للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ.

قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا لِلْغَزَالَيَّ: وَأَرْكَانُ الْبَيْعِ ثَلَاثَةٌ: صِيغَةٌ، وَعَاقِدٌ، وَمَعْقُودٌ عَلَيْهِ وَاخْتَارَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهَا شُرُوطٌ لَهُ قَالَ: لِأَنَّ الْمُعَاطَاةَ بَيْعٌ عِنْدَ جَمَاعَةٍ، وَلَا صِيغَةٌ وَلِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهَا لِتَدْخُلَ صُورَةُ الْبَيْعِ فِي الْوُجُودِ فَلْيُعَدَّ الزَّمَانُ، وَالْمَكَانُ وَنَحْوُهُمَا مِنْ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ أَرْكَانًا، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَصَوُّرِهَا لِيُتَصَوَّرَ الْبَيْعُ فَلْيُخْرَجْ الْعَاقِدُ، وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ؛ إذْ الْبَيْعُ فِعْلٌ وَمَوْرِدُ الْفِعْلِ وَفَاعِلُهُ لَا يَدْخُلَانِ فِي حَقِيقَتِهِ وَلِهَذَا لَمْ يُعَدَّ الْمُصَلِّي، وَالْحَاجُّ رُكْنَيْنِ فِي الصَّلَاةِ، وَالْحَجِّ، وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ بَيْعَ الْمُعَاطَاةِ بِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ مُسْتَثْنًى عَلَى أَنَّ إيرَادَهُ لَازِمٌ بِتَقْدِيرِ جَعْلِ الثَّلَاثَةِ شُرُوطًا أَيْضًا، وَعَنْ الثَّانِي بِاخْتِيَارِ الشِّقِّ الْأَوَّلِ مِنْهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُعَدَّ الزَّمَانُ، وَالْمَكَانُ وَنَحْوُهُمَا؛ لِعَدَمِ اخْتِصَاصِهَا بِالْبَيْعِ وَبِاخْتِيَارِ الثَّانِي، وَلَا يُرَادُ بِالرُّكْنِ مَا تَرَكَّبَ حَقِيقَةُ الشَّيْءِ مِنْهُ، وَمِنْ غَيْرِهِ لِيَلْزَمَ أَنْ يَكُونَ مَوْرِدُ الْفِعْلِ وَفَاعِلُهُ دَاخِلَيْنِ فِي حَقِيقَةِ الْبَيْعِ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ مَا لَا بُدَّ لِلشَّيْءِ مِنْهُ فِي وُجُودِ صُورَتِهِ عَقْلًا، إمَّا لِدُخُولِهِ فِي حَقِيقَتِهِ، أَوْ اخْتِصَاصِهِ بِهِ فَخَرَجَ الشَّرْطُ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي وُجُودِ صُورَتِهِ شَرْعًا، وَالزَّمَانُ، وَالْمَكَانُ وَنَحْوُهُمَا لِمَا مَرَّ.

وَأَمَّا الْمُصَلِّي، وَالْحَاجُّ فَالْكَلَامُ فِيهِمَا كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: مُنْدَرِجٌ فِي الْكَلَامِ فِيمَنْ تَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ، وَالْحَجُّ فَأَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِمَا فِي الْمَاهِيَّةِ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: لَيْسَ الْكَلَامُ فِي مُطْلَقِ ذِكْرِهِمَا بَلْ فِي ذِكْرِهِمَا رُكْنَيْنِ وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ فِيمَا ذُكِرَ وَيُجَابُ بِأَنَّ ظَاهِرَ سِيَاقِ مَا ذُكِرَ أَنَّهُمَا ذَكَرَا رُكْنَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ وَالنَّاظِمُ كَأَصْلِهِ لَمَّا رَأَى فِي عَدِّ الثَّلَاثَةِ أَرْكَانًا مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ عَبَّرَ بِمَا يَحْتَمِلُ الْأَرْكَانَ، وَالشُّرُوطَ مُبْتَدِئًا كَغَيْرِهِ بِالصِّيغَةِ؛ لِأَنَّهُمْ أَهَمُّ

ــ

[حاشية العبادي]

