قال ابن الشجري: وأقول في تفسير قوله (أن أفعلاء في هذا الوضع صارت بدلاً من أفعال): يعني أنه كان القياس في جمع شيء أشياء مصروف كقولك في جمع فيء أفياء على أن تكون همزة الجمع هي همزة الواحد، ولكنهم أقاموا أشياء التي همزتها للتأنيث مقام أشَياء التي وزنها أفعال، واستدلاله في تجويز تصغير أشياء على لفظها بأنها صارت بدلاً من أفعال بدلالة أنَّهم أضافوا العدد إليها وألحقوه الهاء فقالوا: ثلاثة أشَياء مما لا تقوم به دلالة، لأنَّ أمثلة القلة وأمثلة الكثرة يشتركن في ذلك، ألا ترى أنَّهم يضيفون العدد إلى أبنية الكثرة إذا عدم بناء القلة فيقولون ثلاثة شسوع وخمسة دراهم، وأما إلحاق الهاء في قولنا ثلاثة أشياء وإن كان أشياء مؤنثاً لأنَّ الواحد مذكر ألا ترى أنك تقول: ثلاثة أنبياء وخمسة أصدقاء وسبعة شعراء، فتلحق الهاء وإن كان لفظ الجمع مؤنثاً، وذلك لأنَّ الواحد نبي وصديق وشَاعر كما أنَّ واحد أشياء شَيء، فأي دلالة في قوله:(ويدل على كونها بدلاً من أفعال تذكيرهم العدد المضاف إليها في قولهم ثلاثة أشياء)؟.
قال ابن الشجري: وأقول إنَّ الذي يجوز أن يستدل به لمذهب الأخفش أن يقال: إنما جاز تصغير أفعلاء على لفظه وإن كان من أبنية الكثرة لأنَّ وزنه نقص بحذف لامه فصار أفعاء فشبهوه بأفعال فصغروه، وقول أبي علي في أشياء إن أصلها أفعلاء وحذفت الهمزة التي هي لام كما حذفت من قولهم سواية ولزم حذفها من أفعلاء لأمرين أحدهما: تقارب الهمزتين، وإذا كانوا قد حذفوا الهمزة مفردة فجدير إذا تكررت أن يلزم الحذف، يعني إن الهمزتين في أشياء تقاربتا حتى لم يكن بينهما فاصل إلا الألف مع خفائها فهي كلام فاصل، وإذا كانوا قد حذفوا الهمزة المفردة في سواية فحذف الهمزة التي وليتها همزة أولى، فأما مذهب الخليل وسيبويه في أشياء فإنَّها اسم يراد به الجمع، وكان القياس فيه شيئاء ليكون فعلاء كطرقاء وحلفاء فاستثقلوا تقارب الهمزتين فأخروا الأولى التي هي اللام إلى أول الحرف فصار أشياء وزنه لفعاء.
قال أبو علي: والدلالة على أنَّها اسم مفرد ما روي من تكسيرها على أشاوي؛ كسروها كما كسروا صحراء على صحاري حيث كانت مثلها في الإفراد.
قال ابن الشجري: وأقول إن أشياء يتجاذبها أمران: الإفراد والجمع، فالإفراد في