وَالضَّبُعُ وَالْخُفَّاشُ وَزَادَ غَيْرُهُ الْحِجْرَ وَالنَّاقَةَ وَالْكَلْبَةَ وَالْوَزَغَةَ، وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَوْله تَعَالَى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: ٢٢٢] وَالْمَحِيضُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ دَمُ الْحَيْضِ وَقِيلَ فِي الثَّانِي زَمَانُهُ وَقِيلَ مَكَانُهُ وَهُوَ الْفَرْجُ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَيْضِ هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ.» .
(إذَا رَأَتْ) امْرَأَةٌ (مِنْ بَعْدِ) اسْتِكْمَالِ (تِسْعٍ) مِنْ السِّنِينَ الْقَمَرِيَّةِ (الدَّمَا) بِبَقِيَّةِ الشُّرُوطِ الْآتِيَةِ فَهُوَ حَيْضٌ كَمَا سَيَأْتِي (كَالدَّرِّ) بِالْمُهْمَلَةِ أَيْ كَاللَّبَنِ الْوَاصِلِ جَوْفَ الطِّفْلِ فِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي تَحْرِيمِهِ انْفِصَالُهُ مِنْ الْمَرْأَةِ بَعْدَ اسْتِكْمَالِهَا تِسْعَ سِنِينَ قَمَرِيَّةٍ لِاشْتِرَاطِ احْتِمَالِ الْوِلَادَةِ إذْ اللَّبَن فَرْعُهَا وَالرَّضَاعُ تِلْوَ النَّسَبِ كَذَا عَبَّرَ الرَّافِعِيُّ وَالْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِاحْتِمَالِ الْبُلُوغِ لِاقْتِضَاءِ الْوِلَادَةِ تَقَدُّمَ الْحَمْلِ وَلَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ اتِّفَاقًا وَيُشْتَرَطُ فِي دَمِ الْحَيْضِ أَنْ تَرَاهُ الْمَرْأَةُ (فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ) أَيْ فِي قَدْرِهِمَا وَهُوَ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ سَاعَةً (وَمَا) أَيْ وَلَمْ (يَعْبُرُ خَمْسَةً وَعَشْرَةً) مِنْ الْأَيَّامِ بِلَيَالِيِهَا أَيْ لَمْ يُجَاوِزْهَا (وَلَمْ يَسْبِقْهُ حَيْضٌ أَوْ نِفَاسٌ مَا اسْتَتَمْ نِصْفَ ثَلَاثِينَ) يَوْمًا (نَقَاءٌ فَصَلَهْ) بِأَنْ لَمْ يَسْبِقْهُ أَحَدُهُمَا أَوْ سَبَقَهُ أَحَدُهُمَا وَاسْتَتَمَّ النَّقَاءُ الْفَاصِلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّابِقِ مِنْهُمَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا (فَذَاكَ حَيْضٌ) جَوَابُ إذَا رَأَتْ وَدَلِيلُ مَا ذُكِرَ الْوُجُودُ؛ لِأَنَّ مَا وَرَدَ فِي الشَّرْعِ وَلَا ضَابِطَ لَهُ شَرْعِيٌّ وَلَا لُغَوِيٌّ يُتَّبَعُ فِيهِ الْوُجُودُ كَالْقَبْضِ وَالْحِرْزِ قَالَ الشَّافِعِيُّ أَعْجَلُ مَنْ سَمِعْت مِنْ النِّسَاءِ يَحِضْنَ نِسَاءُ تِهَامَةَ يَحِضْنَ لِتِسْعِ سِنِينَ وَهُوَ تَقْرِيبِيَّةٌ حَتَّى لَوْ رَأَتْ الدَّمَ قَبْلَ تَمَامِهَا بِزَمَنٍ لَا يَسَعُ أَقَلَّ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ كَانَ حَيْضًا أَيْضًا.
