للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن الإعراب ما ذكر، ومن الصفات قوله (فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ) وإنما العاصف الريح، ومن قلب الحروف: إنه ليأتينا بالغدايا والعشايا، ومن التأنيث: ذهبت بعض أصابعه، ومنه قولهم: قامت هند، ولم يجيزوا حذف التاء إذا لم يفصل بينهما فإن فصلوا أجازوا ولا فرق بينهما إلا المجاورة وعدمها. اهـ

وقال الطيبي: يمكن أن يجاب عن قول ابن الحاجب بأن العطف على الجوار إنما يكون محذوراً إذا وقع الإلباس، وأما إذا انتهضت القرينة على توخي المراد وارتفع بها اللبس فلا بأس، كما أنه تعالى لما عطف الأرجل على الرءوس وأوهم الكلام اشتراكاً في المسح استدرك ذلك بضرب الغاية في الأرجل ليؤذن أن حكمها حكم المغسولة مع رعاية الاقتصاد في صب الماء.

قال: وحمل الزجاج الجر على غير الجوار فقال: (وَأَرْجُلَكُمْ) بالخفض على معنى فاغسلوا، لأن قوله (إِلَى الْكَعْبَيْنِ) قد دل عليه لأن التحديد يفيد الغسل كما في قوله (إِلَى الْمَرَافِقِ) ولو أريد المسح لم يحتج إلى التحديد كما قال في الرءوس (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ) من غير تحديد، وتنسيق الغسل على المسح كما قال الشاعر:

يا ليت بعلك قد غدا ... متقلداً سيفاً ورمحاً

أي متقلداً سيفاً وحاملاً رمحاً.

واختار صاحب الانتصاف هذا الوجه، وكذا ابن الحاجب في الأمالي ورد الأول قال: هذا الأسلوب أي عطف (وَأَرْجُلَكُمْ) على (بِرُءُوسِكُمْ) مع إرادة كونه مغسولاً من باب الاستغناء بأحد الفعلين عن الآخر، والعرب إذا اجتمع فعلان متقاربان في المعنى ولكل واحد متعلق جوزت ذكر أحد الفعلين وعطف متعلق المحذوف على المذكور على حسب ما يقتضيه لفظه حتى كأنه شريكه في أصل الفعل كقوله: علفتها تبناً وماءً بارداً

قال الطَّيبي: وهذا الوجه والعطف على الجوار متقاربان في المعنى، لأن صاحب المعاني إذا سئل عن فائدة إضمار قوله: (حاملاً) والاكتفاء بقوله (متقلداً) دون

<<  <  ج: ص:  >  >>