طَرِيقٍ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْقَضَاءِ رُخْصَةٌ فَلَا تُنَاطُ بِسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَصَى فِي سَفَرٍ لَمْ يَعْصِ بِهِ كَأَنْ زَنَى أَوْ سَرَقَ فِيهِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَخِّصَ غَيْرُ مَا بِهِ الْمَعْصِيَةُ وَشَمَلَ كَلَامُهُ الْمُتَيَمِّمَ لِفَقْدِ الْمَاءِ وَالْمُتَيَمِّمَ لِمَرَضٍ أَوْ عَطَشٍ أَوْ نَحْوِهِ وَالْحُكْمُ صَحِيحٌ بَلْ لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُ الْمَرِيضِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى التَّوْبَةِ وَوَاجِدٌ لِلْمَاءِ حِينَئِذٍ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ مَسْحِ الْخُفِّ.
(وَ) لْيَقْضِ (مَنْ لِبَرْدٍ رُخِّصَا) لَهُ فِي التَّيَمُّمِ وَلَوْ فِي سَفَرٍ؛ لِأَنَّ الْبَرْدَ وَإِنْ لَمْ يَنْدُرْ فَالْعَجْزُ عَمَّا يُسَخَّنُ بِهِ الْمَاءُ أَوْ يُتَدَفَّأُ بِهِ نَادِرٌ لَا يَدُومُ، وَأَمَّا «عَدَمُ أَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ بِالْقَضَاءِ» فِي خَبَرِهِ السَّابِقِ فَلَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ جَائِزٌ. وَلِجَوَازِ أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِهِ أَوْ أَنَّهُ كَانَ قَدْ قَضَى.
(وَ) لْيَقْضِ (ذُو تَيَمُّمٍ عَلَى نِسْيَانِ مَا) أَيْ بِسَبَبِ نِسْيَانِهِ أَوْ نِسْيَانِ (ثَمَنِ الْمَاءِ) أَوْ آلَةِ الِاسْتِقَاءِ فِي رَحْلِهِ حَيْثُ صَلَّى ثُمَّ تَبَيَّنَ الْحَالُ لِتَقْصِيرِهِ فِي الْبَحْثِ، وَلِأَنَّهُ تَيَمَّمَ وَاجِدًا لِلْمَاءِ، وَلِأَنَّ الْوُضُوءَ شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ فَلَا يَسْقُطُ بِالنِّسْيَانِ كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَأَمَّا خَبَرُ ابْنِ مَاجَهْ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» فَقَدْ خُصَّ مِنْهُ غَرَامَاتُ الْمُتْلَفَاتِ وَصَلَاةُ الْمُحْدِثِ نَاسِيًا وَغَيْرُ ذَلِكَ فَيُخَصُّ مِنْهُ نِسْيَانُ الْمَاءِ وَنَحْوِهِ فِي رَحْلِهِ قِيَاسًا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ثُمَّ قَالَ: فَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ الَّذِي نَعْتَقِدُهُ وَنَعْتَمِدُهُ وَأَمَّا قَوْلُ أَصْحَابِنَا الْمُرَادُ مِنْ الْخَبَرِ رَفْعُ الْإِثْمِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ غَرَامَاتِ الْمُتْلَفَاتِ نَاسِيًا وَالْقَتْلِ خَطَأً فَضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ تَخْصِيصَهُ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ فِي رَفْعِ الْإِثْمِ إذْ أَكْلُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْغَلَبَةِ وَغَيْرِهَا بِمَحَلِّ التَّيَمُّمِ دُونَ مَحَلِّ الصَّلَاةِ وَالْأَقْرَبُ الْعَكْسُ وَعَلَيْهِ فَالْأَقْرَبُ أَيْضًا أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْإِحْرَامِ دُونَ مَا عَدَاهُ.
ذُو تَيَمُّم عَصَى بِسَفَرِ كَعَبْدِ آبِق وَامْرَأَة نَاشِزَة وَمُسَافِر لَقِطْعَ طَرِيق. (قَوْلُهُ: وَوَاجِدٌ لِلْمَاءِ حِينَئِذٍ) أَيْ: حِينَ تَيَمُّمِهِ لَوْ فَعَلَهُ لَا حِينَ النَّوْبَةِ فَتَأَمَّلْهُ بِرّ.
ولِيَقْضِ مِنْ لِبُرْدِ رَخَّصَا لَهُ فِي التَّيَمُّم. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْقَضَاءَ عَلَى التَّرَاخِي إلَخْ.
