(وَاحْكُمْ عَلَى مَا غَلَبَتْ فِي مِثْلِهِ نَجَاسَةٌ بِطُهْرِهِ) تَرْجِيحًا (لِأَصْلِهِ) عَلَى غَالِبِهِ كَمَا فِي الْحَدَثِ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتُ وَأَضْبَطُ مِنْ الْغَالِبِ الْمُخْتَلَفِ بِاخْتِلَافِ الزَّمَنِ وَالْحَالِ وَيُعَضِّدُهُ حَمْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَامَةَ فِي الصَّلَاةِ وَكَانَتْ بِحَيْثُ لَا تَحْتَرِزُ عَنْ النَّجَاسَةِ وَالتَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ لِأَصْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَذَا التَّمْثِيلُ بِقَوْلِهِ (نَحْوِ أَوَانِي مَنْ لِخَمْرٍ يُدْمِنُ) وَثِيَابُهُ وَثِيَابُ الْقَصَّابِينَ وَالصِّبْيَانِ الَّذِينَ لَا يَحْتَرِزُونَ عَنْ النَّجَاسَةِ وَالْمُتَدَيَّنِينَ بِاسْتِعْمَالِهَا كَالْمَجُوسِ وَأَمَّا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ فَقَالَ إنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا وَإِلَّا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا» فَمَحْمُولٌ
ــ
[حاشية العبادي]
وَقَدْ مَنَعَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ بِأَنَّ قَضِيَّةَ مَسْأَلَةِ الدَّنَّيْنِ الْمَذْكُورَةِ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ الْجَوَازُ هُنَا وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: وَاحْكُمْ عَلَى مَا إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَإِنْ وَجَدَ قِطْعَةَ لَحْمٍ فِي إنَاءٍ أَوْ خِرْقَةٍ بِبَلَدٍ لَا مَجُوسَ فِيهِ فَظَاهِرَةٌ، أَوْ وَجَدَهَا مَرْمِيَّةً مَكْشُوفَةً فِي إنَاءٍ أَوْ خِرْقَةٍ وَالْمَجُوسُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ
ــ
[حاشية الشربيني]
طَرِيقِ النَّوَوِيِّ إذْ الْعَمَلُ بِالثَّانِي عِنْدَهُ فَرْعُ صِحَّةِ الِاجْتِهَادِ وَلَا يَصِحُّ عِنْدَهُ وَأَيْضًا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِالثَّانِي عَلَى الْأَصَحِّ عَلَى طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ فِيمَا إذَا كَانَ طَهَّرَ أَعْضَاءَهُ عَلَى مَا ذُكِرَ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ وَأَيْضًا يَجُوزُ تَقْلِيدُ مَنْ عَجَزَ عَنْ الِاجْتِهَادِ لَهُ إنْ لَمْ يُقَلِّدْهُ فِي اجْتِهَادِهِ الْأَوَّلِ وَيَعْمَلُ بِهِ وَأَيْضًا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ فِي الْمَاءِ لِيَبِيعَهُ دُونَ التَّطَهُّرِ بِهِ وَكُلُّ ذَلِكَ يَمْتَنِعُ عَلَى طَرِيقِ النَّوَوِيِّ وَبِذَلِكَ يُرَدُّ قَوْلُ الرَّمْلِيِّ فِي حَوَاشِي الرَّوْضِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الِاجْتِهَادُ عَلَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ أَيْضًا لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ هَذَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبُلْقِينِيَّ وَابْنَ سُرَيْجٍ لَا يُوجِبَانِ الْعَمَلَ بِالثَّانِي بَلْ يَجُوزُ أَنَّهُ قَالَ فِي الْإِيعَابِ خِلَافًا لِابْنِ سُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ يُعْمَلُ بِالثَّانِي اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْجَوَازِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا جَوَازُهَا إلَخْ) فَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ، إنَّهُ لَا يَجْتَهِدُ هُنَا كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْإِيعَابِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا أَمَّا جَوَازُهَا فَثَابِتٌ) ، فَإِنْ قُلْت إذَا بَقِيَ أَحَدُهُمَا لَا طَاهِرٌ بِيَقِينٍ حِينَئِذٍ وَوُجُودُهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الِاجْتِهَادِ قُلْت وُجُودُ ذَلِكَ كَانَ مُتَحَقِّقًا قَبْلَ التَّلَفِ وَهُوَ كَافٍ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَ مِنْ أَحَدِ الْإِنَاءَيْنِ شَيْءٌ فِي الْآخَرِ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا طَاهِرٌ بِيَقِينٍ حَتَّى عِنْدَ الرَّافِعِيِّ، نَعَمْ لَك أَنْ تَقُولَ كَانَ قَبْلَ الْوُقُوعِ مِنْ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ طَاهِرٌ بِيَقِينٍ فَهَلَّا كَفَى ذَلِكَ كَمَا لَوْ تَلِفَ أَحَدُهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: عَلَى مَا غَلَبَتْ فِي مِثْلِهِ نَجَاسَةٌ) أَيْ الْغَالِبُ فِيهِ بِاعْتِبَارِ أَفْرَادِهِ النَّجَاسَةُ وَأَصْلُهُ بِاعْتِبَارِ جِنْسِهِ الطَّهَارَةُ وَيُقَيَّدُ هَذَا؛ بِأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ عَلَامَةٌ لِلنَّجَاسَةِ تَتَعَلَّقُ بِعَيْنِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَوْلَيْنِ يُعَبِّرُ عَنْهُمَا بِقَوْلَيْ الْأَصْلِ وَالْغَالِبُ أَوْ وَالظَّاهِرُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ عِبَارَةٌ عَمَّا تَرَجَّحَ وُقُوعُهُ فَهُوَ مُسَاوٍ لِلْغَالِبِ.
(قَوْلُهُ: وَيُعَضِّدُهُ) لَمْ يَقُلْ يَدُلُّ عَلَيْهِ لِمَا قِيلَ، إنَّهَا وَاقِعَةُ حَالٍ فَعَلَيْهِ تَطَرَّقَ إلَيْهِمَا احْتِمَالُ عِلْمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِطَهَارَةِ بَدَنِهَا وَثِيَابِهَا، لَكِنَّهُ يُرَدُّ؛ بِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ احْتِمَالٍ مُؤَثِّرًا وَإِنَّمَا الْمُؤَثِّرُ الِاحْتِمَالُ الْقَرِيبُ دُونَ الْبَعِيدِ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ وَلَوْ نَظَرْنَا لِكُلِّ احْتِمَالٍ لَمْ يُسْتَدَلَّ بِوَاقِعَةِ عَيْنٍ قَطُّ وَهُوَ بَاطِلٌ لِعِلْمِنَا أَنَّ الْمُسْقِطَ لَهَا احْتِمَالٌ مَخْصُوصٌ وَهُوَ مَا فِيهِ نَوْعُ ظُهُورٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِ اهـ. شَرْحُ عُبَابٍ
(قَوْلُهُ: وَاحْكُمْ عَلَى مَا غَلَبَ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ اعْلَمْ أَنَّ لِجَرَيَانِ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ شُرُوطًا أَحَدَهَا