للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَرْوِيِّ بِالْعَرَبِيَّةِ (تَرْجَمَا) بِغَيْرِهَا لِيَحُوزَ فَضْلَهَا بِخِلَافِ الْقَادِرِ عَلَيْهِ وَالْعَاجِزِ عَنْ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ لَهُمَا التَّرْجَمَةُ فَإِنْ تَرْجَمَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمَا وَيَجُوزُ فِي نِيَّةٍ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ وَالذِّكْرِ الرَّفْعُ عَطْفًا عَلَى مَرْفُوعِ سُنَّ كَمَا تَقَرَّرَ وَالْجَرُّ عَطْفًا عَلَى رَحْمَةِ اللَّهِ (قُلْتُ: وَ) سُنَّ (أَنْ يُحْضِرَ قَلْبَهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: ١] {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: ٢] وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَيُقْبِلُ بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ إلَّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» (وَأَنْ يَذْهَبَ لِلنَّفْلِ) رَاتِبًا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ مَوْضِعِ فَرْضِهِ إذَا لَمْ يَخَفْ فَوْتَهُ (إلَى حَيْثُ سَكَنْ) أَيْ: إلَى مَسْكَنِهِ (أَوْ) إلَى (مَوْضِعٍ آخَرَ) لِتَشْهَدَ لَهُ الْمَوَاضِعُ وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «صَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» .

وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ نَفْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ صَلَاتِهَا فَالْأَفْضَلُ كَوْنُهُ فِي الْجَامِعِ لِفَضْلِ الْبُكُورِ وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ وَالْإِحْرَامِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَصَلَاةُ الضُّحَى وَالِاسْتِخَارَةُ وَالْمَاكِثِ بِالْمَسْجِدِ لِاعْتِكَافٍ أَوْ تَعَلُّمٍ أَوْ تَعْلِيمٍ فَالْأَفْضَلُ كَوْنُهَا فِي الْمَسْجِدِ وَالتَّعْلِيلُ بِشَهَادَةِ الْمَوَاضِعِ مُطَّرِدٌ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ لَكِنْ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ مَنْ أَرَادَ بَعْدَ فَرْضِهِ نَفْلًا نُدِبَ لَهُ الْفَصْلُ بِكَلَامٍ أَوْ انْتِقَالٍ وَهُوَ أَفْضَلُ فَتَقْيِيدُهُمْ بِمَا بَعْدَ الْفَرْضِ يُخْرِجُ مَا قَبْلَهُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ إنْ فَوَّتَ عَلَيْهِ انْتِقَالُهُ فَضِيلَةَ الْقُرْبِ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ فَضِيلَةَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَإِلَّا فَالْمُتَّجَهُ التَّسْوِيَةُ وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ انْتِقَالُ الْمَأْمُومِ بَعْدَ انْتِقَالِ الْإِمَامِ

(وَ) سُنَّ (التَّدَبُّرُ) أَيْ: التَّأَمُّلُ (لِكُلِّ مَا يَقْرَؤُهُ أَوْ يَذْكُرُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [ص: ٢٩] وَلِأَنَّ بِذَلِكَ يَكْمُلُ مَقْصُودُ الْخُشُوعِ (وَ) سُنَّ (طُولُ مَا يَقْرَأُ) أَيْ: تَطْوِيلُ قِرَاءَتِهِ (فِي الْأُولَى عَلَى) قِرَاءَتِهِ فِي (ثَانِيَةٍ) لِلِاتِّبَاعِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفِي الصُّبْحِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَقِيسَ بِذَلِكَ غَيْرُهُ وَقِيلَ: لَا يُسَنُّ تَطْوِيلُهَا لِلِاتِّبَاعِ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَيُقَاسُ بِهِمَا غَيْرُهُمَا وَفِي تَطْوِيلِ الثَّالِثَةِ عَلَى الرَّابِعَةِ إنْ قُلْنَا يَقْرَأُ السُّورَةَ فِيهِمَا الْوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ نَعَمْ قِيَاسًا عَلَى تَطْوِيلِ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ، وَالثَّانِي وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ كَأَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا لِلِاتِّبَاعِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقِيسَ بِهِمَا غَيْرُهُمَا وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا لَمْ تُشْرَعْ فِيهِ قِرَاءَةٌ مَخْصُوصَةٌ دُونَ مَا شُرِعَتْ فِيهِ سَوَاءٌ اقْتَضَى تَطْوِيلَ الْأُولَى كَصَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ وَصَلَاةِ صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ إذَا قَرَأَ فِيهَا بِالسَّجْدَةِ وَهَلْ أَتَى أَمْ الثَّانِيَةِ كَالْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ إذَا قَرَأَ فِيهِمَا بِسَبِّحْ و {هَلْ أَتَاكَ} [الغاشية: ١]

(وَجَازَ) لِلْمَأْمُومِ (أَنْ يَشْتَغِلَا إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ بِالدُّعَاءِ) وَنَحْوِهِ بِقَدْرِ (مَا شَاءَ) مِنْ ذَلِكَ (وَإِنْ أَطَالَ) فِيهِ (ثُمَّ سَلَّمَا) لِانْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ بِسَلَامِ الْإِمَامِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَسْبُوقِ وَكَذَا فِيهِ إنْ كَانَ جُلُوسُهُ مَعَ الْإِمَامِ فِي مَحَلِّ تَشَهُّدِهِ الْأَوَّلِ مَعَ كَرَاهَةِ تَطْوِيلِهِ كَمَا مَرَّ وَإِلَّا فَيَقُومُ عَلَى الْفَوْرِ فَإِنْ قَعَدَ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَوْ سَهْوًا سَجَدَ لِلسَّهْوِ

(وَفِي فَتَاوَى حُجَّةِ الْإِسْلَامِ) الْغَزَالِيِّ (مَنْ لَمْ يَدْرِ) مِنْ الْعَامَّةِ (مَا فُرُوضُهَا مِنْ السُّنَنِ)

صَحَّتْ صَلَاتُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا ... يَكُونَ قَاصِدًا بِفَرْضٍ نَفْلَا

ــ

[حاشية العبادي]

الْآنَ غَيْرُ مُسْتَحْضِرٍ لِلْمَنْوِيِّ فَوُجُودُ النِّيَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَبَرِ مَعْلُومٌ لَهُ مُتَيَقَّنٌ وَإِنَّمَا عَرَضَ لَهُ جَهْلُ الْمَنْوِيِّ وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ فَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ بَلْ وَمُجْزِئَةٌ عِنْدَ التَّذَكُّرِ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَالْجَرُّ عَطْفًا عَلَى رَحْمَةِ اللَّهِ) فِيهِ تَأَمُّلٌ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِتَشْهَدَ لَهُ الْمَوَاضِعُ) وَقَضِيَّتُهُ نَدْبُ الِانْتِقَالِ لِلْفَرْضِ مِنْ مَوْضِعِ تَنَفُّلِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَأَنَّهُ يَنْتَقِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ يَفْتَتِحُهَا مِنْ الْمَقْضِيَّاتِ وَالنَّوَافِلِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ حَيْثُ لَمْ يُعَارِضْهُ نَحْوُ فَضِيلَةِ صَفٍّ أَوَّلٍ أَوْ مَشَقَّةِ خَرْقِ صَفٍّ مَثَلًا فَإِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ فَصَلَ بِنَحْوِ كَلَامِ إنْسَانٍ ح ج ع (فَرْعٌ) لَا يَبْعُدُ سَنُّ الِانْتِقَالِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ مِنْ الْعِبَادَاتِ كَمَا لَوْ قَرَأَ فِي مَكَانِ الْقُرْآنَ أَوْ بَعْضَهُ ثُمَّ أَرَادَ قِرَاءَةً أُخْرَى فَيُسَنُّ الِانْتِقَالُ لِلْقِرَاءَةِ الْأُخْرَى حَيْثُ انْقَطَعَتْ عَنْ الْأُولَى بِقَاطِعٍ كَسُكُوتٍ بِقَصْدِ التَّرْكِ أَوْ سُكُوتٍ طَوِيلٍ وَالْوَجْهُ فِيمَنْ سَجَدَ السَّجْدَةَ الْأُولَى مَثَلًا أَنْ لَا يُطْلَبَ مِنْهُ الِانْتِقَالُ بِفِعْلٍ غَيْرِ مُبْطِلٍ لِمَكَانٍ آخَرَ لِيَسْجُدَ الثَّانِيَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْكَفَّ عَنْ الْفِعْلِ وَالْحَرَكَةِ مَطْلُوبٌ فِي الصَّلَاةِ إلَّا فِيمَا أُمِرَ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالْمَاكِثِ بِالْمَسْجِدِ) أَيْ: نَفْلِهِ. (قَوْلُهُ: فَتَقْيِيدُهُمْ) أَيْ: التَّحْقِيقُ وَغَيْرُهُ

