ولا يتعدى الفعل إلى ضمير اسم، وإلى ظاهره جميعا، ولهذا وجب في " زيدا ضربته " تقدير عامل على الأصح، وعلى هذا خرّج سيبويه والمحققون نحو قوله:" ساروا سريعا " أي ساروه، أي ساروا السير سريعاً، وليس سريعا عندهم نعتا لمصدر محذوف، لالتزام العرب تنكيره ولأن الموصوف لا يحذف إلا إذا كانت الصفة (١) مختصة بجنسه، كما في " رأيت كاتبا، أو حاسبا، أو مهندسا " فإنها مختصة بجنس الإنسان، ولا يجوز رأيت طويلا، ورأيت أحمر، وفي هذا الموضع بحث ليس هذا موضعه.
الثاني: أن يكون قوله: " درهما (٢) "
فإن قلت: كيف جاز مجيء الحال من النكرة؟
قلت: أما على قول سيبويه فلا إشكال؛ لأنه يجوز عنده مجيء الحال من النكرة وإن لم يمكن الابتداء بها (٣)، ومن أمثلته: فيها رجل فائما، ومن كلامهم: عليه مائة بيضا، وفي الحديث:" وصلى وراءه قوم قياما (٤) ".
وأما على المشهور من أن الحال. لا تأتي من النكرة إلا بمسوغ فلها هنا مسوغان:
أحدهما: كونها في سياق النفي، والنفي يخرج النكرة من حيز الإبهام إلى حيز العموم فيجوز حييئذ الإخبار عنها، ومجيء الحال منها.
الثاني: ضعف الوصف، ومتى امتنع الوصف بالحال، أو ضعف ساغ مجيئها من النكرة، فالأول كقوله تعالى:(أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا) وقول الشاعر: