للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُزَكَّى نَفْسُهَا وَغَيْرُهَا

(بِقَلْبِهِ) بَيَانٌ لِمَحَلِّ النِّيَّةِ وَتَعَرَّضَ لَهُ هُنَا لِدَفْعِ مَا قِيلَ أَنَّهُ يَجِبُ النُّطْقُ بِهَا أَيْضًا كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي الْوُضُوءِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَلَا يُكْتَفَى بِهِ نَعَمْ يُسَنُّ قُبَيْلَ التَّكْبِيرِ كَمَا سَيَأْتِي وَلَا يَضُرُّ النُّطْقُ بِغَيْرِ مَا فِي الْقَلْبِ كَمَا لَوْ نَوَى الظُّهْرَ وَسَبَقَ لِسَانُهُ إلَى الْعَصْرِ (فِي مُطْلَقٍ مِنْ نَفْلِهَا) أَيْ رُكْنُ الصَّلَاةِ نِيَّةُ فِعْلِهَا فِي مُطْلَقِ نَفْلِهَا وَهُوَ مَا لَا وَقْتَ لَهُ وَلَا سَبَبَ وَاكْتَفَى فِيهِ بِنِيَّةِ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ أَدْنَى دَرَجَاتِ الصَّلَاةِ فَإِذَا نَوَاهَا وَجَبَ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ (وَذَا) أَيْ النِّيَّةُ وَذِكْرُهَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا الْقَصْدُ أَيْ وَقَصْدُ فِعْلِ الصَّلَاةِ (مَعَ التَّعْيِينِ) لَهَا فِي الْمُعَيَّنِ لِتَمْتَازَ عَنْ غَيْرِهَا وَمَثَّلَ لِلْمُعَيَّنِ بِقَوْلِهِ (مِثْلُ) صَلَاةِ (الْأَضْحَى) لِتَمْتَازَ عَنْ صَلَاةِ الْفِطْرِ، وَبَحَثَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الِاكْتِفَاءَ بِصَلَاةِ الْعِيدِ فِيهِمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الصِّفَاتِ كَالْكَفَّارَةِ بِخِلَافِ الْكُسُوفَيْنِ لِاخْتِلَافِهِمَا بِالْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ آكَدُ فَإِنَّهَا عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى وَقْتِ وُجُوبِهَا بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ (وَ) مِثْلُ صَلَاةِ (جُمُعَةٍ) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا، فَلَا يَكْفِي نِيَّةُ الظُّهْرِ أَوْ الظُّهْرُ الْمَقْصُورَةُ (وَوِتْرِهِ) أَيْ الْمُصَلِّي وَلَوْ زَادَ عَلَى رَكْعَةٍ، وَفَصَلَهُ فَيَنْوِي فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَإِنْ كَانَتَا شَفْعًا الْوِتْرَ كَمَا يَنْوِي فِي جَمِيعِ رَكَعَاتِ التَّرَاوِيحِ التَّرَاوِيحَ وَلَهُ أَنْ يَنْوِيَ صَلَاةَ اللَّيْلِ أَوْ مُقَدِّمَةَ الْوِتْرِ أَوْ سُنَّتَهُ، وَهِيَ أَوْلَى.

وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ وَوَتَرَهُ أَنَّهُ لَا يُضِيفُهُ إلَى الْعِشَاءِ

ــ

[حاشية العبادي]

لِلْغَزَالِيِّ بِقَوْلِهِ السَّابِقِ، وَإِلَّا لَتَعَلَّقَتْ بِنَفْسِهَا إلَخْ، نَعَمْ يُرَدُّ عَلَى الشَّارِحِ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِنَّمَا لَمْ تَفْتَقِرْ إلَخْ هُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ: يَجُوزُ تَعَلُّقُهَا بِنَفْسِهَا أَيْضًا فَتَأَمَّلْهُ. سم

(قَوْلُهُ لِدَفْعِ مَا قِيلَ) فِي الدَّفْعِ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الِاقْتِصَارُ عَلَى الْقَلْبِ يُفْهِمُ عَدَمَ وُجُوبِ النُّطْقِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ ذَلِكَ مَفْهُومُ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَدْنَى دَرَجَاتِ الصَّلَاةِ إلَخْ) يَنْبَغِي رُجُوعُ الْهَاءِ فِي لِأَنَّهُ لِمُطْلَقِ الْفِعْلِ وَفِي فَإِذَا نَوَاهَا لِلصَّلَاةِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ نَوَى فِعْلَهَا وَقَالَ شَيْخُنَا الْبُرُلُّسِيُّ: الضَّمِيرُ فِي نَوَاهَا لِلنِّيَّةِ وَالْمَعْنَى فَإِذَا أَوْجَدَهَا، وَلَوْ ذَكَّرَ الضَّمِيرَ لِيَعُودَ إلَى الْفِعْلِ كَانَ أَوْلَى اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ.

سم (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا إلَخْ) لَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَتِي أَوْ وتا اسْتَغْنَى عَنْ التَّأْوِيلِ (قَوْلُهُ أَيْ وَقَصَدَ فِعْلَ الصَّلَاةِ) أَيْ مُعْتَبَرٌ (قَوْلُهُ مَعَ التَّعْيِينِ) أَيْ، وَلَوْ بِاعْتِبَارِ ظَنِّهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي كَلَّفَهُ بِهِ الشَّرْعُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ فَلَا يُرَادُ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى وَأَتَمَّ عَلَيْهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ اهـ (قَوْلُهُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا) قَالَ شَيْخُنَا الْبُرُلُّسِيُّ كَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَيْ قَوْلِهِ أَوْ نَفْلًا السُّنَنُ، وَأَقُولُ يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ نَفْسَ الْجُمُعَةِ الْمُعَادَةِ حَيْثُ يَسُوغُ إعَادَتُهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتَا شَفْعَيْ الْوِتْرِ كَمَا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَيَنْوِي بِجَمِيعِهِ الْوِتْرَ أَوْ يَتَخَيَّرُ فِيمَا سِوَى الْأَخِيرَةِ بَيْنَ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَمُقَدِّمَةِ الْوِتْرِ وَسُنَّتِهِ اهـ. ويُتَّجَهُ إجْزَاءُ نِيَّةِ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَسُنَّةِ الْوِتْرِ فِي الْأَخِيرَةِ أَيْضًا، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ بَحَثَهُ فِيهِمَا، وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ صَرَّحَ بِهِ فِي الثَّانِيَةِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ جَازِمًا بِهِ (قَوْلُهُ أَوْ مُقَدِّمَةَ الْوِتْرِ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ فِي آخِرِ إحْرَامٍ لَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ مُقَدِّمَةَ) وَلَا تُجْزِئُهُ هَذِهِ فِي الْأَخِيرَةِ؛ لِأَنَّ الْمُقَدَّمَةَ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْأَفْعَالِ الَّتِي مِنْهَا هَذِهِ النِّيَّةُ بِعَيْنِهَا الَّتِي هِيَ نِيَّةُ الْأَفْعَالِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَتَعَرَّضَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ النِّيَّةُ لَا تَكُونُ إلَّا بِالْقَلْبِ، فَلَا وَجْهَ لِذِكْرِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: لِدَفْعِ مَا قِيلَ إلَخْ) هُوَ وَجْهٌ شَاذٌّ لَنَا لَكِنَّهُ غَلَطٌ اهـ. نَوَوِيٌّ فِي الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ مِثْلُ الْأَضْحَى) خَصَّهُ لِلرَّدِّ عَلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ اهـ (قَوْلُهُ وَجُمُعَةٍ) خَصَّهَا بِالذِّكْرِ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ صَحَّحَ نِيَّةَ الظُّهْرِ فِيهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ) فَإِنَّهَا عِبَادَةٌ مَالِيَّةٌ تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ وَيَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى وَقْتِ وُجُوبِهَا فِي الْجُمْلَةِ بِأَنْ كَانَتْ بِالْمَالِ وَقُدِّمَتْ عَلَى الْحِنْثِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ أَوْ نَفْلًا) كَجُمُعَةِ الصَّبِيِّ، وَيَصِحُّ تَصْرِيحُهُ بِالنَّفْلِيَّةِ حَيْثُ لَاحَظَ أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ أَوْ أَطْلَقَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ النَّفَلَ الْمُطْلَقَ أَمَّا جُمُعَةُ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ فَوَاجِبَةٌ بَدَلًا أَوْ إحْدَى خَصْلَتَيْ الْوَاجِبِ سم وع ش وَإِنَّمَا وَجَبَ الْقِيَامُ عَلَى الصَّبِيِّ فِي الْفَرَائِضِ مَعَ كَوْنِهَا نَافِلَةً فِي حَقِّهِ؛ لِأَنَّهَا فِي ذَاتِهَا فَرَائِضُ وُضِعَتْ عَلَى الْفَرْضِيَّةِ وَلَمَّا شَرَعَ لِلصَّبِيِّ لِيَتَمَرَّنَ عَلَيْهَا نَاسَبَ وُجُوبَ الْقِيَامِ لِيَتَمَرَّنَ عَلَيْهِ وَيَأْلَفَهُ، وَنِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ نِيَّةٌ خِلَافَ الْوَاقِعِ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي نِيَّةُ الظُّهْرِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا صَلَاةٌ بِحِيَالِهَا فَإِنْ قُلْنَا: ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ صَحَّتْ. اهـ. رَوْضَةٌ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يُضِيفُهُ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَا يَكْفِي فِيهِ رَاتِبَةُ الْعِشَاءِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الرَّوَاتِبِ كَمَا سَيَأْتِي اهـ. لَكِنْ فِي شَرْحِ م ر: وَالْوِتْرُ صَلَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، فَلَا تَجِبُ إضَافَتُهَا إلَى الْعِشَاءِ قَالَ ع ش فَلَوْ أَضَافَهَا كَأَنْ قَالَ: وِتْرُ الْعِشَاءِ صَحَّ وَالْمَعْنَى: الْوِتْرُ الْمَطْلُوبُ بَعْدَ الْعِشَاءِ، بَلْ قَدْ يُشْعِرُ بِسَنِّ الْإِضَافَةِ الِاقْتِصَارَ عَلَى نَفْيِ الْوُجُوبِ اهـ

وَفِي الرَّشِيدِيِّ عَلَى قَوْلِ م ر، فَلَا يَجِبُ إلَخْ أَفْهَمَ أَنَّهُ يَجُوزُ وَصَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ، وَالصُّورَةُ أَنَّهُ قَالَ: الْوِتْرُ سُنَّةُ الْعِشَاءِ، فَلَا يَصِحُّ إذَا لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الْوِتْرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا بِقَوْلِهِمْ وَلَا تُضَافُ إلَى الْعِشَاءِ اهـ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَوْلِ نِيَّةُ ذَلِكَ اهـ. وَمَا قَالَهُ الرَّشِيدِيُّ يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَوَتَرَهُ، فَإِنَّهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَقُولُ فِيهِ سُنَّةُ الْعِشَاءِ كَمَا فِي شَرْحِ الْحَاوِي، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَوَضٍ عَلَى قَوْلِ الْخَطِيبِ، فَلَا يُضَافُ إلَى الْعِشَاءِ بِأَنْ يَقُولَ

<<  <  ج: ص:  >  >>