للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَبِغُرُوبِ شَمْسِ لَيْلِ) عِيدِ (الْفِطْرِ) مِنْ رَمَضَانَ أَيْ بِإِدْرَاكِ آخِرِ جَزْءٍ مِنْهُ وَأَوَّلِ جَزْءٍ مِنْ شَوَّالٍ (حَتْمٌ) أَيْ وَاجِبٌ (عَلَى مُبَعَّضٍ، أَوْ حُرِّ أَدَاؤُهُ) مَا سَيَأْتِي وَإِنَّمَا كَانَ وَقْتُ وُجُوبِهَا مَا ذُكِرَ لِإِضَافَتِهَا إلَى الْفِطْرِ وَخَرَجَ بِالْمُبَعَّضِ، وَالْحُرِّ الرَّقِيقُ فَلَا فِطْرَةَ عَلَيْهِ أَمَّا غَيْرُ الْمُكَاتَبِ فَلِعَدَمِ مِلْكِهِ وَفِطْرَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ كَمَا سَيَأْتِي قِنًّا كَانَ، أَوْ مُدَبَّرًا، أَوْ أُمَّ وَلَدٍ، أَوْ مُعَلَّقَ الْعِتْقِ بِصِفَةٍ وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَلِضَعْفِ مِلْكِهِ وَلَا فِطْرَةَ عَلَى سَيِّدِهِ عَنْهُ لِنُزُولِهِ مَعَهُ مَنْزِلَةَ الْأَجْنَبِيِّ وَلَا فَرْقَ فِي الْمُؤَدِّي بَيْنَ الْمُسْلِمِ، وَالْكَافِرِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ فَتَجِبُ عَلَى الْكَافِرِ فِطْرَةُ عَبْدِهِ وَقَرِيبِهِ الْمُسْلِمَيْنِ قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا صَائِرَ إلَى أَنَّ الْمُتَحَمِّلَ عَنْهُ يَنُوبُ، وَالْكَافِرُ لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى اسْتِقْلَالِ الزَّكَاةِ بِمَعْنَى الْمُوَاسَاةِ قَالَ فِي الْبَسِيطِ فَتَصِحُّ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ تَغْلِيبًا لِسَدِّ الْحَاجَةِ كَمَا فِي الْمُرْتَدِّ، وَالْمُمْتَنِعِ وَقَضِيَّةُ تَنْظِيرِهِ بِالْمُمْتَنِعِ أَنَّ النِّيَّةَ لَا تَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ، وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ حَكَاهُمَا بِلَا تَرْجِيحٍ، وَالرَّاجِحُ عِنْدَ غَيْرِهِ وُجُوبُهَا عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ، وَالْمُرَادُ بِالْكَافِرِ فِيمَا تَقَرَّرَ الْأَصْلِيُّ أَمَّا الْمُرْتَدُّ فَفِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ أَقْوَالٌ، بَقَاءُ مِلْكِهِ أَظْهَرُهَا أَنَّهُ مَوْقُوفٌ إنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ تَبَيَّنَّا بَقَاءَهُ فَتَجِبُ وَإِلَّا فَلَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (قَبْلَ غُرُوبِ) يَوْمِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: أَيْ بِإِدْرَاكِ آخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ وَأَوَّلَ جُزْءٍ مِنْ شَوَّالٍ) وَجْهُ اسْتِفَادَةِ هَذَا مِنْ الْغُرُوبِ أَنَّ ابْتِدَاءَهُ يَكُونُ فِي جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ وَبِانْتِهَائِهِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ فِي تَحْقِيقِ مُسَمَّى الْغُرُوبِ يَدْخُلُ جُزْءٌ مِنْ شَوَّالٍ هَذَا وَلَكِنَّ ظَاهِرَ الْمَتْنِ اعْتِبَارُ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ شَوَّالٍ فَقَطْ وَلَيْسَ مُرَادًا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَلَعَلَّهُ نَظَرَ فِي التَّوْجِيهِ الْمَذْكُورِ إلَى مُقَدِّمَاتِ الْغُرُوبِ وَإِلَّا فَحَقِيقَةُ الْغُرُوبِ لَا يَشْمَلُ شَيْئًا مِنْ رَمَضَانَ وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ نَظَرَ إلَى الْغَالِبِ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الْغُرُوبَ أَدْرَكَ مَا قَبْلَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: أَيْ بِإِدْرَاكِ آخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ) اعْلَمْ أَنَّ السَّبَبَ الْأَوَّلَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ رَمَضَانَ وَبَعْضُهُ كَآخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ وَهُوَ آخِرُ مَا يُمْكِنُ إدْرَاكُهُ مِنْهُ فَلِذَا قَالُوا: يَجُوزُ تَعْجِيلُ الْفِطْرَةِ مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ لِدُخُولِ السَّبَبِ الْأَوَّلِ وَقَالُوا: هُنَا أَيْ بِإِدْرَاكِ آخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ اقْتِصَارًا عَلَى أَقَلِّ مَا يَكْفِي فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا خِلَافًا لِمَنْ يَتَوَهَّمُهُ مِنْ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ لِعَدَمِ صِدْقِ التَّأَمُّلِ سم (قَوْلُهُ: أَيْ بِإِدْرَاكِ آخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ رَمَضَانَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَتْنَ لَا يُفِيدُ هَذَا فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: عَلَى سَيِّدِهِ إلَخْ) إنْ صَحَّتْ كِتَابَتُهُ فَإِنْ فَسَدَتْ وَجَبَتْ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهُ (قَوْلُهُ: قَالَ: الْإِمَامُ: إلَخْ) نَقْلًا عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا لَكِنْ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْهُ يَكْفِي إخْرَاجُهُ وَنِيَّتُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُكَلَّفُ بِالْإِخْرَاجِ اهـ

وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ فَيُجْزِئُ دَفْعُهَا بِلَا نِيَّةِ تَقَرُّبٍ وَتَجِبُ نِيَّةُ التَّمْيِيزِ اهـ.

وَقَدْ أُخِذَ ذَلِكَ مِنْ كَلَامٍ ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُرْتَدُّ إلَخْ) ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الرَّقِيقَ الْمُرْتَدَّ إنْ أَعَادَ إلَى

ــ

[حاشية الشربيني]

الصَّبِيِّ، وَالْقَرِيبِ الْفَقِيرِ فَإِنَّهُمَا كَالْعَبْدِ (قَوْلُهُ: أَيْ بِإِدْرَاكِ آخِرِ جُزْءٍ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ نَشَأَ مِنْ الصَّوْمِ، وَالْفِطْرِ فَأُسْنِدَ إلَيْهَا لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّحَكُّمُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا، وَالظِّهَارِ حَيْثُ قَالُوا: أَنَّهُ الْمُوجِبُ، وَالْعَوْدُ شَرْطٌ فِيهِ وَلَمْ يَجُزْ فِيهِ قَوْلٌ بِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْمُوجِبِ أَنَّ الْمُوجِبَ هُنَا كُلٌّ مِنْ أَمْرَيْنِ يَصِحُّ الْإِسْنَادُ إلَيْهِمَا حَقِيقَةً وَهُمَا الصَّوْمُ، وَالْفِطْرُ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ دَخْلًا فِي أَنَّهُ مُعَرِّفٌ لِلْحُكْمِ الَّذِي هُوَ وُجُوبُ زَكَاةِ الْفِطْرِ لِمَا فِيهَا مِنْ مُنَاسَبَتِهَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَتَعَيَّنَ الْإِسْنَادُ إلَيْهِمَا لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّحَكُّمُ، وَأَمَّا ثَمَّ فَالْإِيجَابُ إنَّمَا يَصِحُّ إسْنَادُهُ حَقِيقَةً إلَى الظِّهَارِ وَأَمَّا الْعَوْدُ فَلَا يَصِحُّ إسْنَادُ الْإِيجَابِ إلَيْهِ حَقِيقَةً فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ شَرْطٌ لِلْمُوجَبِ اهـ. حَجَرٌ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا كَانَ وَقْتَ وُجُوبِهَا مَا ذُكِرَ إلَخْ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ الْوَقْتَ الَّذِي يَتَحَقَّقُ فِيهِ الْوُجُوبُ فَهُوَ عَقِبَ الْجُزْءِ الثَّانِي لَا وَقْتَ الْجُزْأَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ السَّبَبَ فِي الْوُجُوبِ فَالْإِضَافَةُ إلَى الْفِطْرِ لَا تُفِيدُ اعْتِبَارَ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ فَإِنْ قُلْت الْفِطْرُ يَسْتَدْعِي مَفْطُورًا مِنْهُ وَأَيْضًا لَا يَتَحَقَّقُ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ مِنْ الْفِطْرِ إلَّا بِإِدْرَاكِ مَا قَبْلَهُ قُلْت هَذَا لَا يَنْفَعُ فِيمَنْ وُلِدَ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَفِيمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْت حُرٌّ مَعَ أَوَّلِ لَيْلَةِ الْعِيدِ إلَّا أَنْ يُنْظَرَ لِلْأَصْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ الْجَدِيدَ أَنَّهَا تَجِبُ بِالْغُرُوبِ فَلَوْ مَاتَ وَلَدُهُ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ اهـ.

وَهُوَ صَادِقٌ بِخُرُوجِ رُوحِهِ مُقَارِنًا لِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ جَرَى عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا وَالشَّارِحُ يُرِيدُ إجْزَاءَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَهُوَ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا لَكِنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُنْظَرُ هَلْ السَّبَبُ الثَّانِي الْغُرُوبُ، وَالْأَوَّلُ دُخُولُ رَمَضَانَ حَتَّى جَازَ التَّعْجِيلُ؟ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا كَانَ وَقْتَ وُجُوبِهَا مَا ذُكِرَ إلَخْ) أَيْ مَا تَحْصُلُ مِمَّا تَقَدَّمَ وَهُوَ عَقِبَ الْجُزْءِ مِنْ شَوَّالٍ فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ بِمَا ذُكِرَ آخِرَ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ وَأَوَّلَ جُزْءٍ مِنْ شَوَّالٍ فَلَيْسَ ذَلِكَ وَقْتَ الْوُجُوبِ بَلْ مَا بَعْدَهُ وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ تَجِبُ بِإِدْرَاكِ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ وَأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ شَوَّالٍ لِإِضَافَتِهَا إلَى الْفِطْرِ فِي الْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ وَفِيهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْإِضَافَةَ لَا تُفِيدُ أَنَّ لِرَمَضَانَ دَخْلًا فِي وُجُوبِهَا وَهَلْ كَلَامُهُ هُنَا بِنَاءً عَلَى كَلَامِهِ هُنَاكَ؟ وَإِنَّمَا كَانَ وَقْتَ وُجُوبِ مَا ذُكِرَ أَيْ إنَّمَا كَانَ السَّبَبُ فِي وُجُوبِهَا هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ إلَخْ، وَقَدْ عَرَفْت مَا فِيهِ فَالْأَوْلَى إبْقَاؤُهُ عَلَى مَا قُلْنَا أَوَّلًا فَتَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ: لِإِضَافَتِهَا إلَى الْفِطْرِ) ؛ لِأَنَّ الْفِطْرَ يَسْتَدْعِي مَفْطُورًا مِنْهُ وَأَيْضًا لَا يَتَحَقَّقُ الْجُزْءُ الْحَقِيقِيُّ الْأَوَّلُ مِنْ الْفِطْرِ إلَّا بِإِدْرَاكِ جُزْءٍ مِمَّا قَبْلَهُ اهـ.

شَيْخُنَا كَذَا بِخَطِّ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِهَامِشِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا هُنَا، ثُمَّ رَأَيْت الثَّانِي فِي سم عَلَى الْغَايَةِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ إلَخْ) فَلَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ بَعْضٌ رَقِيقٌ، بَعْضُهُ الْآخَرُ مُكَاتَبٌ لَزِمَهُ الْقِسْطُ وَلَا شَيْءَ فِي بَعْضِهِ الْآخَرِ وَيُتَصَوَّرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>