(قَوْلُهُ: عَلَى نِسْيَانِ مَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ أَوْ نَسِيَ مَاءً أَوْ ثَمَنَهُ بِقُرْبٍ. اهـ. فَأَخْرَجَ مَا لَوْ نَسِيَهُمَا فِي حَدِّ الْبُعْدِ فَلَا قَضَاءَ وَشَمَلَ مَا لَوْ كَانَا فِي غَيْرِ رَحْلِهِ خِلَافُ تَقْيِيدِ الشَّارِحِ بِرَحْلِهِ وَعَلَى هَذَا فَيُمْكِنُ أَنْ لَا يَرْجِعَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي رَاحِلَتِهِ لِمَسْأَلَةِ النِّسْيَانِ أَيْضًا خِلَافًا لِقَوْلِ الشَّارِحِ فَقَوْلُهُ: فِي رَاحِلَتِهِ إلَخْ وَيَنْبَغِي جَرَيَانُ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْإِضْلَالِ أَيْضًا حَتَّى إذَا كَانَ رَحْلُهُ الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ أَوْ ثَمَنُهُ فِي حَدِّ الْبُعْدِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ وَلَا شَكَّ فِيهِ فِيمَا إذَا كَانَ الَّذِي فِي رَحْلِهِ الْمَاءُ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ السَّعْيِ إلَيْهِ وَحُصُولِهِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ وَجَدَ ذَلِكَ فِيهِ) كَذَا قَيَّدَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَقْضِي إذَا لَمْ يَجِدْهُ أَصْلًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَقَيَّدَهُ الرَّافِعِيُّ أَيْضًا بِمَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ وُجُودُهُ لَكِنْ الْتَبَسَ عَلَيْهِ وَضَاقَ الْوَقْتُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ بَلْ يَسْتَمِرُّ عَلَى الطَّلَبِ إلَى أَنْ يَجِدَهُ كَالِازْدِحَامِ عَلَى الْبِئْرِ اهـ وَقَوْلُهُ: كَالِازْدِحَامِ إلَخْ لَا يُوَافِقُ قَوْلَهُ إنَّهُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّرَ فِي الْبِئْرِ أَنَّهُ لَا يَنْتَظِرُ النَّوْبَةَ إذَا لَمْ يُحْتَمَلْ إلَّا خَارِجَ الْوَقْتِ كَمَا تَقَدَّمَ.
ــ
[حاشية الشربيني]
السَّفِينَةِ مِنْ الْوُقُوعِ فِي الْبَحْرِ. اهـ. وَيَظْهَرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ تَأَخُّرُ نَوْبَتِهِ فِي بِئْرٍ تَنَاوَبُوهُ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ زي إنَّمَا يَصِحُّ تَيَمُّمُ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ لِلْفَقْدِ الْحِسِّيِّ بِخِلَافِهِ لِلْفَقْدِ الشَّرْعِيِّ كَالْمَرَضِ فَإِنَّ التَّأَخُّرَ مِنْ الْمَانِعِ الْحِسِّيِّ وَفِي سم عَلَى التُّحْفَةِ عَنْ م ر مَا يُفِيدُ عَدَمَ الْقَضَاءِ فِي الْمَانِعِ الْحِسِّيِّ فَانْظُرْهُ اهـ. (قَوْلُهُ: بَلْ لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُ الْمَرِيضِ) فِيهِ أَنَّ سَبَبَ التَّيَمُّمِ الْمَرَضُ لَا السَّفَرُ الَّذِي عَصَى بِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ السَّفَرَ سَبَبٌ لِلْمَرَضِ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا زي أَيْ شَأْنُهُ الْمَرَضُ فَهُوَ سَبَبٌ لِلسَّبَبِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَأَمَّا عَدَمُ أَمْرِهِ إلَخْ) وَأَمَّا أَصْحَابُهُ الَّذِينَ اقْتَدُوا بِهِ فَيُحْتَمَلُ عَدَمُ مَعْرِفَتِهِمْ الْحُكْمَ أَوْ جَهْلُهُمْ بِحَالِهِ وَقْتَ الْقُدْوَةِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ تَبَيَّنَ لَهُمْ حَدَثُ الْإِمَامِ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الْقَضَاءِ وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِمْ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لِلْبَرْدِ لَا يَخْفَى بِخِلَافِ الْحَدَثِ ع ش وَقَوْلُهُ: أَوْ جَهْلُهُمْ إلَخْ يُنَاسِبُ مَا فِي الْمُهَذَّبِ مِنْ رِوَايَةِ «فَأَشْفَقْت إنْ اغْتَسَلْت أَنْ أَهْلَكَ فَتَيَمَّمْت وَصَلَّيْت بِأَصْحَابِي الصُّبْحَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» لَكِنْ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فَذَكَرُوا بِوَاوٍ فَلَعَلَّ الذَّاكِرَ غَيْرُ الْأَصْحَابِ.
(قَوْلُهُ: وَلْيَقْضِ ذُو تَيَمُّمٍ إلَخْ) ظَاهِرُ التَّعْبِيرِ بِالْقَضَاءِ أَنَّ الْأُولَى صَحِيحَةٌ لَكِنَّ الَّذِي فِي الْمُهَذَّبِ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ حَيْثُ قَالَ هُنَا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَكَذَا عَبَّرَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ بِالْإِعَادَةِ فَكَانَ الْأَوْلَى هُنَا التَّعْبِيرَ بِهَا. اهـ. وَلَا يَصِحُّ هُنَا الْقَضَاءُ الْأُصُولِيُّ؛ لِأَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَلَوْ فِي الْوَقْتِ اهـ.