للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْأَصْلِ أَنْ يَسْتَنِدَ ظَنُّ النَّجَاسَةِ إلَى غَلَبَتِهَا وَإِلَّا عَمِلَ بِالظَّنِّ كَمَا قَالَ

(لَا) مَاءُ (قُلَّتَيْنِ) فَأَكْثَرَ (بَالَ نَحْوُ الظَّبْيِ بِهْ) أَيْ فِيهِ فَوُجِدَ عَقِبَ الْبَوْلِ مُتَغَيِّرًا (وَشُكَّ مَعْ تَغْيِيرِهِ فِي سَبَبِهْ) هَلْ هُوَ الْبَوْلُ، أَوْ نَحْوُ طُولِ الْمُكْثِ فَلَا يَحْكُمْ بِطُهْرِهِ بَلْ بِتَنَجُّسِهِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ لِاسْتِنَادِهِ إلَى سَبَبٍ كَخَبَرِ الْعَدْلِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ غَيْرِهِ.

أَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ عَقِبَ الْبَوْلِ مُتَغَيِّرًا بِأَنْ غَابَ عَنْهُ زَمَنًا ثُمَّ وَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا، أَوْ وُجِدَ عَقِبَهُ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ، ثُمَّ تَغَيَّرَ فَطَاهِرٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي الثَّانِيَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ وَذَكَرَ الدَّارِمِيُّ أَنَّهُ لَوْ رَأَى نَجَاسَةً حَلَّتْ فِي مَاءٍ فَلَمْ تُغَيِّرْهُ فَمَضَى عَنْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا لَمْ يَتَطَهَّرْ بِهِ وَفِيمَا ذَكَرَهُ نَظَرٌ انْتَهَى، وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامُ الدَّارِمِيِّ عَلَى نَجَسٍ جَامِدٍ لَا يَتَحَلَّلُ قَرِيبًا وَبِمَا تَقَرَّرَ مِنْ الْحُكْمِ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ بِبَوْلِ الظَّبْيِ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَشْكُلُ بِحُرْمَةِ الصَّيْدِ إذَا جُرْحُهُ فَغَابَ عَنْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ مَيْتًا؛ لِأَنَّهُ إنْ وُجِدَ التَّغَيُّرُ عَقِبَ الْبَوْلِ وَالْمَوْتُ عَقِبَ الْجُرْحِ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ أُحِيلَ عَلَى السَّبَبِ وَإِلَّا، فَلَا قَالَ النَّوَوِيُّ وَمُرَادُ الْفُقَهَاءِ بِالشَّكِّ هُنَا وَفِي مُعْظَمِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ التَّرَدُّدُ، سَوَاءٌ الْمُسْتَوَى وَالرَّاجِحُ وَعِنْدَ أَهْلِ الْأُصُولِ التَّرَدُّدُ إنْ كَانَ عَلَى السَّوَاءِ فَشَكٌّ وَإِلَّا فَالرَّاجِحُ ظَنٌّ وَالْمَرْجُوحُ وَهْمٌ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْقُلَّتَيْنِ وَبِنَحْوِ مَزِيدٍ عَلَى الْحَاوِي.

(وَحُرْمَةُ الطَّاهِرِ) مُبْتَدَأٌ (فِي اسْتِعْمَالٍ) صِلَةُ حُرْمَةٍ (مِنْ ظَرْفٍ

ــ

[حاشية العبادي]

كَوْنُ الَّذِي يُؤْخَذُ بِلِسَانِهَا لِقِلَّتِهِ لَا يَطْهُرُ عُمُومُهُ لِمَا تَنَجَّسَ مِنْ فَمِهَا عِنْدَ أَكْلِ الْفَأْرَةِ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ ذَكَرَ عَيْنَ مَا قُلْته حَيْثُ قَالَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَعُبُّ الْمَاءَ وَتَغْمِسُ فَمَهَا فِيهِ كَيْ يُحْكَمَ بِطَهَارَتِهِ لِمُلَاقَاةِ الْمَاءِ لِجَمِيعِ مَوَارِدِ النَّجَاسَةِ وَإِنَّمَا تَجْذِبُ الْمَاءَ بِطَرَفِ لِسَانِهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَجْرِي إلَى فَمِهَا وَلَا يَدُورُ فِي نَوَاحِي بَاطِنِ الْفَمِ الَّذِي تَنَجَّسَ بِالْأَكْلِ اهـ.

وَغَايَةُ مَا يُمْكِنُ فِي دَفْعِهِ أَنْ يُقَالَ مَا تَأْخُذُهُ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لَكِنَّهُ يَتَكَرَّرُ عِنْدَ شُرْبِهَا وَيَنْجَذِبُ إلَى جَوَانِبِ فَمِهَا بِحَيْثُ يَعُمُّهَا كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ وَحِينَئِذٍ فَمَا سَلَكَهُ الشَّارِحُ فِي فَهْمِ الْإِشْكَالِ خِلَافُ الظَّاهِرِ كَمَا تَرَى وَقَوْلُهُ: فَيَتَنَجَّسُ مِنْ تَصَرُّفِهِ بِرّ

(قَوْلُهُ بِإِمْكَانِ مُطْلَقِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: إمْكَانُ طُهْرٍ وَقَوْلُهُ: بِأَنَّهَا لَا تَعُبُّ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ اُسْتُشْكِلَ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا عَمِلَ إلَخْ) بِأَنْ اسْتَنَدَ إلَى سَبَبٍ ظَاهِرٍ.

(قَوْلُهُ: أُحِيلَ إلَى السَّبَبِ إلَخْ) ثُمَّ نَظِيرُ النَّجَاسَةِ هُنَا وَالْحُرْمَةِ ثَمَّ، نَظِيرُ الطَّهَارَةِ هُنَا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ: فَلَا يُحَالُ عَلَى السَّبَبِ. وَنَتِيجَةُ عَدَمِ الْإِحَالَةِ الطَّهَارَةُ هُنَا وَالْحُرْمَةُ ثَمَّ

(قَوْلُهُ: وَحُرْمَةُ الطَّاهِرِ إلَخْ) (فَرْعٌ) يَجُوزُ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ الْفِضَّةِ غِطَاءً مِنْ فِضَّةٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ بِصُورَةِ إنَاءٍ بِأَنْ يَكُونَ صَفْحَةً أَوْ قِطْعَةً غَيْرَ مُجَوَّفَةٍ وَيُغْتَفَرُ تَغْطِيَتُهُ بِهَا وَكَذَا سِلْسِلَةٌ أَوْ حَلْقَةٌ وَيَجُوزُ حَمْلُهُ بِهَا وَالْوَجْهُ امْتِنَاعُ وَضْعِ الْكِيزَانِ عَلَى طَبَقٍ مِنْ فِضَّةٍ، وَإِنْ كَانَ صَفِيحَةً لَا بُيُوتَ فِيهَا خِلَافًا لِمَنْ خَالَفَ؛ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لِلْفِضَّةِ م ر

ــ

[حاشية الشربيني]

هَذَا لِيَضْعُفَ أَصْلُ النَّجَاسَةِ حَتَّى لَا يَتَأَثَّرَ بِهِ أَصْلُ الطَّهَارَةِ لَا لِلْعَفْوِ عَنْ فَمِهَا إذْ لَا حَاجَةَ مَعَ الْعَفْوِ لِلْغَيْبَةِ اهـ.

إيعَابٌ وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ الْغَزَالِيَّ قَالَ بِالْعَفْوِ عَنْ فَمِهَا وَإِنْ لَمْ تَغِبْ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهَا اهـ.

وَسَيَأْتِي رَدُّ الشَّارِحِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَالِاحْتِرَازُ إلَخْ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا مَاءُ قُلَّتَيْنِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يَرَى حَيَوَانًا يَبُولُ فِي مَاءٍ هُوَ قُلَّتَانِ فَأَكْثَرَ وَلَا تَعْظُمُ كَثْرَتُهُ عِظَمًا لَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ الْبَوْلُ وَيَكُونُ الْبَوْلُ كَثِيرًا بِحَيْثُ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ الْمَاءُ التَّغَيُّرَ بِذَلِكَ الْبَوْلِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَوَجَدَ عَقِبَ الْبَوْلِ) أَيْ: وَقَدْ كَانَ رَآهُ قَبْلَ بَوْلِهَا غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ نَقَلَهُ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهُ غَيْرُ شَرْطٍ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ.

(قَوْلُهُ: عَقِبَ الْبَوْلِ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْعَقِبِ الْعَقِبَ الْحَقِيقِيَّ بَلْ أَنْ لَا يَمْضِيَ بَعْدَ بَوْلِهَا زَمَانٌ يُحَالُ عَلَيْهِ زَوَالُ التَّغَيُّرِ بِسَبَبِ طُولِهِ شَرْحُ عُبَابٍ.

(قَوْلُهُ: وَشَكَّ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ فَشَكَّ بِالْفَاءِ قَالَ الشَّارِحُ فِي الصَّغِيرِ وَهِيَ أَوْلَى لِإِفَادَتِهَا التَّعْقِيبَ فِي الشَّكِّ الْمُسْتَدْعِي لِلتَّعْقِيبِ فِي التَّغَيُّرِ اهـ.

لَكِنَّهُ يُخْرِجُ التَّعْقِيبَ فِي التَّغَيُّرِ مَعَ التَّرَاخِي فِي الشَّكِّ اهـ.

(قَوْلُهُ وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامُ الدَّارِمِيِّ إلَخْ) ظَاهِرُهُ الْحُكْمُ بِالنَّجَاسَةِ حِينَئِذٍ مُطْلَقًا وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ يَرْجِعُ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ، فَإِنْ قَالُوا تَغَيَّرَ بِهَا حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ النَّاشِرِيُّ، فَإِنْ تَوَقَّفُوا، فَالْأَصْلُ الطَّهَارَةُ اهـ. شَرْحُ الْعُبَابِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَحُرْمَةُ الطَّاهِرِ فِي اسْتِعْمَالِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ إنَاءُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ فِي الْقَدِيمِ وَكَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ فِي الْجَدِيدِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَبِهِ قَطَعَ جَمَاعَةٌ وَعَلَيْهِ التَّفْرِيعُ وَيَحْرُمُ اتِّخَاذُ الْإِنَاءِ مِنْ غَيْرِ اسْتِعْمَالٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَيَحْرُمُ تَزْيِينُ الْحَوَانِيتِ وَالْبُيُوتِ وَالْمَجَالِسِ بِهِمَا عَلَى الصَّحِيحِ اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي الْوَجِيزِ إلَّا حُكْمَ التَّزْيِينِ وَفِي الْعَزِيزِ عَلَى الْوَجِيزِ وَيُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ الْأَوَانِي الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَهَلْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّحْرِيمِ أَوْ عَلَى سَبِيلِ التَّنْزِيهِ فِيهِ قَوْلَانِ قَالَ فِي الْقَدِيمِ، إنَّهُ عَلَى التَّنْزِيهِ؛ لِأَنَّ جِهَةَ الْمَنْعِ مَا فِيهِ مِنْ السَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ وَانْكِسَارِ قُلُوبِ الْمَسَاكِينِ وَمِثْلُ هَذَا لَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ وَقَالَ فِي الْجَدِيدِ، إنَّهُ عَلَى التَّحْرِيمِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ بَعْضُهُمْ وَهَلْ يَجُوزُ اتِّخَاذُهَا إنْ قُلْنَا لَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهَا عَلَى الْقَدِيمِ جَازَ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ لِجَمْعِ الْمَالِ وَإِحْرَازِهِ كَيْ لَا يَتَفَرَّقَ وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَصَحُّ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ مَا حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ حَرُمَ اتِّخَاذُهُ وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ يَنْبَغِي جَوَازُ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى اتِّخَاذِهَا وَغَرَامَةُ الصَّنْعَةِ عَلَى مَنْ كَسَرَهَا إنْ قُلْنَا يَجُوزُ الِاتِّخَاذُ جَازَ الِاسْتِئْجَارُ وَوَجَبَ الْغُرْمُ وَإِلَّا فَلَا وَفِي جَوَازِ تَزْيِينِ الْحَوَانِيتِ وَالْبُيُوتِ وَالْمَجَالِسِ بِهَا وَجْهَانِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِاسْتِعْمَالٍ وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْوَجْهُ عِنْدِي تَحْرِيمُ التَّزْيِينِ بِهِمَا لِلسَّرَفِ مَعَ الْخِلَافِ فِي حُرْمَةِ الصَّنْعَةِ اهـ.

وَفِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ

<<  <  ج: ص:  >  >>