وَلَوْ رَأَتْهُ أَيَّامًا بَعْضُهَا قَبْلَ زَمَنِ الْإِمْكَانِ وَبَعْضُهَا فِيهِ فَالْقِيَاسُ جَعْلُ الْمُمْكِنِ حَيْضًا وَقَضِيَّةُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ أَنَّ سِنِي زَمَنِ الرَّضَاعِ تَقْرِيبِيَّةٌ فِي الْحَيْضِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَبَحَثَهُ الْبَارِزِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ أَنَّهَا تَحْدِيدِيَّةٌ فِيهِمَا وَعَلَيْهِ جَرَى بَعْضُ شُرَّاحِ الْحَاوِي -
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: أَيْ فِي قَدْرِهِمَا) فَسَّرَ بِذَلِكَ لِيُدْخِلَ الْمُلَفَّقَ كَبَعْضِ يَوْمَيْنِ بَيْنَهُمَا لَيْلَةٌ لِقَدْرٍ أَوْ بَعْضِ لَيْلَتَيْنِ بَيْنَهُمَا يَوْمٌ وَزَادَ كَغَيْرِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ مُتَّصِلًا فَقَالَ أَيْ: قَدْرَهُمَا مُتَّصِلًا وَوَجْهُهُ أَنَّهُ فِي بَيَانِ الْأَقَلِّ وَالْأَقَلُّ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا مَعَ الِاتِّصَالِ إذْ لَوْ تَخَلَّلَ نَقَاءٌ فَإِمَّا أَنْ يَبْلُغَ مَجْمُوعُ الدِّمَاءِ الْمُتَفَرِّقَةِ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ الْأَوَّل لَزِمَ الزِّيَادَةُ عَلَى الْأَقَلِّ إذْ النَّقَاءُ أَيْضًا حِينَئِذٍ حَيْضٌ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَلَا حَيْضَ حِينَئِذٍ فَتَأَمَّلْ سم.
(قَوْلُهُ مَا اسْتَتَمَّ) مَا نَافِيَةٌ وَالْجُمْلَةُ صِفَةُ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ. (قَوْلُهُ: نَقَاءٌ) فَاعِلُ اسْتَتَمَّ. (قَوْلُهُ: فَصَلَهُ) أَيْ فَصَلَ النَّقَاءُ الْحَيْضَ أَوْ النِّفَاسَ السَّابِقَ عَنْ الدَّمِ الْمَرْئِيِّ بَعْدَ التِّسْعِ وَهُوَ صِفَةُ نَقَاءٍ أَيْ: فَصَلَهُ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: فَذَاكَ حَيْضٌ) قَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ أَسْوَدَ كَانَ أَوْ أَحْمَرَ أَوْ أَشْقَرَ مُبْتَدَأَةً كَانَتْ أَوْ مُعْتَادَةً تَغَيَّرَتْ عَادَتُهَا أَمْ لَا إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا بَقِيَّةُ طُهْرٍ كَأَنْ رَأَتْ ثَلَاثَةً دَمًا ثُمَّ اثْنَيْ عَشَرَ نَقَاءً، ثُمَّ ثَلَاثَةً دَمًا، ثُمَّ انْقَطَعَ فَالثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ دَمُ فَسَادٍ لَا حَيْضٍ. اهـ. أَقُولُ: فَلَوْ زَادَ الْعَائِدُ بَعْدَ النَّقَاءِ عَلَى الثَّلَاثَةِ، ثُمَّ انْقَطَعَ أَوْ اسْتَمَرَّ مَا حُكْمُهُ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ نَقْلًا عَنْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهَا لَوْ رَأَتْ خَمْسَتَهَا الْمَعْهُودَةَ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ، ثُمَّ نَقَاءً أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، ثُمَّ عَادَ الدَّمُ وَاسْتَمَرَّ فَيَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ أَوَّلِ الدَّمِ الثَّانِي طُهْرٌ، ثُمَّ تَحِيضُ خَمْسَةَ أَيَّامٍ مِنْهُ وَيَسْتَقِرُّ دَوْرُهَا عِشْرِينَ.
اهـ. فَيُحْتَمَلُ عَلَى قِيَاسِهِ أَنْ يَقُولَ فِي الْمُبْتَدَأَةِ فِي مِثَالِ الشَّارِحِ الشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ السَّابِقِ يَحْصُلُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ تَكْمِلَةً لِلطُّهْرِ ثُمَّ تَحِيضُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيَسْتَقِرُّ دَوْرُهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَيُحْتَمَلُ جَعْلُ الْعَائِدِ جَمِيعِهِ دَمَ فَسَادٍ وَيُفَرِّقُ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَدَلِيلُ مَا ذُكِرَ الْوُجُودُ) أَيْ: وُجُودُهُ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ النَّظْمِ) إنَّمَا قَالَ: ظَاهِرُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ تِسْعٌ
ــ
[حاشية الشربيني]
لَمْ يَتَّصِلْ بِالْوِلَادَةِ فَابْتِدَاؤُهُ مِنْ رُؤْيَةِ الدَّمِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَمَوْضِعٍ مِنْ الْمُهَذَّبِ فَزَمَنُ النَّقَاءِ لَا نِفَاسَ فِيهِ لَكِنَّهُ مَحْسُوبٌ مِنْ السِّتِّينَ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ حَقَّقَ هَذَا. اهـ. سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ وَقَوْلُهُ: مِنْ رُؤْيَةِ الدَّمِ أَيْ: مَا لَمْ تَتَأَخَّرْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَإِلَّا كَانَ حَيْضًا. اهـ. (قَوْلُهُ وَزَادَ غَيْرُهُ الْحِجْرَ) أَيْ الْفَرَسَ. (قَوْلُهُ: « {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} [البقرة: ٢٢٢] كَانَتْ الْيَهُودُ إذَا حَاضَتْ الْمَرْأَةُ أَخْرَجُوهَا مِنْ الْبُيُوتِ وَلَا يُسَاكِنُونَهَا وَلَا يُؤَاكِلُونَهَا فَسَأَلَتْ الصَّحَابَةُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَزَلَتْ الْآيَةُ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إلَّا النِّكَاحَ» . (قَوْلُهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ) مِنْهُمْ السَّيِّدَةُ حَوَّاءُ؛ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعِهِ الْأَيْسَرِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: تِسْعٍ مِنْ السِّنِينَ) وَكَذَا احْتِمَالُ بُلُوغِهَا كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ فَإِنَّ إمْكَانَ بُلُوغِهِ بِالْإِنْزَالِ تَمَامُ التَّاسِعَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْفَرْقُ حَرَارَةُ طَبْعِ النِّسَاءِ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ وَاعْتَمَدَهُ زي. (قَوْلُهُ الْقَمَرِيَّةِ) مَنْسُوبَةٌ إلَى الْقَمَرِ لِاعْتِبَارِهَا بِهِ مِنْ حَيْثُ اجْتِمَاعُهُ مَعَ الشَّمْسِ لَا مِنْ حَيْثُ رُؤْيَتُهُ هِلَالًا وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَخُمُسُ يَوْمٍ وَسُدُسُهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَخَرَجَ بِهَا الشَّمْسِيَّةُ الْمَنْسُوبَةُ إلَى الشَّمْسِ لِاعْتِبَارِهَا بِهَا مِنْ حَيْثُ حُلُولُهَا فِي نُقْطَةِ رَأْسِ الْحَمَلِ وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا وَرُبْعُ يَوْمٍ عَلَى الْأَصَحِّ إلَّا جُزْءًا مِنْ ثَلَثِمِائَةِ جُزْءٍ مِنْ الْيَوْمِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَع ش عَنْ زي. (قَوْلُهُ: تَقْرِيبِيَّةٌ) وَعَلَى قَوْلِ التَّحْدِيدِ يُغْتَفَرُ أَقَلُّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. اهـ. زَنْكَلُونِيٌّ عَلَى التَّنْبِيهِ.
(قَوْلُهُ: