للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَطَأَ فِيهَا مَعَ اسْتِمْرَارِ الْخَلْقِ الْكَثِيرِ وَاتِّفَاقِهِمْ مُمْتَنِعٌ بِخِلَافِهِ فِيهِمَا

. (ثُمَّ) إنْ عَجَزَ عَنْ الِاجْتِهَادِ فَالتَّوَجُّهُ (بِأَنْ يُقَلِّدَا عَدْلًا عَلِيمًا بِالدَّلِيلِ) لِلْقِبْلَةِ (ذَا هُدَى) أَيْ اهْتِدَاءٍ (لِلْعَجْزِ) أَيْ عِنْدَ عَجْزِهِ (عَنْ تَعَلُّمٍ) لِأَدِلَّتِهَا بِأَنْ يَكُونَ أَعْمَى الْبَصَرِ أَوْ الْبَصِيرَةِ كَالْعَامِّيِّ يُقَلِّدُ فِي الْأَحْكَامِ فَإِنْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ مُجْتَهِدَانِ قَلَّدَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا وَالْأَوْلَى تَقْلِيدُ الْأَوْثَقِ وَالْأَعْلَمِ عِنْدَهُ، وَأَوْجَبَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ ثُمَّ قَالَ: وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى التَّخْيِيرِ وَلَوْ زَالَ عَجْزُهُ فِي الصَّلَاةِ بِالتَّقْلِيدِ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَا يَعْتَمِدُهُ مِنْ مِحْرَابٍ أَوْ نَجْمٍ أَوْ خَبَرِ ثِقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَتَمَّ صَلَاتَهُ وَلَا إعَادَةَ وَإِلَّا بَطَلَتْ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ أَمَّا الْقَادِرُ فَلَا يُقَلِّدُ لِمَا سَيَأْتِي وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ ذَا هُدًى تَأْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ وَحَذَفَ مِنْ كَلَامِ الْحَاوِي مُكَلَّفًا اكْتِفَاءً بِعَدْلًا كَمَا اكْتَفَيَا بِهِ فِي قَبُولِ الْخَبَرِ وَقَوْلُهُ (قَدْ فُرِضَا) أَيْ تَعَلُّمُ الْأَدِلَّةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ فَرْضُ عَيْنٍ كَتَعَلُّمِ الْوُضُوءِ وَغَيْرِهِ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَأَرْكَانِهَا، وَعِنْدَ النَّوَوِيِّ فَرْضُ عَيْنٍ فِي السَّفَرِ لِعُمُومِ حَاجَةِ الْمُسَافِرِ وَكَثْرَةِ الِاشْتِبَاهِ عَلَيْهِ، وَفَرْضُ كِفَايَةٍ فِي الْحَضَرِ، إذْ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ السَّلَفُ بَعْدَهُ أَلْزَمُوا آحَادَ النَّاسِ تَعَلُّمَ الْأَدِلَّةِ بِخِلَافِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَأَرْكَانِهَا؛ لِأَنَّ الْوُقُوفَ عَلَى الْقِبْلَةِ سَهْلٌ غَالِبًا وَحَمَلَ السُّبْكِيُّ كَلَامَ النَّوَوِيِّ عَلَى سَفَرٍ يَقِلُّ فِيهِ

ــ

[حاشية العبادي]

يُفِيدُ الْيَقِينَ، وَهُوَ غَفْلَةٌ عَنْ أَنَّ شَرْطَ التَّوَاتُرِ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَصْلِ عَنْ مَحْسُوسٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ مُجْتَهِدَانِ قَلَّدَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا إلَخْ) لَمْ يَذْكُرُوا نَظِيرَ ذَلِكَ فِي اشْتِبَاهِ الْوَقْتِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْقِيَاسُ جَرَيَانُ ذَلِكَ فِيهِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْوَقْتِ وَالْقِبْلَةِ لَا بَدَلَ لَهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَا يَعْتَمِدُهُ) أَيْ، وَقَدْ دَلَّ ذَلِكَ الَّذِي يَعْتَمِدُهُ عَلَى صَوَابِ الْجِهَةِ الَّتِي هُوَ إلَيْهَا وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ (فَرْعٌ) لَوْ أَحْرَمَ أَعْمَى أَيْ أَعْمَى الْبَصَرِ أَوْ الْبَصِيرَةِ مُقَلِّدًا أَيْ فِي الْقِبْلَةِ وَأَبْصَرَ فِيهَا أَيْ أَوْ عَرَفَ الْجَاهِلُ الْأَدِلَّةَ وَعَلِمَ أَيْ عَلَى الْفَوْرِ صَوَابَ جِهَتِهِ أَيْ بِرُؤْيَةِ مِحْرَابٍ أَوْ نَجْمٍ يَعْرِفُهَا بِهِ أَتَمَّهَا وَلَمْ يُعِدْ أَوْ خَطَأَهَا أَيْ خَطَأَ جِهَتَهُ أَوْ شَكَّ فِي أَنَّهَا صَوَابٌ أَوْ خَطَأٌ بَطَلَتْ أَيْ صَلَاتُهُ وَإِنْ ظَنَّ صَوَابَ غَيْرِهَا انْحَرَفَ إلَيْهَا وَبَنَى، اهـ وَذَلِكَ حَاصِلُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالْكِفَايَةِ كَمَا قِيلَ وَأَقُولُ: قِيَاسُ قَوْلِهِ وَإِنْ ظَنَّ صَوَابَ غَيْرِهَا إلَخْ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّ صَوَابَهَا هِيَ بِالِاجْتِهَادِ اسْتَمَرَّ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ فَقَوْلُهُ السَّابِقُ وَعَلِمَ صَوَابَ جِهَتِهِ إلَخْ لَيْسَ بِقَيْدٍ، بَلْ ظَنُّ صَوَابِهَا بِالِاجْتِهَادِ كَذَلِكَ بَلْ الصِّحَّةُ هُنَا أَوْلَى مِنْهَا إذَا ظَنَّ صَوَابَ غَيْرِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ، وَهَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ أَوْ غَيْرِهَا لِشُمُولِهِ كُلَّ مَا يَصِحُّ الِاعْتِمَادُ فِي الِاجْتِهَادِ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ: وَإِلَّا بَطَلَتْ لَا يُنَافِي ذَلِكَ كَتَضَمُّنِهِ نَفْيَ صَوَابِ الْجِهَةِ بِالِاجْتِهَادِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم

(قَوْلُهُ وَفَرْضُ كِفَايَةٍ فِي الْحَضَرِ) أَيْ فَلَهُ التَّقْلِيدُ وَلَا

ــ

[حاشية الشربيني]

خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ عَلَى الصَّوَابِ. اهـ. حَجَرٌ فَالْمِحْرَابُ فِي الْيَمْنَةِ وَالْيَسْرَةِ فِي مَرْتَبَةِ الِاجْتِهَادِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاجْتِهَادِ فَتَدَبَّرْ. وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ: أَنَّ الْمِحْرَابَ فِي الْجِهَةِ كَالْإِجْمَاعِ وَهُوَ تَحَرُّمُ مُخَالَفَتِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْزِمَ حِينَئِذٍ بِكَوْنِهِ خَبَرًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْجِهَةِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْيَمْنَةِ وَالْيَسْرَةِ فَكَأَنَّهُمْ جَعَلُوهُ رُتْبَةً مُتَوَسِّطَةً بَيْنَ الْخَبَرِ وَالتَّقْلِيدِ حَيْثُ جَوَّزُوا الِاجْتِهَادَ فِيهِ وَلَمْ يُوجِبُوهُ، إذْ لَوْ كَانَ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ مُنِعَ الِاجْتِهَادُ أَوْ مِنْ بَابِ التَّقْلِيدِ وَجَبَ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْجِهَةِ الْيَمْنَةُ وَالْيَسْرَةُ) اعْلَمْ أَنَّ كَوْنَ الِاجْتِهَادِ يَجُوزُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً فِي الْمَحَارِيبِ الْمُعْتَمَدَةِ يُفِيدُ أَنَّ خَبَرَ الثِّقَةِ أَقْوَى مِنْهَا، إذْ يَمْتَنِعُ مَعَهُ الِاجْتِهَادُ مُطْلَقًا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّيْخُ الْبَرَّاوِيُّ لَكِنْ يَلْزَمُهُ أَنَّ خَبَرَهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْمَحَارِيبِ، وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّهُ إنْ كَانَ خَبَرُهُ عَنْ الْكَعْبَةِ تَخَيَّرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رُؤْيَتِهِ هُوَ الْمِحْرَابُ وَإِنْ كَانَ عَنْ الْمِحْرَابِ فَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ رُتْبَةِ الْمِحْرَابِ فَاَلَّذِي تَحَصَّلَ أَنَّهُ إنْ أَخْبَرَ عَنْ الْكَعْبَةِ لَا يَجْتَهِدُ مَعَ خَبَرِهِ يَمْنَةً وَلَا يَسْرَةً، وَهُوَ حِينَئِذٍ أَعْلَى مِنْ الْمِحْرَابِ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ وَتَقَدَّمَ وَجْهُ التَّخْيِيرِ وَإِنْ أَخْبَرَ عَنْ الْمِحْرَابِ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا مَرَّ وَيَجُوزُ الِاجْتِهَادُ مَعَهُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً بِالْأَوْلَى مِنْ الْمِحْرَابِ الَّذِي أُخْبِرَ عَنْهُ وَإِنَّمَا جَازَ الِاجْتِهَادُ فِي الْمَحَارِيبِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً دُونَ خَبَرِ الثِّقَةِ؛ لِأَنَّ خَبَرَهُ يُفِيدُ الظَّنَّ بِإِصَابَةِ الْعَيْنِ، وَالْمَحَارِيبُ تُفِيدُ تَعَيُّنَ الْجِهَةِ دُونَ الْيَمْنَةِ وَالْيَسْرَةِ اهـ. مَرْصَفِيٌّ بِزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ عَلَى التَّخْيِيرِ) أَيْ هُنَا وَفِي الْوَقْتِ بِخِلَافِهِ فِي الْمِيَاهِ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْأَخْذُ بِقَوْلِ أَحَدِهِمَا لِوُجُودِ الْبَدَلِ هُنَاكَ وَهُوَ التَّيَمُّمُ بَعْدَ الْإِرَاقَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَا يَعْتَمِدُهُ إلَخْ) أَيْ وَأَفَادَ عِلْمًا بِصَوَابِ جِهَتِهِ عَنْ قُرْبٍ أَوْ ظَنًّا بِخَطَئِهَا وَصَوَابِيَّةِ غَيْرِهَا وَانْحَرَفَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَا يَعْتَمِدُهُ أَوْ كَانَ وَلَمْ يُفِدْهُ شَيْئًا أَوْ أَفَادَهُ عِلْمًا بِخَطَأِ جِهَةٍ أَوْ ظَنًّا لَا عَنْ قُرْبٍ فَحَاصِلُ الصُّوَرِ: سِتَّةٌ، تَصِحُّ فِي ثِنْتَيْنِ وَتَبْطُلُ فِي أَرْبَعٍ اهـ. بِهَامِشٍ صَحِيحٍ

(قَوْلُهُ كَمَا اكْتَفَيَا) أَيْ الْحَاوِي وَالْمُصَنِّفُ اهـ (قَوْلُهُ فَرْضُ عَيْنٍ) أَيْ عَلَى مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلتَّعَلُّمِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّقْلِيدُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَرْضُ عَيْنٍ) ضَابِطُ كَوْنِهِ فَرْضَ عَيْنٍ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ أَنْ لَا يُوجَدَ مَنْ تَسْهُلُ مُرَاجَعَتُهُ قَبْلَ ضِيقِ الْوَقْتِ، وَلَوْ وَاحِدًا بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ أَصْلًا أَوْ وُجِدَ وَلَمْ تَسْهُلْ مُرَاجَعَتُهُ أَوْ سَهُلَتْ لَكِنْ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ، وَضَابِطُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ مَا يُقَابِلُهُ اهـ. طَبَلَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَحَمْلُ السُّبْكِيّ إلَخْ) الَّذِي تَحَرَّرْ بِالدَّرْسِ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ فَرْضَ عَيْنٍ إثْمُ الْجَمِيعِ بِتَرْكِهِ وَعَدَمِ جَوَازِ التَّقْلِيدِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ عِنْدَ قِلَّةِ الْعَارِفِينَ مَعَ سُقُوطِهِ بِتَعَلُّمِ مَنْ يَسْهُلُ عَلَى مُرِيدِ الصَّلَاةِ، سُؤَالُهُ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ نَظِيرُ الْقَوْلِ الضَّعِيفِ: أَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ الْمُخَاطَبُ بِهِ الْجَمِيعُ، وَمَعْنَى كَوْنِهِ فَرْضَ كِفَايَةٍ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ التَّعَلُّمُ، بَلْ لِغَيْرِ الْعَارِفِ تَقْلِيدُ الْعَارِفِ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِحَضَرٍ وَلَا سَفَرٍ، بَلْ الْمَدَارُ عَلَى قِلَّةِ الْعَارِفِينَ وَكَثْرَتِهِمْ وَقَيَّدُوا بِالسَّفَرِ وَالْحَضَرِ لِأَنَّ الْغَالِبَ الْقِلَّةُ فِي الْأَوَّلِ وَالْكَثْرَةُ فِي الثَّانِي فَيَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ تَأَدَّى بِهَؤُلَاءِ الْعَارِفِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>