للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَخْفِيفٌ، وَالْمُرْتَدُّ لَا يَسْتَحِقُّهُ، وَيُوَضِّحُهُ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ بِالْحَيْضِ الْمَجْلُوبِ وَلَا بِالنِّفَاسِ بِجَلْبِ إلْقَاءِ الْجَنِينِ بِخِلَافِ الْجُنُونِ الْمَجْلُوبِ بِلَا حَاجَةٍ، وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهَا قَضَاءُ الصَّوْمِ لِلْخَبَرِ كَمَا فِي الْحَدَثِ فَقَوْلُهُ (ذُو الِارْتِدَادِ) فَاعِلُ يَقْضِي (وَقَضَى الَّذِي سَكِرْ) أَوْ زَالَ عَقْلُهُ تَعَدِّيًا (غَيْرَهُمَا) أَيْ غَيْرَ زَمَنَيْ الْحَيْضِ وَالْجُنُونِ الْمُتَّصِلِ بِالسُّكْرِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَنْ كَسَرَ رِجْلَيْهِ تَعَدِّيًا وَصَلَّى قَاعِدًا لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِانْتِهَاءِ مَعْصِيَتِهِ بِانْتِهَاءِ كَسْرِهِ وَلِإِتْيَانِهِ بِالْبَدَلِ حَالَةَ الْعَجْزِ، أَمَّا زَمَنَا الْحَيْضِ وَالْجُنُونِ الْمُتَّصِلِ بِالسُّكْرِ فَلَا قَضَاءَ لَهُمَا بِخِلَافِ زَمَنِ جُنُونِ الْمُرْتَدِّ كَمَا مَرَّ.

وَالْفَرْقُ أَنَّ مَنْ جُنَّ فِي رِدَّتِهِ مُرْتَدٌّ فِي جُنُونِهِ حُكْمًا وَمَنْ جُنَّ فِي سُكْرِهِ لَيْسَ بِسَكْرَانَ فِي دَوَامِ جُنُونِهِ قَطْعًا فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الْجُنُونَ مِنْ السُّكْرِ قَضَى مَا يَنْتَهِي إلَيْهِ السُّكْرُ غَلَبًا دُونَ مَا بَعْدَهُ (فَرْعٌ) يُمْكِنُ إيقَاظُ النَّائِمِ لِلصَّلَاةِ وَلَا سِيَّمَا إنْ ضَاقَ وَقْتُهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢] وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي صَلَاتَهُ مِنْ اللَّيْلِ وَأَنَا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِذَا بَقِيَ الْوِتْرُ أَيْقَظَنِي فَأَوْتَرْت»

(وَالطِّفْلُ) الْمُمَيِّزُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (لِلسَّبْعِ) مِنْ السِّنِينَ أَيْ بَعْدَ اسْتِكْمَالِهَا (أُمِرَ بِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ وَلَوْ قَضَاءً لِمَا فَاتَهُ بَعْدَ السَّبْعِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (وَلِلْعَشْرِ) أَيْ بَعْدَ اسْتِكْمَالِهَا (بِتَرْكٍ) أَيْ بِسَبَبِ تَرْكِ الصَّلَاةِ (ضُرِبَا) ، وَذَلِكَ لِخَبَرِ «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ.

وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ لَكِنْ لَمْ يَرْوِ التِّرْمِذِيُّ (وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ) (كَالصَّوْمِ) فِي أَنَّ الطِّفْلَ يُؤْمَرُ بِهِ لِسَبْعٍ وَيُضْرَبُ عَلَى تَرْكِهِ لِعَشْرٍ إنْ أَطَاقَهُ، قَالُوا: وَاخْتَصَّ ضَرْبُهُ بِالْعَشْرِ لِاحْتِمَالِهِ الْبُلُوغَ وَالضَّرْبَ فِيهَا وَخُصَّ الْأَمْرُ بِالسَّبْعِ لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ عِنْدَهَا غَالِبًا، وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِيهِ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ أَنْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ تَعَدِّيًا) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا قَضَاءَ لَهُمَا) ظَاهِرُهُ حَتَّى الْمُقَارِنِ مِنْهُمَا لِلسُّكْرِ لَكِنَّ ظَاهِرَ الْفَرْقِ وَمَا بَعْدَهُ خِلَافُهُ لَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْوَجْهُ (قَوْلُهُ مُرْتَدٌّ فِي جُنُونِهِ) قَدْ يَقْتَضِي الْقَضَاءَ فِيمَا قَارَنَ السُّكْرَ مِنْ الْجُنُونِ (قَوْلُهُ مَا يَنْتَهِي إلَيْهِ السُّكْرُ) يَشْمَلُ مَا قَارَنَهُ جُنُونٌ (قَوْلُهُ: فَرْعٌ يُنْدَبُ إيقَاظُ النَّائِمِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَأَطْلَقَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي شَرْحِ الْإِلْمَامِ وُجُوبَهُ وَيَنْبَغِي التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَتَعَدَّى بِالنَّوْمِ بِأَنْ نَامَ عِنْدَ ضِيقِ وَقْتِهَا فَيَنْبَغِي وُجُوبُ تَنْبِيهِهِ لِعِصْيَانِهِ بِالنَّوْمِ وَكَذَلِكَ لَوْ نَامَ عِنْدَ صَلَاةٍ يَجِبُ قَضَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ وَقَوْلُهُمْ النَّائِمُ لَيْسَ بِمُكَلَّفٍ مُرَادُهُمْ بِغَيْرِ جِنَايَتِهِ السَّابِقَةِ عَلَى النَّوْمِ فَيُؤَاخَذُ بِهَا. اهـ. وَتَقَدَّمَ بِهَامِشِ مَنْ يَعْدَمُ أَثْنَاءَهُ إلَخْ مَا يَتَعَلَّقُ بِمَسْأَلَةِ النَّوْمِ فَلْيُلَاحَظْ مَعَ مَا هُنَا مَا تَقَدَّمَ

(قَوْلُهُ وَالطِّفْلُ الْمُمَيِّزُ) يُفِيدُ اعْتِبَارَ اجْتِمَاعِ

ــ

[حاشية الشربيني]

مِنْ وُجُوبِ الْفِعْلِ إلَى وُجُوبِ التَّرْكِ وَفِيهِ أَنَّ التَّرْكَ فِيهِ سُهُولَةٌ فَيَنْطَبِقُ عَلَيْهِ تَعْرِيفُ الرُّخْصَةِ، وَلَمْ يُقَيِّدُوهُ بِكَوْنِ الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ لَيْسَ وُجُوبًا فَالْوَجْهُ فِي كَوْنِهِ عَزِيمَةً أَنَّ الْحُكْمَ تَغَيَّرَ لِعُذْرٍ مَانِعٍ مِنْ الْفِعْلِ، وَشَرْطُ الْعُذْرِ الْمَأْخُوذِ فِي تَعْرِيفِ الرُّخْصَةِ أَنْ لَا يَكُونَ مَانِعًا مِنْ الْفِعْلِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَحَلِّيِّ عَلَى جَمْعِ الْجَوَامِعِ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَعَنْهُ تَخْفِيفٌ) أَيْ رُخْصَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْمَرْ بِالْفِعْلِ وَلَا بِالتَّرْكِ اهـ مِنْ التَّعْلِيقَةِ عَلَى الْحَاوِي (قَوْلُهُ الْمُتَّصِلُ بِالسُّكْرِ) ظَاهِرُهُ حَتَّى الْجُنُونِ الْوَاقِعِ زَمَنَ السُّكْرِ وَأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ بَقَاءُ السُّكْرِ مَعَ الْجُنُونِ، وَمِمَّا يُؤَيِّدُ هَذَا الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُقَارَنَةَ هِيَ الْمُرَادَةُ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ مَعَ مَا فَاتَهُ فِي زَمَنِ الْجُنُونِ الْمُتَّصِلِ بِالرِّدَّةِ، وَقَوْلُهُ: دُونَ زَمَنِ الْحَيْضِ الْمُتَّصِلِ بِهَا لَكِنْ حِينَئِذٍ لَا مَعْنَى لِلْفَرْقِ الَّذِي ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ السُّكْرَ مَتَى طَرَأَ عَلَيْهِ الْجُنُونُ انْقَطَعَ، فَلَا جُنُونَ يُقَارِنُ السُّكْرَ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ سَكْرَانًا مُدَّةَ دَوَامِ جُنُونِهِ، بَلْ قَدْ يَنْقَطِعُ السُّكْرُ، فَلَا يَقْضِي مَا بَعْدَ الِانْقِطَاعِ وَيَقْضِي مَا قَبْلَهُ نَافَى ذَلِكَ الظَّاهِرَ، وَكَلَامُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ صَرِيحٌ فِي الِاحْتِمَالِ الثَّانِي حَيْثُ قَالَ مَا مَعْنَاهُ: وَكَأَنْ سَكِرَ بِتَعَدٍّ ثُمَّ جُنَّ بِلَا تَعَدٍّ فَيَقْضِي مُدَّةَ الْجُنُونِ الْحَاصِلَةَ فِي مُدَّةِ السُّكْرِ بِتَعَدٍّ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ سَكِرَ بِتَعَدٍّ ثُمَّ جُنَّ بِلَا تَعَدٍّ قَضَى مُدَّةَ السُّكْرِ لَا مُدَّةَ جُنُونِهِ بَعْدَهَا بِخِلَافِ مُدَّةِ جُنُونِ الْمُرْتَدِّ؛ لِأَنَّ مَنْ جُنَّ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ الْفَرْقِ وَقَدْ اسْتَظْهَرَ الْمُحَشِّي هُنَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَقْضِي مُدَّةَ الْجُنُونِ الْمُقَارِنِ لِلسُّكْرِ، وَلَا أَدْرِي أَهُوَ مَعَ اطِّلَاعٍ عَلَى مَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَمْ لَا وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ.

