للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللفظ، والجمع في المعنى كطرفاء وحلفاء وقصباء هن في اللفظ كصحراء وفي المعنى جمع طرفة وقصبة وحلفة بكسر لامها وفتحه على الخلاف، وكذلك أشياء لفظها لفظ الاسم المفرد من نحو صحراء وهو في المعنى جمع شيء، ودليل ذلك ما ذكره أبو علي من قولهم في جمعها أشاوي كصحاري، وأصله أشاياء فأبدلوا الياء واواً على غير قياس كإبدالها واواً في قولهم: جبيت الخراج جباوة، ودليل آخر وهو قولهم في تحقيرها (أُشيَّاء كصحراء، ولو كانت جمعاً لفظاً ومعنى وجب أن يقال في تحقيرها) شييئات، ويدل على أنَّها في المعنى جمعٌ إضافةُ العدد إليها في قولهم ثلاثة أشياء، ولو كانت اسما مفرداً لفظاً ومعنى لم يجز إضافة العدد إليها ألا ترى أنه لا يجوز ثلاثة صحراء. اهـ

وقد لخص ابن يعيش هذا الكلام وزاده تحقيقاً فقال في كتابه شرح التعريف الملوكي: وأما أشياء فظاهر اللفظ يقضي بكونها جمع شيء لأنَّ فعلاء إذا كان معتل العين يجمع فيه القلة على أفعال، نحو بيت وأبيات وشيخ وأشياخ، إلا أنهم رأوها غير مصروفة في حال التنكير نحو قوله تعالى (لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ) فحينئذ تشعبت أرآء الجماعة فيها، فذهب سيبويه والخليل إلى أن الهمزة للتأنيث، وأنَّ الكلمة اسم مفرد يراد به الجمع نحو العضاء والحلفاء والطرفاء في أنها اسم للجمع ليس بتكسير، ومثله حامل وباقر، فأشياء في الأصل شيئاء وزنه فعلاء مقلوبه إلى لفعاء كأنهم فعلوا ذلك استثقالاً لتقارب الهمزتين، وإذا كانوا قد قبلوا نحو قسي مع عدم الثقل فمع الثقل أولى، فإذن الهمزة الأولى في أشياء لام والثانية زائدة للتأنيث ولذلك لا ينصرف، وذهب أبو الحسن إلى أن أصلها أشياء على زنة أفعلاء فحذفت الهمزة الأولى تخفيفاً على حد حذفها من سؤية سواية ثم فتحت الياء المجاورة للألف وشذ عنه جمع فعل على أفعلاء كما قالوا شاعر وشعراء وسمح وسمحاء، جمعوا فاعلاً وفعلا على فعلاء كأنه استبعد القلب فلم يحملها عليه ورآها غير مصروفة فلم يحملها على أفعال، وذهب الفراء إلى مثل مذهبه في أنها أفعلاء إلا أنه استبعد جمع فعل على أفعلاء، فادعى أنَّ شيًْء مخفف من شيِّء كهيْن وهيِّن فكما جمعوا هيناً على أفعلاء فقالوا أهوناء كذلك جمعوا شيئا على أفعلاء لأنَّ أصله شيِّء عنده، وذهب الكسائي إلى أنَّ أشياء أفعال بمنزلة أبيات وأشياخ إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>