عَلَى سُنِّيَّةِ الْقُنُوتِ، وَقَيَّدَ الْخُوَارِزْمِيَّ الْقُنُوتَ بِأَنْ يَقْرَأَهُ بِنِيَّتِهِ، وَيُقَاسُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ وَيَكْفِي سَجْدَتَانِ
(وَإِنْ تَكَرَّرَا) مَا يَقْتَضِي السُّجُودَ مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ قَبْلَ السَّجْدَتَيْنِ أَوْ فِيهِمَا أَوْ بَيْنَهُمَا أَوْ بَعْدَهُمَا كَأَنْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سَلَّمَ، وَتَكَلَّمَ وَاسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ وَمَشَى» فِي خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى سَجْدَتَيْنِ؛ وَلِأَنَّهُمَا أُخِّرَتَا إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ، وَلَوْلَا التَّدَاخُلُ لَأُمِرَ بِهِ عِنْدَ السَّهْوِ كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ عِنْدَهَا، وَأَمَّا مَا سَيَأْتِي مِنْ إعَادَةِ السُّجُودِ لِمَعْنًى فَالْمُعْتَدُّ بِهِ سَجْدَتَانِ فَقَطْ (وَمَا يُشَكُّ) فِيهِ مِنْ مَأْمُورٍ وَمَنْهِيٍّ (كَاَلَّذِي مَا صَدَرَا) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ حَتَّى يَنْظُرَ إنْ اقْتَضَى عَدَمُهُ السُّجُودَ سَجَدَ وَإِلَّا فَلَا، فَلَوْ شَكَّ فِيمَا يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ مِنْ تَرْكِ مَأْمُورٍ أَوْ فِعْلِ مَنْهِيٍّ فَكَمَا لَوْ تَيَقَّنَ عَدَمَ فِعْلِهِ فَيَسْجُدُ لِلْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، أَوْ فِي أَنَّهُ سَجَدَ لِلسَّهْوِ، أَوْ لَا سَجَدَ، أَوْ فِي رُبَاعِيَّةٍ أَصَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا أَخَذَ بِالْأَقَلِّ وَأَتَى بِالْمَشْكُوكِ، وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، أَوْ فِي جُلُوسِهِ لِلتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ أَصَلَّى أَرْبَعًا أَمْ خَمْسًا لَا يَسْجُدُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَامَ إلَى رَكْعَةٍ وَشَكَّ أَنَّهَا رَابِعَةٌ أَمْ خَامِسَةٌ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ فِي أَحَدِ مُحْتَمَلَيْهِ زَائِدٌ، وَالْجُلُوسَ وَاجِبٌ بِكُلِّ حَالٍ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الشَّكَّ فِي النِّيَّةِ وَتَكْبِيرَةِ التَّحْرِيمِ وَالطُّهْرِ مُبْطِلٌ أَيْ: بِشَرْطِهِ.
فَقَوْلُهُ الْآتِي: وَقَبْلَهُ يَأْتِي بِهِ، ثُمَّ سَجَدَ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ (لَا الرُّكْنُ) الْمَشْكُوكُ فِيهِ (مِنْ بَعْدِ السَّلَامِ) فَإِنَّهُ لَيْسَ كَاَلَّذِي مَا صَدَرَ (فِي) الْقَوْلِ (الْأَسَدْ) بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ: الْأَقْوَى، وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مُضِيُّهَا عَلَى التَّمَامِ وَلِأَنَّهُ لَوْ اعْتَبَرَ الشَّكَّ بَعْدَهَا لَعَسُرَ الْأَمْرُ لِكَثْرَةِ عُرُوضِ مِثْلِهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الشَّكُّ فِي النِّيَّةِ فَإِنَّهُ مُبْطِلٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ، وَيُقَاسُ بِهَا تَكْبِيرَةُ التَّحَرُّمِ وَمُقَابِلُ الْأَسَدِّ الْمَزِيدِ عَلَى الْحَاوِي وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ إنْ قَرُبَ الْفَصْلُ بَنَى وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالثَّانِي إنْ طَالَ الْفَصْلُ اسْتَأْنَفَ، وَإِلَّا بَنَى وَخَرَجَ بِالْمَشْكُوكِ الْمَعْلُومُ تَرْكُهُ فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ اسْتَأْنَفَ، وَإِلَّا بَنَى وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَيَكْفِي سَجْدَتَانِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَهُمَا لِلْجَمِيعِ.
(قَوْلُهُ، أَوْ لِمَا نَوَاهُ) قَالَ فِي شَرْحِهِ وَيَكُونُ تَارِكًا لِسُجُودِ الْبَاقِي فِي الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ الشَّكَّ فِي النِّيَّةِ إلَخْ) اُنْظُرْ بَقِيَّةَ الشُّرُوطِ كَالِاسْتِقْبَالِ، وَالسِّتْرِ وَالْقِيَاسُ أَنَّهَا كَالطُّهْرِ وَمِنْ صُوَرِ الشَّكِّ فِي السِّتْرِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ أَثْوَابٌ نِصْفُهَا يَصِحُّ الِاسْتِتَارُ بِهِ وَنِصْفُهَا لَا يَصِحُّ الِاسْتِتَارُ بِهِ لِكَوْنِهِ لَا يَمْنَعُ رُؤْيَةَ الْبَشَرَةِ فَسَتَرَ بِبَعْضِهَا فِي نَحْوِ ظُلْمَةٍ، وَلَا يَدْرِي أَنَّهُ مِمَّا يَسْتَتِرُ بِهِ، أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) لَعَلَّ مُرَادَهُ هَذَا أَنْ لَا يَتَيَقَّنَ الطُّهْرَ ثُمَّ يَعْرِضُ لَهُ الشَّكُّ فِيهِ وَأَحْسَنُ مِنْ هَذَا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ أَنْ يَكُونَ مَعَ الطُّولِ، أَوْ يَمْضِيَ رُكْنٌ فِي زَمَنِ الشَّكِّ بِرّ. (قَوْلُهُ: فِي النِّيَّةِ فَإِنَّهُ مُبْطِلٌ) أَيْ: بِشَرْطِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَنَى) إنْ لَمْ يَطَأْ نَجَاسَةً شَرْحُ الرَّوْضِ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَإِنْ تَكَلَّمَ قَلِيلًا وَاسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ وَخَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَتُفَارِقُ هَذِهِ الْأُمُورُ وَطْءَ النَّجَاسَةِ بِاحْتِمَالِهَا فِي الصَّلَاةِ فِي الْجُمْلَةِ. اهـ. وَهَلْ كَوَطْءِ النَّجَاسَةِ ثَلَاثَةُ أَفْعَالٍ مُتَوَالِيَةٍ؛ لِأَنَّهَا مُبْطِلَةٌ وَلَوْ سَهْوًا
[حاشية الشربيني]
لَمَّا كَانَ مَأْمُورًا بِهِ أَمْرًا مُؤَكَّدًا أَشْبَهَ الْبَعْضَ فِي التَّأَكُّدِ فَطَلَبَ السُّجُودَ لَهُ فَقَوْلُهُمْ: لَا يَسْجُدُ إلَّا لِتَرْكِ الْبَعْضِ أَيْ: أَوْ مَا شَابَهَهُ فِي التَّأَكُّدِ. اهـ ش ق
(قَوْلُهُ: وَمَا يَشُكُّ فِيهِ إلَخْ) أَيْ: لَا عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ، وَمِثْلُهُ الشَّكُّ فِي تَرْكِ بَعْضٍ مُبْهَمٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ اسْتَأْنَفَ وَإِلَّا بَنَى) هَذَا حُكْمُ غَيْرِ السَّلَامِ أَمَّا هُوَ إذَا تَذَكَّرَ تَرْكَهُ، أَوْ شَكَّ فِيهِ وَلَمْ يَأْتِ بِمُبْطِلٍ فَيَفْعَلُهُ، وَلَا سُجُودَ لِعَدَمِ الزِّيَادَةِ سَوَاءٌ طَالَ الْفَصْلُ، أَوْ قَصُرَ فَلَوْ أَتَى بِمُبْطِلٍ فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ التَّذَكُّرِ، أَوْ طُرُوِّ الشَّكِّ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ الْمَفْعُولَةِ وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ لِبُطْلَانِهَا بِهَذَا الْمُبْطِلِ سَوَاءٌ كَانَ يُبْطِلُ عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ كَالْكَلَامِ الْكَثِيرِ، وَالْفِعْلِ الْكَثِيرِ الْمُتَوَالِي، وَالِاتِّصَالِ بِنَجِسٍ، وَكَشْفِ الْعَوْرَةِ أَمْ لَا كَاسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ، وَالْكَلَامِ الْقَلِيلِ، وَالْأَكْلِ الْقَلِيلِ فَإِنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ فِيمَا أَبْطَلَ عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ دُونَ مَا أَبْطَلَ عَمْدُهُ فَقَطْ فَلَا يَسْتَأْنِفُ بَلْ يُدْخِلُ نَفْسَهُ فِي الصَّلَاةِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِالسَّلَامِ، وَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ وَسُجُودُهُ لَيْسَ لِتَدَارُكِ السَّلَامِ بَلْ لِفِعْلِ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ أَفَادَهُ سم عَلَى حَجَرٍ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ، وَفِي ع ش أَنَّ حُكْمَ الْفَاصِلِ الطَّوِيلِ كَحُكْمِ الْقَصِيرِ فِي تَفْصِيلِهِ الْمَذْكُورِ. اهـ.
شَيْخُنَا الذَّهَبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِهَامِشِ الشَّرْقَاوِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ أَيْضًا: فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَأَمَّا ضَبْطُ طُولِ الْفَصْلِ فَيَحْتَاجُ إلَيْهِ فِيمَا إذَا تَيَقَّنَ أَنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا وَذَكَرَهُ بَعْدَ السَّلَامِ، وَفِي قَدْرِهِ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا نَصُّهُ فِي الْأُمِّ يَرْجِعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ، وَالثَّانِي نَصُّهُ فِي الْبُوَيْطِيِّ أَنَّ الطَّوِيلَ مَا يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ رَكْعَةٍ وَلَنَا وَجْهٌ أَنَّ الطَّوِيلَ قَدْرُ الصَّلَاةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا قَالَ: وَحَاوَلَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ ضَبْطَ الْعُرْفِ فَقَالَ: إذَا مَضَى زَمَنٌ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ أَضْرَبَ عَنْ السُّجُودِ قَصْدًا أَوْ نِسْيَانًا فَهَذَا طَوِيلٌ وَإِلَّا فَقَصِيرٌ. ا. هـ وَهَذَا الطُّولُ غَيْرُ الطُّولِ الْمُوجِبِ لِلْبُطْلَانِ عِنْدَ التَّرَدُّدِ فِي الرُّكْنِ، أَوْ الشَّرْطِ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّهُ مَا يَسَعُ أَقَلَّ الْأَرْكَانِ. اهـ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَاشِيَةِ لِعَدَمِ الزِّيَادَةِ الْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِفَوَاتِ مَحَلِّهِ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّرْحِ، وَأَمَّا احْتِمَالُ الزِّيَادَةِ عِنْدَ الشَّكِّ فَمَوْجُودٌ يَقِينًا تَأَمَّلْ. اهـ.
(قَوْلُهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute