للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى مُسَافِرَانِ شَافِعِيٌّ وَحَنَفِيٌّ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِمَوْضِعٍ انْقَطَعَ بِوُصُولِهِمَا سَفَرُ الشَّافِعِيِّ دُونَ الْحَنَفِيِّ، وَجَازَ لَهُ بِكُرْهٍ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ مَعَ اعْتِقَادِهِ بُطْلَانَ صَلَاةِ الْقَاصِرِ فِي الْإِقَامَةِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ هُنَا فِي تَرْكِ وَاجِبٍ لَا يُجَوِّزُهُ الشَّافِعِيُّ مُطْلَقًا، بِخِلَافِهِ ثَمَّةَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْقَصْرُ فِي الْجُمْلَةِ أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ تَرَكَ وَاجِبًا فَلَا إعَادَةَ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْهُ فَذَاكَ أَوْ شَكَّ فَالظَّاهِرُ إتْيَانُهُ بِهِ مُحَافَظَةً عَلَى الْكَمَالِ عِنْدَهُ وَخُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ اعْتِقَادِهِ الْوُجُوبَ، وَإِنَّمَا ضَرَّ فِي الْإِمَامِ الْمُوَافِقِ لِعِلْمِ الْمَأْمُومِ بِبُطْلَانِهَا عِنْدَهُمَا.

(وَ) لِيَقْضِ (مَا) أَيْ: صَلَاةً ثَبَتَ (لَهَا تَعَيُّنُ الْبُطْلَانِ) فِي اعْتِقَادِهِ (مِثْلُ اخْتِلَافِ) اجْتِهَادِ (الْجَمْعِ فِي أَوَانِ) أَحَدِهَا نَجِسٍ (وَبِالتَّحَرِّي اسْتَعْمَلُوا) بِأَنْ اسْتَعْمَلَ كُلٌّ مِنْهُمْ مَا ظَنَّ طَهَارَتَهُ (أَوْ) مِثْلُ (سَمْعِ صَوْتٍ يَكُونُ نَاقِضًا) لِلْوُضُوءِ (مِنْ جَمْعِ) أَيْ: سَمِعَهُ مِنْ بَيْنِ جَمْعٍ، وَتَنَاكَرُوهُ، (وَفِي صَلَاةٍ اقْتَدَى) أَيْ: وَالْحَالَةُ أَنَّهُ اقْتَدَى (بِكُلِّ) وَاحِدٍ مِنْهُمْ (كُلٌّ) مِنْهُمْ فِي صَلَاةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَلَمْ يَظُنَّ شَيْئًا مِنْ أَحْوَالِ غَيْرِهِ أَوْ ظَنَّ طَهَارَةَ غَيْرِ الْأَخِيرِ (قَضَى) كُلٌّ مِنْهُمْ (آخِرَ مَا يُصَلِّي مُقْتَدِيًا) لِتَعَيُّنِهِ لِلْبُطْلَانِ بِاعْتِقَادِهِ لِسَبْقِ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ مَا قَبْلَ الْآخِرِ، فَلَوْ كَانُوا خَمْسَةً، وَالْأَوَانِي كَذَلِكَ قَضَى كُلٌّ مِنْهُمْ الْعِشَاءَ إلَّا إمَامَهَا فَيَقْضِي الْمَغْرِبَ، فَلَوْ كَانَ النَّجِسُ اثْنَيْنِ قَضَوْا الْمَغْرِبَ، وَالْعِشَاءَ إلَّا إمَامَ الْمَغْرِبِ فَيَقْضِي الْعَصْرَ، وَالْعِشَاءَ، وَإِمَامَ الْعِشَاءِ

ــ

[حاشية العبادي]

فَلْيُنْظَرْ سَبَبُهُ وَالْوَجْهُ الْبِنَاءُ لِلْمَفْعُولِ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ لَهُ بِكُرْهٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ عَلِمَ الْحَالَ مِنْ نِيَّةِ الْحَنَفِيِّ الْإِقَامَةَ بَلْ لَا يُتَصَوَّرُ الْحُكْمُ بِالْجَوَازِ إلَّا فِي حَقِّ الْعَالِمِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ وَإِنْ قَصَّرَ بِهِ) أَيْ: وَيَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ هَذَا الْجَوَابُ فِيهِ نَظَرٌ وَيَجُوزُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ نِيَّةَ الْقَصْرِ جَهْلٌ بِحُكْمِ اللَّهِ فِي اعْتِقَادِ الشَّافِعِيِّ وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ كَسُجُودِ الْحَنَفِيِّ فِي سَجْدَةِ {ص} [ص: ١] . اهـ. أَقُولُ إنْ كَانَ الْحُكْمُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ نِيَّةُ الْقَصْرِ مَعَ الْجَهْلِ بِتَأْثِيرِ الْإِقَامَةِ الْمَذْكُورَةِ اتَّضَحَ هَذَا الْجَوَابُ، وَاتَّضَحَ الْفَرْقُ بَيْنَ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ هُنَا وَعَدَمِهِ فِيمَا إذَا اقْتَدَى بِمَنْ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَإِلَّا لَمْ يَتَّضِحَ الْجَوَابُ وَيُشْكِلُ الْفَرْقُ الْمَذْكُورُ إذْ كَيْفَ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ مَعَ اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ عَدَمَ الصِّحَّةِ، وَلَا تَصِحُّ مَعَ اعْتِقَادِهِ لُزُومَ الْقَضَاءِ مَعَ الصِّحَّةِ وَهَذَا الْإِشْكَالُ يَرُدُّ عَلَى جَوَابِ الشَّارِحِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْقَصْرَ هُنَا مِنْ جِنْسِ مَا لَا قَضَاءَ فِيهِ مُطْلَقًا فَكَفَى فِيهِ الصِّحَّةُ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ: وَإِنْ ضَرَّتْ مَعَ الْجَهْلِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ جَهْلٍ مُسْتَنَدُهُ الِاجْتِهَادُ، وَبَيْنَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مُحَافَظَةً إلَخْ) هَذَا لَا يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ الْوَاجِبُ الْمَشْكُوكُ فِيهِ مِمَّا يَعْتَقِدُ الْمُخَالِفُ أَنَّ الْكَمَالَ فِي تَرْكِهِ فَلَا يَرَى الْخُرُوجَ مِنْ الْخِلَافِ فِيهِ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ احْتَاطَ لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ وَإِنْ لَمْ يَرَ الْمُرَاعَاةَ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَمَا) عَطْفٌ عَلَى مَفْعُولِ يَقْضِي السَّابِقِ بِرّ. (قَوْلُهُ أَوْ مِثْلُ سَمْعِ صَوْتٍ) لَوْ تَكَرَّرَ الصَّوْتُ لَمْ يَكُنْ كَتَعَدُّدِ الْأَوَانِي النَّجِسَةِ لِاحْتِمَالِ تَكَرُّرِهِ مِنْ وَاحِدٍ بِرّ. (قَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْهُمْ) فَاعِلُ اقْتَدَى

