للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَاصِبًا رُكْبَتَيْهِ زَادَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَوَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَقِيلَ: بِأَنْ يَجْلِسَ عَلَى رُءُوسِ أَصَابِعِهِ وَيَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ «لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَلِلتَّشْبِيهِ بِالْقِرَدَةِ لَكِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ لَيْسَ فِي النَّهْيِ عَنْ الْإِقْعَاءِ خَبَرٌ صَحِيحٌ وَأَمَّا الْإِقْعَاءُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِمَعْنَى وَضْعِ أَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَأَلْيَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ فَسُنَّةٌ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ بِهِ فِي مُسْلِمٍ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَالْإِمْلَاءِ قَالَ وَمَعَ ذَلِكَ فَالِافْتِرَاشُ أَفْضَلُ لِشُهْرَتِهِ عِنْدَهُمْ وَلِأَنَّ الْخَبَرَ يَدُلُّ عَلَى مُوَاظَبَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِ وَتَفْسِيرُ الْإِقْعَاءِ الْمَسْنُونِ بِمَا ذُكِرَ هُوَ الْمُرَادُ بِتَفْسِيرِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا لَهُ بِأَنْ يَفْتَرِشَ رِجْلَيْهِ وَيَضَعَ أَلْيَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ

(وَتُوضَعُ الْيَدُ) نَدْبًا فِي جَمِيعِ الْجِلْسَاتِ (بِالنَّشْرِ) أَيْ: مَعَ نَشْرِ أَصَابِعِهَا إلَى الْقِبْلَةِ (وَ) مَعَ (التَّفَرُّجِ) بَيْنَهَا (الْمُقْتَصَدِ) أَيْ: الْمُتَوَسِّطِ (قَرِيبَ رُكْبَةٍ) لَهُ بِحَيْثُ يُحَاذِيهِمَا رُءُوسُ الْأَصَابِعِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَفْرِيجِ الْأَصَابِعِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ ضَمَّهَا لِتَتَوَجَّهَ إلَى الْقِبْلَةِ (وَفِي التَّشَهُّدِ يَجْعَلُ) نَدْبًا (قُرْبَ الرُّكْبَةِ) الْيَدَ (الْيَمِينَا كَعَاقِدِ الثَّلَاثِ وَالْخَمْسِينَا) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقْبِضَ مِنْ يُمْنَاهُ الْخِنْصَرَ وَالْبِنْصِرَ وَالْوُسْطَى وَيُرْسِلَ الْمُسَبِّحَةَ وَيَضَعَ الْإِبْهَامَ تَحْتَهَا عَلَى حَرْفِ رَاحَتِهِ وَاعْتَرَضَ فِي الْمَجْمُوعِ قَوْلَهُمْ: كَعَاقِدِ ثَلَاثَةٍ وَخَمْسِينَ بِأَنَّ شَرْطَهُ عِنْدَ أَهْلِ الْحِسَابِ أَنْ يَضَعَ الْخِنْصَرَ عَلَى الْبِنْصِرِ وَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا بَلْ مُرَادُهُمْ أَنْ يَضَعَهَا عَلَى الرَّاحَةِ كَالْبِنْصِرِ وَالْوُسْطَى وَهِيَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا تِسْعَةً وَخَمْسِينَ وَلَمْ يَنْطِقُوا بِهَا تَبَعًا لِلْخَبَرِ وَأَفَادَ ابْنُ الْفِرْكَاحِ وَغَيْرُهُ أَنَّ عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ طَرِيقَةٌ لِبَعْضِ الْحِسَابِ وَعَلَيْهِ يَكُونُ لِتِسْعَةٍ وَخَمْسِينَ هَيْئَةٌ أُخْرَى أَوْ تَكُونُ الْهَيْئَةُ الْوَاحِدَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْعَدَدَيْنِ فَيُحْتَاجُ إلَى قَرِينَةٍ وَالْحِكْمَةُ فِي وَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ مَنْعُهُمَا مِنْ الْعَبَثِ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ قُرْبَ الرُّكْبَةِ تَكْرَارٌ.

