سِتَّةَ عَشَرَ وَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهُ يُجْزِئُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ حَمَلُوهُ عَلَى مَنْ تَحْفَظُ الِانْقِطَاعَ لَيْلًا (وَ) صَامَتْ أَيْضًا (ثَلَاثِينَ) يَوْمًا فَيُجْزِئُهَا مِنْهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَيْضًا (بَقَا) عَلَيْهَا بِفَتْحِ الْقَافِ بِلُغَةِ طَيٍّ (لِأَسْوَإِ الْأَحْوَالِ ضِعْفَ يَوْمِ) أَيْ يَوْمَانِ سَوَاءٌ كَانَ الشَّهْرُ تَامًّا أَمْ نَاقِصًا وَعَبَّرَ بِثَلَاثِينَ دُونَ شَهْرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ لَهَا صَوْمُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ إلَّا بِصَوْمِ ثَلَاثِينَ وَالتَّعْلِيلُ بِأَسْوَأِ الْأَحْوَالِ مِنْ زِيَادَتِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ لِقَضَاءِ الصَّوْمِ غَيْرِ الْمُتَتَابِعِ طَرِيقَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَمَرَّةً تَأْتِي بِفَوْتِ الصَّوْمِ) أَيْ فَائِتِهِ (مَعْ) صَوْمِ يَوْمٍ (وَاحِدٍ تَزِيدُهُ) عَلَى الْفَائِتِ وَتَأْتِي بِالْجَمِيعِ (فِي عَشَرَهْ مَعْ خَمْسَةٍ مُفَرَّقًا) بِأَيِّ وَجْهٍ شَاءَتْ (وَمَرَّهْ) أُخْرَى تَأْتِي بِالْفَائِتِ بِلَا زِيَادَةٍ بِحَيْثُ يَقَعُ كُلُّ يَوْمٍ مِنْهَا (سَابِعَ عَشْرَ كُلِّ صَوْمٍ) مِمَّا يُنَاظِرُهُ مِنْ الْمَرَّةِ الْأُولَى (وَ) لَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ بَلْ (إلَى خَامِسَ عَشْرَ الثَّانِ عَنْهُ) بِمَعْنَى مِنْهُ وَلَوْ عَبَّرَ بِهَا كَانَ أَوْلَى أَيْ مِنْ كُلِّ صَوْمٍ مِمَّا يُنَاظِرُهُ مِنْ الْأُولَى (فُعِلَا) أَيْ الصَّوْمَ فَتَصُومُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ يَوْمًا مِنْ سَابِعَ عَشَرَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ إلَى خَامِسَ عَشَرَ الْيَوْمِ الثَّانِي وَيَوْمًا مِنْ سَابِعَ عَشَرَ الثَّانِي إلَى خَامِسَ عَشَرَ الثَّالِثِ؛ لِأَنَّهُ ثَانِي الثَّانِي وَيَوْمًا مِنْ سَابِعَ عَشَرَ الثَّالِثِ إلَى خَامِسَ عَشَرَ الرَّابِعِ وَهَكَذَا إلَى اسْتِيفَاءِ قَدْرِ الْفَائِتِ.
(قُلْتُ: وذان) أَيْ سَابِعَ عَشَرَ كُلٍّ وَخَامِسَ عَشَرَ ثَانِيهِ (وَاحِدٌ فِي الصَّوْمِ إنْ فَرَّقَتْ صِيَامَهَا) فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى (بِيَوْمِ) أَيْ بِفِطْرِ يَوْمٍ، فَإِنْ فَرَّقَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ تَغَايَرَا وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ (وَاجْعَلْ إلَى السَّبْعَةِ هَذَا الصَّوْمَا) بِهَذَا الطَّرِيقِ فَلَا يَأْتِي فِي قَضَاءِ الزَّائِدِ عَلَيْهَا إذْ لَا يُمْكِنُ الْإِتْيَانُ بِهِ مَعَ زِيَادَةِ وَاحِدٍ مُفَرَّقَا فِي خَمْسَةَ عَشَرَ مِثَالُ مَا إذَا
ــ
[حاشية العبادي]
الْفَرْضُ أَنَّهَا صَلَّتْ مَتَى اُتُّفِقَ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ فِيهِ وُقُوعُ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فَعَلَى تَقْدِيرِ الطُّرُوِّ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ وَالنَّقَاءِ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ لَا تَجِبُ تِلْكَ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُدْرِكْ مِنْ وَقْتِهَا مَا يَسَعُهَا.
(قَوْلُهُ: لِأَسْوَأِ الْأَحْوَالِ ضَعْفُ يَوْمٍ) اسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ مُعَامَلَتَهَا بِهَذَا مَعَ نُدُورِ الْحَيْضِ الْكَامِلِ وَمَعَ رَدِّ الْمُعْتَادَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ إلَى الْعَادَةِ مَعَ احْتِمَالِ تَغَيُّرِهَا بِرّ. (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَقَعُ كُلُّ يَوْمٍ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ الْمُدَّةِ الْأُخْرَى. (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ بَلْ إلَى خَامِسَ عَشَرَ إلَخْ) مِثَالُهُ أَنْ تَصُومَ لِقَضَاءِ يَوْمَيْنِ أَوَّلَ الشَّهْرِ وَعَاشِرَهُ وَخَامِسَ عَشَرَهَ فَلَهَا فِي الصَّوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ أَنْ تَصُومَ سَابِعَ عَشَرَ الشَّهْرِ أَوْ الرَّابِعَ وَالْعِشْرِينَ أَوْ يَوْمًا بَيْنَهُمَا وَفِي الصَّوْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ لَهَا أَنْ تَصُومَ سَادِسَ الْعِشْرِينَ أَوْ تَاسِعَ الْعِشْرِينَ أَوْ يَوْمًا بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ رَابِعَ الْعِشْرِينَ هُوَ خَامِسَ عَشَرَ ثَانِي الْأَوَّلِ وَتَاسِعَ الْعِشْرِينَ خَامِسَ عَشَرَ ثَانِي الثَّانِي بِرّ وَقَوْلُهُ: أَوْ الرَّابِعَ وَالْعِشْرِينَ؛ لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَاشِرِ خَامِسَ عَشَرَ وَقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ رَابِعَ الْعِشْرِينَ إلَخْ؛ لِأَنَّ سَابِعَ عَشَرَ الْيَوْمِ الْعَاشِرِ هُوَ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ وَتَاسِعَ الْعِشْرِينَ هُوَ خَامِسَ عَشَرَ الْيَوْمِ الْخَامِسَ عَشَرَ بِرّ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ ثَانِيَ الثَّانِي) أَيْ: فَيَصْدُقُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الثَّانِي عَنْهُ أَيْ: مِنْهُ. (قَوْلُهُ: إلَى خَامِسَ عَشَرَ الثَّانِي) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فُعِلَا
[حاشية الشربيني]
تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: فِي عَشْرَةٍ إلَخْ) فَلَوْ لَمْ تُزِدْهُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى بَلْ فِي الثَّانِيَةِ لَمْ تَبْرَأْ بِيَقِينٍ وَكَذَا لَوْ لَمْ تُزِدْهُ أَصْلًا. (قَوْلُهُ: مِمَّا يُنَاظِرُهُ) عِبَارَةُ الْعِرَاقِيِّ بِحَيْثُ يَقَعُ كُلَّ يَوْمٍ فِي الثَّانِيَةِ سَابِعَ عَشَرَ مَا يُنَاظِرُهُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَلَا أَعْرِفُ وَجْهًا لِزِيَادَةِ مِنْ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَلَا يَتَعَيَّنُ إلَخْ) كَمَا إذَا صَامَتْ يَوْمًا وَعَاشِرَهُ وَخَامِسَ عَشَرَهَ وَلَا يُمْكِنُ التَّفْرِيقُ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَتَصُومُ يَوْمًا مِنْ سَابِعَ عَشَرَ الْأَوَّلِ إلَى يَوْمِ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ يَعْنِي تَصُومُ يَوْمًا مِنْ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ قَدْرَ مَا وَقَعَ بَيْنَ الصَّوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَتَصُومُ يَوْمًا مِنْ سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ إلَى تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ يَعْنِي تَصُومُ يَوْمًا مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ قَدْرَ مَا وَقَعَ بَيْنَ الصَّوْمَيْنِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَإِنْ أَخَلَّتْ بِهَذَا الضَّابِطِ لَا تَخْرُجُ مِنْ الْعُهْدَةِ. اهـ. شَرْحُ الْحَاوِي وَفِي الرَّوْضَةِ وَم ر يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَتْرُوكُ صَوْمُهُ بَعْدَ الْخَامِسَ عَشَرَ مِثْلَ الْمَتْرُوكِ صَوْمُهُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ. اهـ.
وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي مِثَالِ شَرْحِ الْحَاوِي؛ لِأَنَّ السَّادِسَ عَشَرَ مَتْرُوكٌ صَوْمُهُ مَعَ السَّبْعَةِ الْبَاقِيَةِ مِنْ الثَّمَانِيَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ تَجْرِي فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ وَمَا بَعْدَهُ إلَى السَّبْعَةِ كَمَا فِي الْمُصَنِّفِ وَاشْتِرَاطُ أَنْ يَكُونَ الْفَائِتُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ سَابِعَ عَشَرَ كُلِّ صَوْمٍ إلَى خَامِسَ عَشَرَ الثَّانِي أَصْلُهُ اشْتِرَاطُ أَنْ يَكُونَ الْمُخَلَّفُ أَيْ: الْمَتْرُوكُ صَوْمُهُ بَعْدَ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي قَضَاءِ الْوَاحِدِ مِثْلَ الْمَتْرُوكِ صَوْمُهُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ خَامِسَ عَشَرَ الثَّانِي إنَّمَا تَأَخَّرَ عَنْ سَابِعَ عَشَرَ الْأَوَّلِ فِي صُورَةِ الْمُمَاثَلَةِ بِمِقْدَارِ مَا تُرِكَ بَيْنَ الصَّوْمَيْنِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إذَا أَرَادَتْ قَضَاءَ صَوْمِ يَوْمٍ فَأَقَلَّ مِمَّا يَحْصُلُ بِصِيَامِ ثَلَاثَةٍ فَتَصُومُ يَوْمًا وَتُفْطِرُ يَوْمًا وَتَصُومُ الثَّالِثَ، ثُمَّ السَّابِعَ عَشَرَ وَلَا يَتَعَيَّنُ الثَّالِثُ لِلصَّوْمِ الثَّانِي وَلَا السَّابِعَ عَشَرَ لِلثَّالِثِ بَلْ لَهَا أَنْ تَصُومَ بَدَلَ الثَّالِثِ يَوْمًا بَعْدَهُ إلَى آخِرِ الْخَامِسَ عَشَرَ وَبَدَلَ السَّابِعَ عَشَرَ يَوْمًا بَعْدَهُ إلَى آخِرِ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَلَكِنَّ الشَّرْطَ أَنْ يَكُونَ الْمُخَلَّفُ أَيْ: الْمَتْرُوكُ صَوْمُهُ مِنْ أَوَّلِ السَّادِسَ عَشَرَ مِثْلَ مَا بَيْنَ صَوْمِهَا الْأَوَّلِ وَالثَّانِي أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ فَلَوْ صَامَتْ الْأَوَّلَ وَالثَّالِثَ وَالثَّامِنَ عَشَرَ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْمَتْرُوكَ مِنْ أَوَّلِ السَّادِسَ عَشَرَ يَوْمَانِ وَالْمَتْرُوكَ بَيْنَ الصَّوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ يَوْمٌ فَامْتَنَعَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْحَيْضُ فِي أَثْنَاءِ الثَّالِثِ وَيَعُودَ فِي أَثْنَاءِ الثَّامِنَ عَشَرَ وَلَوْ صَامَتْ الْأَوَّلَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ فَقَدْ تَخَلَّلَ بَيْنَ الصَّوْمَيْنِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَلَهَا أَنْ تَصُومَ التَّاسِعَ وَالْعِشْرِينَ وَلَهَا أَنْ تَصُومَ يَوْمًا قَبْلَهُ غَيْرَ السَّادِسَ عَشَرَ. اهـ. مَعَ إيضَاحٍ مِنْ م ر.
أَمَّا الصَّوْمُ الْأَوَّلُ فَهُوَ فِي أَوَّلِ الثَّلَاثِينَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَمِثْلُهُ الصَّلَاةُ الْأُولَى فِيمَا سَيَأْتِي فَلَا تَغْفُلْ اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِلَى خَامِسَ عَشَرَ) هَذِهِ الْوَاوُ زَائِدَةٌ عَلَى الْحَاوِي أَفَادَ بِهَا عَدَمَ التَّعَيُّن كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَإِلَّا فَالْأَصْلُ يُوهِمُ أَنَّهُ تَمَامُ مَا يُؤْتَى بِهِ وَإِنْ دُفِعَ بِالتَّأَمُّلِ. (قَوْلُهُ: فِي قَضَاءِ الزَّائِدِ عَلَيْهَا) ، أَمَّا هِيَ فَتُجْعَلُ ثَمَانِيَةً وَتَأْتِي بِهَا مُتَفَرِّقَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute