للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِتَرْكِهِ، وَلَوْ عَمْدًا (التَّشَهُّدَ الْمُقَدَّمَا) فِي الْمَكْتُوبَةِ لِخَبَرِ ابْنِ بُحَيْنَةَ السَّابِقِ، وَالْمُرَادُ الْقَدْرُ الْوَاجِبُ فِي الْمُؤَخَّرِ دُونَ الْمَسْنُونِ فِيهِ قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَإِنَّمَا سُنَّ فِي الْعَمْدِ أَيْضًا مَعَ تَقْصِيرِهِ؛ لِأَنَّ خَلَلَهُ أَكْثَرُ فَجَبْرُهُ أَهَمُّ كَالْحَلْقِ فِي الْإِحْرَامِ، أَمَّا تَرْكُهُ ذَلِكَ فِي النَّفْلِ كَأَنْ نَوَى أَرْبَعًا، وَأَطْلَقَ، أَوْ قَصَدَ أَنْ يَأْتِيَ بِتَشَهُّدَيْنِ، وَتَرَكَ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا فَلَا سُجُودَ لَهُ قَالَهُ فِي الذَّخَائِرِ.

وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَقَالَ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ يَسْجُدُ فِي صُورَةِ الْقَصْدِ إنْ تَرَكَهُ سَهْوًا، وَلَوْ بَدَا لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ جَازَ وَقَعَدَ وَلَا يَسْجُدُ فِي صُورَةِ عَدَمِ الْقَصْدِ؛ لِأَنَّ قِيَامَهُ لَمْ يَكُنْ سَهْوًا كَمَنْ هَوَى لِيَسْجُدَ لِلتِّلَاوَةِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ لَا يَسْجُدَ فَعَادَ لَمْ يَسْجُدْ لِلسَّهْوِ (أَوْ) بِتَرْكِهِ (الْقُعُودَ) لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ (وَالصَّلَاةَ فِيهِ لِلْمُصْطَفَى) أَيْ: أَوْ الصَّلَاةَ فِيهِ عَلَى الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ الْقُعُودَ مَقْصُودٌ لِلتَّشَهُّدِ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى الْمُصْطَفَى؛ فَلِأَنَّ تَرْكَهَا عَمْدًا فِي الْأَخِيرِ مُبْطِلٌ فَيَسْجُدُ لِتَرْكِهَا فِي الْأَوَّلِ كَالتَّشَهُّدِ (وَ) بِتَرْكِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[حاشية الشربيني]

أَيْ: امْتَنَعَ السُّجُودُ فَمُرَادُهُ هُنَا بِعَدَمِ إرَادَتِهِ إرَادَةُ عَدَمِهِ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُ لِقِيَامِ ذَلِكَ الْإِعْرَاضِ مَقَامَ السَّلَامِ عَامِدًا.

(قَوْلُهُ: يَسْجُدُ فِي صُورَةِ الْقَصْدِ) اعْتَمَدَهُ م ر وَتَبِعَهُ ح ل وَالشَّرْقَاوِيُّ قَالَ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ: إنْ الْتَزَمَ اسْتِحْبَابَ تَشَهُّدٍ أَوَّلٍ لِمَنْ أَرَادَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ تَطَوُّعًا لَمْ يُتَّجَهْ إلَّا السُّجُودُ حَتَّى لِمَنْ أَطْلَقَ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ عَزْمٌ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالِاثْنَيْنِ، وَإِنْ الْتَزَمَ عَدَمَ الِاسْتِحْبَابِ فَالْوَجْهُ عَدَمُ السُّجُودِ، وَإِنْ عَزَمَ؛ لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّهُ قَصَدَ الْإِتْيَانَ بِشَيْءٍ لَا يُسْتَحَبُّ الْإِتْيَانُ بِهِ، وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي السُّجُودَ بِتَرْكِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ أَمْرًا مُسْتَحَبًّا فَلَمْ يُوجَدْ فِي الصَّلَاةِ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ الِاسْتِحْبَابُ وَعَدَمُهُ. ا. هـ وَيُؤْخَذُ مِنْ التُّحْفَةِ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ الْإِتْيَانُ بِهِ فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ بِخِلَافِ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ، وَرَاتِبَتَيْ الظُّهْرِ. ا. هـ.

وَاسْتَوْجَهَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ عَدَمَ السُّجُودِ فِيمَا مَرَّ مُعَلِّلًا بِعَدَمِ طَلَبِهِ. اهـ أَيْ: وَالسُّجُودُ إمَّا لِتَرْكِ مَأْمُورٍ، أَوْ فِعْلِ مَنْهِيٍّ كَمَا مَرَّ. ا. هـ وَعِبَارَةُ الشَّرْقَاوِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ يَسْجُدُ إذَا أَتَى بِصَلَاةِ التَّسْبِيحِ، أَوْ رَاتِبَةِ الظُّهْرِ أَرْبَعًا وَتَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ إنْ قُلْنَا بِنَدْبِهِ حِينَئِذٍ دُونَ مَا إذَا صَلَّى أَرْبَعًا نَفْلًا مُطْلَقًا بِقَصْدِ أَنْ يَتَشَهَّدَ تَشَهُّدَيْنِ فَاقْتَصَرَ عَلَى الْأَخِيرِ، وَلَوْ سَهْوًا عَلَى الْأَوْجَهِ. ا. هـ وَكَتَبَ شَيْخُنَا ذ بِهَامِشِهِ قَوْلَهُ: إنْ قُلْنَا بِنَدْبِهِ حِينَئِذٍ عِبَارَةُ شَيْخِنَا الْإِمَامِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَكْرِيِّ فِي كَنْزِهِ: وَلَوْ فِي النَّفْلِ إذَا كَانَ التَّشَهُّدُ رَاتِبًا فِيهِ كَصَلَاةِ التَّسْبِيحِ وَرَاتِبَةِ الظُّهْرِ إذَا صَلَّاهَا أَرْبَعًا، وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ نَفْلًا وَأَطْلَقَ، أَوْ قَصَدَ تَشَهُّدَيْنِ وَتَرَكَ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا عَمْدًا، أَوْ سَهْوًا لَمْ يَسْجُدْ. ا. هـ لَكِنَّ الَّذِي اعْتَمَدَهُ م ر السُّجُودَ فِي صُورَةِ الْقَصْدِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: إنْ تَرَكَهُ سَهْوًا) أَيْ: أَوْ عَمْدًا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. ا. هـ م ر فِي الشَّرْحِ وَخَالَفَ الطَّنْدَتَائِيُّ فَاعْتَمَدَ أَنْ لَا سُجُودَ خِلَافًا لِلْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ كَذَا بِخَطِّ عَالِمٍ بِهَامِشِ الشَّرْحِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ قِيَامَهُ لَمْ يَكُنْ سَهْوًا) يُفِيدُ أَنَّ قِيَامَهُ فِي صُورَةِ الْقَصْدِ كَانَ سَهْوًا وَأَنَّهُ الْمُقْتَضِي لِلسُّجُودِ فَهَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ سَهَا بِنَفْسِ الْقِيَامِ أَيْ: فَعَلَهُ غَيْرَ قَاصِدٍ لَهُ أَوْ بِتَرْكِ التَّشَهُّدِ بِأَنْ نَسِيَ قَصْدَهُ الْإِتْيَانَ بِتَشَهُّدَيْنِ، وَقَامَ عَمْدًا لَكِنَّ عِبَارَةَ شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ: يَسْجُدُ لِتَرْكِهِ إنْ كَانَ عَلَى عَزْمِ الْإِتْيَانِ بِهِ فَنَسِيَهُ. ا. هـ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي الثَّانِي وَلَا مَانِعَ مِنْ جَعْلِ الْقِيَامِ حِينَئِذٍ سَهْوًا لِبِنَائِهِ عَلَى سَهْوِ الْقَصْدِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ السُّجُودَ لَيْسَ لِتَرْكِ التَّشَهُّدِ بَلْ لِلْقِيَامِ سَهْوًا، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مُرَادُ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ دَلَالَةُ بِنِيَّةِ الْمَسْأَلَةِ الْمَقِيسِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ فِي الْمَنْطُوقِ إنَّمَا هُوَ لِلْهُوِيِّ كَمَا أَنَّ السَّهْوَ فِي الْمَفْهُومِ إنَّمَا هُوَ بِهِ وَعَلَى ذَلِكَ فَقَوْلُهُمَا أَوَّلًا إنْ تَرَكَهُ سَهْوًا قَيْدٌ.

وَأَمَّا مَنْ جَعَلَ السُّجُودَ لِتَرْكِ التَّشَهُّدِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ: إنَّهُ لَمَّا قَصَدَهُ صَارَ مَطْلُوبًا مِنْهُ سَوَاءٌ تَرَكَهُ سَهْوًا، أَوْ قَصْدًا لَكِنَّ ذَلِكَ مُدْرَكٌ آخَرُ غَيْرُ مَا لِلْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ فَلَا يَصِحُّ تَفْسِيرُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ كَمَا صَنَعَ الْمُحَشِّي حَيْثُ جَعَلَ التَّقْيِيدَ بِالسَّهْوِ لِلْغَالِبِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَالصَّلَاةَ فِيهِ لِلْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لَوْ اقْتَدَى شَافِعِيٌّ بِحَنَفِيٍّ فِي رُبَاعِيَّةٍ، أَوْ ثُلَاثِيَّةٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُطْلَبُ مِنْهُ السُّجُودُ؛ لِأَنَّ الْحَنَفِيَّ لَا يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ بِحَيْثُ لَوْ صَلَّى عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَبِتَرْكِهِ لِلصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ يَتَوَجَّهُ سُجُودُ السَّهْوِ عَلَى الْمَأْمُومِ كَذَا فِي الْحَوَاشِي الْمَدَنِيَّةِ. قَالَ: وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ. ا. هـ وَانْظُرْ هَلْ يُحْمَلُ حَالُهُ عِنْدَ الْجَهْلِ عَلَى أَنَّهُ رَاعَى الْخِلَافَ كَمَا قَالُوهُ فِي الْبَسْمَلَةِ، أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ فِي التَّشَهُّدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>