(وَعِنْدَ إلَّا اللَّهُ لِلْمُسَبِّحَهْ رَفْعٌ) أَيْ: وَسُنَّ عِنْدَ بُلُوغِ هَمْزَةِ إلَّا اللَّهُ فِي التَّشَهُّدِ رَفْعُ الْمُسَبِّحَةِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي رَوْنَقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَلُبَابِ الْمَحَامِلِيِّ يَرْفَعُهَا مُنْحَنِيَةً قَلِيلًا وَفِيهِ خَبَرٌ صَحِيحٌ فِي أَبِي دَاوُد وَجَّهَ الْجِيلِيُّ ذَلِكَ بِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْخُضُوعِ وَخُصَّتْ الْمُسَبِّحَةُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهَا اتِّصَالًا بِنِيَاطِ الْقَلْبِ فَكَأَنَّهَا سَبَبٌ لِحُضُورِهِ (وَلَا تَحْرِيكَ) أَيْ: وَلَا يُسَنُّ تَحْرِيكُهَا (فِيمَا صَحَّحَهْ) أَيْ: الْجُمْهُورُ وَقِيلَ: يُسَنُّ لِلِاتِّبَاعِ فِيهِمَا رَوَى الْخَبَرَيْنِ الْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَهُمَا قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِتَحْرِيكِهَا فِي خَبَرِهِ رَفْعَهَا لَا تَكْرِيرَ تَحْرِيكِهَا وَتَقْدِيمُهُمْ النَّافِيَ عَلَى الْمُثْبِتِ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ وَلَعَلَّ مِنْهُ كَوْنَ التَّحْرِيكِ قَدْ يُذْهِبُ الْخُشُوعَ وَعَلَى الْأَصَحِّ يُكْرَهُ تَحْرِيكُهَا، وَذِكْرُ الْخِلَافِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ رَفْعُهَا إلَى الْقِبْلَةِ وَأَنْ يَنْوِيَ بِهِ الْإِخْلَاصَ بِالتَّوْحِيدِ قَالَ الشَّيْخُ نَصْرُ الْمَقْدِسِيَّ وَأَنْ يُقِيمَهَا وَلَا يَضَعَهَا وَيُكْرَهُ رَفْعُ مُسَبِّحَةِ الْيُسْرَى لِفَوْتِ سُنَّةِ بَسْطِهَا وَلِهَذَا لَا يَرْفَعُهَا وَلَا غَيْرَهَا لَوْ قُطِعَتْ الْيُمْنَى

(وَمَرَّتَيْنِ) مَرَّةً عَنْ يَمِينِهِ وَمَرَّةً عَنْ يَسَارِهِ (بِالسَّلَامِ يَأْتِي) نَدْبًا (بِرَحْمَةُ اللَّهِ) أَيْ: مَعَ رَحْمَةِ اللَّهِ.

(وَ) مَعَ (الِالْتِفَاتِ) فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى حَتَّى يُرَى خَدُّهُ الْأَيْمَنُ وَفِي الثَّانِيَةِ الْأَيْسَرُ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَأَجَابَ أَئِمَّتُنَا عَنْ أَخْبَارِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: (زَادَ أَبُو عُبَيْدَةَ إلَخْ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِأَنْ يَجْلِسَ إلَخْ) صُورَةُ هَذَا أَنْ يَكُونَ اعْتِمَادُهُ عَلَى رُءُوسِ الْأَصَابِعِ وَيَنْصِبَ سَاقَيْهِ وَتَصِيرَ مَقْعَدَتُهُ مُرْتَفِعَةً عَنْ الْأَرْضِ وَيَدَاهُ بَارِزَتَيْنِ فِي جَنْبَيْهِ مُعْتَمِدًا بِهِمَا عَلَى الْأَرْضِ هَذَا مُرَادُهُ فِيمَا يَظْهَرُ بِرّ

