(رَأَتْ ذَاتُ ابْتِدَا) أَيْ مُبْتَدَأَةٌ دَمًا (أَحْمَرَ نِصْفَ الشَّهْرِ ثُمَّ) دَمًا (أَسْوَدَا تَمَامَهُ) أَيْ تَمَامَ الشَّهْرِ (بِالصَّوْمِ) وَغَيْرِهِ مِمَّا يَحْرُمُ بِالْحَيْضِ (لَيْسَتْ تَعْتَنِي شَهْرًا) أَيْ تَتْرُكُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّهَا فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ تَرْجُو الِانْقِطَاعَ وَفِي الثَّانِي تَبَيَّنَ أَنَّ مَا قَبْلَهُ اسْتِحَاضَةٌ فَيَلْزَمُهَا قَضَاءُ عِبَادَاتِ الْأَوَّلِ فَإِنْ زَادَ السَّوَادُ عَلَى تَمَامِ الشَّهْرِ فَفَاقِدَةٌ لِلتَّمْيِيزِ فَحَيْضُهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَلَا تُتَصَوَّرُ مُسْتَحَاضَةٌ تُؤْمَرُ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ أَحَدًا وَثَلَاثِينَ يَوْمًا إلَّا هَذِهِ وَخَصَّ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ الصَّوْمَ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا تُرِكَ مَعَ تَوَقُّفِهِ عَلَى انْقِطَاعِ دَمِ الْحَيْضِ دُونَ الْغُسْلِ فَغَيْرُهُ الْمُتَوَقِّفُ عَلَيْهِمَا مَعًا أَوْلَى.
(وَمَا) مُبْتَدَأٌ (صِفَاتُهُ) مُبْتَدَأٌ ثَانٍ (مِنْ ثَخَنِ وَالنَّتْنِ وَالسَّوَادِ ثُمَّ الْحُمْرَهْ ثُمَّ مِنْ الشُّقْرَةِ ثُمَّ الصُّفْرَهْ) بَيَانٌ لِصِفَاتِهِ (أَكْثَرُ) خَبَرُ صِفَاتُهُ وَالْجُمْلَةُ صِلَةُ مَا (ثُمَّ السَّابِقُ) عَطْفٌ عَلَى مَا وَصِلَتِهِ (الْأَقْوَى) خَبَرُ مَا وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ أَيْ وَالدَّمُ الَّذِي صِفَاتُهُ مِنْ ثِخَنٍ وَنَتْنٍ وَسَوَادٍ أَكْثَرُ مِنْ صِفَاتِ الدَّمِ الْآخَرِ هُوَ الْأَقْوَى ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ سَوَادٌ فَمَا صِفَاتُهُ مِنْ ثِخَنٍ وَنَتْنٍ وَحُمْرَةٍ أَكْثَرُ هُوَ الْأَقْوَى ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ حُمْرَةٌ فَمَا صِفَاتُهُ مِنْ ثِخَنٍ وَنَتْنٍ وَشُقْرَةٍ أَكْثَرُ هُوَ الْأَقْوَى ثُمَّ إنْ لَمْ تَكُنْ شُقْرَةٌ فَمَا صِفَاتُهُ مِنْ ثِخَنٍ وَنَتِنٍ وَصُفْرَةٍ أَكْثَرُ هُوَ الْأَقْوَى ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ صِفَاتُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ كَأَنْ كَانَ أَسْوَدَ بِلَا ثِخَنٍ وَنَتْنٍ وَالْآخَرُ أَحْمَرَ ثَخِينًا أَوْ مُنْتِنًا أَوْ كَانَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَلَا تُتَصَوَّرُ مُسْتَحَاضَةٌ إلَخْ) اعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَأُجِيبَ عَنْهُ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ السَّابِقُ الْأَقْوَى) أَيْ: فَيَكُونُ حَيْضًا وَيَكُونُ الَّذِي بَعْدَهُ مِنْ اللَّاحِقِ فَيَكُونُ حَيْضًا أَيْضًا إنْ كَانَ نِسْبِيًّا وَأَمْكَنَ الْجَمْعُ هَذَا مُرَادُهُمْ فِيمَا يَظْهَرُ بِرّ وَقَوْلُهُ: مِنْ اللَّاحِقِ خَبَرُ يَكُونُ. (قَوْلُهُ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ سَوَادٌ إلَخْ) رُبَّمَا يُوهِمُ هَذَا أَنَّ السَّوَادَ حَيْثُمَا وُجِدَ فَهُوَ مُقَدَّمٌ وَلَوْ كَانَ فِي غَيْرِهِ ثَخِنٌ وَنَتْنٌ وَلَيْسَ مُرَادًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي فَالسَّابِقُ الْأَقْوَى بِرّ. (قَوْلُهُ: وَالْآخَرُ أَحْمَرَ ثَخِينًا أَوْ مُنْتِنًا) لَوْ كَانَ بَدَلُ الْأَحْمَرِ أَصْفَرَ مَثَلًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَسْوَدَ هُوَ الْحَيْضُ نَظَرًا إلَى تَرَاخِي مَرْتَبَةِ الْأَصْفَرِ بِرّ. (قَوْلُهُ: أَوْ دُونَ تَمْيِيزٍ لِذَاتِ مَبْدَأٍ وَعَادَةٍ) هُمَا الْآتِيَانِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَإِلَّا إلَخْ وَلَكِنْ ذَكَرَهُمَا هُنَا مَعَ الْمُمَيِّزَةِ بِقِسْمَيْهَا لِيَحْكُمَ عَلَى الْجَمِيعِ بِمَا قَالَهُ لِاشْتِرَاكِهِ فِيهِ وَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلِمَنْ إلَخْ كَمَا صَنَعَ الْإِرْشَادُ كَانَ أَوْضَحَ بِرّ.
