والثاني: كقولهم: مررت بماء قعدة رجل، فإن الوصف بالمصدر خارج عن القياس.
فإن قلت: هلا أجاز الفارسي في " فضلا " كونه صفة لـ " درهما "؟
قلت: زعم أبو حيان أن ذلك لأنه لا يوصف بالمصدر، إلا إذا (١) أريدت المبالغة؛ لكثرة وقوع ذلك الحدث من صاحبه، وليس ذلك بمراد هنا.
قال: وأما القول بأنه يوصف بالمصدر على تأويله بالمشتق، أو على تقدير المضاف فليس قول المحققين.
قال ابن هشام: هذا كلام عجيب، فإن القائل بالتأويل الكوفيون، ويؤولون عدلا بعادل، ورضى بمرضي، وكذا يقولون في نظائرهما، والقائل بالتقدير البصريون، يقولون: التقدير ذو عدل، وذو رضى، وإذا كان كذلك فمن المحققون؟
ثم اختلف النقل عن الفريقين، والمشهور أن الخلاف مطلق.
وقال ابن عصفور (٢): وهو الظاهر، إنما الخلاف حيث لا تقصد المبالغة، فإن قصدت فالاتفاق على أنه لا تأويل ولا تقدير (٣).
وهذا الذي قاله ابن عصفور هو الذي في ذهن أبي حيان، ولكنه نسي فتوهم أن ابن عصفور قال: إنه لا تأويل مطلقا، فمن هنا - والله أعلم - فى خل عليه الوهم.
والذي ظهر لي أن الفارسي إنما لم يجز في " فضلا " الصفة؛ لأنه رآه منصوبا أبدا سواء كان ما قبله منصوبا، كما في المثال، أم مرفوعا، كما في البيت، أم مخفوضاً، كما في قولك: فلانٌ لا يهتدي إلى ظاهر النحو فضلا عن دقائق البيان.