(فَرْعٌ) مَنْ ارْتَدَّ ثُمَّ جُنَّ قَضَى أَيَّامَ الْجُنُونِ مَعَ مَا قَبْلَهَا أَوْ سَكِرَ ثُمَّ جُنَّ قَضَى مِنْهَا أَيْ مِنْ الْأَيَّامِ مُدَّةَ السُّكْرِ أَيْ الْمُدَّةَ الَّتِي يَنْتَهِي إلَيْهَا السُّكْرُ لَا مُدَّةَ جُنُونِهِ بَعْدهَا بِهِ، وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي قَضَاءِ مُدَّةِ مُقَارَنَةِ الْجُنُونِ لِلسُّكْرِ فَتَدَبَّرْ. ثُمَّ رَأَيْت الْمُحَشِّي صَرَّحَ فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ بِقَضَاءِ مُدَّةِ الْجُنُونِ الْوَاقِعَةِ فِي مُدَّةِ السُّكْرِ مُوَضِّحًا بِذَلِكَ عِبَارَةَ الشَّرْحِ هُنَاكَ، وَفِي التَّعْلِيقِ عَلَى الْحَاوِي وَيَقْضِي السَّكْرَانُ زَمَنَ الْجُنُونِ الْوَاقِعِ فِي السُّكْرِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَكَذَا قَالَ النَّاشِرِيُّ فِي إيضَاحِ الْفَتَاوَى عَلَى الْحَاوِي اهـ وَمِثْلُهُ فِي الرَّوْضَةِ

(قَوْلُهُ تَرْكِ الصَّلَاةِ) ، وَلَوْ قَضَاءَ مَا فَاتَ قَبْلَ الْبُلُوغِ بَعْدَ التَّمْيِيزِ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ سَبْعِ سِنِينَ) أَيْ بَعْدَ كَمَالِهَا وَقَوْلُهُ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَلَوْ فِي أَوَانِ الْعَاشِرَةِ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ وَفَرِّقُوا) أَيْ وُجُوبًا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ إلَخْ) الْمُرَادُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ مَنْعُهُمْ مِنْ النَّوْمِ عُرَاةً مُتَلَاصِقِينَ اهـ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ الْبُلُوغِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>