للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلَى آخِرِ (الدُّعَا) وَهُوَ «وَجَّهْت وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ» لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ إلَّا كَلِمَةَ «مُسْلِمًا» فَابْنُ حِبَّانَ وَفِي رِوَايَةٍ «وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ» قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَيَزِيدُ الْمُنْفَرِدُ وَإِمَامُ مَحْصُورِينَ عَلِمَ رِضَاهُمْ بِالتَّطْوِيلِ «اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ سُبْحَانَك وَبِحَمْدِك أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُك ظَلَمْتُ نَفْسِي وَاعْتَرَفْت بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا إنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْك وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْك أَنَا بِك وَإِلَيْك تَبَارَكْتُ وَتَعَالَيْتُ أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك»

وَقَدْ صَحَّ فِي دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ أَخْبَارٌ مِنْهَا مَا ذُكِرَ وَمِنْهَا «اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْت بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَمِنْهَا «الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ وَمِنْهَا اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَبِأَيِّهَا افْتَتَحَ أَتَى بِأَصْلِ السُّنَّةِ لَكِنْ أَفْضَلُهَا الْأَوَّلُ فَلَوْ تَرَكَ التَّوَجُّهَ حَتَّى تَعَوَّذَ لَمْ يَأْتِ بِهِ لِفَوْتِ مَحَلِّهِ وَيَأْتِي بِهِ الْمَسْبُوقُ بَعْدَ تَأْمِينِهِ مَعَ الْإِمَامِ لِقِصَرِهِ لَا بَعْدَ جُلُوسِهِ أَوْ سُجُودِهِ مَعَهُ لِطُولِهِ وَلَا إذَا خَشِيَ عَدَمَ إمْكَانِهِ الْفَاتِحَةَ وَلَا الْمُصَلِّي عَلَى جِنَازَةٍ لِطَلَبِ التَّخْفِيفِ

(وَ) سُنَّ عَقِبَ الِافْتِتَاحِ. (الِاسْتِعَاذُ) بِحَذْفِ تَاءِ التَّعْوِيضِ أَيْ: الِاسْتِعَاذَةُ مِنْ الشَّيْطَانِ بَلْ يُكْرَهُ تَرْكُهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ النَّصِّ وَتَحْصُلُ بِكُلِّ مَا اشْتَمَلَ عَلَى التَّعَوُّذِ مِنْ الشَّيْطَانِ وَأَفْضَلُهُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ. (كُلَّ رَكْعَةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} [النحل: ٩٨] أَيْ: أَرَدْتَ قِرَاءَتَهُ فَاسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَلِحُصُولِ الْفَصْلِ بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ بِالرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ لَكِنَّهُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى آكَدُ؛ لِأَنَّ افْتِتَاحَ قِرَاءَتِهِ فِي الصَّلَاةِ إنَّمَا يَكُونُ فِيهَا وَيُسْتَثْنَى الْمَأْمُومُ إذَا خَشِيَ عَدَمَ إمْكَانِهِ الْفَاتِحَةَ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَإِذَا أَتَى بِالذِّكْرِ لِعَجْزِهِ عَنْ الْقِرَاءَةِ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ لَهُ التَّعَوُّذُ وَإِنْ اقْتَضَى سُنِّيَّتَهُ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِالذِّكْرِ شَيْئًا آخَرَ سِوَى الْبَدَلِيَّةِ كَأَنْ اسْتَفْتَحَ أَوْ تَعَوَّذَ بِقَصْدِ إقَامَةِ سُنِّيَّتِهِمَا قَالَ فَيُصَوَّرُ كَلَامُهُمَا بِمَا إذَا لَزِمَهُ الذِّكْرُ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ بِأَنْ عَجَزَ عَنْ التَّسْمِيَةِ فَتَعَوَّذَ بَدَلًا عَنْهَا وَلَوْ فَصَلَ بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ بِسُجُودِ التِّلَاوَةِ لَا يُسَنُّ إعَادَةُ التَّعَوُّذِ كَمَا أَفْهَمَهُ تَعْبِيرُ النَّظْمِ بِكُلِّ رَكْعَةٍ لَكِنَّهُ يَفْهَمُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَتَعَوَّذُ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي مِنْ رَكْعَتَيْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَمَّا كَانَ تَرْتِيبُ التَّعَوُّذِ عَلَى الِافْتِتَاحِ مَعْلُومًا لِكَوْنِهِ لِلْقِرَاءَةِ لَمْ يَحْتَجْ النَّاظِمُ وَأَصْلُهُ إلَى التَّعْبِيرِ بِثُمَّ مَعَ أَنَّ فِي تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِدُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ إشَارَةً إلَيْهِ.

(يُسَرْ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ: حَالَةَ كَوْنِ الِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ يُسَرُّ بِهِمَا بِلَا خِلَافٍ فِي الِافْتِتَاحِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ فِي التَّعَوُّذِ بِجَامِعِ تَقَدُّمِهِمَا الْفَاتِحَةَ بِخِلَافِ خَارِجِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَجْهَرُ بِهِ قَطْعًا وَيَكْفِيهِ تَعَوُّذٌ وَاحِدٌ مَا لَمْ يَقْطَعْ قِرَاءَتَهُ بِكَلَامٍ أَوْ سُكُوتٍ طَوِيلٍ.

