ْيكون الضميران، وهما الكاف والياء لشيئين، بل أعاده على الأول مدعيا أنه غير الثاني، فإن الحقيقة المجردة هي باعتبار الحقيقة عين المجرد عنها، وباعتبار التجريد غيرها، فذلك الذي جرده في قوله: " بك " هو في نفس الأمر نفسه، فالتفت له بهذا الاعتبار.
وبهذا علمنا أن الالتفات في " بك " على رأي السكاكي أوضح من الالتفات الذي في " تكلفني " لأن في " بك " خروجا عن ضمير المتكلم إلى شيء لا وجود له بالكلية، وفي " تكلفني " خروج عن الحقيقة المجردة إلى الحقيقة المجرد عنها، فهو عدول إلى الأصل، و " بك " عدول إلى الفرع.
وفي قوله تعالى (حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ) [سورة يونس ٢٢] جرد من المخاطبين مثلهم، وعاد (١) الضمير عليهم، فهو تجريد والتفات، فالضميران في نفس الأمر لشيء واحد، وبالادعاء لشيئين.
وقوله تعالى (والله الذي أرسل الرياح) [سوة فاطر ٩] في لفظ الجلالة - على رأي السكاكي - التفات، وتجريد، وعلى رأي غيره تجريد فقط.
وقوله تعالى (فسقناه) التفات عنى رأيهما؛ لأنه عائد على الله تعالى حقيقة، والكلام فيه كالكلام في:
تكلفني ليلى. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ..
وقوله تعالى (الحمد لله) التفات على رأي السكاكي وتجريد، و (إياك) التفات لا تجريد.
الثاني: في الفرق بين التجريد والالتفات.
وقد علم مما سبق أن بينهما عموما وخصوصا من وجه، فيوجد التجريد دون الالتفات كقولك: رأيت منه أسدا، ومثل:
تطاول ليلك. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ..
على رأي الجمهور، والتفات دون تجريد نحو:
تكلفني ليلى. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ..
ونحوه (فسقناه) والتفات وتجريد نحو (فصل لربك) ولا واحد منهما كغالب القرآن.