للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العكس لا بد أن يزيد على فائدة الإيجاز بأن يقول: إن الرمح صار في عدم الكلفة في حمله كالسيف، لا سيما إذا ورد مثل هذا التركيب في الكلام الحكيم سبحانه وتعالى، وهنا مرادف منه وذلك أنه تعالى لما بين حد الأيدي راعى المطابقة بين الأيدي والمرافق بالجمع، وحين بين حد الأرجل وضع التثنية موضع الجمع، وأنت قد عرفت أن البلغاء إنما يعدلون عن مقتضى الظاهر إلى خلافه لنكته، والنكتة هاهنا: أنه تعالى لما قرن الأرجل مع الرأس الممسوح اهتم بشأنه وأخرجه هذا المخرج لئلا يتوهم متوهم أنَّ حكمه حكم الممسوح بخلاف المرفقين كأنه قيل: يا أمة محمد اغسلوا أيديكم إلى المرافق ويعمد كل واحد منكم إلى غسل ما يشمل الكعبين من الرجْل الواحدة. اهـ

قلت: وأحسن ما قيل في الآية أنه معطوف على الممسوح لإفادة مسح الخف، كما أفادت قراءة النصب غسل الرجلين المتجردة منه، فتكون كل قراءة أفادت حكماً مستقلاً، ومن ذهب من العلماء إلى أنه يخير في الرجل بين الغسل والمسح فلا إشكال، ويمكن أن يدعي لغيرهم أن ذلك كان مشروعاً أولاً ثم نسخ بتعين الغسل وبقيت القراءتان ثابتتين في الرسم كما نسخ التخيير بين الصوم والفدية بتعيين الصوم وبقي رسم ذلك ثابتاً.

قوله: (وقرئ بالرفع على وأرجلكم مغسولة).

قال الطَّيبي: دل على الإضمار قوله (فاغسلوا).

قال: ولا شك أن تغيير الجملة من الفعلية إلى الاسمية وحذف خبرها يدل على إرادة ثبوتها وظهورها وأن مضمونها مسلم الحكم ثابت لا يلتبس، وإنما يكون كذلك إذا جعلت القرينة ما علم من منطوق القراءتين ومفهومهما. اهـ

قوله: (أو ليتم برخصه إنعامه عليكم بعزائمه).

قال الطَّيبي: المعنى جعل الله تعالى نعمة الرخصة تتميماً لنعمة العزائم، ثم تمم بهما نعمة الإسلام وتخلص إلى قوله تعالى (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ). اهـ

قوله: (حين بايعهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة فى العسر واليسر والمنشط

والمكره).

<<  <  ج: ص:  >  >>