ــ

[حاشية الشربيني]

وَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ اعْتِبَارًا بِعَقِيدَةِ الْمَأْمُومِ إذْ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ اعْتِبَارًا بِعَقِيدَةِ الْإِمَامِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَتَحَمَّلُ ذَلِكَ الْإِمَامُ عَنْ الْمَأْمُومِ كَغَيْرِهِ، وَتُدْرَكُ الرَّكْعَةُ بِإِدْرَاكِهِ رَاكِعًا. ا. هـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: لَا إنْ فَصَدَ) أَيْ: لَا يُمَثِّلُ بِالْحَنَفِيِّ إنَّ اُفْتُصِدَ لِمَنْ يَعْتَقِدُ الْمَأْمُومُ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ. (قَوْلُهُ: يَجُوزُ الْقَصْرُ فِي الْجُمْلَةِ) أَوْرَدَ عَلَى هَذَا فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ حَالَةُ ضَرُورَةٍ. ا. هـ ح ل. (قَوْلُهُ: مُحَافَظَةً عَلَى الْكَمَالِ عِنْدَهُ) فِيهِ أَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ الْمَتْرُوكُ عِنْدَهُ مِنْ الْكَمَالِ، وَلَا مِمَّا يُطْلَبُ عِنْدَهُ الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ فِيهِ فَلَا يَكُونُ الظَّاهِرُ الْإِتْيَانُ بِجَمِيعِ الْوَاجِبَاتِ، وَإِنْ جَازَ الْإِتْيَانُ بِهِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: مِثْلُ اخْتِلَافِ إلَخْ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ الظَّاهِرُ أَقَلَّ عَدَدًا مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ وَإِلَّا فَلَوْ اشْتَبَهَ خَمْسَةٌ بِوَاحِدٍ عَلَى خَمْسَةٍ لَمْ يَتَأَتَّ التَّعْيِينُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْبَاقِي هُوَ النَّجَسُ فَلَا إعَادَةَ عَلَى أَحَدٍ، وَأَنْ يَكُونَ النَّجَسُ وَاحِدًا كَمَا قَالَ: وَإِلَّا تَغَيَّرَ الْحُكْمُ الَّذِي ذَكَرَهُ، وَأَنْ يَقَعَ ذَلِكَ لِجَهْلٍ، أَوْ نِسْيَانٍ بِأَنْ نَسِيَ كُلٌّ أَنَّهُ اقْتَدَى بِثَلَاثَةٍ، ثُمَّ ائْتَمَّ بِالرَّابِعِ، أَمَّا إذَا عَلِمَ فَلَا يَجُوزُ اقْتِدَاؤُهُ بِالرَّابِعِ لِتَعَيُّنِ إمَامِهِ لِلنَّجَاسَةِ وَأَنْ يَظُنَّ طَهَارَةَ إنَائِهِ فَقَطْ أَيْ: وَلَمْ يَظُنَّ مِنْ أَحْوَالِ الْآنِيَةِ الْبَاقِيَةِ شَيْئًا بِأَنْ لَمْ يَظُنَّ طَهَارَةَ بَعْضِ الْبَاقِي، وَلَا نَجَاسَتَهُ عَلَى التَّعْيِينِ، وَإِلَّا تَغَيَّرَ الْحُكْمُ فَلْيُتَأَمَّلْ، (قَوْلُهُ: قَضَى كُلٌّ مِنْهُمْ الْعِشَاءَ إلَّا إمَامُهَا فَيَقْضِي الْمَغْرِبَ) أَيْ لِانْتِفَاءِ احْتِمَالِ عَدَمِ النَّجَاسَةِ بِزَعْمِهِمْ أَيْ: بِاعْتِبَارِ اقْتِدَائِهِمْ بِمَنْ عَدَاهُمْ وَإِنَّمَا عَوَّلُوا عَلَى التَّعْيِينِ

<<  <  ج: ص:  >  >>