[حاشية الشربيني]
الشَّارِحِ عَنْ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ قَالَ: إنَّهُ إنَّمَا يُفْتَقَرُ إلَى الْقَيْدِ الثَّالِثِ إذَا اسْتَمَرَّ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا لَوْ رَأَتْ عَشْرَةً سَوَادًا، ثُمَّ عَشْرَةً حُمْرَةً أَوْ نَحْوَهُمَا وَانْقَطَعَ الدَّمُ فَإِنَّهَا تَعْمَلُ بِتَمْيِيزِهَا فَالْمُرَادُ بِالِاسْتِمْرَارِ فِي كَلَامِ الْمُتَوَلِّي أَنْ يَأْتِيَ بَعْدَ الضَّعِيفِ قَوِيٌّ مُمَاثِلٌ لِلْأَوَّلِ إذْ لَوْ اسْتَمَرَّ الضَّعِيفُ كَانَتْ مُمَيِّزَةً وَلَيْسَ الْمُرَادُ اسْتِمْرَارَ الْقَوِيِّ دَائِمًا قَطْعًا فَإِنَّ إمْكَانَ جَعْلِ الْقَوِيِّ حَيْضًا ثَابِتٌ وَإِنْ لَمْ يَسْتَمِرَّ الْقَوِيُّ وَحِينَئِذٍ فَمِثَالُ الْمَجْمُوعِ الَّذِي هُوَ السَّبْعَاتُ الْمَذْكُورَةُ مِمَّا نَقَصَ الضَّعِيفُ فِيهِ عَنْ أَقَلِّ الطُّهْرِ وَاسْتَمَرَّ الدَّمُ فَتَكُونُ فَاقِدَةً لِشَرْطِ التَّمْيِيزِ وَحَيْضُهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَمِثْلُهُ مِثَالُ ابْنِ حَجَرٍ السَّابِقُ وَهُوَ مَا لَوْ رَأَتْ سَبْعَةً أَسْوَدَ ثُمَّ سَبْعَةً أَحْمَرَ، ثُمَّ ثَلَاثَةً أَسْوَدَ وَمِثْلُهُ مَا قَالَهُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَهُوَ مَا لَوْ رَأَتْ عَشْرَةً أَسْوَدَ وَخَمْسَةً أَحْمَرَ وَخَمْسَةً أَسْوَدَ وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ اسْتِمْرَارُ الْقَوِيِّ وَأَنَّهُ فِي الْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ انْقَطَعَ الدَّمُ فَنَقُولُ: إنَّ فَقْدَ هَذَا الشَّرْطِ حِينَئِذٍ لَا يَضُرُّ فِي كَوْنِهَا مُمَيِّزَةً فَلْيَكُنْ حَيْضُهَا السَّوَادَ الْأَوَّلَ فَقَطْ وَقَدْ قَالَ بِهِ حَجَرٌ فِي مِثَالِهِ السَّابِقِ.
