للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حضرموت: حضرمي، وفي رامهرمز: رامي، وكما يقولون في طلحة: طلحي، فدل ذلك على شدة اتصال المبتدإ بخبره.

ومثله في الدلالة على هذا المعنى قراءة ابن كثير (فإذا هِيَ تُّلَقَّفُ) [سورة الأعراف ١١٨] بتسكين حرف المضارعة من (تلقف) فلولا شدة اتصاله بما قبله للزم منه تصور الابتداء بالساكن، بل صار في اللفظ (هِيَ تَّ) كالجزء الواحد الذي هو خِدَبٌّ، وهِجَفٌّ، وهذا أقوى دلالة على قوة اتصال المبتدإ بخبره مما تقدم؛ لما فيه من وجوب تصور الابتداء بالساكن.

ومن ورائه أيضاً ما هو ألطف مأخذا، وهو أن (تلقف) جملة، ومشفوعة أيضاً بالمفعول الموصول الذي هو (ما يأفكون).

وأصل تصور الجمل في هذا المعنى أن تكون منفصلة قائمة برؤوسها، وقد ترى هاهنا كيف تصورت شديدة الحاجة إلى المبتدإ قبلها، فإذا جاز هذا الخلطُ له وَوِكَادَةُ الصلة بينه وبين ما قبله فما ظنك بخبر المبتدإ إذا كان مفردا، لا يشك أنه به أشد اتصالا، وإليه أقوى تساندا وانحيازا، فاضمم ذلك إلى ما قبله.

ونحو منه حكاية الفراء عن بعضهم - وجرى ذكر رجل، فقيل: هاهو ذا، فقال مجيباً: نِعْمَ الهَا هُوَ ذَا هُوَ، فإلحاقه لام المعرفة بالجملة المركبة من المبتدإ والخبر من أقوى دليل على تنزلها عندهم منزلة الجزء الواحد.

نعم، وفي صدر هذه الجملة حرف التنبيه، وهو يكاد يفصلها عن لام التعريف بعض الانفصال، وهما مع ذلك كالمتلاقيين (١) المتعاقبين مع حجزه بينهما، واعتراضه على كل واحد منهما (٢). انتهى كلام ابن جنى.

قوله: (الرب في الأصل بمعنى التربية) إلى آخره.

لم يصرح بما هو المراد به هنا، إلا أن كلامه في حكاية القول الأول يشعر باختيار أن المراد به هنا المربي، وفي حكاية الثاني يشعر بأن المراد به المالك، وهو لغة يطلق عليهما، وعلى الخالق، والسيد، والثابت، والمعبود، والمصلح، وكل ذلك تحتمله الآية.

قال الماوردي وغيره: فإن فسر بمعنى المالك، أو السيد، أو الثابت فمن

<<  <  ج: ص:  >  >>