للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نَحْوَ الْبَابِ مُرُورَ الْقَهْقَرَى، أَوْ نَحْوَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ لَمْ يَصِحَّ.

قَالَ النَّوَوِيُّ: وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الطَّوَافِ يَجُوزُ مُسْتَقْبِلَ الْبَيْتِ إلَّا فِي مُرُورِهِ مُسْتَقْبِلَ الْحَجَرِ فِي الِابْتِدَاءِ وَذَلِكَ سُنَّةٌ فِي الطَّوْفَةِ الْأُولَى لَا غَيْرُ فَيَجْعَلُ مَنْكِبَهُ الْأَيْمَنَ عِنْدَ أَوَّلِهِ ثُمَّ يَمْشِي مُسْتَقْبِلَهُ نَحْوَ يَمِينِهِ حَتَّى يُجَاوِزَهُ ثُمَّ يَنْفَتِلُ لِيَكُونَ الْبَيْتُ عَنْ يَسَارِهِ قَالَ: وَهَذَا غَيْرُ الِاسْتِقْبَالِ عِنْدَ لِقَاءِ الْحَجَرِ قَبْلَ ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ فَذَاكَ سُنَّةٌ مُسْتَقْبَلَةٌ فَإِذَا اسْتَقْبَلَ الْبَيْتَ لِدُعَاءٍ، أَوْ زَحْمَةٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا فَلْيَحْتَرِزْ عَنْ الْمُرُورِ فِي الطَّوَافِ وَلَوْ أَدْنَى جَزْءٍ قَبْلَ عَوْدِهِ إلَى جَعْلِ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِهِ (فِي دَاخِلِ الْمَسْجِدِ) وَلَوْ فِي أُخْرَيَاتِهِ، أَوْ فِيمَا زِيدَ فِيهِ عَلَى مَا كَانَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ عَلَى سَطْحِهِ وَإِنْ كَانَ أَعْلَى مِنْ الْبَيْتِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَصَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ كَالصَّلَاةِ عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ، أَوْ مَعَ الْحَائِلِ عَنْ الْبَيْتِ كَالسِّقَايَةِ، وَالسَّوَارِي وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَةٍ (كَيْفَ كَانَهْ) بِهَاءِ السَّكْتِ نَعَمْ لَوْ زِيدَ فِيهِ حَتَّى بَلَغَ الْحِلَّ فَطَافَ فِيهِ فِي الْحِلِّ فَالْقِيَاسُ فِي الْمُهِمَّاتِ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَخَرَجَ بِدَاخِلِ الْمَسْجِدِ خَارِجُهُ وَلَوْ بِالْحَرَمِ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَطُفْ إلَّا دَاخِلَهُ وَقَالَ: خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ»

(وَخَارِجِ الْبَيْتِ) ؛ لِأَنَّ مَنْ طَافَ دَاخِلَهُ طَافَ فِيهِ لَا بِهِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ} [الحج: ٢٩] (وَ) خَارِجَ (شَاذَرْوَانِهِ) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْخَارِجُ عَنْ عَرْضِ جِدَارِ الْبَيْتِ تَرَكَتْهُ -

ــ

[حاشية العبادي]

(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ إعَادَتُهُ) يَتَّجِهُ أَنَّهَا عَلَى التَّرَاخِي، وَالْوَجْهُ امْتِنَاعُ الْإِحْرَامِ بِغَيْرِ ذَلِكَ النُّسُكِ كَمَا فِي الْعَاكِفِ بِمِنًى لِلرَّمْيِ بَلْ، أَوْلَى لِبَقَاءِ بَعْضِ الْأَرْكَانِ وَبَقَاءِ إحْرَامِهِ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ الْبَاقِي فَلْيُتَأَمَّلْ م ر (قَوْلُهُ: يَنْفَتِلُ) أَيْ: بِحَيْثُ لَا يَتَقَدَّمُ جُزْءٌ مِنْ بَدَنِهِ عَلَى جُزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ إلَى جِهَةِ الْبَابِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ فِي شَرْحِ حَاذَى الْحَجَرَ بِكُلِّهِ بِحَيْثُ لَا يَتَقَدَّمُ جُزْءٌ مِنْ بَدَنِهِ عَلَى جُزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ. اهـ. فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ تَمَامِ الِانْفِتَالِ بِحَيْثُ لَا يَتَقَدَّمُ جُزْءٌ مِنْ بَدَنِهِ عَلَى جُزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ إلَى جِهَةِ الْبَابِ وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ قَوْلُ النَّوَوِيِّ السَّابِقُ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الطَّوَافِ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ شَيْءٌ مِنْ الطَّوَافِ مَعَ الِاسْتِقْبَالِ إذْ ابْتِدَاءُ الطَّوَافِ هُوَ الْمُحَاذَاةُ عِنْدَ الِاتِّصَالِ وَهُوَ حِينَئِذٍ غَيْرُ مُنْفَتَلٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ النَّوَوِيُّ أَنَّ ابْتِدَاءَ الطَّوَافِ هُوَ الْمُحَاذَاةُ بِالِاسْتِقْبَالِ وَلَوْ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الْجُزْءِ الَّذِي يُحَاذِيهِ بَعْدَ تَمَامِ الِانْفِتَالِ بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ جُزْءٌ مِنْهُ عَنْهُ إلَى جِهَةِ الْبَابِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَظْهَرُ أَنَّهُ صَحَّ الطَّوَافُ مَعَ الِاسْتِقْبَالِ؛ لِأَنَّهُ إذَا انْتَهَى فِي هَذِهِ الطَّوْفَةِ إلَى مَوْضِعِ الْمُحَاذَاةِ بِالِاسْتِقْبَالِ تَمَّتْ طَوْفَتُهُ عَلَى هَذَا وَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ إلَى مَوْضِعِ الْمُحَاذَاةِ بَعْدَ تَمَامِ الِانْفِتَالِ بِالْحَيْثِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَلْيُحَرَّرْ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ قَالَ: إنَّ حَقِيقَةَ الطَّوَافِ إنَّمَا تُوجَدُ عِنْدَ تَمَامِ هَذَا الِانْفِتَالِ عِنْدَ مُحَاذَاةِ طَرَفِ الْحَجَرِ وَهُوَ حِينَئِذٍ قَدْ حَاذَاهُ بِيَسَارِهِ، ثُمَّ قَالَ فِي قَوْلِهِمْ إنَّهُ لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ الطَّوَافِ مَعَ اسْتِقْبَالِ الْبَيْتِ إلَّا هُنَا: وَبِمَا قَرَّرْته أَنَّ الطَّوَافَ حَقِيقَةً إنَّمَا هُوَ مِنْ حِينِ الِانْفِتَالِ يُعْلَمُ أَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ صُورِيٌّ. اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْتنِي فِي هَامِشِ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ بَيَّنْت رَدَّ هَذَا الَّذِي قَالَهُ هَذَا الْبَعْضُ وَأَنَّ عِبَارَةَ النَّوَوِيِّ ظَاهِرَةٌ جِدًّا إنْ لَمْ تَكُنْ صَرِيحَةً فِي أَنَّ الِانْفِتَالَ عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ وَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عِنْدَ الِانْفِتَالِ أَنْ يُحَاذِيَ يَسَارُهُ جُزْءًا مِنْ الْحَجَرِ بَلْ يَكْفِي مُحَاذَاتُهُ حِينَئِذٍ لِأَوَّلِ مَا يُجَاوِرُ الْحَجَرَ مِنْ جِهَةِ الْبَابِ فَالِاسْتِثْنَاءُ حَقِيقِيٌّ لَا صُورِيٌّ فَرَاجِعْهُ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُ فِي شَرْحِ حَاذَى الْحَجَرَ حَيْثُ لَا يَتَقَدَّمُ جُزْءٌ مِنْ بَدَنِهِ عَلَى جُزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَسْتَقْبِلْ بَلْ حَاذَى بِشِقِّهِ الْأَيْسَرِ فَاحْفَظْ هَذَا وَلَا تَلْتَفِتْ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ هَذِهِ الْحَاشِيَةِ (قَوْلُهُ، أَوْ مَعَ الْحَائِلِ)

ــ

[حاشية الشربيني]

حَاصِلُ صُوَرِ الْمَقَامِ ثَمَانٌ وَأَرْبَعُونَ صُورَةً حَاصِلَةٌ مِنْ ضَرْبِ أَرْبَعَةٍ وَهِيَ جَعْلُ الْبَيْتِ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ أَوْ أَمَامَهُ أَوْ خَلْفَهُ فِي اثْنَيْنِ وَهُمَا الذَّهَابُ إلَى جِهَةِ الْبَابِ أَوْ الْيَمَانِي وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّمَانِيَةِ إمَّا أَنْ يَذْهَبَ مُعْتَدِلًا أَوْ مُنَكِّسًا رَأْسَهُ إلَى أَسْفَلَ أَوْ مُسْتَلْقِيًا عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ مُنْكَبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَوْ زَحْفًا أَوْ حَبْوًا وَكُلُّهَا بَاطِلَةٌ إلَّا سِتَّةً وَهِيَ أَنْ يَجْعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ ذَاهِبًا إلَى جِهَةِ الْبَابِ بِكَيْفِيَّاتِهَا السِّتِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ وَغَيْرُهُ

(قَوْلُهُ: الِاسْتِقْبَالُ عِنْدَ لِقَاءِ الْحَجَرِ) فَيَسْتَقْبِلُهُ أَوَّلًا، ثُمَّ يَسْتَلِمُهُ، ثُمَّ يَتَأَخَّرُ جِهَةَ يَسَارِهِ بِحَيْثُ يَكُونُ طَرَفُ مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ عِنْدَ طَرَفِ الْحَجَرِ، ثُمَّ يَمُرُّ جِهَةَ يَمِينِهِ إلَى أَنْ يُجَاوِزَهُ فَيَنْفَتِلُ (قَوْلُهُ: وَشَاذَرْوَانُهُ) هُوَ الْجِدَارُ الْقَصِيرُ الْمُسَنَّمُ بَيْنَ الْيَمَانِيِّينَ، وَالْغَرْبِيِّ، وَالْيَمَانِيِّ دُونَ جِهَةِ الْبَابِ وَإِنْ أُحْدِثَ فِيهِ الْآنَ شَاذَرْوَانُ حَجَرٌ شَرْحُ بَافَضْلٍ قَالَ الْمَدَنِيُّ: الْمُعْتَمَدُ وُجُودُ الشَّاذَرْوَانِ فِي جِهَةِ الْبَابِ أَيْضًا وَمِثْلُهُ سم فِي شَرْحِ الْغَايَةِ مُخَالِفًا لِجَمْعٍ مِنْهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ تُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ إلَّا فِي جِهَةِ الْبَابِ قَالَ الْعِرَاقِيُّ إنَّ اخْتِصَاصَهُ بِجِهَةِ الْبَابِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَهُوَ خِلَافُ الْمُشَاهَدِ مِنْ تَعْمِيمِ الْجُدُرِ الثَّلَاثِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَزْرَقِيُّ فِي تَارِيخِ مَكَّةَ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَلَا شَاذَرْوَانَ مِنْ جِهَةِ الْبَابِ قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِهِ وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ كَالْإِمَامِ إنَّهُ مُخْتَصٌّ بِهَذِهِ الْجِهَةِ خِلَافُ الْمَعْرُوفِ وَمَعْنَى نَفْيِهِ عَنْهَا الَّذِي عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ مِنْ الْبَابِ إلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ قَالَ الْإِمَامُ: وَلَعَلَّ عَدَمَ ظُهُورِهِ عِنْدَهُ لِتَهْوِينِ اسْتِلَامِهِ وَظَنَّ جَمَاعَةٌ أَنَّ النَّفْيَ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَقَالُوا لَوْ مَسَّ الْجِدَارَ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ لَمْ يَضُرَّ وَلَيْسَ كَمَا ظَنُّوا فَقَدْ ثَبَتَ فِي الْحَاشِيَةِ مَا يُبْطِلُ هَذَا الظَّنَّ وَمِنْهُ قَوْل الْمَجْمُوعُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي جَوَانِبِ الْبَيْتِ لَكِنْ لَا يَظْهَرُ عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَقَدْ أُحْدِثَ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ عِنْده شَاذَرْوَانُ، ثُمَّ قَالَ حَجَرٌ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّاذَرْوَانِ الْمُثْبَتُ فِي جَمِيعِ الْجَوَانِبِ هُوَ الْأَحْجَارُ الْمُلَاصِقَةُ لِلْكَعْبَةِ الَّتِي عَلَيْهَا الْبِنَاءُ الْمُسَنَّمُ الْمُرَخَّمُ فِي جَوَانِبِهَا الثَّلَاثَةِ وَبَعْضُ حِجَارَةِ الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ لَا بِنَاءَ عَلَيْهَا وَهُوَ شَاذَرْوَانُ أَيْضًا نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ الْأَزْرَقِيِّ، وَالْفَارِسِيِّ قَالَ: وَهُمَا الْعُمْدَةُ فِي هَذَا الشَّأْنِ، وَالْمَنْفِيُّ هُوَ الْبِنَاءُ الْمُسَنَّمُ فَوْقَ تِلْكَ الْأَحْجَارِ لَا أَصْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>