(قَوْلُهُ: أَيْ: التَّأَمُّلُ) أَيْ: فِي مَعَانِيهِ إجْمَالًا لَا تَفْصِيلًا وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ مَنْ لَا يَتَصَوَّرُ مِنْ الْمَعْنَى شَيْئًا مُطْلَقًا أَنْ يُطْلَبَ مِنْهُ التَّصَوُّرُ بِصُورَةِ الْمُتَدَبِّرِ. (قَوْلُهُ: وَفِي تَطْوِيلِ إلَخْ) بَقِيَ تَطْوِيلُ الثَّانِيَةِ عَلَى الثَّالِثَةِ

(قَوْلُهُ: أَوْ سَهْوًا سَجَدَ لِلسَّهْوِ) يَنْبَغِي أَوْ جَهْلًا

(قَوْلُهُ: مِنْ الْعَامَّةِ) الْوَجْهُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالْعَامِّيِّ مَنْ شَأْنُهُ أَنْ يَجْهَلَ ذَلِكَ بِحَيْثُ يُعْذَرُ بِجَهْلِهِ وَالْعَالِمُ خِلَافُهُ. (قَوْلُهُ: مَا فُرُوضَهَا) الْوَجْهُ أَنَّ مَا زَائِدَةٌ وَفُرُوضَهَا مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ بِ يَدْرِ مُضَمَّنًا مَعْنَى يُمَيِّزُ فَفُرُوضَهَا مَنْصُوبٌ أَوْ مَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ وَلَمْ يَدْرِ مُعَلَّقًا بِالِاسْتِفْهَامِ وَمِنْ السُّنَنِ حَالٌ أَيْ: حَالَ كَوْنِ فُرُوضِهَا مُمَيَّزَةً مِنْ السُّنَنِ فَفُرُوضُهَا مَرْفُوعٌ خَبَرُ مَا.

ــ

[حاشية الشربيني]

وَقَدْ تَقَدَّمَ لِلْمُحَشِّي أَيْضًا

(قَوْلُهُ: تَرْجَمَا) أَيْ: إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَقِيلَ: لَا يُتَرْجِمُ فِي الْمَنْدُوبِ؛ لِأَنَّ لَهُ عَنْهُ مَنْدُوحَةً بِتَرْكِهِ شَيْخُنَا ذ. (قَوْلُهُ: وَالْإِحْرَامِ) قَالَ ق ل مِنْ مِيقَاتٍ بِهِ مَسْجِدٌ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر

(قَوْلُهُ: وَجَازَ لِلْمَأْمُومِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ تَسْلِيمَهُ عَقِبَهُ أَوْلَى حَيْثُ أَتَى بِالذِّكْرِ الْمَطْلُوبِ وَإِلَّا بِأَنْ أَسْرَعَ الْإِمَامُ سُنَّ لِلْمَأْمُومِ الْإِتْيَانُ بِهِ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَقُومُ عَلَى الْفَوْرِ) فَإِنْ مَكَثَ بَعْدَ تَسْلِيمَتَيْ الْإِمَامِ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ الْمَطْلُوبِ وَهُوَ بِقَدْرِ مَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَوْ بِقَدْرِ أَلْفَاظِ التَّشَهُّدِ الْوَاجِبِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ كَانَ عَالِمًا عَامِدًا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَفْضَلَ فِي جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ قَدْرُ الطُّمَأْنِينَةِ قَالَ ع ش وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَإِنْ زَادَ عَلَى قَدْرِ الطُّمَأْنِينَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَفِي فَتَاوَى إلَخْ) مُرَادُهُ بَيَانُ أَحَدِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>