وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَيَجِبُ أَنْ يَتَحَامَلَ عَلَى مَسْجَدِهِ بِثِقَلِ رَأْسِهِ وَعُنُقِهِ بِحَيْثُ لَوْ سَجَدَ عَلَى قُطْنٍ أَوْ نَحْوِهِ لَانْدَكَّ لِمَا مَرَّ مِنْ الْأَمْرِ بِتَمْكِينِ الْجَبْهَةِ وَاكْتَفَى الْإِمَامُ بِإِرْخَاءِ رَأْسِهِ قَالَ بَلْ هُوَ أَقْرَبُ إلَى هَيْئَةِ التَّوَاضُعِ مِنْ تَكَلُّفِ التَّحَامُلِ. (إنْ) أَيْ: فَإِنْ. (يَتَعَذَّرْ) تَنَكُّسُهُ لِمَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ. (لَمْ يَجِبْ وَضْعٌ) لِجَبْهَتِهِ. (عَلَى نَحْوِ وِسَادٍ) عَلَى الْأَشْبَهِ بِكَلَامِ الْأَكْثَرِينَ كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ لِفَوَاتِ هَيْئَةِ السُّجُودِ بَلْ يَكْفِيهِ الِانْحِنَاءُ الْمُمْكِنُ وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْأَظْهَرُ وُجُوبُهُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ هَيْئَةُ التَّنَكُّسِ وَوَضْعُ الْجَبْهَةِ فَإِذَا تَعَذَّرَ أَحَدُهُمَا أَتَى بِالْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ مَقْدُورُهُ وَلَوْ تَعَذَّرَ وَضْعُهَا عَلَى مَسْجِدِهِ دُونَ تَنَكُّسِهِ وَجَبَ وَضْعُهَا عَلَى وِسَادٍ وَالْوِسَادُ وَالْوِسَادَةُ الْمِخَدَّةُ وَالْجَمْعُ وَسَائِدُ وَوُسُدٌ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ
(وَ) الثَّامِنُ. (قُعُودٌ فَصَلَا) بِهِ الْمُصَلِّي بَيْنَ السُّجُودَيْنِ وَلَوْ فِي نَفْلٍ لِخَبَرِ «إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلَاةِ» . (كَذَا الطُّمَأْنِينَةُ) وَهِيَ التَّاسِعُ. (لِلْمُصَلِّي) فِي رُكُوعِهِ وَاعْتِدَالِهِ وَسُجُودَيْهِ وَقُعُودِهِ بَيْنَهُمَا لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ وَلَا يُغْنِي عَنْهَا فِي الرُّكُوعِ زِيَادَةُ الْهُوِيِّ. (بِفَقْدِ مَا يَصْرِفُهُ) أَيْ: مَعَ فَقْدِ مَا يَصْرِفُ الرُّكْنَ عَنْ رُكْنِيَّتِهِ مِمَّا لَمْ تَشْمَلْهُ نِيَّةُ الصَّلَاةِ. (فِي الْكُلِّ) أَيْ: كُلِّ الْأَرْكَانِ فَلَوْ هَوَى لِسُجُودِ تِلَاوَةٍ فَجَعَلَهُ رُكُوعًا لَمْ يَكْفِ بَلْ يَعُودُ لِلْقِيَامِ لِيَرْكَعَ مِنْهُ أَوْ رَفَعَ رَأْسَهُ فَزَعًا مِنْ شَيْءٍ لَمْ يُحْسَبْ اعْتِدَالًا وَلَا قُعُودًا بَيْنَ السُّجُودَيْنِ فَالصَّارِفُ مَانِعٌ مِنْ الِاعْتِدَالِ وَفَقْدُهُ وَاجِبٌ شَرْطًا كَمَا صَنَعَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا أَوْ رُكْنًا كَمَا صَنَعَ الشَّارِحُ وَالْمَقْصُودُ لَا يَخْتَلِفُ، أَمَّا إذَا قَصَدَ بِهِ مَا تَشْمَلُهُ نِيَّةُ الصَّلَاةِ فَلَا يُؤَثِّرُ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ أَتَى بِهِ بِقَصْدِ النَّفْلِ
(وَهَكَذَا التَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ) وَهُوَ الْعَاشِرُ لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ «عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ كُنَّا نَقُولُ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْنَا التَّشَهُّدُ السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ قَبْلَ عِبَادِهِ السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ السَّلَامُ عَلَى مِيكَائِيلَ السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَقُولُوا السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ وَلَكِنْ قُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ إلَى آخِرِهِ» قَالُوا وَلِأَنَّ مَحَلَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ كَوْنُهُ عِبَادَةً عَنْ الْعَادَةِ فَوَجَبَ فِيهِ ذِكْرٌ لِيَتَمَيَّزَ كَمَا فِي الْقِرَاءَةِ بِخِلَافِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ سُمِيَ تَشَهُّدًا لِمَا فِيهِ مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ وَأَقَلُّهُ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ سَلَامٌ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ
ــ
[حاشية العبادي]
بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ.
