الْمَنْدُوبِ كَالْجَهْرِ وَقِرَاءَةِ السُّورَةِ وَالْقُنُوتِ وَالْمُتَّجَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ جَوَازُ التَّنَحْنُحِ لِلْجَهْرِ بِأَذْكَارِ الِانْتِقَالِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى إسْمَاعِ الْمَأْمُومِينَ أَمَّا إذَا طَرَأَتْ غَلَبَةٌ فَيُعْذَرُ مَعَ الْقِلَّةِ أَمَّا مَعَ الْكَثْرَةِ فَلَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الضَّحِكِ وَالْبَاقِي بِمَعْنَاهُ وَلَوْ تَنَحْنَحَ إمَامُهُ فَظَهَرَ مِنْهُ حَرْفَانِ فَلِلْمَأْمُومِ أَنْ يَدُومَ عَلَى مُتَابَعَتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعِبَادَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْذُورٌ
(لَا فِي قَلِيلٍ) مِنْ كَلَامِ النَّاسِ (سَبَقَ اللِّسَانُ إلَيْهِ) بِلَا قَصْدٍ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّ السَّاهِيَ مَعَ قَصْدِهِ لِلْكَلَامِ مَعْذُورٌ فَهَذَا أَوْلَى (أَوْ سَهَا بِهِ الْإِنْسَانُ) بِأَنْ ظَنَّ خُرُوجَهُ مِنْ الصَّلَاةِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الظُّهْرَ أَوْ الْعَصْرَ فَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَتَى خَشَبَةً بِالْمَسْجِدِ وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا كَأَنَّهُ غَضْبَانُ فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ أَحَقٌّ مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ قَالُوا نَعَمْ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ» وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ تَكَلَّمَ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ وَهُمْ تَكَلَّمُوا مُجَوِّزِينَ النَّسْخَ ثُمَّ بَنَى هُوَ وَهُمْ عَلَيْهَا.
(أَوْ جَهِلَ الْحُرْمَةَ لِلْكَلَامِ فِيهَا قَرِيبُ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ) لِخَبَرِ مُعَاوِيَةَ السَّابِقِ دُونَ بَعِيدِهِ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ التَّعَلُّمِ وَكَقَرِيبِهِ مَنْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَالْمُتَّجَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) خُولِفَ م ر. (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْذُورٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَدْ تَدُلُّ قَرِينَةُ حَالِ الْإِمَامِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ فَتَجِبُ الْمُفَارَقَةُ قَالَهُ السُّبْكِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ لَحَنَ فِي الْفَاتِحَةِ لَحْنًا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى وَجَبَ مُفَارَقَتُهُ كَمَا لَوْ تَرَكَ وَاجِبًا لَكِنْ هَلْ يُفَارِقُهُ فِي الْحَالِ أَوْ حِينَ يَرْكَعُ لِجَوَازِ أَنَّهُ لَحَنَ سَاهِيًا وَقَدْ يَتَذَكَّرُ فَيُعِيدُ، الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ مُتَابَعَتُهُ فِي فِعْلِ السَّهْوِ، فِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ إذْ لَوْ سَجَدَ إمَامُهُ قَبْلَ رُكُوعِهِ لَمْ تَجِبْ مُفَارَقَتُهُ فِي الْحَالِ اهـ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ مُفَارَقَتُهُ فِي الْحَالِ وَلَا عِنْدَ الرُّكُوعِ بَلْ لَهُ انْتِظَارُهُ لِجَوَازِ سَهْوِهِ كَمَا لَوْ سَجَدَ قَبْلَ رُكُوعِهِ أَوْ قَامَ لِخَامِسَةٍ
(قَوْلُهُ: أَوْ جَهِلَ الْحُرْمَةَ إلَخْ) لَوْ تَكَلَّمَ نَاسِيًا لِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ كَنِسْيَانِ النَّجَاسَةِ عَلَى ثَوْبِهِ صَرَّحَ بِهِ الْجُوَيْنِيُّ وَغَيْرُهُ شَرْحُ الرَّوْضِ.