هَذَا حَاصِلُ مَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الذَّهَبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلْيُتَأَمَّلْ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الِانْقِطَاعِ أَنْ يَأْتِيَ بَعْدَ الضَّعِيفِ قَوِيٌّ مُمَاثِلٌ لِلْأَوَّلِ قَوْلُ الْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ لَوْ رَأَتْ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَسْوَدَ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ أَحْمَرَ ثُمَّ عَادَ السَّوَادُ فَتَدَبَّرْ وَمِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّهَا لَوْ رَأَتْ ثَلَاثَةً دَمًا، ثُمَّ ثَلَاثَةً نَقَاءً، ثُمَّ اثْنَيْ عَشَرَ دَمًا أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ دَمًا، ثُمَّ ثَلَاثَةً نَقَاءً، ثُمَّ ثَلَاثَةً دَمًا تَكُونُ مُتَحَيِّرَةً غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ حَيْضُهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ فَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ هَذَا انْقِطَاعٌ لِلدَّمِ كَانَ حَيْضُهَا السَّوَادَ الْأَوَّلَ وَعَلَيْهِ جَرَى ق ل عَلَى الْجَلَالِ. اهـ. وَرَأَيْت فِي بَعْضِ حَوَاشِي الشَّارِحِ أَنَّ صَاحِبَ الْعُبَابِ جَرَى فِي مِثَالِ الْمَجْمُوعِ عَلَى أَنَّ الْحَيْضَ السَّوَادُ فَقَطْ وَأَنَّهُ أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِيهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ تَمَامُ الشَّهْرِ بِالصَّوْمِ) تَرَكَ غَيْرَهُ لِعِلْمِهِ بِالْأَوْلَى لِتَوَقُّفِهِ عَلَى الطُّهْرِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ. (قَوْلُهُ: فَحَيْضُهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ) أَيْ: مِنْ أَوَّلِ الْمَاضِي وَابْتِدَاءُ دَوْرِهَا الثَّانِي مِنْ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ م ر وَع ش. (قَوْلُهُ: وَلَا تُتَصَوَّرُ مُسْتَحَاضَةٌ إلَخْ) أَيْ مُبْتَدَأَةٌ، أَمَّا الْمُعْتَادَةُ فَيُتَصَوَّرُ أَنْ تَتْرُكَ مَا ذُكِرَ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ بِأَنْ يَكُونَ عَادَتُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ فَرَأَتْ مِنْ أَوَّلِ شَهْرٍ خَمْسَةَ عَشَرَ حُمْرَةً، ثُمَّ أَطْبَقَ السَّوَادُ وَاسْتَمَرَّ فَتُؤْمَرُ بِتَرْكِ مَا يَحْرُمُ بِالْحَيْضِ فِي الْخَمْسَةَ عَشَرَ الْأُولَى لِلْعَادَةِ وَفِي الْخَمْسَةَ عَشَرَ الثَّانِيَةِ لِقُوَّتِهَا وَفِي الْخَمْسَةَ عَشَرَ الثَّالِثَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَمَرَّ السَّوَادُ تَبَيَّنَ أَنَّ مَرَدَّهَا الْعَادَةُ. اهـ. م ر وَغَيْرُهُ.
(قَوْلُهُ: وَمَا صِفَاتُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْحَاوِي وَمَا صِفَاتُهُ مِنْ ثِخَنٍ وَنَتْنِ وَسَوَادٍ، ثُمَّ حُمْرَةٍ، ثُمَّ شُقْرَةٍ، ثُمَّ صُفْرَةٍ أَكْثَرُ، ثُمَّ مَا سَبَقَ أَقْوَى قَالَ شَارِحُهُ: إنَّ ثُمَّ الْأَخِيرَةَ عَاطِفَةٌ عَلَى أَكْثَرَ يَعْنِي إنْ لَمْ يَكُنْ صِفَاتُهُ أَكْثَرَ فَالدَّمُ الَّذِي سَبَقَ مِنْ الْمُتَسَاوِيَيْنِ أَقْوَى وَإِنَّمَا ذَكَرَ حُمْرَةً إلَى صُفْرَةٍ بِثُمَّ لِيُعْلَمَ أَنَّ الْحُمْرَةَ لَا تَقْوَى إلَّا مَعَ عَدَمِ السَّوَادِ وَكَذَا الشُّقْرَةُ إلَّا مَعَ عَدَمِ الْحُمْرَةِ وَعَلَى هَذَا لَمْ يَذْكُرْ الْكُدْرَةَ؛ لِأَنَّهَا تُعْتَبَرُ مَعَ عَدَمِ الْأَرْبَعَةِ وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْهَا صِفَةٌ أُخْرَى. اهـ. وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ السَّوَادَ مَتَى وُجِدَ كَانَ مُقَدَّمًا فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَالْحُمْرَةُ كَذَلِكَ وَهَكَذَا وَلَوْ كَانَ فِي غَيْرِ الْمُقَدَّمِ صِفَةٌ زَائِدَةٌ أَوْ صِفَتَانِ لَكِنْ يَرُدُّهُ قَوْلُهُ: فَالسَّابِقُ الْأَقْوَى وَلَوْ رَأَتْ سَوَادًا بَعْضَهُ مَعَ نَتْنٍ وَبَعْضَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute