للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَصْحَابُ وَنَقَلَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا صِحَّةُ إحْرَامِهِ بِالْعُمْرَةِ إذَا قَصَدَ تَرْكَ الرَّمْيِ، وَالْمَبِيتِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ نَعَمْ إنْ تَعَجَّلَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي صَحَّ إحْرَامُهُ بِهَا وَإِنْ كَانَ وَقْتُ الرَّمْيِ بَاقِيًا؛ لِأَنَّهُ بِالنَّفْرِ خَرَجَ مِنْ الْحَجِّ وَصَارَ كَمَا لَوْ مَضَى وَقْتُ الرَّمْيِ نَقَلَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: لَا خِلَافَ فِيهِ (وَالْكُرْهَ فَقَدْ) أَيْ: لَا يُكْرَهُ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ الَّتِي يَجُوزُ الْإِحْرَامُ بِهَا فِيهَا بَلْ يُسَنُّ الْإِكْثَارُ مِنْهَا وَلَا يُكْرَهُ فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ مِرَارًا فَقَدْ «أَعْمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَائِشَةَ فِي عَامٍ مَرَّتَيْنِ وَاعْتَمَرَتْ فِي عَامٍ مَرَّتَيْنِ أَيْ: بَعْدَ وَفَاتِهِ» وَفِي رِوَايَةٍ ثَلَاثَ عُمَرَ وَاعْتَمَرَ ابْنُ عُمَرَ أَعْوَامًا مَرَّتَيْنِ فِي كُلِّ عَامٍ رَوَاهَا الشَّافِعِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ

ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ الْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ فَقَالَ (مَكَانُهُ مَكَّةُ بِالْحَجِّ) أَيْ: وَمَكَانُ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ مَكَّةُ (لِمَنْ كَانَ مُقِيمَ مَكَّةٍ) أَيْ: كَائِنًا بِهَا عِنْدَ إحْرَامِهِ بِهِ وَلَوْ غَيْرَ مَكِّيٍّ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَبَرِ الْآتِي «حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ» وَقِيسَ بِأَهْلِهَا غَيْرُهُمْ مِمَّنْ هُوَ بِهَا فَلَوْ أَحْرَمَ خَارِجَهَا وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ أَسَاءَ وَلَزِمَهُ دَمٌ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ بِالنَّفْرِ إلَخْ) فَلَا يَنْعَقِدُ قَبْلَ النَّفْرِ وَإِنْ قَصَدَهُ

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ أَسَاءَ وَلَزِمَهُ دَمٌ) بِخِلَافِ مَا إذَا عَادَ لَكِنْ قَبْلَ وُصُولِهِ لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْوُصُولُ إلَى مِيقَاتِ الْآفَاقِيِّ كَذَا قَالُوهُ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا إذَا كَانَ مِيقَاتُ الْجِهَةِ الَّتِي خَرَجَ إلَيْهَا أَبْعَدَ مِنْ مَرْحَلَتَيْنِ فَيَتَعَيَّنُ هُنَا الْوُصُولُ لِلْمِيقَاتِ، أَوْ مُحَاذَاتُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِيقَاتُ جِهَةِ خُرُوجِهِ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِيقَاتٌ فَيَكْفِي الْوُصُولُ إلَيْهِمَا وَإِنْ لَمْ يَصِلْ لِعَيْنِ الْمِيقَاتِ وَإِنَّمَا سَقَطَ دَمُ التَّمَتُّعِ بِالْمُرَحِّلَتَيْنِ مُطْلَقًا لِأَنَّ هَذَا فِيهِ إسَاءَةٌ بِتَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ مَكَّةَ فَشَدَّدَ عَلَيْهِ أَكْثَرَ وَلِأَنَّهُ يُبْعِدُهُ عَنْهَا مَرْحَلَتَيْنِ انْقَطَعَتْ نِسْبَتُهُ إلَيْهَا فَصَارَ كَالْآفَاقِيِّ فَيَتَعَيَّنُ مِيقَاتُ جِهَتِهِ، أَوْ مُحَاذَاتُهُ (تَنْبِيهٌ)

عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْآفَاقِيَّ الْمُتَمَتِّعَ لَوْ دَخَلَ مَكَّةَ وَفَرَغَ مِنْ أَعْمَالِ عُمْرَتِهِ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى مَحَلٍّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَرْحَلَتَانِ لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ مِنْ مِيقَاتِهِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ، أَوْ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ، ثُمَّ أَرَادَ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ جَازَ لَهُ تَأْخِيرُهُ إلَى أَنْ يَدْخُلَهَا بَلْ لَوْ أَحْرَمَ مِنْ مَحَلِّهِ لَزِمَهُ دُخُولُهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ، أَوْ الْوُصُولِ إلَى الْمِيقَاتِ، أَوْ مِثْلِهِ وَفِي الرَّوْضَةِ إذَا كَانَ مِيقَاتُ الْمُتَمَتِّعِ الْآفَاقِيِّ مَكَّةَ فَأَحْرَمَ خَارِجَهَا لَزِمَهُ دَمُ الْإِسَاءَةِ أَيْضًا مَا لَمْ يَعُدْ لِمَكَّةَ، أَوْ لِلْمِيقَاتِ، أَوْ مِثْلَ مَسَافَتِهِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْته نَعَمْ قَوْلُهُ لِلْمِيقَاتِ يُحْمَلُ عَلَى مَا حَمَلْت عَلَيْهِ قَوْلَهُمْ مِيقَاتُ الْآفَاقِيِّ كَذَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ وَقَوْلُهُ لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ مِنْ مِيقَاتِهِ لَعَلَّ الْمُرَادَ مِيقَاتُ جِهَتِهِ الَّتِي خَرَجَ إلَيْهَا وَقَوْلُهُ لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ مِنْ مِيقَاتِهِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ قَدْ يَتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ قَوْلَهُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي جِهَةِ خُرُوجِهِ مِيقَاتٌ كَفَاهُ الْإِحْرَامُ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ هَذَا وَقَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا سَقَطَ دَمُ التَّمَتُّعِ بِالْمُرَحِّلَتَيْنِ مُطْلَقًا عَدَمُ وُجُوبِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ مِنْ مِيقَاتِهِ بَلْ يَكْفِي الْإِحْرَامُ بِهِ مِمَّا دُونَهُ إذَا كَانَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَا يَلْزَمُ مِنْ سُقُوطِ الدَّمِ بِالْمُرَحِّلَتَيْنِ جَوَازُ الْإِحْرَامِ مِنْهُمَا وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعُدْ إلَخْ) فَلَوْ عَادَ إلَيْهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

أَوْ نَائِبِهِ وَسُقُوطُ الدَّمِ عَنْهُ بِتَرْكِ الْمَبِيتِ مِنْ غَيْرِ لُزُومِ دَمِ التَّحَلُّلِ كَمَا يُفِيدُ التَّحَلُّلُ فِي صُورَةِ الْحَصْرِ الْخُرُوجَ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبَاتِ وَعَدَمِ الِاحْتِرَازِ عَمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَى التَّحَلُّلِ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا. اهـ. تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُؤْخَذُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاشْتِغَالِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِهِ وَقَصْدُهُ التَّرْكَ لَا يَمْنَعُ الْخِطَابَ كَمَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) فِي شَرْحِ الْعُبَابِ مَا يُفِيدُ أَنَّ هَذَا الَّذِي يُؤْخَذُ قَوْلٌ ضَعِيفٌ

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ) بِخِلَافِ مَا إذَا عَادَ لَكِنْ قَبْلَ الْوُصُولِ لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْوُصُولُ لِمِيقَاتِ الْآفَاقِيِّ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>