ــ
[حاشية الشربيني]
شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الذَّهَبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَشْتَدَّ بِهِ فِي الصَّلَاةِ بِأَنْ كَانَتْ عَادَةً لَهُ وَإِلَّا فَلَا حُكْمَ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ اضْطِرَارِيَّةٌ ابْتِدَائِيَّةٌ وَهِيَ مَغْفُورَةٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: جَوَازُ التَّنَحْنُحِ لِلْجَهْرِ إلَخْ) اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَدَمَ اسْتِثْنَاءِ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ الْجُمُعَةِ إذَا تَوَقَّفَتْ مُتَابَعَةُ الْأَرْبَعِينَ عَلَى الْجَهْرِ الْمَذْكُورِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ صَلَاتِهِ عَلَى مُتَابَعَتِهِمْ الْمُتَابَعَةَ الْوَاجِبَةَ لِاشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى لِصِحَّتِهَا وَكَذَا اسْتِثْنَاءُ غَيْرِ الْجُمُعَةِ إذَا تَوَقَّفَ حُصُولُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ بِهَذِهِ الْجَمَاعَةِ عَلَى ذَلِكَ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ وَجَزَمَ ق ل بِاسْتِثْنَاءِ الْأُولَى وَسَكَتَ عَنْ الثَّانِيَةِ
(قَوْلُهُ: لَا فِي قَلِيلٍ) وَهُوَ مَا لَا يَزِيدُ عَلَى سِتِّ كَلِمَاتٍ ع ش فَالزَّائِدُ عَلَيْهَا مُبْطِلٌ بِشَرْطِ التَّوَالِي وَضَابِطُهُ الْعُرْفُ كَمَا فِي ق ل. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَتَى خَشَبَةً بِالْمَسْجِدِ إلَخْ) فِي شَرْحِ م ر وَمَشْيُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ يَحْتَمِلُ التَّوَالِيَ وَعَدَمَهُ فَهِيَ وَاقِعَةُ حَالٍ فِعْلِيَّةٌ قَالَ الرَّشِيدِيُّ: قَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّوَالِيَ مُبْطِلٌ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ وَهُوَ خِلَافُ صَرِيحِ كَلَامِهِمْ فَإِنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ مَنْ تَيَقَّنَ بَعْدَ سَلَامِهِ تَرْكَ شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ يَعُودُ إلَيْهَا وَيَفْعَلُهُ مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ وَإِنْ تَكَلَّمَ بَعْدَ السَّلَامِ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ فَقَوْلُهُمْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ صَادِقٌ بِالْفِعْلِ الْكَثِيرِ بَلْ الْغَالِبُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِفِعْلٍ كَثِيرٍ فَلْيُحَرَّرْ.
وَقَدْ نَقَلْنَا الْمَسْأَلَةَ عَنْ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ اهـ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَتَى خَشَبَةً) أَيْ: كَانَتْ فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَتَى خَشَبَةً) يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ قَرِيبَةً فَوَصَلَ إلَيْهَا بِمَا دُونَ الثَّلَاثِ وَأَنْ تَكُونَ بَعِيدَةً لَكِنَّهُ لَمْ يُوَالِ بَيْنَ الْخُطُوَاتِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ إلَخْ) رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ» قِيلَ: الْمُرَادُ لَمْ يَكُنْ فِي ظَنِّي.
(قَوْلُهُ: مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ إلَخْ) فَهُوَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَأَصْحَابُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي حُكْمِ النَّاسِي وَإِنْ كَانُوا مُتَذَكِّرِينَ لِلصَّلَاةِ وَلَا يُقَالُ إنَّ عَدَمَ فَسَادِ الصَّلَاةِ بِالْكَلَامِ الْقَلِيلِ إنَّمَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ النَّاسِي دُونَ مَنْ هُوَ فِي حُكْمِهِ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ وَهُوَ لَا يُسْمَعُ. قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ رَجَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى قَوْلِ الْجَمَاعَةِ وَعِنْدَكُمْ لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ لِلْمُصَلِّي فِي قَدْرِ صَلَاتِهِ إلَى قَوْلِ غَيْرِهِ إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا وَلَا يَعْمَلُ إلَّا عَلَى يَقِينِ نَفْسِهِ؟ فَجَوَابُهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلَهُمْ لِيَتَذَكَّرَ فَلَمَّا ذَكَّرُوهُ تَذَكَّرَ فَعَلِمَ السَّهْوَ فَبَنَى لَا أَنَّهُ رَجَعَ إلَى مُجَرَّدِ قَوْلِهِمْ وَلَوْ جَازَ تَرْكُ يَقِينِ نَفْسِهِ لَرَجَعَ ذُو الْيَدَيْنِ حِينَ «قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ تُقْصَرْ وَلَمْ أَنْسَ» وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ الْكَثِيرَ وَالْخُطُوَاتِ إذَا كَانَتْ فِي الصَّلَاةِ سَهْوًا لَا تُبْطِلُهَا وَفِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْمُتَوَلِّي لَا تُبْطِلُهَا لِهَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ ثَبَتَ فِي مُسْلِمٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَشَى إلَى الْجِذْعِ وَخَرَجَ السَّرَعَانُ» وَفِي رِوَايَةٍ «دَخَلَ الْحُجْرَةَ ثُمَّ خَرَجَ وَرَجَعَ النَّاسُ ثُمَّ بَنَى عَلَى صَلَاتِهِ» وَالْوَجْهُ الثَّانِي وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِذَلِكَ وَهَذَا مُشْكِلٌ وَتَأْوِيلُ الْحَدِيثِ صَعْبٌ عَلَى مَنْ أَبْطَلَهَا اهـ.
وَلَعَلَّ الرِّوَايَاتِ الَّتِي سَقَطَ مِنْهَا ذَلِكَ أَصَحُّ.
(قَوْلُهُ: قَرِيبُ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ) أَيْ: أَسْلَمَ قَرِيبًا وَلَوْ مُخَالِطًا لَنَا قَبْلَهُ وَمِثْلُهُ مَنْ بَعُدَ عَنْ الْعُلَمَاءِ بِحَيْثُ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُوَصِّلُهُ إلَيْهِمْ مِمَّا يَجِبُ بَذْلُهُ فِي الْحَجِّ وَمَحَلُّ هَذَا فِي الْأُمُورِ الظَّاهِرَةِ أَمَّا دَقَائِقُ الْعِلْمِ كَقَصْدِ الْإِعْلَامِ فِي الْمُبَلِّغِ فَيُعْذَرُ فِيهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