فإن أفعال العباد لما كانت مخلوقة لهم عند المعتزلة كانت المحامد عليها راجعة إليهم، فلا يصح تخصيص المحامد كلها لله تعالى.
وفساده ظاهر؛ لأن اختصاص الجنس به تعالى يستلزم اختصاص جميع أفراده أيضاً؛ إذ لو وجد فرد منه لغيره ثبت الجنس له في ضمنه.
وقيل: مبني على أن هذه المصادر نائبة مناب أفعالها، سادة مسادها، والأفعال لا تعدو دلالتها على الحقيقة إلى الاستغراق.
وَرُدَّ بأن ذلك لا ينافي قصد الاستغراق بمعونة قرائن الأحوال.
وقيل: إنما اختاره بناء على أن الجنس هو المتبادر إلى الفهم الشائع في الاستعمال، لا سيما في المصادر، وعند خفاء قرائن الاستغراق.
وهو أيضاً مردود بأن المحلى بلام الجنس في المقامات الخِطابية يتبادر منه الاستغراق، وهو الشائع في الاستعمال هناك مصدرا كان أو غيره، وأيّ مقام أولى بملاحظة الشمول والاستغراق من مقام تخصيص الحمد بالله تعالى تعظيما له، فقرينة الاستغراق فيما نحن فيه كنارٍ على علم.
والحق أن سبب الاختيار هو أن اختصاص الجنس مستفاد من جوهر الكلام، ومستلزم لاختصاص جميع الأفراد، فلا حاجة في تأدية المقصود - الذي هو ثبوت الحمد له تعالى، وانتفاؤه عن غيره - إلى أن يلاحظ الشمول والإحاطة، ويستعان فيه بالأمور الخارجة، بل نقول - على ما اختاره -: يكون اختصاص جميع الأفراد ثابتا بطريق برهاني، فيكون أقوى من إثباته ابتداء (١).
وقال الشيخ بهاء الدين السبكي (٢) في " عروس الأفراح ": العهد قد يكون شخصيا كقوله (فعصى فرعون الرسول) وقد يكون جنسياً، بمعنى إرادة جنس، هو نوع لما فوقه، كقولك: الرجل، تريد به فردا من أفراد الرجال الحجازيين دون غيرهم، وهذا يقع كثيرا في الكلام.
ولعل منه قوله تعالى (أولئك الذين آتيناهم الكتاب)[سورة الأنعام ٨٩] فإن