أَيْ: لَا غِشَّ فِيهِ وَلَا خَدِيعَةَ. (قَوْلُهُ: قَالَ: لِأَنَّ الْمُعَاطَاةَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْغَزَالِيِّ أَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ: هِيَ الْعَاقِدُ، وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَصِيغَةُ الْعَقْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهَا لِوُجُودِ صُورَةِ الْعَقْدِ. اهـ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: لَك أَنْ تَبْحَثَ فَنَقُولُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهَا لِتَدْخُلَ صُورَةُ الْبَيْعِ فِي الْوُجُودِ فَالزَّمَانُ، وَالْمَكَانُ، وَكَثِيرٌ مِنْ الْأُمُورِ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ فَوَجَبَ أَنْ تُعَدَّ أَرْكَانًا، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهَا فِي الذِّهْنِ لِيُتَصَوَّرَ الْبَيْعُ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ، وَالْعَاقِدَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ فِعْلٌ، وَالْفَاعِلُ لَا يَدْخُلُ فِي حَقِيقَةِ الْفِعْلِ أَلَا تَرَى أَنَّا إذَا عَدَّدْنَا أَرْكَانَ الصَّلَاةِ، وَالْحَجِّ لَمْ نُعِدَّ الْمُصَلِّيَ، وَالْحَاجَّ فِي جُمْلَتِهَا؟ ، وَكَذَلِكَ مَوْرِدُ الْفِعْلِ بَلْ الْأَشْبَهُ أَنَّ الصِّيغَةَ أَيْضًا لَيْسَتْ جُزْءًا مِنْ حَقِيقَةِ فِعْلِ الْبَيْعِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَنْتَظِمُ أَنْ يُقَالَ: هَلْ الْمُعَاطَاةُ بَيْعٌ أَمْ لَا؟ وَيُجِيبُ عَنْهُ مَسْئُولٌ بِلَا وَآخَرُ بِنَعَمْ. اهـ. كَلَامُ الرَّافِعِيِّ قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ: وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ الشَّارِحَ تَصَرَّفَ فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَأَنَّ الْمُعَاطَاةَ لَمْ يُورِدْهَا الرَّافِعِيُّ إلَّا عَلَى الشِّقِّ الثَّانِي وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إيرَادُهَا عَلَى الرَّافِعِيِّ مِنْ حَيْثُ الشُّرُوطُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ) أَيْ بِكَوْنِهَا أَرْكَانًا. (قَوْلُهُ: وَالْمَكَانَ وَنَحْوَهُمَا) كَالْإِرَادَةِ. (قَوْلُهُ: وَمُورِدُ الْفِعْلِ) أَيْ: الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَفَاعِلُهُ) أَيْ الْعَاقِدُ. (قَوْلُهُ: لَازِمُ هَذَا مَمْنُوعٌ) وَإِنَّمَا يَكُونُ لَازِمًا لَوْ اسْتَشْهَدَ الرَّافِعِيُّ بِالْمُعَاطَاةِ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الصِّيغَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا اسْتَشْهَدَ بِصِحَّةِ الِاخْتِلَافِ فِي أَنَّهَا بَيْعٌ، أَوْ لَا عَلَى أَنَّ الصِّيغَةَ لَيْسَتْ جُزْءًا مِنْ حَقِيقَةِ فِعْلِ الْبَيْعِ؛ إذْ لَوْ كَانَتْ جُزْءًا مَا صَحَّ الِاخْتِلَافُ؛ إذْ مَعَ فَوَاتِ جُزْءِ الشَّيْءِ لَا يُتَصَوَّرُ اخْتِلَافٌ فِي أَنَّ الْبَاقِيَ ذَلِكَ الشَّيْءُ.

(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ اخْتِصَاصِهَا) فِيهِ أَنَّ الْعَاقِدَ، وَالْمَعْقُودَ عَلَيْهِ أَيْضًا غَيْرُ مُخْتَصَّيْنِ بِالْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: مَا لَا بُدَّ لِلشَّيْءِ مِنْهُ فِي وُجُودِ صُورَتِهِ عَقْلًا) لِقَائِلٍ أَنْ يَبْحَثَ فِيهِ بِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ مَا يَتَوَقَّفُ تَصَوُّرُ الشَّيْءِ عَلَيْهِ وَجَبَ خُرُوجُ الْعَاقِدِ، وَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لِمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَلَمْ يَصِحَّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ اخْتِصَاصُهُ بِهِ) وَأَمَّا يَتَوَقَّفُ تَحَقُّقُهُ عَلَيْهِ فَهَذَا يُنَافِي اخْتِيَارَ الثَّانِي الَّذِي بَنَى عَلَيْهِ هَذَا الْكَلَامَ فَتَأَمَّلْهُ سم. (قَوْلُهُ: فَخَرَجَ الشَّرْطُ) لَك أَنْ تَقُولَ: هَذَا الْمُخْرِجُ لِلشَّرْطِ مُخْرِجٌ لِلصِّيغَةِ بِرّ. (قَوْلُهُ: أَوْ اخْتِصَاصُهُ بِهِ) يَرِدُ الْعَاقِدُ، وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ ظَاهِرَ إلَخْ) فِيهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

لِغَيْرِهِمَا وَغَيْرِ الزِّرَاعَةِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِأَنْفُسِهِمَا فَهُمَا مُتَفَاوِتَانِ، فَإِنَّ أَفْضَلَ طُرُقِ الْمَكَاسِبِ الزِّرَاعَةُ وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرْهَا بِيَدِهِ، ثُمَّ عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ، ثُمَّ التِّجَارَةُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا أَهَمُّ إلَخْ) قَدْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْلَا الْخِلَافُ اسْتَحَقَّ الْعَاقِدُ، وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ التَّقَدُّمَ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ إذْ لَيْسَ الْمَقْصُودُ تَقَدُّمَ ذَاتِ الْعَاقِدِ إلَّا بَعْدَ اتِّصَافِ كَوْنِهِ عَاقِدًا وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ كَذَلِكَ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِالصِّيغَةِ. اهـ. م ر بِالْمَعْنَى

<<  <  ج: ص:  >  >>