(قَوْلُهُ: بِثِقَلِ رَأْسِهِ) بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ لَا يَجِبُ التَّحَامُلُ عَلَيْهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ م ر
(قَوْلُهُ: مَا يَصْرِفُ الرُّكْنَ إلَخْ) وَالصَّارِفُ قَصْدُ غَيْرِ الرُّكْنِ وَحْدَهُ فَلَا يَضُرُّ قَصْدُهُمَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْ الْمُحِبِّ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ السُّجُودَ وَالِاسْتِقَامَةَ حُسِبَ لَهُ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ هَوَى لِسُجُودٍ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَوْ رَكَعَ إمَامُهُ فَظَنَّ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِلتِّلَاوَةِ فَهَوَى لِذَلِكَ فَرَآهُ لَمْ يَسْجُدْ فَوَقَفَ عَنْ السُّجُودِ هَلْ يُحْسَبُ لَهُ هَذَا عَنْ الرُّكُوعِ؟ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِيهِ نَظَرٌ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ لَهُ عَمَلًا بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ عَقِبَ سَلَامِ إمَامِهِ وَيَصِيرُ كَمَا لَوْ أَدْرَكَهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُحْسَبُ لَهُ وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ لِلْمُتَابَعَةِ وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنَّهُ يَعُودُ لِلْقِيَامِ ثُمَّ يَرْكَعُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: قَالُوا إلَخْ) كَأَنَّ حِكْمَةَ الْإِتْيَانِ بِصِيغَةِ التَّبَرِّي انْتِقَاضُ ذَلِكَ بِالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَالِاعْتِدَالِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَأَقَلُّهُ إلَخْ) وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَنْوَارِ أَنَّهُ يُرَاعَى هُنَا التَّشْدِيدُ وَعَدَمُ الْإِبْدَالِ
ــ
[حاشية الشربيني]
اهـ.
(قَوْلُهُ: لَانْدَكَّ) الِانْدِكَاكُ أَقْوَى مِنْ مُطْلَقِ الْهُبُوطِ الْحَاصِلِ بِمُجَرَّدِ وَضْعِ الْجَبْهَةِ مَعَ إرْخَاءِ الرَّأْسِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: لَانْدَكَّ) أَيْ: مَا يَلِي جَبْهَتَهُ مِنْهُ عُرْفًا اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ إلَخْ) لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ السُّجُودِ م ر
(قَوْلُهُ: السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ قَبْلَ عِبَادِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِذَلِكَ التَّعْظِيمَ الَّذِي هُوَ لَازِمُ السَّلَامِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ» تَعْلِيلًا لِلنَّهْيِ بِأَنَّ مَا يَقُولُونَهُ مُوهَمٌ. (قَوْلُهُ: وَسُمِّيَ تَشَهُّدًا إلَخْ) فَالِاسْمُ نُقِلَ لَهُ بِتِلْكَ الْمُنَاسَبَةِ فَهُوَ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمُرْتَجَلِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: سَلَامٌ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ) قِيلَ: مَعْنَاهُ اسْمُ السَّلَامِ أَيْ: اسْمُ اللَّهِ عَلَيْك فَإِنَّهُ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ الْمُسَلِّمُ لِعِبَادِهِ مِنْ الْآفَاتِ وَقِيلَ: السَّلَامُ بِمَعْنَى التَّسْلِيمِ وَمَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ سَلِمَ مِنْ الْآفَاتِ كُلِّهَا كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَزْهَرِيِّ وَقِيلَ: السَّلَامَةُ مِنْ الْآفَاتِ عَلَيْك وَالْأَوَّلُ بَعِيدٌ جِدًّا إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالِاسْمِ آثَارُهُ وَمَظَاهِرُهُ أَيْ: مَظَاهِرُ اسْمِهِ تَعَالَى السَّلَامِ مُتَرَادِفَةٌ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَالْأَخِيرَانِ فِيهِمَا أَيْضًا بُعْدٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ مَعْنَاهُمَا لَا يُنَاسِبُهُ التَّعْدِيَةُ بِعَلَى هَذَا إنْ أُرِيدَ بِالتَّسْلِيمِ الْأَمَانُ فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الدُّعَاءُ بِأَنَّ اللَّهَ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ كَانَ وَاضِحًا. اهـ. شَرْحُ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: أَيُّهَا النَّبِيُّ) وَلَا يَضُرُّ زِيَادَةُ يَاءٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَجْنَبِيًّا عَنْ الذِّكْرِ بَلْ يُعَدُّ مِنْهُ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَأَنَّ مُحَمَّدًا)