للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَزَلَتْ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ أَيْضًا لِلضَّرُورَةِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْقَاضِي وَأَبِي الرَّبِيعِ الْإِيلَاقِيِّ بِالْقَافِ وَجَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ.

وَنَقَلَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ ثُمَّ قَالَ: وَعِنْدِي، إنَّهُ نَجَسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ لِلضَّرُورَةِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ قَالَ: أَمَّا لَوْ ارْتَفَعَتْ بِفِعْلِهِ فَلَا يَطْهُرُ الدَّنُّ إذْ لَا ضَرُورَةَ وَكَذَا الْخَمْرُ لِاتِّصَالِهَا بِالْمُرْتَفِعِ النَّجِسِ نَعَمْ لَوْ غُمِرَ الْمُرْتَفِعُ قَبْلَ جَفَافِهِ بِخَمْرٍ أُخْرَى طَهُرَتْ بِالتَّخَلُّلِ لِوُجُودِهِ فِي الْكُلِّ فَإِنَّ أَجْزَاءَ الدَّنِّ الْمُلَاقِيَةَ لِلْخَلِّ لَا خِلَافَ فِي طَهَارَتِهَا تَبَعًا لَهُ. وَقَوْلُهُ: قَبْلَ جَفَافِهِ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَا تَطْهُرُ فِيمَا لَوْ غَمَرَهُ بِهَا بَعْدَ جَفَافِهِ، وَتَعْلِيلُهُ يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَالْمُوَافِقُ لِكَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّهَا لَا تَطْهُرُ مُطْلَقًا لِمُصَاحَبَتِهَا عَيْنًا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِهَا وَنَبَّهَ النَّاظِمُ بِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ نُقِلَتْ) أَيْ: مِنْ ظِلٍّ إلَى شَمْسٍ أَوْ عَكْسُهُ عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ الْخَالِيَ عَنْ الْعَيْنِ كَالنَّقْلِ الْمَذْكُورِ وَفَتْحِ رَأْسِ الدَّنِّ لَا يُؤَثِّرُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي بَقَاءِ نَجَاسَتِهَا تَنَجُّسُهَا بِالْعَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي لَا تَحْرِيمُ التَّخْلِيلِ الدَّالِّ عَلَيْهِ الْخَبَرُ وَالْأَثَرُ السَّابِقَانِ.

أَمَّا إذَا تَخَلَّلَتْ بِمُصَاحَبَةِ عَيْنٍ وَإِنْ لَمْ تُؤَثِّرْ فِي التَّخْلِيلِ كَحَصَاةٍ وَمَاءِ فَلَا تَطْهُرُ لِتَنَجُّسِهَا بَعْدَ تَحَلُّلِهَا بِالْعَيْنِ الَّتِي تَنَجَّسَتْ بِهَا وَلَا ضَرُورَةَ بِخِلَافِ الدَّنِّ سَوَاءٌ وَقَعَتْ فِيهَا حَالَ الْخَمْرِيَّةِ أَمْ قَبْلَهَا، وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ الْعَنَاقِيدَ وَحَبَّاتِهَا كَأَنْ وُضِعَتْ فِي الدَّنِّ فَتَخَمَّرَتْ ثُمَّ تَخَلَّلَتْ لَكِنْ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ أَنَّهَا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يُوجَدْ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ يَكْفِي فِي الْوُجُودِ الْمَذْكُورِ الْعَفْوُ. (قَوْلُهُ: قَالَ: أَمَّا إلَخْ) هُوَ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ كَمَا رَأَيْته مُصَرِّحًا بِهِ بِرّ. (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي أَنَّهَا لَا تَطْهُرُ إلَخْ) أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. (قَوْلُهُ: الْخَبَرُ وَالْأَثَرُ السَّابِقَانِ) فِي دَلَالَةِ الْأَثَرِ عَلَى تَحْرِيمِ التَّخْلِيلِ نَظَرٌ نَعَمْ هُوَ ظَاهِرٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى نَجَاسَتِهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُفِيدٌ لِتَحْرِيمِ تَنَاوُلِهَا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَثَرُ) قُلْت: فِي دَلَالَةِ الْأَثَرِ عَلَى تَحْرِيمِ التَّخْلِيلِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْحِلِّ فِيهِ مُوَجَّهٌ لِلْخَمْرِ، وَالْحُكْمُ إذَا تَعَلَّقَ بِالْأَعْيَانِ صُرِفَ إلَى الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ مِنْهَا وَهُوَ هُنَا التَّنَاوُلُ وَالِانْتِفَاعُ، نَظِيرُ ذَلِكَ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] وَتَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ حُرْمَةِ التَّنَاوُلِ حُرْمَةُ التَّخْلِيلِ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ إلَخْ) وَهَذَا الشُّمُولُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا سَيَأْتِي عَنْ الْمَجْمُوعِ فِي الْحَبَّاتِ؛ لِأَنَّهَا ظُرُوفٌ كَالدِّنَانِ وَالْعَجَمُ فِي بَاطِنِهَا مُغْتَفَرٌ م ر. (قَوْلُهُ: الْعَنَاقِيدَ وَحَبَّاتِهَا) يَعْنِي فَتَضُرُّ وَالْمُرَادُ بِالْعَنَاقِيدِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الزَّرْكَشِيُّ قَالَ حَجَرٌ: لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَعْنِي الطَّهَارَةَ أَلْيَقُ بِالْقَوَاعِدِ وَبِالسُّهُولَةِ ثُمَّ الَّذِي يَطْهُرُ مِنْ الدَّنِّ هُوَ بَاطِنُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْخَمْرُ مُلَاقِيَةً لَهُ وَقْتَ التَّخَلُّلِ أَوْ لَا بِأَنْ نَزَلَتْ عَنْهُ لَا بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْهَا لَا ظَاهِرِهِ الَّذِي تَنَجَّسَ بِالرَّشْحِ إلَيْهِ مِمَّا فِي بَاطِنِهِ إذْ لَا تَنْجَسُ الْخَمْرُ بِنَجَاسَتِهِ فَلَا ضَرُورَةَ لِلْحُكْمِ بِطَهَارَتِهِ اهـ. إيعَابٌ.

(قَوْلُهُ: لَوْ ارْتَفَعَتْ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ أُخِذَ مِنْهَا شَيْءٌ وَتَخَلَّلَ الْبَاقِي لَمْ يَطْهُرْ لِاتِّصَالِهِ بِالْجِنْسِ قَالَهُ الزَّنْجَانِيُّ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ وَاعْتَمَدَهُ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: بِخَمْرٍ أُخْرَى) الْخَمْرُ مُؤَنَّثَةٌ وَيَجُوزُ تَذْكِيرُهَا بِقِلَّةٍ. (قَوْلُهُ: طَهُرَتْ بِالتَّخَلُّلِ) سَوَاءٌ تَشَرَّبَ مِنْهَا الدَّنُّ بِأَنْ كَانَتْ مِنْ خَزَفٍ أَوْ لَا إيعَابٌ هَذَا حُكْمُ الطَّهَارَةِ بِالتَّخَلُّلِ أَمَّا بِالْغَسْلِ مِنْ النَّجَاسَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ خَمْرًا أَوْ غَيْرَهَا فَقَالَ الْبَغَوِيّ: لَوْ كَانَ الْإِنَاءُ جَدِيدًا وَتَشَرَّبَ بِهَا فَإِنْ جُفِّفَ ثُمَّ صُبَّ فِيهِ الْمَاءُ حَتَّى انْحَلَّتْ أَجْزَاؤُهُ وَخَرَجَتْ النَّجَاسَةُ طَهُرَ ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ وَإِنْ تَحَجَّرَ بِحَيْثُ لَا يَتَخَلَّلُهُ الْمَاءُ أَيْ: يَتَرَشَّحُ مِنْهُ طَهُرَ ظَاهِرُهُ فَقَطْ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْأَشْيَاءِ الرَّطْبَةِ اهـ إيعَابٌ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْقِسْمَ الْأَوَّلَ لَا يَكْفِي غَمْرُهُ بِالْمَاءِ اهـ. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّهُ يُسْتَنْبَطُ مِنْ النَّصِّ مَعْنًى يُخَصِّصُهُ حَجَرٌ وَجَزَمَ م ر فِي تَقْرِيرِهِ بِالْحُرْمَةِ وَاعْتَمَدَهُ وَإِنْ لَمْ تَمْنَعْ التَّطْهِيرَ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ الِاسْتِعْجَالُ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا تَحْرِيمُ التَّخْلِيلِ) لِلْحُكْمِ بِالنَّجَاسَةِ مَعَ عَدَمِ الْحُرْمَةِ بِأَنْ أَلْقَى الْعَيْنَ فِيهَا رِيحٌ أَوْ نَحْوُهُ فَلَيْسَتْ مُطَّرِدَةً. اهـ. إيعَابٌ. (قَوْلُهُ: كَحَصَاةٍ) قَالَ الْبَغَوِيّ لَوْ أُلْقِيَ فِي الْخَمْرِ مَا لَا يَتَشَرَّبُ مِنْهُ كَحَجَرٍ صُلْبٍ وَحَدِيدَةٍ فَتَخَلَّلَ يَنْبَغِي أَنْ يَطْهُرَ. اهـ. شَرْحُ الْحَاوِي وَهُوَ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: لِتَنَجُّسِهَا إلَخْ) وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ تَخَلُّلِ الْخَمْرِ تَخَلُّلُ الْأَجْزَاءِ الْخَمْرِيَّةِ الْمُلَاقِيَةِ لِلْمَطْرُوحِ وَحِينَئِذٍ فَمَا الْمَانِعُ مِنْ الْحُكْمِ بِطَهَارَتِهَا وَإِنْ تَنَجَّسَ الْمَطْرُوحُ بِهَا كَالدَّبَّاغِ يَتَنَجَّسُ بِالْجِلْدِ مَعَ كَوْنِهِ يُطَهِّرُهُ وَحِينَئِذٍ فَالتَّعْوِيلُ عَلَى الْعِلَّةِ الْأُولَى مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْجَامِدَ يُمْكِنُ الْحُكْمُ بِطَهَارَةِ عَيْنِهِ مَعَ الْحُكْمِ بِتَنَجُّسِهِ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ فَلَا جَامِعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِلْدِ. اهـ. إيعَابٌ.

(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ إلَخْ) غَرَضُهُ بِهِ الرَّدُّ عَلَى مَا يَأْتِي عَنْ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ مِنْ أَنَّ الْعَيْنَ إذَا وُضِعَتْ فِي الْعَصِيرِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَتَخَمَّرَتْ ثُمَّ تَخَلَّلَتْ) أَيْ: الْعَنَاقِيدُ وَحَبَّاتُهَا. (قَوْلُهُ: قَالَا: لِأَنَّ إلَخْ) عِبَارَتُهُمَا وَلَيْسَ كَالْمُعَالَجَةِ؛ لِأَنَّ إلَخْ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا عُولِجَتْ الْخَمْرَةُ بِشَيْءٍ لِتَصِيرَ خَلًّا شَرِبَ ذَلِكَ الشَّيْءُ الْمُعَالَجُ بِهِ الْمَاءَ وَهُوَ نَجِسٌ وَلَا ضَرُورَةَ حِينَئِذٍ إلَى الْقَوْلِ بِطَهَارَةِ مَا تَشَرَّبَهُ كَمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْبَغَوِيّ فِي مَسْأَلَةِ الثَّوْبِ فَيَعُودُ عَلَى الْخَلِّ بِالتَّنْجِيسِ بِخِلَافِ حَبَّاتِ الْعِنَبِ فَإِنَّ مَاءَهَا لَيْسَ بَعْضَ الْخَمْرِ بَلْ شَرِبَتْهُ قَبْلَ الْخَمْرِ وَمِنْهُ مَاءُ الْبِزْرِ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى الْحُكْمِ بِطَهَارَتِهِ لَكِنْ بَقِيَ عَلَيْهِمَا مُصَاحَبَةُ الْحَبَّاتِ أَعْنِي الْبِزْرَ فَقَالَ الشَّارِحُ وَهَذَا إلَخْ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ حَبَّاتِ الْعَنَاقِيدِ إلَخْ) سَكَتَ عَنْ الْعَنَاقِيدِ وَلَعَلَّهَا مِثْلُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>