اعْتِبَارِ التَّعْيِينِ فِي النِّيَّةِ كَمَا مَرَّ (وَ) لَوْ تَيَمَّمَ لِغَيْرِهِ (قَبْلَ وَقْتِهْ) كَأَنْ تَيَمَّمَ ضَحْوَةً لِفَائِتَةٍ فَلَمْ يُصَلِّهَا حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الظُّهْرِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا بِهِ لِمَا مَرَّ وَلِأَنَّهُ صَحَّ لِمَا قَصَدَهُ وَهُوَ فَرْضٌ فَجَازَ الْعُدُولُ إلَى غَيْرِهِ كَمَا فِي إحْدَى الْفَائِتَتَيْنِ (وَ) لَوْ تَيَمَّمَ (لِفَرْضَيْنِ) كَفَائِتَتَيْنِ أَوْ مَنْذُورَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِوَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ مَنْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ فَرْضَيْنِ فَقَدْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ فَرْضٍ (وَمَا يَشَاءُ نَفْلًا) عَطْفٌ عَلَى الْفَرْضَ أَيْ يَجْمَعُ فَرْضًا وَمَا يَشَاءُ مِنْ النَّوَافِلِ وَمِنْهَا الصَّلَاةُ الْمُعَادَةُ وَلَوْ نَذَرَ إتْمَامَ كُلِّ صَلَاةٍ دَخَلَ فِيهَا فَلَهُ جَمْعُهَا مَعَ فَرْضٍ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَهَا نَفْلٌ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي كَلَامِ النَّظْمِ؛ لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ نَفْلٌ وَالْفَرْضُ إنَّمَا هُوَ إتْمَامُهَا كَمَا فِي حَجِّ النَّفْلِ.
(وَصَلَاةَ فَاقِدِ رُوحٍ) أَيْ وَيَجْمَعُ فَرْضًا وَصَلَاةَ مَيِّتٍ (وَإِنْ تَعَيَّنَتْ) عَلَيْهِ؛ بِأَنْ لَمْ يَحْضُرْ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهَا كَالنَّفْلِ فِي جَوَازِ التَّرْكِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ الْقِيَامُ فِيهَا مَعَ الْقُدْرَةِ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ قِوَامُهَا لِعَدَمِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِيهَا فَتَرْكُهُ يَمْحَقُ صُورَتَهَا وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ تَعَيَّنَتْ مِنْ زِيَادَتِهِ (بِوَاحِدِ) أَيْ يَجْمَعُ مَا ذُكِرَ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ كَمَا تَقَرَّرَ وَيَجُوزُ تَكَرُّرُ تَمْكِينِ الْحَائِضِ مِنْ الْوَطْءِ وَجَمْعُهُ مَعَ فَرْضٍ آخَرَ بِتَيَمُّمٍ وَآخَرَ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَهَذَا لَا يَرِدُ عَلَى النَّظْمِ وَأَصْلِهِ لِتَقْيِيدِهِمَا الْفَرْضَ بِالصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ وَلَوْ صَلَّى بِتَيَمُّمٍ فَرِيضَةً عَلَى وَجْهٍ يَجِبُ إعَادَتُهَا كَمَرْبُوطٍ عَلَى خَشَبَةٍ ثُمَّ أَعَادَهَا بِهِ جَازَ عَلَى الْمَذْهَبِ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ (أَمَّا مَنْ الْإِحْدَاثُ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ (مِنْهُ مُسْتَمِرْ إذَا توضا) لِلنَّفْلِ أَوْ لِمُطْلَقِ الصَّلَاةِ (أَوْ تَيَمَّمْ مَنْ عُذِرْ لِلنَّفْلِ أَوْ لِمُطْلَقِ الصَّلَاةِ فَهْوَ بِغَيْرِ النَّفْلِ) أَيْ بِالْفَرْضِ (لَيْسَ يَأْتِي) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ وَالنَّفَلُ تَابِعٌ فَلَا يُجْعَلُ مَتْبُوعًا وَمُطْلَقُ الصَّلَاةِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّفْلِ كَمَا فِي التَّحْرِيمِ فَلَا يَأْتِي إلَّا بِهِ وَبِنَحْوِهِ كَمَسِّ مُصْحَفٍ وَسُجُودِ تِلَاوَةٍ وَشُكْرٍ وَقِرَاءَةِ جُنُبٍ أَوْ نَحْوِهِ وَمُكْثِهِ بِالْمَسْجِدِ وَحِلِّ وَطْءٍ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا؛ لِأَنَّ النَّفَلَ آكَدُ مِنْهَا لِافْتِقَارِهِ إلَى طُهْرٍ إجْمَاعًا وَهِيَ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَكَذَا صَلَاةُ مَيِّتٍ وَإِنْ تَعَيَّنَتْ وَلَوْ نَوَى مَسَّ مُصْحَفٍ أَوْ سُجُودَ تِلَاوَةٍ أَوْ شُكْرٍ أَوْ جُنُبٌ اعْتِكَافًا أَوْ قِرَاءَةً أَوْ مُنَقَّطَةُ دَمٍ حِلَّ وَطْءٍ فَلَهُ مَا نَوَى دُونَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ وَلَوْ نَوَى صَلَاةَ مَيِّتٍ فَكَنَفَلٍ ذَكَرَ ذَلِكَ النَّوَوِيُّ.
أَمَّا إذَا تَوَضَّأَ أَوْ تَيَمَّمَ مَنْ ذُكِرَ لِلْفَرْضِ أَوْ لَهُ وَلِلنَّفْلِ فَيَأْتِي بِهِمَا اسْتِتْبَاعًا لِلنَّفْلِ فِي الْأُولَى وَعَمَلًا بِمَا نَوَاهُ فِي الثَّانِيَةِ وَقَوْلُ الْحَاوِي وَإِنْ تَيَمَّمَ أَوْ تَوَضَّأَ دَائِمُ الْحَدَثِ قَدْ يُوهِمُ تَنَازُعَ الْفِعْلَيْنِ فِي الْفَاعِلِ فَأَزَالَ النَّاظِمُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ مَنْ عُذِرَ ثُمَّ قَدْ يَجُوزُ جَمْعُ فَرْضَيْنِ فَأَكْثَرَ صُورَةً بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ كَمَا بَيَّنَهُ فِي قَوْلِهِ (مَنْ يَنْسَ بَعْضَ خَمْسِهِ) الْمَكْتُوبَاتِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهُ (تَيَمَّمَا عَدَدَ مَنْسِيٍّ) فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ الْفَرْضُ وَمَا عَدَاهُ وَسِيلَةٌ لَهُ وَحِينَئِذٍ (فَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا تَخَالُفَ عُلِمَ أَنَّهُ الْمَنْسِيُّ) بِأَنَّ
ــ
[حاشية العبادي]
لَا يَفْعَلُ الْفَرْضَ الْعَيْنِيَّ بِالتَّيَمُّمِ لِهَذَا كَمَا اعْتَمَدَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ مِنْ أَنَّ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ لَهَا حُكْمُ الْفَرْضِ الْعَيْنِيِّ نَظَرًا؛ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ رَكْعَتَيْنِ عَلَى قَوْلٍ حَتَّى لَا يَجْمَعَهَا مَعَ فَرْضٍ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ فَحَتَّى لَوْ تَيَمَّمَ لَهَا جَازَ أَنْ يُؤَدِّيَ بِهَذَا التَّيَمُّمِ فَرْضًا. (قَوْلُهُ كَأَنْ تَيَمَّمَ صَحْوَةً لِفَائِتَةٍ إلَخْ) أَوْ لِطَوَافٍ عَيْنِيٍّ فَصَلَّى بِهِ الْفَرْضَ عَلَى الْأَوْجَهِ ح ج.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِوَاحِدَةٍ إلَخْ) شَامِلٌ لِمَا إذَا تَعَمَّدَ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ فَرْضَانِ وَلَمَّا إذَا لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ أَحَدِ الْفَرْضَيْنِ كَأَنْ تَيَمَّمَ وَقْتَ الظُّهْرِ لَهُ وَلِلْعَصْرِ.
