للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إتْمَامَهَا ثُمَّ رَآهُ فَلَا يَبْطُلُ وَكَذَا لَوْ اتَّصَلَتْ سَفِينَتُهُ بِوَطَنِهِ أَوْ نَوَى مَقْصُورَةً ثُمَّ نَوَى إقَامَةً وَلَمْ يَرَ مَاءً فِي الْأَصْلِ فَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَرَ مَاءً أَيْ حَالَةَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ ثُمَّ رَآهُ بَعْدُ لِيُوَافِقَ مَا فِي الشَّامِلِ وَالْبَحْرِ فَإِنَّهُ أَخَذَهُ مِنْهُمَا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فِي الْمَجْمُوعِ لَكِنَّ كَلَامَهُ فِيهِ آخِرًا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ فِيهَا أَصْلًا وَالْحُكْمُ صَحِيحٌ كَمَا لَا يَخْفَى.

(أَوْ سَلَّمَ) مِنْ صَلَاتِهِ (الشَّخْصُ) الْمُتَيَمِّمُ (الَّذِي لَا يُلْزَمُ قَضَاءَ فَرْضِهَا) بِأَنْ كَانَ فِي سَفَرٍ (وَلَيْسَ يَعْلَمُ فَوَاتَهُ) أَيْ الْمَاءَ بِأَنْ عَلِمَ بَقَاءَهُ عِنْدَ سَلَامِهِ أَوْ فَاتَ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِفَوَاتِهِ فَيَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ عِنْدَ سَلَامِهِ لِوُجُودِ الْمَاءِ حَتَّى حَكَى الرُّويَانِيُّ عَنْ وَالِدِهِ أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ التَّسْلِيمَةَ الثَّانِيَةَ لِعَوْدِ حُكْمِ الْحَدَثِ بِالْأُولَى كَمَا لَوْ أَحْدَثَ بَعْدَهَا وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ سُجُودُ سَهْوٍ فَنَسِيَهُ وَسَلَّمَ لَا يَسْجُدُ وَإِنْ قَرُبَ الْفَصْلُ، ثُمَّ قَالَ: وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَا بَأْسَ بِتَسْلِيمِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ تَتِمَّةِ الصَّلَاةِ وَقَطَعَ فِي حِلْيَتِهِ بِمَا قَالَهُ وَالِدُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ نَظَرٌ.

وَيَنْبَغِي الْقَطْعُ بِأَنْ يُسَلِّمَ الثَّانِيَةَ أَمَّا إذَا عَلِمَ فَوَاتَهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ الْفَرَاغِ فَاقِدٌ لِلْمَاءِ وَهَذَا أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي الرَّافِعِيِّ وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ بُطْلَانُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ ضَعِيفٌ بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ وَكَانَ مُقْتَضَاهُ بُطْلَانَ الصَّلَاةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا لَكِنْ خَالَفْنَاهُ لِحُرْمَتِهَا (وَحَيْثُ لَيْسَ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ) بِوُجُودِ الْمَاءِ فِيهَا (كَانَ الْخُرُوجَ) مِنْهَا لِيُصَلِّيَهَا بِالطُّهْرِ بِالْمَاءِ (أَفْضَلُ) مِنْ إتْمَامِهَا وَإِنْ كَانَتْ فَرْضًا كَوُجُودِ الْمُكَفِّرِ الرَّقَبَةَ فِي أَثْنَاءِ الصَّوْمِ وَلِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَ إتْمَامَهَا وَهَذَا إذَا لَمْ يَضِقْ وَقْتُهَا وَإِلَّا حَرُمَ الْخُرُوجُ مِنْهَا اتِّفَاقًا كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْإِمَامِ وَقَالَ إنَّهُ مُتَعَيِّنٌ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا يُخَالِفُهُ لَكِنْ جَعَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا ضَعِيفًا وَكَلَامُ النَّظْمِ وَأَصْلُهُ يُوَافِقُهُ قَالَ الشَّاشِيُّ وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدُوا أَفْضَلِيَّةَ الْخُرُوجِ مِنْهَا بِقَلْبِهَا نَفْلًا وَالتَّسْلِيمِ مِنْ رَكْعَتَيْنِ كَمَا قَيَّدُوهَا بِهِ فِيمَا لَوْ قَدَرَ الْمُنْفَرِدُ فِي صَلَاتِهِ عَلَى جَمَاعَةٍ؛ لِأَنَّ تَأْثِيرَ رَزِيَّةِ الْمَاءِ فِي النَّفْلِ كَهُوَ فِي الْفَرْضِ.

(وَيَمْنَعُ) مَنْ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ بِوُجُودِ الْمَاءِ فِيهَا

ــ

[حاشية العبادي]

الْإِرْشَادِ وَشُرُوحِهِ مِنْ أَنَّ صُورَتَهَا مُسَافِرٌ قَاصِرٌ رَأَى فِيهَا مَاءً فِي مَحَلٍّ يَسْقُطُ فَرْضُهَا بِالتَّيَمُّمِ، ثُمَّ أَقَامَ أَيْ: نَوَى الْإِقَامَةَ فِيهِ فَإِنَّ تَيَمُّمَهُ يَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ إنْشَاءُ زِيَادَةٍ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَأَخَّرَتْ رُؤْيَةُ الْمَاءِ عَنْ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ فَلَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْمَحَلَّ يَغْلِبُ فِيهِ عَدَمُ الْمَاءِ فَلَا تَضُرُّ فِيهِ رُؤْيَةُ الْمَاءِ بَعْدَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ فِيهِ لِعَدَمِ إنْشَاءِ الزِّيَادَةِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ: مِثْلُ مُسَافِرٍ إلَخْ تَنْظِيرٌ لَا تَمْثِيلٌ لِمَا يَجِبُ قَضَاءُ فَرْضِهِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ وَمُوَافَقَةً لِلْإِرْشَادِ وَشُرُوحِهِ هُنَا وَلَكِنْ جَمِيعُ مَا قُلْتُهُ مُفَرَّعٌ عَلَى لُزُومِ الْقَضَاءِ فِي مَسْأَلَةِ الْوُصُولِ إلَى الْوَطَنِ وَلِشَيْخِنَا أَنْ يَمْنَعَ ذَلِكَ نَظَرًا إلَى عَقْدِهَا فِي السَّفَرِ كَمَا لَوْ وَصَلَ إلَى وَطَنِهِ وَهُوَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ جَامِعًا جَمْعَ تَقْدِيمٍ فَإِنَّهُ يُتِمُّهَا صَوْنًا عَنْ إبْطَالِهَا فَهَذَا نَظِيرُ شَاهِدٍ لِشَيْخِنَا فَلْيُتَأَمَّلْ.

فَإِنْ قُلْت: السَّفِينَةُ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ فَهَذَا يَقْتَضِي الْقَضَاءَ قُلْت: قَدْ يَكُونُ تَعَذُّرُ الْوُصُولِ إلَيْهِ لِحَيْلُولَةِ السَّبُعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ أَيْ: أَوْ خَوْفِ السُّقُوطِ لَوْ اسْتَقَى أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَقَدْ صَرَّحُوا فِيهَا بِعَدَمِ الْقَضَاءِ وَذَلِكَ شَامِلٌ لِلسَّفَرِ وَالْحَضَرِ فِيهَا يَظْهَرُ بُرُلُّسِيٌّ لَكِنَّ قَوْلَهُ يُوجِبُ قَضَاءَ فَرْضِهَا وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّهُ رَأَى الْمَاءَ فِي صَلَاةٍ يَجِبُ قَضَاءُ فَرْضِهَا.

(قَوْلُهُ: أَيْ حَالَةَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ) لَوْ قَالَ قَبْلَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ لَطَابَقَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا تَضُرُّ الرُّؤْيَةُ حَالَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ بِرّ.

مِنْ لَمْ تُبْطِل صَلَاته بِوُجُودِ الْمَاء فِيهَا. (قَوْلُهُ وَإِلَّا حَرُمَ الْخُرُوجُ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ لَكِنْ جَعَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) قِيلَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَبِتَأَمُّلِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُضَعِّفْهُ إلَّا مِنْ حَيْثُ إنَّ مُقْتَضَاهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَقَدْ قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ: وَإِنْ رَأَى الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاةِ الْحَضَرِ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ وَصَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ بِوُجُودِ الْمَاءِ وَقَدْ وُجِدَ فَوَجَبَ أَنْ يَشْتَغِلَ بِالْإِعَادَةِ وَهَذَا الْكَلَامُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْبُطْلَانَ لِذَاتِ الْإِقَامَةِ لَا لِلْإِتْمَامِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ أَقَامَ) التَّعْبِيرُ بِالْإِقَامَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَكَذَا السَّفَرُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ وُجُوبَ الْإِعَادَةِ عَلَى الْمُقِيمِ لَيْسَ لِعِلَّةِ الْإِقَامَةِ بَلْ؛ لِأَنَّ فَقْدَ الْمَاءِ فِي مَوْضِعِ الْإِقَامَةِ نَادِرٌ وَكَذَا عَدَمُ الْإِعَادَةِ فِي السَّفَرِ لَيْسَ لِكَوْنِهِ مُسَافِرًا بَلْ؛ لِأَنَّ فَقْدَ الْمَاءِ فِي السَّفَرِ يَعُمُّ حَتَّى لَوْ أَقَامَ فِي مَفَازَةٍ أَوْ مَوْضِعٍ يَعْدَمُ فِيهِ الْمَاءَ غَالِبًا وَطَالَتْ إقَامَتُهُ وَصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ فَلَا إعَادَةَ وَلَوْ دَخَلَ الْمُسَافِرُ فِي طَرِيقِهِ قَرْيَةً وَعَدِمَ الْمَاءَ تَيَمَّمَ وَأَعَادَ وَإِنْ كَانَ حُكْمُ السَّفَرِ بَاقِيًا عَلَيْهِ لِنُدُورِ الْعَدَمِ. اهـ. هَذَا هُوَ الضَّابِطُ الْأَصْلِيُّ وَأَشَارَ إلَيْهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ وَآخَرُونَ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ هُنَا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَوْ سَلَّمَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْحَاوِي أَوْ إذَا سَلَّمَ غَيْرَ عَالِمٍ إلَخْ قَالَ شَارِحُهُ: إنَّمَا قَالَ أَوْ إذَا سَلَّمَ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى إنْ وَجَبَ قَضَاءُ فَرْضِهَا وَلِبَيَانِ زَمَانِ الْبُطْلَانِ وَيُمْكِنُ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ هَكَذَا وَإِنْ لَمْ يَجِبْ قَضَاءُ فَرْضِهَا تَبْطُلُ زَمَانَ تَسْلِيمِهِ غَيْرَ عَالِمٍ بِفَوَاتِهِ. اهـ.

فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِثَالًا لِمَا يَجِبُ قَضَاءُ فَرْضِهِ بَلْ بَيَانٌ لِحَالِ بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ بِدُونِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ كَانَ الْخُرُوجُ الْأَفْضَلَ) أَيْ: مَا لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَى فَضِيلَةٍ لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَيْهَا الثَّانِيَةُ وَإِلَّا كَانَ الْبَقَاءُ فِيهَا أَفْضَلَ م ر. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَضِقْ وَقْتُهَا) أَيْ: عَمَّا يَسَعُهَا كَامِلَةً حَجَرٌ وَنَقَلَ سم عَنْ م ر أَنَّهُ مَالَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ ضِيقُ الْوَقْتِ عَنْ وُقُوعِهَا أَدَاءً وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِعِبَارَةِ النَّاشِرِيِّ قَالَ ع ش: وَهُوَ ظَاهِرُ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لَكِنْ هَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ بِالتَّجْوِيزِ مِنْ اشْتِرَاطِ إدْرَاكِهَا بِتَمَامِهَا وَلَعَلَّ الْفَرْقَ وُجُودُ الْمَاءِ هُنَا وَجَوَازُهُ هُنَاكَ فَتَدَبَّرْ وَرَأَيْت بِخَطِّ سِبْطِ الطَّبَلَاوِيِّ أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ إفْتَاءِ م ر خِلَافَ مَا نَقَلَهُ سم. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدُوا إلَخْ) يُفِيدُ جَوَازَ قَلْبِهَا نَفْلًا وَهُوَ كَذَلِكَ وَمَا قَالَهُ حَجَرٌ مِنْ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ؛ لِأَنَّهُ كَافْتِتَاحِ صَلَاةٍ أُخْرَى بَعْدَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ مَدْفُوعٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِزِيَادَةٍ عَلَى قَدْرِ مَا نَوَاهُ وَإِنَّمَا غَيَّرَ صِفَتَهُ بِالنِّيَّةِ. اهـ. سم عَنْ م ر. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ تَأْثِيرَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ إلَخْ) فَإِنَّهُ لَوْ كَانَتْ صَلَاتُهُ هَذِهِ نَفْلًا سُنَّ قَطْعُهَا أَيْضًا. اهـ.

(قَوْلُهُ: مَنْ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>