للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِيُعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ احْتَازَهَا لِيَبْنِيَهَا دَارًا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْمُرَادُ هُنَا مَا بَيْنَ الْأَبْنِيَةِ (مِنْ بَلْدَةٍ وَلَوْ) كَانَتْ مِنْ (سَرَبْ) بِفَتْحِ السِّينِ وَالرَّاءِ أَيْ: بَيْتٍ فِي الْأَرْضِ (أَوْ) مِنْ (قَرْيَةٍ حَتَّى الَّتِي مِنْ الْخَشَبْ) ، أَوْ الْقَصَبِ، أَوْ السَّعَفِ، أَوْ غَيْرِهَا سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدُ، وَالْفَضَاءُ بِخِلَافِ خَارِجِ الْخِطَّةِ الَّذِي يَنْشَأُ مِنْهُ سَفَرُ الْقَصْرِ لِأَنَّهَا لَمْ تَقُمْ فِي عَصْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخَفَاءُ بَعْدَهُ إلَّا فِي دَارِ الْإِقَامَةِ وَبِخِلَافِ الْخِيَامِ، وَإِنْ اسْتَوْطَنَهَا أَهْلُهَا دَائِمًا لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرْ الْمُقِيمِينَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ بِهَا، فَإِنَّهُمْ عَلَى هَيْئَةِ الْمُسْتَوْفِزِينَ وَلَوْ انْهَدَمَتْ أَبْنِيَةُ الْخِطَّةِ وَأَقَامُوا عَلَى الْعِمَارَةِ لَزِمَتْهُمْ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فِي مَظَالَّ؛ لِأَنَّهَا وَطَنُهُمْ، وَلَا تَنْعَقِدُ فِي غَيْرِ بِنَاءٍ إلَّا فِي هَذِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالْقَرْيَةُ الْأَبْنِيَةُ الْمُجْتَمَعَةُ قَلِيلَةٌ أَوْ كَثِيرَةٌ، فَتَعُمُّ الْبَلَدَ لَكِنْ غَلَبَ عُرْفًا تَخْصِيصُهَا بِالْقَلِيلَةِ، أَوْ الْبَلَدُ بِالْكَثِيرَةِ وَمِنْهُ كَلَامُ الْفُقَهَاءِ

ثَالِثُهَا أَنْ تَجْرِيَ (غَيْرُ مُقَارِنٍ، وَ) لَا (مَسْبُوقٍ رَا تَحْرِيمَهَا بِمِثْلِهِ) أَيْ: بِرَاءِ تَحْرِيمِهَا (مِنْ) جُمُعَةٍ (أُخْرَى) بِبَلْدَتِهَا، فَلَوْ سَبَقَتْ إحْدَاهُمَا بِالرَّاءِ، وَالْأُخْرَى بِالْهَمْزَةِ، فَالسَّابِقَةُ الْأُولَى وَهِيَ الصَّحِيحَةُ دُونَ الْمَسْبُوقَةِ، وَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ مَعَهَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءَ بَعْدَهُ لَمْ يُقِيمُوا سِوَى جُمُعَةٍ وَاحِدَةٍ؛ وَلِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْوَاحِدَةِ أَفْضَى إلَى الْمَقْصُودِ مِنْ إظْهَارِ شِعَارِ الِاجْتِمَاعِ وَاتِّفَاقِ الْكَلِمَةِ، وَلَوْ دَخَلَتْ طَائِفَةٌ فِي

ــ

[حاشية العبادي]

وَأَحْرَمَ، بِالْجُمُعَةِ دَاخِلَ الْخِطَّةِ أَرْبَعُونَ مُقْتَدُونَ، بِهِ، فَهَلْ تَصِحُّ الْجُمُعَةُ، أَوْ أَحْرَمَ أَرْبَعُونَ، بِالْجُمُعَةِ فِي قَرْيَتِهِمْ مُقْتَدِينَ، بِإِمَامٍ جُمُعَةً أُخْرَى تُقَامُ، بِقَرْيَةٍ أُخْرَى، بِقُرْبِ قَرْيَتِهِمْ عَلَى، وَجْهٍ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ لِقُرْبِ الْمَسَافَةِ، وَعَدَمِ الْحَائِلِ، فَهَلْ تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ فِي الصُّورَتَيْنِ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ عِنْدِي صِحَّتُهَا فِيهِمَا (قَوْلُهُ: مَا بَيْنَ الْأَبْنِيَةِ) يَتَّجِهُ أَنَّهُ إذَا تَوَقَّفَ تَرَخُّصُ الْخَارِجِ مِنْ الْقَرْيَةِ عَلَى مُجَاوَزَةِ مَطْرَحِ الرَّمَادِ، وَمَلْعَبِ الصِّبْيَانِ أَنْ تَصِحَّ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ، وَإِنْ خَرَجَ عَنْ الْأَبْنِيَةِ سم (قَوْلُهُ: مَا بَيْنَ الْأَبْنِيَةِ) بَلْ، وَنَفْسُ الْأَبْنِيَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَرَبْ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ، وَلَوْ كَانَتْ الْخِطَّةُ الَّتِي تَجْرِي فِيهَا سَرَبًا لَكِنَّهُ، وَقَفَ عَلَيْهِ، بِلُغَةِ رَبِيعَةَ، وَهَذَا يُوَافِقُ قَوْلَ شَيْخِنَا الظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَاهُ، وَلَوْ كَانَتْ إقَامَتُهَا فِي سَرَبٍ تَحْتَ الْأَرْضِ مِنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ، فَعُرِفَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إقَامَتُهَا عَلَى، وَجْهِ الْأَرْضِ قَالَ: وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ صَحِيحٌ أَيْضًا، وَلَكِنَّ هَذَا أَحْسَنُ. اهـ.

، فَلْيُتَأَمَّلْ. سم (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ) أَيْ: مُجْتَمِعَةً مِنْ بُيُوتٍ تَحْتَ الْأَرْضِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ اسْمَ كَانَ ضَمِيرُ الْبَلْدَةِ، وَعَلَى هَذَا كَانَ يُمْكِنُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ لَفْظَةِ مِنْ، وَجَعْلُ الْخَبَرِ لَفْظَ سَرَبٍ، وَالْوَقْفُ عَلَيْهِ، بِلُغَةِ رَبِيعَةَ أَيْ: وَلَوْ كَانَتْ الْبَلْدَةُ سَرَبًا أَيْ: بُيُوتًا تَحْتَ الْأَرْضِ، فَتَأَمَّلْ. وَعَلَى ذِكْرِ مِنْ، فَالْمَعْنَى مُجْتَمِعَةٌ مِنْ سَرَبٍ سم (قَوْلُهُ: أَوْ قَرْيَةٍ) عَطْفٌ عَلَى بَلْدَةٍ، وَحَذَفَ هُنَا قَوْلَهُ، وَلَوْ سَرَبْ أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ، وَفِي عِبَارَةِ الْعِرَاقِيِّ إشْعَارٌ، بِذَلِكَ، فَلْيُتَأَمَّلْ. سم (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فِي مَظَالَّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَهَذَا يُخَالِفُ مَا لَوْ نَزَلُوا مَكَانًا، وَأَقَامُوا فِيهِ لِيَعْمُرُوهُ قَرْيَةً لَا تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ فِيهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ فِي الْحَالَيْنِ. اهـ.، وَقَوْلُهُ: قَبْلَ الْبِنَاءِ هَلْ الْمُرَادُ مُطْلَقُ الْبِنَاءِ، أَوْ مَا يَصْلُحُ لِلسُّكْنَى فِيهِ نَظَرٌ

(قَوْلُهُ: أَفْضَى إلَى الْمَقْصُودِ إلَخْ.) قَدْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشِّعَارَ مَعَ الِاتِّحَادِ أَتَمُّ، فَيُخَالِفُ مَا ذَكَرُوهُ فِي بَابِ الْجَمَاعَةِ مِنْ عَكْسِ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُجَابَ، بِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا شِعَارُ الِاجْتِمَاعِ، وَهُنَاكَ شِعَارُ الصَّلَاةِ، فَتَأَمَّلْ.

ــ

[حاشية الشربيني]

مَعْدُودٌ مِنْ الْبَلَدِ بِأَنْ لَمْ يَجُزْ لِمُرِيدِ السَّفَرِ مِنْهَا الْقَصْرُ فِيهِ. اهـ. حَجَرٌ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ هُنَا مَا بَيْنَ الْأَبْنِيَةِ) أَيْ: لَا حَقِيقَةُ الْخِطَّةِ الَّتِي هِيَ الْأَرْضُ الْمَذْكُورَةُ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ وُجُودُ أَبْنِيَةٍ فِيهَا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: مَا بَيْنَ الْأَبْنِيَةِ) الْمَدَارُ عَلَى كَوْنِ مَوْضِعِهَا لَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ أَبْنِيَةٍ، بِأَنْ كَانَ بِطَرَفِ بِنَاءِ بَلْدَةٍ طَرَفُهَا الْآخَرُ أَطْوَلُ تَأَمَّلْ، وَالتَّعْبِيرُ بِالْأَبْنِيَةِ لِلْغَالِبِ فَلَوْ كَانَ بِنَاءٌ وَاحِدٌ كَثُرَ أَهْلُهُ صَحَّتْ مِنْهُمْ. اهـ. م ر، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَنْهَجِ بِخِطَّةِ أَبْنِيَةٍ أَيْ: فِي بُقْعَةٍ تُنْسَبُ إلَى تِلْكَ الْأَبْنِيَةِ فَتُفِيدُ الْإِضَافَةُ اشْتِرَاطَ عَدَمِ تَغَرُّقِ الْأَبْنِيَةِ بِحَيْثُ لَا تُنْسَبُ الْبُقْعَةُ إلَيْهَا ثُمَّ قَالَ السُّبْكِيُّ إذَا عُدَّ خَطٌّ مِنْ الْقَرْيَةِ عُرْفًا، فَيَنْبَغِي صِحَّةُ الْجُمُعَةِ فِيهِ، وَإِنَّ الْفَصْلَ عَنْ بَقِيَّةِ عُمْرَانِهَا، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ نَصُّ الشَّافِعِيِّ. اهـ. وَفِي الرَّوْضَةِ أَنَّهَا تَجُوزُ فِي فَضَاءٍ مَعْدُودٍ مِنْ خِطَّةِ الْبَلَدِ اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ بَلْدَةٍ) الْبَلْدَةُ بُيُوتٌ كَثِيرَةٌ مُجْتَمِعَةٌ بِحَيْثُ تُسَمَّى بَلْدَةً وَاحِدَةً، وَالْقَرْيَةُ بُيُوتٌ قَلِيلَةٌ كَذَلِكَ. اهـ. م ر وَحَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ) أَيْ: الْخِطَّةُ أَوْ الْبَلْدَةُ مِنْ سَرَبٍ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ سَمَّاهُ بِنَاءً مَجَازًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَأَقَامُوا عَلَى الْعِمَارَةِ) إخْرَاجُ مَا إذَا لَمْ يَقْصِدُوا شَيْئًا سم، وَفِي ع ش خِلَافُهُ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَأَقَامُوا) أَيْ أَهْلُهَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَامَ غَيْرُهُمْ عَلَى عِمَارَتِهَا، وَالْمُرَادُ بِالْأَهْلِ مَا يَعُمُّ أَوْلِيَاءَهُمْ، وَلَوْ أَقَامُوهُمْ عَلَى عَدَمِ الْعِمَارَةِ، إذْ الْعِبْرَةُ بِنْيَةُ الْكَامِلِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْعِمَارَةِ) فِي ق ل، أَوْ عَلَى عَدَمِ التَّحَوُّلِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدُوا الْعِمَارَةَ فَتَأَمَّلْهُ، وَحَرِّرْهُ. نَعَمْ التَّعْلِيلُ بِأَنَّهَا وَطَنُهُمْ يَقْتَضِيهِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: الْمُجْتَمِعَةُ) أَيْ: عُرْفًا حَجَرٌ

(قَوْلُهُ: وَلَا مَسْبُوقٍ را إلَخْ) أَيْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا جُمُعَةٌ أَنْ لَا تُسْبَقَ فَلَا يُنَافِي صِحَّتَهَا ظُهْرًا فِيمَا لَوْ أُخْبِرُوا بِالسَّبْقِ كَمَا يَأْتِي، أَوْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا مُطْلَقًا أَنْ لَا يُعْلَمَ سَبْقُ جُمُعَةٍ لَهَا، وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ مَعَ نِيَّةِ الْجُمُعَةِ جُمُعَةً، وَلَا ظُهْرًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا مَسْبُوقٍ را إلَخْ) أَيْ: مِنْ تَحَرُّمِ الْإِمَامِ فَالْمُعْتَبَرُ سَبْقُ تَحَرُّمِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>