للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ بَعْدَ مَوْتِ بَعْضِهِنَّ فَإِنَّهُمَا جَائِزَانِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ النَّسَبِ وَالنِّكَاحِ مِنْ الْإِرْثِ وَغَيْرِهِ بَاقٍ فِي الْمَوْتَى وَالْمَاءُ بَعْدَ تَلَفِهِ لَا حُكْمَ فِيهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمُتَوَلِّي (إنْ بِدَلِيلٍ) أَيْ إنَّمَا يَأْخُذُ أَحَدَهُمَا أَنْ (يَجْتَهِدْ) مَعَ ظُهُورِ دَلِيلٍ يُفِيدُ ظَنَّ طَهَارَةِ الْمَأْخُوذِ وَمَثَّلَ لَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (كَأَنْ كُشِفْ) أَحَدَ الْإِنَاءَيْنِ، أَوْ ابْتَلَّ طَرَفُهُ أَوْ نَقَصَ الْمَاءُ، أَوْ تَحَرَّكَ فَلَا يَأْخُذُ أَحَدَهُمَا بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِيمَا يَسْتَعْمِلُهُ الطَّهَارَةُ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الطَّهَارَةِ عَارَضَهُ يَقِينُ النَّجَاسَةِ فَوَجَبَ النَّظَرُ فِي التَّعْيِينِ وَلَا مَا ظُنَّ طَهَارَتُهُ مَعَ عَدَمِ ظُهُورِ دَلِيلٍ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ لَا تُبْنَى عَلَى الْخَوَاطِرِ وَالْإِلْهَامَاتِ فَلَوْ هَجَمَ وَتَوَضَّأَ وَصَلَّى أَعَادَهُمَا لِتَلَاعُبِهِ وَلَوْ هَجَمَ وَصَلَّى الصَّلَاةَ بِكُلٍّ مِنْ الثَّوْبَيْنِ لَمْ تَصِحَّ كَمَا لَوْ صَلَّاهَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ لِأَرْبَعِ جِهَاتٍ بِلَا اجْتِهَادٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَسِيَ إحْدَى صَلَاتَيْنِ لَا يَجْتَهِدُ بَلْ يُصَلِّيهِمَا وَفَرَّقَ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّ الِالْتِبَاسَ هُنَا فِي شَرْطٍ كَالْقِبْلَةِ وَبِأَنَّ فِعْلَهُ يُؤَدِّي إلَى مُحَرَّمٍ وَهُوَ صَلَاتُهُ بِالنَّجَاسَةِ بِخِلَافِ النَّاسِي وَقَدْ عُلِمَ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ شَرْطَ الِاجْتِهَادِ أَنْ يَكُونَ فِي مُتَعَدِّدٍ وَأَنْ يَكُونَ لِلْعَلَامَةِ فِي الْمُتَعَدِّدِ مَجَالٌ وَأَنْ يَتَأَيَّدَ بِأَصْلِ الْحِلِّ وَأَنْ يَكُونَ الْمُتَعَدِّدُ بَاقِيًا عَلَى مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَأَنَّ شَرْطَ الْأَخْذِ وَالْعَمَلِ بِالِاجْتِهَادِ أَنْ تَظْهَرَ بَعْدَهُ الْعَلَامَةُ وَكُلُّهَا إلَّا الرَّابِعَ مَعْلُومَةٌ مِنْ كَلَامِهِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ وَاسْتُشْكِلَ الثَّالِثُ بِمُخَالَفَتِهِ لِقَاعِدَةِ الِاجْتِهَادِ فِي الْأَحْكَامِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الِاعْتِضَادُ بِأَصْلٍ وَأُجِيبُ بِأَنَّ أَدِلَّةَ الْأَحْكَامِ نَصَبَهَا الشَّارِعُ فَهِيَ قَوِيَّةٌ يَبْعُدُ الْغَلَطُ فِيهَا

(وَلَوْ) كَانَ الْمُلْتَبِسُ عَلَيْهِ (عَمٍ) فَإِنَّهُ يَجْتَهِدُ كَمَا فِي الْوَقْتِ وَلِأَنَّ لَهُ طَرِيقًا غَيْرَ الْبَصَرِ كَالشَّمِّ وَاللَّمْسِ وَالذَّوْقِ وَفَارَقَ مَنْعَهُ فِي الْقِبْلَةِ بِأَنَّ أَدِلَّتَهَا بَصَرِيَّةٌ وَمِمَّنْ ذَكَرَ الذَّوْقَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَغَوِيِّ وَالْخُوَارِزْمِيّ وَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ مِنْ مَنْعِ الذَّوْقِ لِاحْتِمَالِ النَّجَاسَةِ مَنَعَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِتَصْرِيحِ الْجُمْهُورِ بِخِلَافِهِ أَمَّا النَّجَاسَةُ الْمُحَقَّقَةُ فَيَحْرُمُ ذَوْقُهَا وَعَمٍ اسْمُ فَاعِلٍ مَنْقُوصٌ مِنْ عَمِيَ يَعْمَى فَهُوَ عَمٍ كَشَجِيَ يَشْجَى فَهُوَ شَجٍ وَإِعْرَابُ الْمَنْقُوصِ نَصْبًا كَإِعْرَابِهِ رَفْعًا وَجَرًّا فِي لُغَةٍ كَمَا اسْتَعْمَلَهُ النَّاظِمُ فَفِي الْمَثَلِ أَعْطِ الْقَوْسَ بَارِيهَا بِالْإِسْكَانِ

(وَ) لَوْ (مُتَيَقَّنًا وَجَدْ) فَإِنَّهُ يَجْتَهِدُ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى الْعُدُولَ إلَيْهِ لِجَوَازِ الْعُدُولِ إلَى الْمَظْنُونِ مَعَ وُجُودِ الْمُتَيَقَّنِ كَمَا فِي الْإِخْبَارِ فَإِنَّ الصَّحَابَةَ كَانَ بَعْضُهُمْ يَسْمَعُ

ــ

[حاشية العبادي]

عَلَى ظَاهِرِهِ.

(قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) هَذَا يُغْنِي عَنْهُ مَا بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْهُ.

(قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلنَّفْيِ وَعِلَّةُ الْمَنْفِيِّ قَوْلُهُ: لِأَنَّ أَصْلَ الطَّهَارَةِ عَارِضَةٌ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ النَّاسِي) وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ فِعْلَ الصَّلَاةِ ثَانِيًا مِنْ غَيْرِ تَبَيُّنِ خَلَلٍ فِي الْأُولَى وَلَا مَعَ خِلَافٍ فِي صِحَّتِهَا وَلَا مَعَ جَمَاعَةٍ مُمْتَنِعٍ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ فِعْلِ الصَّلَاةِ ثَانِيًا لِأَنَّ الثَّانِيَةَ غَيْرُ الْأُولَى.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ لِلْعَلَامَةِ) هَذَا يُغْنِي عَنْهُ مَا بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْهُ

(قَوْلُهُ: مَنَعَهُ الزَّرْكَشِيُّ) وَلَوْ ذَاقَ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ هَلْ لَهُ ذَوْقُ الْآخَرِ فِيهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

فَلَا يَأْخُذُ أَحَدَهُمَا بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ بِنَاءً إلَخْ) رَدٌّ لِمَا قِيلَ الْأَصْلُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الطَّهَارَةُ وَيَقِينُ النَّجَاسَةِ، إنَّمَا هُوَ فِي أَحَدِهِمَا فَلَا يُعَارِضُ الْأَصْلَ الْمُسْتَصْحَبَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَرَدَّهُ حَجَرٌ؛ بِأَنَّ أَصْلَ الطَّهَارَةِ فِي كُلٍّ عَلَى انْفِرَادِهِ عَارَضَهُ أَصْلُ عَدَمِ وُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِي الْآخَرِ فَتَعَيَّنَ كَوْنُهَا وَاقِعَةً فِيهِ فَفِي كُلٍّ أَصْلَانِ يَدُلُّ أَحَدُهُمَا عَلَى الطَّهَارَةِ وَالْآخَرُ عَلَى النَّجَاسَةِ فَوَجَبَ تَقْوِيَةُ الْأَوَّلِ بِالِاجْتِهَادِ لِيَنْدَفِعَ بِهِ الثَّانِي وَيَزُولُ التَّحَكُّمُ لَوْ جَازَ أَخْذُ أَحَدٍ هَجْمًا وَكَوْنُ الْأَصْلِ الْأَوَّلُ أَدْلَى بِنَفْسِهِ وَالثَّانِي بِوَاسِطَةٍ لَا يَقْتَضِي تَرْجِيحًا خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ اهـ. إيعَابٌ.

(قَوْلُهُ: وَلَا مَا ظَنَّ طَهَارَتُهُ إلَخْ) رَدٌّ لِمَا قِيلَ لَهُ الْأَخْذُ بِظَنِّ الطَّهَارَةِ بِلَا اجْتِهَادٍ وَلَا أَمَارَةٍ وَصَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ نَظَرًا لِلْأَصْلِ السَّابِقِ رَدَّهُ اهـ.

إيعَابٌ، لَكِنْ عَلَى حَمْلِ الْبَغَوِيّ تَرْجِعُ الْمَقَالَتَانِ لِوَاحِدَةٍ نَظَرًا لِلْأَصْلِ الْمَذْكُورِ وَالشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - نَظَرَ لِلْمَقَالَةِ فِي نَفْسِهَا الْمُعَبَّرِ فِيهَا بِالظَّنِّ وَإِذَا كَانَ بِلَا أَمَارَةٍ لَا يَكُونُ إلَّا بِإِلْهَامٍ كَمَا قَالَ، وَفِي الدَّمِيرِيِّ عِنْدَ حِكَايَةِ مُقَابِلِ الْقَوْلِ بِالِاجْتِهَادِ الَّذِي فِي الْمِنْهَاجِ مَا نَصُّهُ وَوَرَاءَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَوْجُهٌ أَحَدُهَا مَا قَالَهُ الْمُزَنِيّ وَأَبُو ثَوْرٍ أَنَّهُ لَا يَجْتَهِدُ بَلْ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ تَحَقَّقَ النَّجَاسَةَ وَلَا تُزَالُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ وَالثَّانِي عِنْدَ الصَّيْدَلَانِيِّ أَنَّهُ يَهْجُمُ وَيَتَطَهَّرُ؛ بِأَحَدِهِمَا وَيُصَلِّي وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الطَّهَارَةُ وَالثَّالِثُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ طَهَارَةَ إنَاءٍ مِنْ غَيْرِ أَمَارَةٍ عَوَّلَ عَلَيْهِ اهـ.

وَفَرْقٌ وَاضِحٌ بَيْنَ الْهُجُومِ وَظَنِّ الطَّهَارَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُمَا مَقَالَتَانِ لَا تُغْنِي إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى خِلَافًا لِمَا فِي الْحَاشِيَةِ اهـ. .

(قَوْلُهُ: فِي شَرْطٍ كَالْقِبْلَةِ) يَعْنِي أَنَّ الْمَقِيسَ عَلَيْهِ فِي جَوَازِ الِاجْتِهَادِ هُوَ الْقِبْلَةُ وَلَا بُدَّ مِنْ جَامِعٍ بَيْنَ الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَهُوَ الشَّرْطِيَّةُ بِخِلَافِ الصَّلَاتَيْنِ.

(قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ فِي مُتَعَدِّدٍ) هَذَا مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ مِنْ شَاتِه بِشَاةِ غَيْرِهِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إلَّا الْكُمَّ وَالثَّانِي مِنْ قَوْلِهِ إلَّا الْمُحَرَّمَ وَالثَّالِثُ مِنْ قَوْلِهِ وَالْمَيِّتُ وَلَا بَوْلٌ إلَخْ وَالْخَامِسُ مِنْ قَوْلِهِ إنْ بِدَلِيلٍ وَأَمَّا الرَّابِعُ، فَالْمَأْخُوذُ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ سِوَى الْمَأْخُوذِ إلَخْ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّ شَرْطَ الْأَخْذِ إلَخْ) أَشَارَ بِالْمُغَايَرَةِ إلَى دَفْعِ الِاعْتِرَاضِ؛ بِأَنَّ شَرْطَ الشَّيْءِ مُتَقَدِّمٌ وَظُهُورَ الْعَلَامَةِ مُتَأَخِّرٌ فَقَالَ، إنَّهُ لَيْسَ شَرْطًا لِلِاجْتِهَادِ بَلْ لِلْعَمَلِ بِهِ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>