(قَوْلُهُ: جَازَ عَلَى الْمَذْهَبِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَإِنَّمَا جَمَعَهُمَا بِالتَّيَمُّمِ لِلْأُولَى مَعَ وُقُوعِهَا نَفْلًا؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ وَقَعَتْ نَفْلًا فَالْإِتْيَانُ بِهَا فَرْضٌ فَإِنْ قُلْت فَكَيْفَ جَمَعَهُمَا مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَرْضٌ قُلْت: هَذَا كَالْمَنْسِيَّةِ مِنْ خَمْسٍ يَجُوزُ جَمْعُهَا بِتَيَمُّمٍ وَإِنْ كَانَتْ فُرُوضًا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ بِالذَّاتِ وَاحِدَةٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمُطْلَقُ الصَّلَاةِ إلَخْ) . (فَرْعٌ) لَوْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ مُفْتَقِرٍ إلَى طُهْرٍ وَأَطْلَقَ فَلَمْ يُلَاحِظْ صَلَاةً وَلَا غَيْرَهَا فَهَلْ يَسْتَبِيحُ النَّفَلَ كَمَا لَوْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ أَوْ لَا لِشُمُولِ الْمُفْتَقِرِ إلَى الطُّهْرِ نَحْوِ مَسِّ الْمُصْحَفِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ وَهُوَ نَحْوُ مَسِّ الْمُصْحَفِ كَمَا حَمَلَ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ عَلَى أَقَلِّ دَرَجَاتِ النَّفْلِ وَلَمْ يُشْكِلْ الْفَرْضُ فِيهِ نَظَرٌ
[حاشية الشربيني]
كَمَنْذُورِ الْقِرَاءَةِ وَالِاعْتِكَافِ فَلَهُ جَمْعُ فُرُوضٍ مِنْهُ بِتَيَمُّمٍ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ فِي الْجُمْلَةِ) ؛ لِأَنَّهَا عَلَى الْكِفَايَةِ وَفَارَقَتْهَا خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ مَعَ أَنَّهَا عَلَى الْكِفَايَةِ؛ لِأَنَّهَا قَائِمَةٌ مَقَامَ رَكْعَتَيْنِ. اهـ. (قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهٍ يَجِبُ إلَخْ) شَامِلٌ لِمَا إذَا صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ، ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ فَقِيَاسُ مَا هُنَا أَنَّهُ يُصَلِّي بِهِ تِلْكَ الصَّلَاةَ ثَانِيًا فِيهِ وَقَدْ نُقِلَ أَنَّ الشَّيْخَ الْقُوَيْسِنِيَّ أَفْتَى بِهِ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ، ثُمَّ رَأَيْت فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ مَا نَصُّهُ وَلَهُ جَمْعُ جُمُعَةٍ وَظُهْرٍ مُعَادَةٍ وُجُوبًا وَلَهُ جَمْعُ صَلَاةٍ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ مَعَهَا بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ. اهـ. - رَحِمَهُ اللَّهُ -، ثُمَّ رَأَيْته فِي ع ش أَيْضًا. (قَوْلُهُ: إذَا تَوَضَّأَ لِلنَّفْلِ أَوْ لِمُطْلَقِ الصَّلَاةِ) الْحَاصِلُ أَنَّ هُنَا ثَلَاثَةَ مَرَاتِبَ الْأُولَى فَرْضُ الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ وَلَوْ بِالنَّذْرِ فِيهِمَا الثَّانِيَةُ نَفْلُهُمَا وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ الثَّالِثَةُ مَا عَدَا ذَلِكَ كَقِرَاءَةٍ وَإِنْ تَعَيَّنَتْ وَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَشُكْرٍ وَاعْتِكَافٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ وَحَمْلِهِ وَمُكْثٍ بِمَسْجِدٍ وَتَمْكِينِ حَلِيلٍ وَإِنْ تَعَيَّنَ ذَلِكَ أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ بِنَذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَهُ فِي كُلِّ مَرْتَبَةٍ اسْتِبَاحَتُهَا وَمَا دُونَهَا وَلَوْ مُتَكَرِّرًا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ لَكِنْ فِي فَتَاوَى حَجَرٍ أَنَّ الْقِرَاءَةَ الْمُتَعَيِّنَةَ فِي مَرْتَبَةِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ. (قَوْلُهُ: بَعْضَ خَمْسِهِ) وَلَوْ نَسِيَ ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute