّ الشَّعْرَ وَالْبَشَرَةَ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ أَمَسَّهُ مَاءً بِلَا إفَاضَةٍ) هَلْ يَتَعَيَّنُ هَذَا الْإِمْسَاسُ وَيَكْفِي فِي الْعَلِيلِ وَيَمْتَنِعُ التَّيَمُّمُ حَيْثُ لَمْ يُخْشَ مِنْهُ مَحْذُورٌ الظَّاهِرُ لَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّحِيحِ الْمُجَاوِرِ لِلْعَلِيلِ بِأَنَّهُمْ اكْتَفَوْا فِيهِ بِالْمَسْحِ عَلَى الْجَبِيرَةِ فَلَأَنْ يَكْتَفُوا فِيهِ بِإِمْسَاسِهِ الْمَاءَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى بِخِلَافِ الْعَلِيلِ يَجِبُ فِيهِ التَّيَمُّمُ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ حَقِيقَةُ الْغَسْلِ. اهـ. ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: أَمَسَّهُ مَاءً بِلَا إفَاضَةٍ) وَلَوْ قَدَرَ عَلَى هَذَا الْإِمْسَاسِ فِي مَحَلِّ الْعِلَّةِ لَمْ يَكْفِ عَنْ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ أَقْوَى مِنْهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ: وَمَسْحٍ عَمَّا) وَلَوْ عَمَّتْ الْعِلَّةُ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ أَوْ أَعْضَاءَ التَّيَمُّمِ وَعَمَّتْ الْجَبِيرَةُ أَعْضَاءَ التَّيَمُّمِ سَقَطَ الْمَسْحُ وَالتَّيَمُّمُ كَالْغُسْلِ كَمَا قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: إنَّ التُّرَابَ ضَعِيفٌ لَا يُؤَثِّرُ فَوْقَ حَائِلٍ فَيُصَلِّي كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَيُعِيدُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجِبُ الْوُضُوءُ مَسْحًا وَبَعْضُهُمْ يَجِبُ التَّيَمُّمُ فَوْقَ الْجَبِيرَةِ وَلَوْ بَقِيَ مِنْ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ تَحْتَ الْجَبِيرَةِ قَدْرُ الِاسْتِمْسَاكِ وَجَبَ مَسْحُهَا وَفِي التَّيَمُّمِ مَا عَلِمْت. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: عَمَّ السَّاتِرَ لِمَحَلِّ الْعُذْرِ) فَلَوْ زَادَ السَّاتِرُ عَلَى مَحَلِّ الْفَرْضِ لَمْ يَجِبْ مَسْحُ الزَّائِدِ ق ل. (قَوْلُهُ: عَمَّ السَّاتِرَ لِمَحَلِّ الْعُذْرِ) أَيْ: عَمَّ السَّاتِرَ كُلَّهُ وَلَوْ أَخَذَ مِنْ الصَّحِيحِ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ الِاسْتِمْسَاكِ فَيَجِبُ تَعْمِيمُ كُلِّهِ بِالْمَسْحِ مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَإِلَّا وَجَبَ مَسْحُ مَا فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ فَقَطْ هَذَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ. اهـ.

(قَوْلُهُ: أَنْ يُسْتَرَ بِلَصُوقٍ أَوْ جَبِيرَةٍ) مِثْلُ اللَّصُوقِ وَالْجَبِيرَةِ فِي الْحُكْمِ مَا إذَا طَلَى بَعْضَ بَدَنِهِ بِشَيْءٍ كَالْقَارِ أَوْ وَضَعَ نَحْوَ شَمْعٍ فِي شُقُوقٍ بِرِجْلِهِ. اهـ. مَجْمُوعٌ إلَّا أَنَّ نَحْوَ هَذَا لَا يُقَالُ فِيهِ أَخْذٌ بِقَدْرِ الِاسْتِمْسَاكِ وَقَدْ يُتَصَوَّرُ فِي طِلَاءٍ بِشَيْءٍ لَا يَثْبُتُ وَيَسْتَمْسِكُ إلَّا بِالصَّحِيحِ. (قَوْلُهُ: لَصُوقٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَهُوَ مَا كَانَ عَلَى جُرْحٍ وَالْجَبِيرَةُ مَا كَانَ عَلَى كَسْرٍ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ صَاحِبِ الْحَاوِي الْكَبِيرِ.

(قَوْلُهُ فَلِمَا صَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ) أَيْ: أَنَّهُ إذَا تَوَضَّأَ وَكَفُّهُ مَعْصُوبَةٌ فَمَسَحَ عَلَيْهَا وَعَلَى الْعِصَابِ وَغَسَلَ مَا سِوَى ذَلِكَ. اهـ. مَجْمُوعٌ. (قَوْلُهُ: مَسَحَ لِلضَّرُورَةِ) احْتِرَازٌ عَنْ مَسْحِ الْخُفِّ فَإِنَّهُ تَخْفِيفٌ وَرُخْصَةٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ) ؛ لِأَنَّ لَنَا وَجْهًا -

<<  <  ج: ص:  >  >>