(قَوْلُهُ: وَتُوضَعُ الْيَدُ) أَيْ: كُلُّ يَدٍ. (قَوْلُهُ: وَتُوضَعُ الْيَدُ إلَى قَوْلِهِ تُجْعَلُ قُرْبَ الرُّكْبَةِ الْيُمْنَى إلَخْ) هَلْ تُطْلَبُ هَذِهِ السُّنَنُ فِي صَلَاةِ مَنْ صَلَّى مُضْطَجِعًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا حَيْثُ جَازَ ذَلِكَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْجُلُوسِ لِلتَّشَهُّدِ وَنَحْوِهِ مُحَاكَاةً لِلْمَطْلُوبِ فِي الصَّلَاةِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ طَلَبُهَا فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ ضَمَّهَا) عُلِمَ مِنْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَيَضُمُّ أَيْ: أَصَابِعَ يَدَيْهِ أَنَّ ضَمَّ الْأَصَابِعِ مُسْتَحَبٌّ فِي السُّجُودِ وَفِي الْجِلْسَاتِ قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَيُلْصِقُ أَصَابِعَهُ أَيْ: يَضُمُّهَا وَلَا يُفَرِّقُهَا وَيَنْشُرُهَا فِيهِ أَيْ: فِي السُّجُودِ وَفِي الْجِلْسَاتِ وَيُفَرِّجُهَا قَصْدًا أَيْ: وَسَطًا فِي بَاقِي الصَّلَاةِ اهـ قَالَ فِي شَرْحِهِ كَذَا فِي الْأَصْلِ وَاَلَّذِي فِي الْمَجْمُوعِ لَا يُفَرِّجُهَا حَالَةَ الْقِيَامِ وَالِاعْتِدَالِ مِنْ الرُّكُوعِ فَيُسْتَثْنَيَانِ مِنْ ذَلِكَ اهـ. (قَوْلُهُ: لِتَتَوَجَّهَ إلَى الْقِبْلَةِ) قَدْ يَخْرُجُ مَا لَوْ كَانَ دَاخِلَ الْكَعْبَةِ فَإِنَّهَا تَتَوَجَّهُ لِلْقِبْلَةِ وَإِنْ فَرَّجَ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ تَوَجُّهَهَا لِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ أَكْمَلُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: تَكْرَارٌ) لِدُخُولِهِ فِي قَبْلَهُ قَرِيبَ رُكْبَتَيْهِ (قَوْلِهِ لِلْمُسَبِّحَةِ رَفَعَ) لَوْ قَصَدَ بِرَفْعِ الْمُسَبِّحَةِ اللَّعِبَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ قَصَدَ مَعَهَا أَدَاءَ السُّنَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَيُفَارِقُ مَا إذَا قَصَدَ بِنَحْوِ الْفَتْحِ الْقِرَاءَةَ وَالْإِعْلَامَ؛ لِأَنَّ مُنَافَاةَ قَصْدِ اللَّعِبِ فَوْقَ مُنَافَاةِ قَصْدِ الْإِعْلَامِ خُصُوصًا وَالْإِعْلَامُ مَطْلُوبٌ. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِهِ) أَيْ: تَحْرِيكِهَا. (قَوْلُهُ: وَتَقْدِيمُهُمْ إلَخْ) هَذَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ قَالَ وَيُحْتَمَلُ إلَخْ إذْ مَعَ النَّظَرِ لَهُ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ بَلْ لَا مَعْنَى لَهُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَصَحِّ يُكْرَهُ) لَا يُقَالُ كَيْفَ يُكْرَهُ مَعَ صِحَّةِ الْخَبَرِ بِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْخَبَرُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي هَذَا الْمَعْنَى لِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَضَعُهَا) أَيْ: إلَى السَّلَامِ وَيَنْبَغِي سَنُّ إدَامَةِ النَّظَرِ إلَيْهَا إلَى السَّلَامِ أَيْضًا

(قَوْلُهُ: وَمَرَّتَيْنِ بِالسَّلَامِ يَأْتِي) لَوْ جَعَلَ الْأُولَى عَنْ يَسَارِهِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ سَوَاءٌ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا أَوْ أَتَى بِأُخْرَى عَنْ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِصِيغَةِ السَّلَامِ الْوَاجِبِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ أَخَلَّ بِسُنَّةٍ فِيهِ وَهُوَ جَعْلُهُ عَنْ الْيَمِينِ خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ مِنْ الْبُطْلَانِ قَالَ: لِأَنَّهُ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ فِيهِ خِطَابٌ.

ــ

[حاشية الشربيني]

وَوَاضِعًا يَدَيْهِ) تَرَكَ هَذَا النَّاشِرِيُّ هُنَا. (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى وَضْعِ إلَخْ) قَالَ النَّاشِرِيُّ تَفْسِيرًا لِهَذَا هُوَ أَنْ يَفْتَرِشَ رِجْلَيْهِ وَيَضَعَ أَلْيَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ تَأَمَّلْهُ

(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ يَكُونُ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ قَالَ وَالِدِي فِي الْإِقْلِيدِ اعْلَمْ أَنَّ مَعْنَى عَقْدِ الثَّلَاثَةِ لَيْسَ مَا يَفْعَلُهُ الْقِبْطُ يَجْعَلُونَ طَرَفَ الْخِنْصَرِ فَوْقَ الْبِنْصِرِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَقْبِضُ الْأَصَابِعَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجْعَلَ بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ فِي الْحِسَابِ عِنْدَ مَنْ يَجْعَلُ الْفَرْقَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَالتِّسْعَةِ قَبْضَ

<<  <  ج: ص:  >  >>