للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» ، فَلَوْ أَدْرَكَهُ فِي الثَّانِيَةِ كَبَّرَ مَعَهُ خَمْسًا، ثُمَّ فِي ثَانِيَتِهِ لَا يُكَبِّرُ إلَّا خَمْسًا؛ لِأَنَّ فِي قَضَاءِ ذَلِكَ تَرْكُ سُنَّةٍ أُخْرَى وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ نَدْبِ قِرَاءَةِ الْجُمُعَةِ مَعَ الْمُنَافِقِينَ فِي الثَّانِيَةِ إذَا نَسِيَهَا فِي الْأُولَى كَمَا مَرَّ، فَإِنْ قُلْت: فِي تِلْكَ أَيْضًا تَرْكُ سُنَّةٍ أُخْرَى وَهِيَ تَطْوِيلُ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ قُلْت تَقَدَّمَ جَوَازُهُ هُنَاكَ

(ثُمَّ) بَعْدَ الصَّلَاةِ سُنَّ لَهُ مِنْ خُطْبَتَيْنِ (افْتِتَاحُ خُطْبَةٍ) أُولَى مِنْهُمَا (بِتِسْعِ) تَكْبِيرَاتٍ (وَخُطْبَةٍ ثَانِيَةٍ بِسَبْعِ) ، أَمَّا الْخُطْبَة وَكَوْنُهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يُصَلُّونَ الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ» ، فَلَوْ قُدِّمَتْ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا كَالسُّنَّةِ الرَّاتِبَةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ إذَا قُدِّمَتْ عَلَيْهَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ إلَيْهِ النَّاظِمُ بِثُمَّ وَتُخَالِفُ خُطْبَةَ الِاسْتِسْقَاءِ حَيْثُ يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا لِلِاتِّبَاعِ، وَأَمَّا تَكْرِيرُهَا، فَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْجُمُعَةِ، وَأَمَّا افْتِتَاحُهُمَا بِمَا ذُكِرَ، فَلِقَوْلِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةُ بْنِ مَسْعُودٍ إنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ:، وَالْخَبَرُ ضَعِيفٌ وَمَعَ ضَعْفِهِ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ تَابِعِيٌّ وَقَوْلُ التَّابِعِيِّ مِنْ السُّنَّةِ كَذَا مَوْقُوفٌ عَلَى الصَّحِيحِ، فَهُوَ كَقَوْلِ صَحَابِيٍّ لَمْ يَثْبُتْ انْتِشَارُهُ، فَلَا يُحْتَجَّ بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ وَيُنْدَبُ جُلُوسُهُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ لَا لِلْأَذَانِ إذْ لَا أَذَانَ هُنَا، بَلْ لِيَسْتَرِيحَ، وَيَتَأَهَّبَ الْقَوْمُ لِاسْتِمَاعِهِ، وَلَوْ خَطَبَ وَاحِدَةً، أَوْ تَرَكَ الْخُطْبَةَ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ أَسَاءَ قَالَ النَّوَوِيُّ نَصَّ الشَّافِعِيُّ وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّ التَّكْبِيرَاتِ لَيْسَتْ مِنْ الْخُطْبَةِ وَإِنَّمَا هِيَ مُقَدِّمَةٌ لَهَا، وَمَنْ قَالَ مِنْهُمْ: تُفْتَتَحُ الْخُطْبَةُ بِهَا يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ افْتِتَاحَ الشَّيْءِ قَدْ يَكُونُ بِبَعْضِ مُقَدِّمَاتِهِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ نَفْسِهِ وَيُنْدَبُ إفْرَادُهَا وَمُوَالَاتُهَا، فَلَوْ فَصَلَ بَيْنَهَا بِالْحَمْدِ، وَالتَّهْلِيلِ، وَالثَّنَاءِ جَازَ قَالَ: وَيُنْدَبُ لِلنَّاسِ اسْتِمَاعُ الْخُطْبَةِ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ، وَمَنْ حَضَرَ فِيهَا، فَإِنْ كَانَ بِالْمُصَلَّى جَلَسَ وَاسْتَمَعَ، وَلَا يَشْتَغِلُ بِالتَّحِيَّةِ، وَلَا بِصَلَاةِ الْعِيدِ؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ يُخْشَى فَوَاتُهَا دُونَ الصَّلَاةِ، ثُمَّ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِيدَ بِالْمُصَلَّى وَأَنْ يُصَلِّيه بِبَيْتِهِ أَيْ إلَّا أَنْ يَضِيقَ وَقْتُهَا، فَإِنْ ضَاقَ، فَالسُّنَّةُ فِعْلُهَا بِالْمُصَلَّى، وَإِنْ كَانَ بِالْمَسْجِدِ سُنَّ لَهُ التَّحِيَّةُ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْعِيدِ وَتَحْصُلُ التَّحِيَّةُ تَبَعًا، فَإِنْ صَلَّى التَّحِيَّةَ، فَالسُّنَّةُ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِيدَ بِالْمَسْجِدِ وَيُفَارِقَ الْمُصَلَّى فِي التَّخْيِيرِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ لَا مَزِيَّةَ لِلْمُصَلَّى عَلَى بَيْتِهِ بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ وَتُفَارِقُ هَذَا مِنْ سَائِرِ النَّوَافِلِ الَّتِي فِعْلُهَا بِالْبَيْتِ أَوْلَى بِأَنَّ هَذَا تُسَنُّ لَهَا الْجَمَاعَةُ، فَكَانَ فِعْلُهَا بِالْمَسْجِدِ أَوْلَى كَالْفَرَائِضِ وَإِنَّمَا سُنَّتْ لِلْإِمَامِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: لِيُؤْتَمَّ بِهِ) ، فَلَوْ تَرَكَ إمَامُهُ التَّكْبِيرَاتِ لَمْ يَأْتِ، بِهَا كَمَا عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ، وَصَرَّحَ بِهِ الْجِيلِيُّ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ الْفَرْقُ إلَخْ.) كَانَ الْفَرْقُ الْمَذْكُورُ أَنَّهُ يُسَنُّ هُنَا الِاقْتِصَارُ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى خَمْسٍ، فَفِي الزِّيَادَةِ تَرْكُ هَذِهِ السُّنَّةِ، بِخِلَافِهِ هُنَاكَ لِأَنَّا نَقُولُ يُسَنُّ الِاقْتِصَارُ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ بَلْ نَقُولُ لَا يُسَنُّ زِيَادَةٌ عَلَيْهَا، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، فَلَيْسَ فِي زِيَادَةِ الْجُمُعَةِ فِيمَا ذُكِرَ تَرْكُ سُنَّةٍ، فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: قُلْت تَقَدَّمَ جَوَابُهُ هُنَاكَ) أَقُولُ، وَأَيْضًا، فَالتَّطْوِيلُ حَاصِلٌ، وَلَا بُدَّ، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ حَيْثُ اقْتَصَرَ فِي الْأُولَى عَلَى الْفَاتِحَةِ

(قَوْلُهُ: وَيَتَأَهَّبُ الْقَوْمُ لِاسْتِمَاعِهِ إلَخْ.) قَالَ الْخُوَارِزْمِيُّ يَجْلِسُ، بِقَدْرِ الْأَذَانِ أَيْ: فِي الْجُمُعَةِ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَطَبَ وَاحِدَةً إلَخْ.) عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَلَوْ خَطَبَ وَاحِدَةً لَمْ يَكْفِ، أَوْ لَمْ يَخْطُبْ أَسَاءَ، أَوْ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ إفْرَادُهَا) أَيْ: الْإِتْيَانُ بِهَا، وَاحِدَةً وَاحِدَةً، وَمُوَالَاتُهَا، فَلَا يُطِيلُ الْفَصْلَ بَيْنَهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَشْتَغِلُ بِالتَّحِيَّةِ) إذْ لَا تَحِيَّةَ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ إلَخْ.) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ:، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ، وَجَدَهُ يَخْطُبُ قُبَيْلَ الزَّوَالِ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ، وَخَشِيَ فَوْتَ الصَّلَاةِ قَدَّمَهَا عَلَى الِاسْتِمَاعِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ صَلَّى التَّحِيَّةَ إلَخْ.) مُقَابِلُ قَوْلِهِ:، وَالْأَوْلَى إلَخْ.

ــ

[حاشية الشربيني]

لَا يَعْتَقِدُ ذَلِكَ، وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ لَا يَعْتَقِدُهُ الْإِمَامُ أَيْضًا فَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يُتَابِعُ الْإِمَامَ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ فِي قَضَاءِ ذَلِكَ تَرَكَ سُنَّةً) عِبَارَةُ حَجَرٍ فِي التُّحْفَةِ لِئَلَّا يُغَيِّرَ سُنَّتَهَا بِإِتْيَانِهِ بِالسَّبْعِ كَذَا قَالُوهُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُنْفَرِدَ لَوْ كَبَّرَ فِي الْأُولَى خَمْسًا كَبَّرَهَا فِي الثَّانِيَةِ أَيْضًا، وَلَا يُشْكِلُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ تَعَمَّدَ قِرَاءَةَ الْمُنَافِقِينَ فِي أُولَى الْجُمُعَةِ سُنَّ لَهُ قِرَاءَةُ الْجُمُعَةِ فِي ثَانِيَتِهَا مَعَ أَنَّ فِيهِ تَغْيِيرَ سُنَّةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ مَا يُدْرِكُهُ الْمَأْمُومُ أَوَّلَ صَلَاتِهِ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْخَمْسِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى رِعَايَةً لِلْإِمَامِ فَلَمْ يَأْتِ فِي الْأُولَى بِمَا يُسَنُّ فِي الثَّانِيَةِ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَتَى بِالْبَعْضِ، وَتَرَكَ الْبَعْضَ، وَثَمَّ لَمْ يَأْتِ فِي الْأُولَى بِشَيْءٍ مِنْ سُورَتِهَا أَصْلًا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَرَأَ بَعْضَ الْجُمُعَةِ فِي الْأُولَى لَمْ يَأْتِ بِبَاقِيهَا مَعَ الْمُنَافِقِينَ فِي الثَّانِيَةِ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ، وَيُفَرَّقُ بِتَمَايُزِ الْبَعْض عَمَّا فِي الثَّانِيَةِ ثُمَّ فَجُمِعَ مَعَهُ بِخِلَافِهِ هُنَا. اهـ.، وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا) ، وَحَرُمَ تَقْدِيمُهَا إنْ تَعَمَّدَ، وَقَصَدَ أَنَّهُ عِبَادَةٌ. اهـ. حَجَرٌ سم (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ التَّابِعِيِّ إلَخْ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ إنَّمَا احْتَجَّ بِهِ لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلرَّأْيِ فِيهِ فَمَا فِي الْمَنْهَجِ مَرْجُوحٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: مَوْقُوفٌ) الْمَوْقُوفُ مَا أُضِيفَ لِلصَّحَابِيِّ مِنْ قَوْلٍ، أَوْ فِعْلٍ بِأَنْ يُقَالَ قَالَ عُمَرُ كَذَا، أَوْ فَعَلَ كَذَا، وَالتَّابِعِيُّ هُنَا لَمْ يُضِفْ لِلصَّحَابِيِّ قَوْلًا، وَلَا فِعْلًا حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا هُوَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ مَنْ أَضَافَ لَهُ ذَلِكَ، وَلِذَا قَالَ: فَهُوَ كَقَوْلِ صَحَابِيٍّ أَيْ: كَقَوْلِهِ: بِحُكْمٍ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ كَقَوْلِهِ: مِنْ السُّنَّةِ كَذَا؛ لِأَنَّ هَذَا إذَا قَالَهُ الصَّحَابِيُّ يُحْتَجُّ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَشِرْ. اهـ. ع ش، وبج عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: مَوْقُوفٌ عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ: لَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْمَرْفُوعِ عَلَى الصَّحِيحِ بِخِلَافِ قَوْلِ الصَّحَابِيِّ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَنَّهُ مَرْفُوعٌ مُرْسَلٌ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ أَيْضًا. اهـ.

عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَثْبُتْ انْتِشَارُهُ) أَيْ اشْتِهَارُهُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يَصِرْ إجْمَاعًا فَلَا يَكُونُ حُجَّةً بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَهَرَ، وَصَارَ إجْمَاعًا فَإِنَّهُ يَكُونُ حُجَّةً. اهـ. شَيْخُنَا. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: لَيْسَتْ مِنْ الْخُطْبَةِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>