ــ

[حاشية العبادي]

شَرْحِ الرَّوْضِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنْ قُلْت لَكِنْ يُخَالِفُ مَسْأَلَةَ الْأَنْوَارِ الْمَذْكُورَةَ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَقْلًا عَنْ الْفَارِقِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ضَاقَ وَقْتُ صُبْحِ الْجُمُعَةِ عَنْ قِرَاءَةِ جَمِيعِ {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: ١ - ٢] فِي الْأُولَى وَ {هَلْ أَتَى} [الإنسان: ١] فِي الثَّانِيَةِ اقْتَصَرَ عَلَى قِرَاءَةِ مَا يُمْكِنُ مِنْهُمَا قُلْت لَا مُخَالَفَةَ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ تَحْصُلُ بِقِرَاءَةِ بَعْضِهِمَا، وَكَلَامُ الْأَنْوَارِ فِيمَا إذَا لَزِمَ فَوَاتُ السُّنَّةِ بِالْكُلِّيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: إلَى آخِرِ الدُّعَاءِ) لَعَلَّ الْأَوْجَهَ نَصْبُ الدُّعَاءِ بِمَحْذُوفٍ كَ اقْرَأْ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَرَكَ التَّوَجُّهَ) وَلَوْ سَهْوًا كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَرَكَ التَّوَجُّهَ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ أَرَادَهُ فَسَبَقَ لِسَانُهُ إلَى التَّعَوُّذِ وَيُتَّجَهُ عَدَمُ فَوَاتِهِ بِذَلِكَ

(قَوْلُهُ: كُلَّ رَكْعَةٍ) مَا لَمْ يَشْرَعْ فِي الْقِرَاءَةِ وَلَوْ سَهْوًا حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ) آنِفًا. (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) وَيُسَنُّ أَيْ: التَّعَوُّذُ لِعَاجِزٍ أَتَى بِالذِّكْرِ بَدَلَ الْقُرْآنِ عَلَى الْأَوْجَهِ حَجَرٌ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ لِلْبَدَلِ حُكْمَ الْمُبْدَلِ.

م ر (فَرْعٌ) لَوْ لَمْ يَحْفَظْ إلَّا التَّعَوُّذَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ بِهِ مَرَّةً عَنْ التَّعَوُّذِ ثُمَّ يُكَرِّرَهُ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ مَعَ الْبَسْمَلَةِ م ر. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اقْتَضَى سُنِّيَّتَهُ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: لَا يُسَنُّ إعَادَةُ التَّعَوُّذِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ

ــ

[حاشية الشربيني]

لِلْمَأْمُومِ فَأَغْنَتْ عَنْ قِرَاءَتِهِ وَسُنَّ اسْتِمَاعُهُ لَهَا وَلَا كَذَلِكَ الِافْتِتَاحُ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الدُّعَاءُ لِلْإِمَامِ وَدُعَاءُ الشَّخْصِ لِنَفْسِهِ لَا يُعَدُّ دُعَاءً لِغَيْرِهِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: وَجَّهْت إلَخْ) وَيَجْتَهِدُ فِي تَحْصِيلِ الصِّدْقِ خَوْفًا مِنْ الْكَذِبِ فِي هَذَا الْمَقَامِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَجْهِي) أَيْ: ذَاتِي كَنَّى عَنْهَا بِالْوَجْهِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كُلُّهُ وَجْهًا مُقْبِلًا عَلَى رَبِّهِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ يَجُوزُ الْإِتْيَانُ بِهِ عَلَى قَصْدِ لَفْظِ الْآيَةِ أَوْ مُطْلَقًا فَإِنْ أَرَادَ مَعْنَاهُ لَمْ يَجُزْ بَلْ يَكْفُرُ لِتَكْفِيرِهِ مَنْ قَبْلَهُ اهـ بِزِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: وَإِمَامُ مَحْصُورِينَ) فَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَسْجِدُ مَطْرُوقًا لِيَتَحَقَّقَ الْحَصْرُ. اهـ. م ر.

(قَوْلُهُ: عَلِمَ رِضَاهُمْ) أَيْ: صَرِيحًا وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونُوا مُسْتَأْجَرِينَ إجَارَةَ عَيْنٍ عَلَى عَمَلٍ نَاجِزٍ، وَإِذَا كَانَ فِيهِمْ نِسَاءٌ شُرِطَ كَوْنُهُنَّ غَيْرَ مُتَزَوِّجَاتٍ اهـ ش. (قَوْلُهُ: وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْك) أَيْ: لَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَيْكَ أَوْ لَيْسَ شَرَابًا بِالنِّسْبَةِ إلَيْك فَإِنَّك خَلَقْتَهُ لِحِكْمَةٍ بَالِغَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ شَرٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَى خَلْقِك. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: حَتَّى تَعَوَّذَ) أَيْ: أَتَى بِمَا يَحْصُلُ بِهِ التَّعَوُّذُ وَلَوْ أَعُوذُ بِاَللَّهِ فَقَطْ كَذَا ظَهَرَ لَكِنْ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ إنْ تَعَوَّذَ وَلَوْ بِالشُّرُوعِ فِيهِ قَبْلَ اسْتِفْتَاحِهِ لَمْ يَتَدَارَكْهُ أَيْ: الِاسْتِفْتَاحَ سَوَاءٌ تَرَكَهُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا اهـ.

(قَوْلُهُ: عَقِبَ الِافْتِتَاحِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَالِاسْتِعَاذَةُ ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي قَرِيبًا اهـ. (قَوْلُهُ: تَاءِ التَّعْوِيضِ) عَنْ الْعَيْنِ الْمَحْذُوفَةِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَجْهَرُ بِهِ قَطْعًا)

<<  <  ج: ص:  >  >>