يَوْمًا قَبْلَ انْتِهَاءِ طُولِ النَّهَارِ، وَمِثْلُهَا بَعْدَهُ أَوْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَطْوَلُ أَيَّامِ السَّنَةِ، نَقَلَهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَبِالثَّانِي جَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَالْيَوْمُ الَّذِي يَنْتَهِي فِيهِ الطُّولُ هُوَ سَابِعَ عَشَرَ حُزَيْرَانَ، وَبَدَأَ النَّاظِمُ كَغَيْرِهِ بِالظُّهْرِ تَأَسِّيًا بِإِمَامَةِ جِبْرِيلَ فَقَالَ (بَيْنَ الزَّوَالِ وَمَزِيدِ الظِّلِّ كَالشَّيْءِ) أَيْ وَزِيَادَةُ ظِلِّ الشَّيْءِ عَلَى ظِلِّهِ حَالَةَ الِاسْتِوَاءِ مِثْلُهُ (وَقْتَ الظُّهْرِ لِلْمُصَلِّي) لِخَبَرِ جِبْرِيلَ السَّابِقِ، وَهَذَا يَقْتَضِي جَوَازَ فِعْلِ الظُّهْرِ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ وَلَا يُنْتَظَرُ بِهَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا مَصِيرُ الْفَيْءِ مِثْلَ الشِّرَاكِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَئِمَّتُنَا وَدَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ، وَأَمَّا خَبَرُ جِبْرِيلَ السَّابِقُ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ كَانَ الْفَيْءُ حِينَئِذٍ مِثْلَ الشِّرَاكِ لَا أَنَّهُ أُخِّرَ إلَى أَنْ صَارَ مِثْلَ الشِّرَاكِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ وَلِلظُّهْرِ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ وَقْتُ فَضِيلَةٍ أَوَّلُهُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ، وَوَقْتُ عُذْرٍ وَقْتُ الْعَصْرِ لِمَنْ يَجْمَعُ وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ لَهَا أَرْبَعَةُ أَوْقَاتٍ: وَقْتُ فَضِيلَةٍ أَوَّلُهُ إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ الشَّيْءِ مِثْلَ رُبُعِهِ، وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ إلَى أَنْ يَصِيرَ مِثْلَ نِصْفِهِ، وَوَقْتُ جَوَازٍ إلَى آخِرِهِ، وَوَقْتُ عُذْرٍ وَقْتُ الْعَصْرِ لِمَنْ يَجْمَعُ وَلَهَا أَيْضًا وَقْتُ ضَرُورَةٍ وَسَيَأْتِي وَقْتُ حُرْمَةٍ وَهُوَ آخِرُ وَقْتِهَا
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ بَيْنَ الزَّوَالِ إلَخْ) كُلٌّ مِنْ كَلَامِ الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ فِيمَا سَلَفَ قَرِيبًا يَقْتَضِي أَنَّ الْوَقْتَ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ ظِلٌّ أَمَارَةٌ عَلَى مَيْلِ الشَّمْسِ لَيْسَ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ وَذَلِكَ صَرِيحٌ أَوْ كَالصَّرِيحِ مِنْ عِبَارَةِ الْإِسْنَوِيِّ لَكِنَّ الَّذِي حَقَّقَهُ الْكَمَالُ الْمَقْدِسِيَّ أَنَّهُ مِنْهُ، وَعِبَارَةُ الْخَادِمِ قَالُوا: وَمَا قَبْلَ ظُهُورِ الظِّلِّ فَهُوَ مَعْدُودٌ مِنْ وَقْتِ الِاسْتِوَاءِ وَ (قَوْلُهُ: إلَى آخِرِ الْوَقْتِ) أَيْ مَا عَدَا وَقْتَ الْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: وَوَقْتُ حُرْمَةٍ) مِنْ الْعَظَائِمِ اسْتِشْكَالُ بَعْضِهِمْ تَسْمِيَةَ هَذَا الْوَقْتِ بِهَذَا الِاسْمِ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لَيْسَتْ لِلْوَقْتِ وَكَأَنَّ هَذَا الْمُسْتَشْكِلَ مَا فَهِمَ قَطُّ مَعْنَى الْإِضَافَةِ، وَهُوَ تَعَلُّقُ مَا بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ وَأَنَّ هَذَا مَعْنًى مَشْهُورٌ مَطْرُوقٌ لَا يَقَعُ فِيهِ اسْتِشْكَالٌ إلَّا مِمَّنْ لَمْ يَسْمَعْهُ أَوْ لَمْ يَفْهَمْ قَطُّ وَلَا خَفَاءَ فِي ثُبُوتِ هَذَا التَّعَلُّقِ هُنَا فَإِنَّ الْحُرْمَةَ وَصْفُ التَّأْخِيرِ إلَيْهِ فَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُرْمَةِ مُلَابَسَةٌ
[حاشية الشربيني]
أَنَّ التَّكْلِيفَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالظَّاهِرِ، وَمِثْلُ مَا هُنَا الْهِلَالُ أَيْضًا، فَلَا يُعْمَلُ بِالْحِسَابِ إلَّا إنْ اقْتَضَى وُجُودُ الْهِلَالِ فِي الظَّاهِرِ. اهـ ثُمَّ إنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِوَقْتِ الظُّهْرِ بِمَا ذُكِرَ فِيهِ، بَلْ بَاقِي الْمَكْتُوبَاتِ كَذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ دُخُولِ وَقْتِهَا بِحَسَبِ مَا يُدْرِكُهُ الْحِسُّ، فَلَوْ عَلِمَ وُقُوعَ الصُّبْحِ بَعْدَ الْفَجْرِ لَكِنْ فِي وَقْتٍ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَتَبَيَّنَ الْفَجْرُ فِيهِ لِلنَّاظِرِ لَمْ تَصِحَّ الصُّبْحُ. اهـ. حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَقَوْلُهُمْ: لِلْحَاسِبِ الْعَمَلُ بِحِسَابِهِ أَيْ الَّذِي لَمْ يُخَالِفْ مَا ذَكَرُوهُ أَفَادَهُ حَجَرٌ أَيْضًا فِيهِ وَبِهِ يَسْقُطُ قَوْلُ سم السَّابِقُ أَيْضًا اهـ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَطْوَلُ أَيَّامِ السَّنَةِ) الَّذِي انْحَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّ الظِّلَّ يَنْعَدِمُ فِي مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ فِي يَوْمَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي أَوَائِلِ الْجَوْزَاءِ، وَالْمَيْلُ مُتَزَايِدٌ وَالثَّانِي فِي أَوَاخِرِ السَّرَطَانِ، وَهُوَ مُتَنَاقِصٌ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ: أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْأَطْوَلِ بِسِتَّةٍ وَعِشْرِينَ وَالثَّانِي بَعْدَهُ، كَذَلِكَ وَأَنَّهُ يَنْعَدِمُ فِي صَنْعَاءَ قَبْلَ الْيَوْمِ الْأَطْوَلِ بِنَحْوِ خَمْسِينَ يَوْمًا وَكَذَا بَعْدَهُ وَبَرْهَنَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى ذَلِكَ بِمَا تَجِبُ مُرَاجَعَتُهُ وَذَكَرَ أَنَّ الَّتِي يَنْعَدِمُ ظِلُّهَا فِي الْأَطْوَلِ الْمَدِينَةُ فَالصَّوَابُ التَّمْثِيلُ بِهَا اهـ مَرْصَفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ حُزَيْرَانَ) بِالرُّومِيَّةِ اسْمُ شَهْرٍ قَبْلَ تَمُّوزَ. اهـ. صِحَاحٌ (قَوْلُهُ بِإِمَامَةِ جِبْرِيلَ) فِيهِ رَدٌّ لِمَا قِيلَ إنَّهُ كَانَ مَأْمُومًا وَصَلَّى بِي أَيْ مَعِي. اهـ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الزَّوَالِ إلَخْ) أَيْ بَيْنَ الزَّوَالِ وَمَا يَتَحَقَّقُ بِهِ مَا ذُكِرَ، وَهُوَ أَوَّلُ الزِّيَادَةِ عَلَى ظِلِّ الْمِثْلِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ أَنَّهُ حِينَ إلَخْ) أَيْ اتَّفَقَ ذَلِكَ هُنَاكَ، وَعِبَارَةُ حَجَرٍ التَّأْخِيرُ فِي خَبَرِ جِبْرِيلَ لِمَصِيرِ الْفَيْءِ مِثْلَهُ لَيْسَ لِلِاشْتِرَاطِ، بَلْ؛ لِأَنَّ الزَّوَالَ لَا يَتَبَيَّنُ بِأَقَلَّ مِنْ مِثْلِهِ عَادَةً فَإِنْ فُرِضَ تَبَيُّنُهُ بِأَقَلَّ مِنْهُ عُمِلَ بِهِ اهـ (قَوْلُهُ وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ) وَأَوَّلُهُ أَوَّلُ الْوَقْتِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ حِينَئِذٍ بِوَقْتِ الْفَضِيلَةِ؟ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ وَقْتًا يَكُونُ الثَّوَابُ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ، وَبِوَقْتِ الِاخْتِيَارِ الْمَعْنَى الْعَامَّ كَمَا قَالَهُ حَجَرٌ أَيْ مَا عَدَا وَقْتَ الْحُرْمَةِ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ وَقْتَ الْفَضِيلَةِ هُوَ مَا تَقَدَّمَ وَوَقْتَ الِاخْتِيَارِ إلَى أَنْ يَبْقَى مَا يَسَعُهَا.
(قَوْلُهُ وَوَقْتُ جَوَازٍ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَيْضًا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ فَيَتَّحِدُ وَقْتُ الْجَوَازِ وَالِاخْتِيَارِ كَمَا اتَّحَدَ وَقْتُ الْفَضِيلَةِ وَالِاخْتِيَارِ فِي الْمَغْرِبِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ إلَى أَنْ يَصِيرَ مِثْلَ نِصْفِهِ) قِيلَ: عَلَى هَذَا يَظْهَرُ وُجُودُ وَقْتِ الْجَوَازِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِلَّا بِأَنْ قُلْنَا بِامْتِدَادِهِ مَعَ الْجَوَازِ إلَى أَنْ يَبْقَى مَا يَسَعُهَا، حَصَلَ تَنَافٍ بِاعْتِبَارِ مَا فَسَرُّوا بِهِ كُلًّا، إذْ كَيْفَ يَكُونُ فِيهِ ثَوَابٌ دُونَ وَقْتِ الْفَضِيلَةِ مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ بِاعْتِبَارِ الِاخْتِيَارِ وَلَا ثَوَابَ مِنْ حَيْثُ الْجَوَازِ، بَلْ يَجْرِي هَذَا بِمُشَارَكَةِ الْفَضِيلَةِ لِلِاخْتِيَارِ. اهـ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ الِاخْتِيَارَ يَكُونُ عَامًّا، وَهُوَ مَا فِي التُّحْفَةِ أَنَّ الِاخْتِيَارَ لَهُ إطْلَاقَانِ إطْلَاقٌ يُرَادِفُ وَقْتَ الْفَضِيلَةِ وَإِطْلَاقٌ يُخَالِفُهَا، وَهُوَ الْأَكْثَرُ وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِالثَّانِي قَوْلُهُمْ فِي كُلٍّ مِنْ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ لَهُ فَضِيلَةٌ أَوَّلَ الْوَقْتِ ثُمَّ اخْتِيَارٌ إلَى مَصِيرِ الظِّلِّ مِثْلَيْنِ أَوْ الْإِسْفَارُ اهـ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي مُشَارَكَةِ وَقْتِ الْفَضِيلَةِ لِلِاخْتِيَارِ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الْجَوَازِ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ وَوَقْتُ عُذْرٍ) كُلُّ الصَّلَوَاتِ لَهَا وَقْتُ عُذْرٍ مَا عَدَا الصُّبْحَ (قَوْلُهُ: وَوَقْتُ ضَرُورَةٍ) ، وَهُوَ إذَا زَالَتْ الْمَوَانِعُ وَبَقِيَ مِنْ وَقْتِهَا زَمَنُ تَحَرُّمٍ اهـ (قَوْلُهُ وَلَهَا أَيْضًا إلَخْ) وَلَيْسَ لَهُ وَقْتُ كَرَاهَةٍ بِخِلَافِ بَاقِي الصَّلَوَاتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute