للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّجُلِ وَمَا كَانَ أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ (إنْ لَمْ يَكُنْ إمَامُهُ) أَيْ: الْجَمْعُ الزَّائِدُ (ذَا بِدْعَهْ) كَمُعْتَزِلِيٍّ، وَقَدَرِيٍّ، وَرَافِضِيٍّ أَوْ فَاسِقًا (أَوْ حَنَفِيًّا) أَوْ نَحْوَهُ مِمَّنْ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ بَعْضِ الْأَرْكَانِ أَوْ الشُّرُوطِ (أَوْ) لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَقَدْ تَعَدَّدَتْ الْمَسَاجِدُ مَسْجِدٌ (قَرِيبَ الْبُقْعَهْ) مِنْ الشَّخْصِ (يَعْطُلُ عَنْ جَمَاعَةٍ) بِغِيبَتِهِ عَنْهُ لِكَوْنِهِ إمَامًا، أَوْ يَحْضُرُ النَّاسُ بِحُضُورِهِ فَإِنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَالْجَمَاعَةُ فِي الْجَمْعِ الْقَلِيلِ الْخَالِي إمَامُهُ عَمَّا ذُكِرَ، وَفِي الْمَسْجِدِ الْقَرِيبِ، وَإِنْ قَلَّ جَمْعُهُ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ الْخِيَانَةِ فِي الْأَوَّلِ وَتَكْثُرُ الْجَمَاعَةُ بِالْمَسَاجِدِ فِي الثَّانِي.

فَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ الْجَمَاعَةُ إلَّا بِمُبْتَدِعٍ وَنَحْوِهِ فَالصَّلَاةُ مَعَهُمْ أَحَبُّ كَذَا ذَكَرَهُ الدَّمِيرِيِّ وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّ كَلَامَهُمْ يُشْعِرُ بِهِ لَكِنَّ الَّذِي فِي الْبَحْرِ صَلَاتُهُ مُنْفَرِدًا أَفْضَلُ، وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ لَكِنْ فِي مَسْأَلَةِ الْحَنَفِيِّ فَقَطْ، وَمِثْلُهَا الْبَقِيَّةُ، بَلْ أَوْلَى قَالَ الْمُتَوَلِّي وَالصَّلَاةُ مُنْفَرِدًا فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِهَا. وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا خَشَعَ

ــ

[حاشية العبادي]

زَائِدٍ) بِالْإِضَافَةِ (قَوْلُهُ: قَرِيبُ الْبُقْعَةِ) فَهُوَ عُطِفَ عَلَى إمَامِهِ. (قَوْلُهُ: قَرِيبُ الْبُقْعَةِ) أَوْ بَعِيدُهَا عَلَى الْمُتَّجَهِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْمَسْجِدِ الْقَرِيبِ) وَإِنْ قَلَّ جَمْعُهُ قَالَ فِي الْعُبَابِ: بَلْ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا، ثُمَّ يُدْرِكُ الْجَمَاعَةَ. اهـ.

وَبَيَّنَ الشِّهَابُ فِي شَرْحِهِ. نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ وَقَالَ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَيُوَجَّهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَحَبُّ) وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ أَفْضَلُ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَ هَؤُلَاءِ مَكْرُوهَةٌ مُطْلَقًا. اهـ. وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِأَحَبَّ أَوْ بِأَفْضَلَ أَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَ هَؤُلَاءِ مَعَ كَرَاهَتِهَا مَحْبُوبَةٌ وَفِيهَا فَضِيلَةٌ، وَقَدْ يُشْكِلُ، وَقَوْلُهُ الْآتِي: صَحَّ فَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ الْجَمَاعَةُ إلَّا بِمُبْتَدِعٍ إلَى قَوْلِهِ: أَحَبُّ يَنْبَغِي انْتِفَاءُ الْكَرَاهَةِ فِيهِ إذْ كَيْفَ يَكُونُ الْمَكْرُوهُ أَحَبَّ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: أَحَبُّ) هَذَا لَيْسَ عَلَى بَابِهِ فِي الْفَاسِقِ وَالْمُبْتَدِعِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَهُمْ مَكْرُوهَةٌ بِرّ. (قَوْلُهُ: أَحَبُّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الصَّلَاةَ مَعَ نَحْوِ الْفَاسِقِ وَالْحَنَفِيِّ مَحْبُوبَةٌ وَإِنْ أَمْكَنَتْ مَعَ غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ) أَيْ: الْجَمْعِ الْقَلِيلِ. (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِي) أَيْ: الْمَسْجِدِ الْقَرِيبِ (قَوْلُهُ: بِمُبْتَدِعٍ وَنَحْوِهِ) يَشْمَلُ الْفَاسِقَ (قَوْلُهُ: مَعَهُمْ أَحَبُّ) أَيْ: مِنْ الِانْفِرَادِ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الدَّمِيرِيِّ) وَأَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ: قَالَ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ إلَخْ)

ــ

[حاشية الشربيني]

بِالرِّجَالِ الْأَجَانِبِ فَحَرَامٌ، وَلَوْ تَعَدَّدُوا شَرْحُ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: ذَا بِدْعَةٍ) أَيْ: لَا يَكْفُرُ بِهَا. (قَوْلُهُ: وَقَدَرِيٍّ) هُوَ: مَنْ يَنْسِبُ فِعْلَ الْعِبَادِ إلَى قُدْرَتِهِمْ وَهُمْ: طَائِفَةٌ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ. (قَوْلُهُ: وَرَافِضِيٍّ) هُوَ: الْقَائِلُ بِأَنَّ عَلِيًّا كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ أَمَرَ إلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْخِلَافَةِ وَأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ وَأَنَّ مَنْ لَمْ يُسَلِّمْهَا إلَيْهِ فَهُوَ كَافِرٌ. اهـ ش ق (قَوْلُهُ: أَوْ فَاسِقًا) قَالَ حَجَرٌ، أَوْ مُتَّهَمًا تُهْمَةً قَوِيَّةً بِالْفِسْقِ. ا. هـ ع ش. (قَوْلُهُ: قَرِيبُ الْبُقْعَةِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ م ر وَحَجَرٌ، وَمِثْلُ تَعَطُّلِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ تَعَطُّلُ الْجَمَاعَةِ فِي بَيْتِهِ فَقَلِيلُ الْجَمْعِ بِالْبَيْتِ أَفْضَلُ حَيْثُ تَعَطَّلَتْ بِغَيْبَتِهِ م ر. (قَوْلُهُ: فَالْجَمَاعَةُ فِي الْجَمْعِ الْقَلِيلِ إلَخْ) وَمِثْلُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَسَائِلِ مَا شَابَهَهَا مِمَّا فِيهِ تَوَفُّرُ مَصْلَحَةٍ، أَوْ زِيَادَتِهَا مَعَ الْجَمْعِ الْقَلِيلِ دُونَ الْكَثِيرِ، ا. هـ حَجَرٌ شَرْحُ بَافَضْلٍ.

(قَوْلُهُ: أَحَبُّ إلَيْنَا إلَخْ) قَالَ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ: مَشَى م ر عَلَى كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْمُخَالِفِ الَّذِي لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ بَعْضِ الْأَرْكَانِ، وَالْفَاسِقِ وَنَحْوِهِمَا حَيْثُ أَمْكَنَتْ الصَّلَاةُ خَلْفَ غَيْرِهِمْ، وَمَعَ ذَلِكَ الصَّلَاةُ مَعَهُمْ أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ، وَتَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ قَالَ: لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لِخَارِجٍ غَيْرِ لَازِمٍ؛ لِأَنَّ اعْتِقَادَ الْمُخَالِفِ يُمْكِنُ أَنْ يَزُولَ وَأَنْ يَعْتَقِدَ مَا يُوَافِقُ. ا. هـ وَأَقُولُ هَذَا التَّوْجِيهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِاللَّازِمِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ مَا لَا يَنْفَكُّ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ مَا لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي حَاشِيَةِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَشَرْحِهِ، وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إذَا تَيَسَّرَ جَمَاعَةٌ خَلْفَ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ كَمَا وَافَقَ عَلَيْهِ م ر فِيمَا سَبَقَ. ا. هـ وَوَافَقَهُ عَلَى الْإِشْكَالِ السَّابِقِ الرَّشِيدِيُّ وَق ل عَلَى الْجَلَالِ قَالَ الرَّشِيدِيُّ وَسم: وَلِذَا قَالَ الشِّهَابُ حَجَرٌ لَا تَحْصُلُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ، وَأَيَّدَهُ الرَّشِيدِيُّ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ، وَسَيَأْتِي أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةِ تَفُوتُ فَضِيلَتُهَا. اهـ.

وَفِي كَوْنِهَا هُنَا مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةِ نَظَرٌ إذْ الْجَمَاعَةُ فِي كَلَامِ م ر ذَاتُهَا مَطْلُوبَةٌ وَإِنَّمَا الْكَرَاهَةُ لِوَصْفٍ فِي الْفَاعِلِ كَذَا قِيلَ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ لَازِمٌ لَهُ أَيْ: وَيُوجَدُ فِي غَيْرِهِ، وَمَعَ هَذَا فَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ الرَّمْلِيُّ وَبِهِ جَزَمَ الدَّمِيرِيِّ وَاسْتَقَرَّ بِهِ الْكَمَالُ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ الَّذِي يُشْعِرُ بِهِ كَلَامُهُمْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ الْجَمَاعَةُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهَا مَتَى حَصَلَتْ بِغَيْرِهِ وَلَوْ خَارِجَ الْمَسْجِدِ كُرِهَتْ الصَّلَاةُ مَعَهُ، وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ فَحَرِّرْهُ، (قَوْلُهُ: أَيْضًا فَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ إلَخْ) فِي سم عَلَى التُّحْفَةِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ مَعَهُمْ أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ، وَإِنْ حَصَلَتْ بِغَيْرِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا قِيلَ: إنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ. (قَوْلُهُ: فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أَفْضَلُ إلَخْ) وَالِانْفِرَادُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِهِ، وَلَوْ الْمَدِينَةَ وَالْأَقْصَى، وَفِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي الْأَقْصَى، وَفِي الْأَقْصَى أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِهِ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُمْ: فَضِيلَةُ الذَّاتِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى فَضِيلَةِ الْمَكَانِ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ فَضِيلَةُ الْمَكَانِ مُضَاعَفَةٌ وَتَوَقَّفَ سم

<<  <  ج: ص:  >  >>